هيومن رايتس إيجيبت : 50 معتقلًا سياسياً يواجهون خطر الموت داخل سجن بدر 3.. الأحد 7 سبتمبر 2025م.. إثيوبيا تلوح ببناء سدود جديدة على النيل بعد سد النهضة تضر بمصر
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
*هيومن رايتس إيجيبت : 50 معتقلًا سياسياً يواجهون خطر الموت داخل سجن بدر 3
كشفت منظمة هيومن رايتس إيجيبت عن أن ما لا يقل عن 50 معتقلًا سياسيًا يواجهون خطر الموت داخل سجن بدر 3، في ظل ظروف وصفتها المنظمة بأنها “مقبرة للأحياء”، نتيجة الحرمان من العلاج، والتعذيب النفسي، والعزل الانفرادي، والإهمال الطبي.
شخصيات بارزة بين المعتقلين
حسن مالك – رجل أعمال (67 عامًا)
- رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك.
- أول من أدخل صناعة الكمبيوتر إلى مصر.
- معتقل منذ 22 أكتوبر 2015.
- مضرب عن الطعام منذ 17 يوليو 2024.
الأستاذ الدكتور حسن البرنس – نائب محافظ الإسكندرية الأسبق
- وكيل لجنة الصحة في برلمان 2012.
- أستاذ الأشعة التشخيصية بكلية الطب جامعة الإسكندرية.
- معتقل منذ 22 أغسطس 2013.
- تنقّل بين عدة سجون آخرها سجن بدر 3.
الدكتور محمد البلتاجي – طبيب وبرلماني (62 عامًا)
- أستاذ جامعي وقيادي سياسي بارز.
- معتقل منذ 29 أغسطس 2013.
- محكوم عليه بالإعدام في قضايا وُصفت بالملفقة.
- فقد ابنته خلال فض اعتصام رابعة.
أسعد الشيخة – نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق
- معتقل منذ 3 يوليو 2013.
- حُكم عليه بالسجن 20 عامًا في 2016، و7 أعوام إضافية في 2019.
- يقضي محكوميته داخل سجن بدر 3.
أوضاع مأساوية داخل سجن بدر 3
المنظمة أكدت أن المعتقلين يُحتجزون في غرف تأديب انفرادية ساحقة للإنسانية داخل قطاع 2 بسجن بدر 3، وسط حرمان تام من الرعاية الصحية، وإهمال متعمّد للأمراض المزمنة وكبار السن، بما يهدد حياتهم بالموت البطيء.
كما لفتت إلى أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية متوترة، والمعارضة للحرب متزايدة، في ظل اقتصاد منهك، وهو ما يزيد من خطورة أي تصعيد إقليمي ينعكس على أوضاع المعتقلين.
دعوات حقوقية عاجلة
طالبت “هيومن رايتس إيجيبت” بضرورة التحرك الدولي العاجل للضغط من أجل:
- إغلاق سجن بدر 3.
- الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين.
- تمكين السجناء من حقهم في العلاج والزيارة والكرامة الإنسانية.
وأكدت المنظمة أن استمرار هذه الانتهاكات يمثل جريمة ضد الإنسانية ويستدعي مساءلة السلطات المصرية أمام المجتمع الدولي.
*السيسي يواصل سياسة التنكيل بأسر المعارضين.. منى الشاذلي: اعتقال أفراد أسرتي لن يسكتني
في تطور جديد يكشف حجم القمع الذي تمارسه السلطة في مصر، أطلقت الإعلامية منى الشاذلي نداءً مؤثرًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، أكدت فيه أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ينكّل ويروّع أفراد أسرتها المتبقين داخل مصر في محاولة لإسكاتها إلى الأبد، محمّلةً إياه المسؤولية الكاملة عن أمنهم وسلامتهم.
هذه الرسالة لم تكن مجرد استغاثة شخصية، بل تعكس مأساة أوسع تطال عائلات معارضين ونشطاء يعيشون تحت تهديد دائم بسبب مواقف ذويهم.
