علمانية.. برعاية المشايخ

علمانية.. برعاية المشايخ

نزار غراب

فى هذه اللحظة الراهنة.. أتذكر الرئيس المؤمن محمد أنور السادات.. الرئيس المؤمن فى دولة مؤمنة.. دولة العلم والإيمان.. نلك الأوصاف التى كان يحلو للرئيس وإعلامه إبرازها.. لتكون تحت سمع وبصر المادة الثانية من دستور 1971 ونصها “الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع” حلية يتحلى بها النظام باعتباره نظاما إسلاميا.
كما أذكر فى هذه اللحظة استفتاء الألف واللام الذى أجرى فى 22/5/1980 حيث تم تعديل المادة الثانية بإضافة ألف ولام لكلمة مصدر رئيسى لتصبح المصدر الرئيسى ليزداد النظام الإسلامى زينة بهذين الحرفين.
ومنذ وضع دستور 1971 ثم وضع الألف واللام عام 1980 حتى ثورة يناير 2011 بقيت القوانين الحاكمة، تحل ما حرم الله، وتحرم ما أحل الله وتنظم المجتمع على نحو بلا هوية إسلامية فى دولة مدنية علمانية ليبرالية أو أضف ما شئت من الأوصاف.
وأذكر المحاولات المضنية التى قام بها والدى القاضى المستشار محمود غراب، رئيس محكمة الاستئناف رحمه الله فى استثمار المادة الثانية بألفها ولامها ومحاولة الظفر بحكم من المحكمة الدستورية العليا كى تفعل المادة الثانية من الدستور وتقضى بعدم دستورية النصوص القانونية المخالفة للشريعة الإسلامية عن طريق حوارات بين والدى ورئيس المحكمة الدستورية حينها المستشار ممدوح عطية تارة أو عن طريق كثير من نصوص مواد القانون التى أحالها للمحكمة الدستورية لمخالفتها المادة الثانية من الدستور، لتقضى فى شأن دستوريتها
فكان أن استقرت الدستورية العليا على أن القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية تاريخ صدورها أسبق من تاريخ وجود نص المادة الثانية من الدستور وبالتالى لا يلحقها عيب عدم الدستورية لأنها عندما صدرت لم يكن هناك الألف واللام، وبالتالى استندت لمصادر تشريع أخرى بخلاف الشريعة.
وذهبت أحكام محاكم أخرى مع أقوال لفقهاء قانون أن الألف واللام أيضا لا تعنى أن الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد فجاز أن تكون هناك مصادر أخرى للتشريع.
تحضرنى الآن كل تلك الأحداث فى ظل الجدل العقيم الذى يجادله المشايخ بخصوص تعديل المادة الثانية من الدستور فى وضع الدستور الجديد واستبدال كلمة مبادئ بأحكام أم بجعل الأزهر- الذى رفض- مرجعية لتفسير المبادئ.
والإدارة المخزية للأغلبية الإسلامية فى مواجهة الأقلية العلمانية المدنية بشأن صياغة مستقبل مصر بعد الثورة وصناعة نظام الحكم فيها بين كونه إسلاميا أو مدنيا.
ونسوا جميعا تلك الأحداث التى أشرت إليها وأن أى صياغة للمادة الثانية لا يفهم منها بطلان كل ما خالف الشريعة وأنها مصدر وحيد، فسوف يخرج قضاة الدستورية وفقهاء القانون ليقولوا إن نصوص القوانين المخالفة للشريعة دستورية لأنها صدرت قبل الدستور الجديد الذى لا ينص كذلك على أن الشريعة مصدرا وحيدا للتشريع.
وهكذا قد يخرج نظام علمانى جديدا بعد الثورة لكنه مختلف هذه المرة فهو برعاية مشايخ أعضاء فى اللجنة التأسيسية ونعيد مرة أخرى وقائع شبيهة برئيس مؤمن فى دولة مؤمنة لا حظ لها من تلك المسميات سوى الحلية والزينة.

عن marsad

اترك تعليقاً