ونشرت منى فيديو على صفحتها على تويتر، قائلة: “#الارهابي #السيسي ينكل ويروّع أفراد أسرتي المتبقين داخل #مصر لمحاولة إسكاتي للأبد، وأنا أحمّله مسؤولية أمنهم وسلامتهم”.
سياسة العقاب الجماعي
ما كشفته منى الشاذلي يندرج ضمن ما يسميه خبراء حقوق الإنسان بـ”العقاب الجماعي”، وهي سياسة اعتاد نظام الانقلاب في مصر على ممارستها منذ سنوات.
فعندما يفشل في إخضاع معارض في الخارج، يوجّه أجهزته الأمنية للضغط على أسرته في الداخل من خلال المداهمات الليلية، أو الاستدعاءات المتكررة، أو الحرمان من الحقوق الأساسية.
هذه الممارسات لا تستهدف فقط إخضاع الأفراد، بل ترسل رسالة تخويف للمجتمع بأسره: “أي محاولة لرفع الصوت ستدفع ثمنها أنت وأهلك”.
خبراء: جريمة لا تسقط بالتقادم
الخبير القانوني محمود رفعت أوضح أن ما يحدث “جريمة يعاقب عليها القانون الدولي”، مشيرًا إلى أن استهداف الأبرياء لأسباب سياسية يمكن أن يُصنّف ضمن جرائم ضد الإنسانية.
وأضاف: “عندما يستخدم النظام عائلات المعارضين كورقة ضغط، فإنه يقرّ ضمنيًا بفشله في المواجهة السياسية والفكرية، ويضع نفسه تحت طائلة المحاسبة الدولية”.
من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي سليم عزوز أن رسالة منى الشاذلي “فضحت النظام على الملأ”، قائلًا: “النظام الذي يخشى صوت إعلامية في الخارج ويعاقب أسرتها في الداخل، هو نظام يعيش أضعف مراحله. هذا السلوك لا يصدر عن سلطة واثقة، بل عن سلطة مأزومة تخشى سقوطها”.
شهادات متكررة ومعاناة ممتدة
ليست منى الشاذلي وحدها من رفعت صوتها بهذا الشكل.
تقارير حقوقية أكدت أن العديد من عائلات المعارضين تعاني المصير نفسه.
كما طالت المضايقات أقارب الكاتب علاء الأسواني، وأسر عشرات النشطاء المنتمين لتيارات سياسية مختلفة.
كل هذه الشهادات تعكس نمطًا متكررًا يكشف عن استخدام الأسر كـ”رهائن” في معركة النظام ضد خصومه.
غضب شعبي مكتوم
تصريحات منى الشاذلي أثارت موجة تضامن واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثيرون مرآةً لما يعانيه آلاف المصريين بصمت.
كتب أحد المعلقين: “اليوم يستهدفون منى وأهلها، وغدًا قد يكون أي مواطن ضحية. القمع لا يعرف حدودًا”.
بينما رأى آخرون أن “التنكيل بالأسر مؤشر خطير على أن النظام لم يعد يملك سوى العصا الأمنية لإدارة المجتمع”.
أبعاد سياسية وأخلاقية
سياسة استهداف الأسر لا تمثل فقط انتهاكًا قانونيًا، بل تكشف أيضًا عن أزمة أخلاقية عميقة.
النظام الذي يزعم حماية الوطن لا يتردد في تمزيق النسيج الاجتماعي وإرهاب العائلات.
وفي الوقت نفسه، يسعى إلى تصدير صورة زائفة عن الاستقرار والشرعية إلى الخارج.
هذه الازدواجية لم تعد تنطلي على كثير من المراقبين، بل باتت فضيحة معلنة تلاحق السيسي وحكومته في المحافل الدولية.
مسؤولية مباشرة على السيسي
نداء منى الشاذلي يجب أن يُقرأ بوصفه تحذيرًا جديًا من مغبة الاستمرار في هذه السياسة.
فالمسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة أفراد أسرتها، كما غيرهم من أسر المعارضين، تقع على عاتق عبد الفتاح السيسي شخصيًا.
استمرار هذا النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من عزلة النظام داخليًا وخارجيًا، وإلى تراكم الغضب الشعبي الذي قد ينفجر في أي لحظة.
في النهاية، لا يمكن إسكات الأصوات الحرة مهما اشتد القمع.
فالتاريخ علّمنا أن الأنظمة التي تُرهب الأبرياء لتخفي فسادها لا تدوم طويلًا.
صرخة منى الشاذلي اليوم ليست مجرد استغاثة شخصية، بل وثيقة إدانة جديدة تضاف إلى سجل نظام يزداد قتامة، وتذكير بأن الحرية أثمن من أن تُقايض بالخوف.
*تصاعد الانتهاكات في سجن “بدر 3” .. وحقوقيون يحذّرون من تزايد محاولات الانتحار
يستمر سجن “بدر 3” في مصر في إثارة قلق حقوقي واسع، بعد توالي التقارير التي تكشف عن انتهاكات جسيمة وأوضاع إنسانية متدهورة تطال السجناء السياسيين
أحدث هذه التقارير، الصادر عن مركز الشهاب لحقوق الإنسان، ألقى الضوء على موجة من محاولات الانتحار والإضرابات عن الطعام داخل السجن، في مشهد يعكس عمق حالة اليأس بين المحتجزين، ويطرح تساؤلات جدية حول مسؤولية السلطات المصرية عن هذه الأوضاع التي تُوصف بأنها تهديد مباشر لحياة المئات
محاولات انتحار متكررة تعكس اليأس
التقرير الحقوقي وثّق سلسلة أحداث صادمة في القطاع 2 من سجن بدر 3 خلال النصف الأول من أغسطس الماضي
ففي الثالث من الشهر، حاول الطبيب الجراح سيد هيكل الانتحار داخل زنزانته، تلاه في اليوم التالي كل من أمين الصيرفي، ومحمد سعيد مرسي (ابن شقيق الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي)، وعبد الله شحاتة بمحاولات مشابهة
وفي السادس من الشهر نفسه، أقدم السجين السياسي أسعد الشيخة على ابتلاع كمية كبيرة من الأدوية بعد مشادة مع ضباط الأمن الوطني، ما أدى إلى تدهور خطير في حالته الصحية
وبحلول العاشر من أغسطس، ارتفع عدد محاولات الانتحار إلى 16 حالة، من بينها تكرار بعض السجناء لمحاولاتهم، مثل خليل العقيد الذي قطع شرايين يده واستدعى الأمر رتقها بـ36 غرزة
لكن بدلاً من تقديم العلاج، نقلته إدارة السجن إلى زنزانة التأديب، في إجراء وصفه التقرير بأنه عقابي وغير إنساني
حرمان من الرعاية الطبية وتصعيد أمني
إلى جانب تزايد حالات الإضراب عن الطعام والانتحار، تضمن تقرير مركز الشهاب تفاصيل عن حملة تفتيش مشددة جرت في 11 أغسطس، صودرت خلالها كافة المقتنيات الشخصية للسجناء
وأخطر ما ورد هو شهادة عن ضابط في الأمن الوطني أكد للسجناء أن هناك “تعليمات من رئاسة الجمهورية بعدم نقل أي حالة حرجة إلى المركز الطبي، منعاً لتسريب الأخبار للإعلام”
ما يكشف، بحسب التقرير، أن إدارة الملف تتم من أعلى المستويات السياسية
كما تعرّض عدد من السجناء للتهديد المباشر، إذ هدد أحد الضباط السجين محمد أبو هريرة بالنقل إلى سجن “الوادي الجديد”، محذراً من أنه “قد يموت هناك قضاءً وقدراً من دون أن يعرف أحد بأمره”
هذه الشهادات أثارت مخاوف مضاعفة من أن تتحول السياسات العقابية داخل “بدر 3” إلى وسيلة لإسكات الأصوات، ولو على حساب حياة السجناء
تدهور صحي لقيادات بارزة
الأوضاع داخل السجن لم تقتصر على الانتهاكات الإدارية والأمنية، بل انعكست أيضاً على الحالة الصحية لعدد من السجناء البارزين
فقد كشف التقرير عن سقوط محمد البلتاجي مغشياً عليه ونقله إلى المستشفى، في حين يواصل القيادي أحمد عارف إضرابه عن الطعام، رافضاً التراجع إلا بعد زيارة لجنة حقوقية مستقلة
كما تدهورت صحة كل من باسم عودة، وخالد الأزهري، ومحمد سعد عليوة، وأسامة ياسين، بالإضافة إلى استمرار معاناة أمين الصيرفي، الذي يواجه تدهوراً حاداً في حالته الصحية، فضلاً عن تهديدات طاولت أسرته
ومنذ 12 أغسطس، فرضت إدارة السجن عزلة كاملة على سجناء القطاع 2 بعد تغيير الضباط والحراس المسؤولين، لتتحول أوضاعهم إلى ما يشبه “الحصار الداخلي”
بينما يواصل 21 سجيناً إضرابهم عن الطعام حتى اللحظة، وسط غياب تام للرعاية الطبية اللازمة
دعوات لرقابة وتحقيق دولي
التقرير الحقوقي شدد في ختامه على ضرورة فتح تحقيق عاجل ومستقل بشأن الأوضاع داخل سجن بدر 3، والسماح للجان حقوقية ودولية بزيارته والاطلاع على حقيقة ظروف الاحتجاز
وحذر مركز الشهاب من أن استمرار هذه الانتهاكات، مقترناً بتزايد محاولات الانتحار، قد يقود إلى “كارثة إنسانية” لا يمكن احتواؤها
كما طالبت منظمات حقوقية أخرى بضرورة ممارسة ضغط دولي حقيقي على نظام قائد الانقلاب لإنهاء هذه الانتهاكات الممنهجة، وضمان توفير حقوق أساسية للسجناء، وفي مقدمتها الحق في الحياة، والرعاية الصحية، والكرامة الإنسانية
الأحداث المتصاعدة في سجن “بدر 3” لم تعد مجرد وقائع متفرقة، بل باتت مؤشراً على أزمة ممنهجة في إدارة ملف السجناء السياسيين في مصر
فمحاولات الانتحار، والإضرابات الجماعية، وما يرافقها من حرمان طبي وتعسف أمني، تشكّل جميعها صورة قاتمة عن واقع حقوق الإنسان في البلاد
وإذا لم يتم التحرك العاجل لوقف هذه الممارسات، فإن تحذيرات المنظمات الحقوقية من “انتحار جماعي” قد تتحول إلى حقيقة مأساوية، لتصبح “بدر 3” عنواناً لأخطر الانتهاكات في السجون المصرية خلال السنوات الأخيرة
*«ماعَندناش عورة إلا العين».. شهادات جديدة تكشف التعذيب الممنهج داخل مقرات الأمن الوطني
في شهادة صادمة حصلت عليها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان من أحد المعتقلين السابقين، تتكشف صورة قاتمة عن طبيعة الانتهاكات التي تُمارَس داخل مقرات الأمن الوطني.
المعتقل، الذي مر بتجربة الاختفاء القسري، يروي تفاصيل مرعبة عن تعذيبه قائلاً: “ما عندناش عورة إلا العين”، وهي العبارة التي كان يرددها ضباط الأمن الوطني أثناء تعصيب أعين الضحايا، في محاولة لإخفاء وجوههم عن المعتقلين الذين يتعرضون لصنوف من التنكيل.
عبارة تختزل مزيجًا من الخوف والتخفي، وتفضح الممارسات التي تحوّل مقار الأمن إلى أماكن للرعب الممنهج.
تفاصيل الشهادة
يروي المعتقل أنه خلال فترة اختفائه القسري جرى تقييد يديه من الخلف وتعليقه كالذبيحة، بينما بقيت عيناه معصوبتين طوال الوقت.
وخلال تلك الفترة تعرّض لأشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي، شملت:
- الضرب المبرح المتكرر.
- التعليق لفترات طويلة في أوضاع مؤلمة ومهينة.
- الصعق بالكهرباء في مناطق حساسة من الجسد.
- تهديدات بالاعتداء الجنسي والإيذاء النفسي المستمر.
الهدف من تلك الانتهاكات كان واضحًا: انتزاع اعترافات قسرية تحت وطأة الألم والخوف، وهو ما يُجرّمه الدستور نفسه فضلًا عن القوانين الدولية.
شهادات متكررة وانتهاكات ممنهجة
هذه الشهادة ليست الأولى من نوعها؛ فالشبكة المصرية وثّقت مئات الشهادات المشابهة لمعتقلين ومختفين قسريًا خلال السنوات الماضية.
جميعها أكدت على وجود نمط متكرر ومنهجي من الانتهاكات التي تشمل تقييد الأيدي، التعليق المؤلم، تغطية الأعين، الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء.
الأمر يكشف أن ما يحدث ليس مجرد ممارسات فردية أو تجاوزات معزولة، بل سياسة ممنهجة داخل الأجهزة الأمنية تهدف إلى ترسيخ الخوف وانتزاع اعترافات غير قانونية.
أماكن احتجاز سرية خارج القانون
الانتهاكات لا تقتصر على المقرات الرسمية للأمن الوطني فقط، بل تمتد إلى أماكن احتجاز سرية وغير خاضعة لأي رقابة قضائية أو قانونية، ومن أبرز تلك المواقع:
- معسكر الجلاء بالإسماعيلية.
- سجن العازولي العسكري.
- مقار تابعة لجهاز المخابرات.
- مواقع احتجاز غير معلنة يُنقل إليها المعتقلون بعيدًا عن أعين القضاء والمحامين.
التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم
وفقًا للدستور، يُحظر التعذيب بشكل مطلق، ولا يُعتد بأي اعتراف يُنتزع بالإكراه، كما أن الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، التي تُلزم مصر بالالتزام ببنودها، تؤكد أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم.
القانون الدولي كذلك يضعها في خانة “الجرائم ضد الإنسانية”، ما يستوجب المساءلة الفردية لكل من أمر أو شارك أو تستر على هذه الانتهاكات.
*غلق ورش المراكب بالإسكندرية لبناء جراج… قطع أرزاق الآلاف وتهديد مراكب الصيد والشحن الصغيرة
تشهد منطقة الإسكندرية منذ سنوات احتجاجات متكررة واستغاثات من مئات الصيادين الذين يعانون من قرارات حكومية مفاجئة تمسّ أرزاقهم بشكل مباشر. أبرز هذه القرارات تمثل في إغلاق ورش وتصاريح المراكب والسفن، وفرض قيود صارمة على ممارسات الصيد في البحيرات والمناطق البحرية، خصوصًا في بحيرة البردويل.
ما يُقدَّم على أنه “قرار مفاجئ” بشأن غلق أو تقييد عمل ورش صيانة المراكب في الإسكندرية، ليس حادثة منفصلة، بل استمرار لسلسلة سياسات أمنيّة وإدارية أضعفت صناعة محلية عمرها أجيال، وقطعت أرزاق آلاف العاملين والعمّال والصيادين.
سياسات متتالية: إغلاق، تقييد، وإهمال
هذه السياسة ظهرت بأشكال متعددة: وقف التراخيص، إغلاق الورش، تقييد توفير الوقود، وحملات أمنية يصاحبها إجراءات إدارية مشددة، دون أي تعويض أو بدائل واضحة.
متى بدأت القيود؟
أزمة الورش والترسانات البحرية في الإسكندرية ليست جديدة. قرار المحافظين وبعض الأجهزة الحكومية بوقف إصدار تراخيص للّنشات والسفن بدأ منذ عقود، وتحوّل إلى سياسة رسمية منذ أوائل الألفينات، تزامنًا مع قرارات محلية تقضي بوقف تراخيص اللنشات السياحية. هذا القرار تسبّب في تجميد نشاط التصنيع والتجديد في الورش.
وقد وثّقت تقارير صحفية شهادات من حرفيي الأنفوشي، أكدوا فيها أن غياب التراخيص والتضييقات الأمنية حوّلت النشاط إلى حالة شبه متوقفة.
حجم الضرر وعدد المتأثرين
منطقة الأنفوشي وحدها تضم عشرات الورش. تذكر مصادر صحفية وجود نحو 65 ورشة داخل مجمع واحد، بالإضافة إلى ما بين 20 و35 ورشة في مناطق مجاورة. ورشة واحدة قد توظف عشرات العاملين وتخدم عشرات المراكب.
حرائق وسنوات من الجمود أدت إلى خسائر مادية مباشرة بملايين الجنيهات. على سبيل المثال، حريق واحد خلّف خسائر تجاوزت مليوني جنيه، بينما تتكرر الحوادث دون تعويض أو حماية.
لكن هذه الأرقام تعكس فقط الخسائر المُعلنة، ولا تشمل خسائر الدخل المتواصل لعشرات الآلاف من الأسر التي تعتمد على الصيد وصيانة المراكب كمصدر دخل وحيد.
أرقام مؤلمة من بحيرة البردويل
بحيرة البردويل تُعد من أهم مناطق الصيد في مصر، ويعتمد عليها حوالي 3500 صياد بشكل مباشر.
- في 6 و7 يناير 2025، اعتُقل خمسة صيادين في المنطقة.
- القانون رقم 146 لسنة 2021 الخاص بحماية البحيرات يفرض غرامات من 10,000 إلى 100,000 جنيه، مع عقوبات بالسجن من 6 أشهر إلى سنتين للصيد في الفترات المحظورة.
- في أكتوبر 2024، بدأت الحكومة مشروعًا تطويريًا في البحيرة دون استشارة أو تعويض للصيادين.
- في الإسكندرية، سُجل حوالي 4000 صياد رسميًا عام 2021، مهددون الآن بفقدان عملهم بسبب قرارات إغلاق الورش ومرافق الصيانة.
القرار المفاجئ: ضربة قاضية للرزق
في 31 أكتوبر 2024، أعلنت حكومة السيسي أن “جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية” سيبدأ أعمال تطوير في بحيرة البردويل، وهو ما اعتبره الصيادون تهجيرًا قسريًا ومصادرة لأرزاقهم.
يمتلك حوالي 3500 صياد في البحيرة مصدر رزقهم الوحيد من الصيد، وقد سبق أن وُضعوا تحت طائلة القضاء العسكري بمرسوم رئاسي في 2019، ما حوّل أي خرق بسيط لقانون الصيد إلى قضية أمن قومي.
الصيادون عبّروا عن رفضهم لهذه السياسات، مؤكدين أن “التنمية الاقتصادية” المزعومة تعني، في واقع الأمر، إزاحة الصيادين وغلق ورشهم بقوة القانون، دون أي خطط لتعويضهم أو إعادة دمجهم في منظومة اقتصادية بديلة.
المحاكمات العسكرية: سلاح جديد ضد المدنيين
في يناير 2025، اعتقل جهاز شرطة عسكرية خمسة صيادين من بحيرة البردويل، وأُحيلوا لمحاكمات عسكرية بتهم تتعلق بالصيد في فترات الحظر.
المشكلة لا تكمن فقط في طبيعة التهم، بل في طبيعة المحكمة. فالمحاكمات العسكرية للمدنيين في مصر تُعرف بانتهاكها لحقوق الدفاع وعدم السماح بالإجراءات القانونية الكاملة، ما يجعلها أداة قمع لا وسيلة عدالة.
شهادات من الميدان: “قطعوا رزقنا”
الصيادون أعربوا بصراحة عن غضبهم:
“فوجئنا بقرار منعنا من النزول بمراكبنا، وإغلاق ورش الصيانة. تم قطع أرزاق أكثر من 200 أسرة”
“مش هنلاقي ناكل ولادنا”
هذه العبارات تتكرر في مقابلات ميدانية وتحقيقات صحفية، تعبّر عن شعور الصيادين بأن ما يجري هو عقاب جماعي لا يفرّق بين مخالف وغير مخالف، بل يعاقب المجتمع كله على خلفية سياسات أمنية لا علاقة لها بأرض الواقع.
الأسباب المعلنة… والمسكوت عنها
الحكومة تبرّر هذه الإجراءات بأسباب أمنية (مكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية)، أو بيئية (حماية المخزون السمكي). لكن التنفيذ الفعلي يتم دون بدائل أو تعويض، وغالبًا ما يصدر بأوامر أمنية مباشرة، ما يجعل تلك السياسات تبدو كقرارات عقابية لا تنظيمية.
من ناحية أخرى، توجد أبعاد اقتصادية خفية: توقف التراخيص دفع إلى احتكار نشاط اليخوت السياحية، على حساب الصيد التقليدي، الذي بات يُنظر إليه كعبء أكثر منه موردًا شعبيًا يجب الحفاظ عليه.
من يتحمل المسؤولية؟
اللوم الشعبي يقع بشكل مباشر على الحكومة والأجهزة التنفيذية، التي تتخذ قرارات أمنية واقتصادية دون أي دراسات أثر اجتماعي أو حماية للفئات الأضعف.
الصيادون وأصحاب الورش طالبوا مرارًا بإلغاء قرارات وقف التراخيص، أو على الأقل تنظيم الورش وتحويلها إلى منشآت قانونية وآمنة، لكن الاستجابة الرسمية كانت غائبة تمامًا.
خاتمة:
ما يحدث في الإسكندرية وبحيرة البردويل ليس مجرد تضييق على مهنة، بل عملية تفكيك ممنهجة لقطاع اقتصادي شعبي عريق.
آلاف الأسر مهددة بالتشريد، ومهنة الصيد التي ورثها الأبناء عن الأجداد تواجه خطر الانقراض تحت وطأة قرارات أمنية، ومحاكمات عسكرية، وغياب أي نية حقيقية للإصلاح أو التعويض.
القرارات الأمنية لا يمكن أن تكون بديلًا عن السياسات الاجتماعية. وإن استمر هذا النهج، فإن الدولة تُحوّل قطاعًا كاملًا من المواطنين إلى عاطلين عن العمل وملاحقين قضائيًا… فقط لأنهم أصرّوا على الصيد لكسب قوت يومهم.
*استمرار احتجاز سامح أبو عرايس رغم قرار قضائي بإخلاء سبيل
أفادت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن السلطات المصرية ما زالت تحتجز سامح أبو عرايس، مؤسس حركة “أبناء مبارك”، رغم صدور قرار قضائي منذ شهر أغسطس يقضي بإخلاء سبيله.
وأوضحت الشبكة أن استمرار احتجاز أبو عرايس يعد انتهاكًا صارخًا لسيادة القانون، حيث يتم تعطيل تنفيذ أحكام القضاء بشكل متعمد.
يُذكر أن أبو عرايس كان قد أسس حركة “أبناء مبارك” عقب ثورة يناير 2011، وبرز كأحد الوجوه المثيرة للجدل في المشهد السياسي المصري خلال العقد الأخير.
وطالبت الشبكة المصرية بضرورة الإفراج الفوري عن سامح أبو عرايس، وتنفيذ القرار القضائي دون إبطاء، مؤكدة أن استمرار احتجازه يمثل خرقًا للحقوق الأساسية ويضع السلطات المصرية أمام مساءلة حقوقية وقانونية.
*وفد قيادي من حماس يختتم زيارة لمصر
اختتم وفد قيادي من حركة حماس أمس السبت زيارة عمل إلى مصر وذلك في إطار الجهود الرامية لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ومواجهة التصعيد المتزايد في الضفة الغربية والقدس.
وجاء في بيان الحركة: “التقى الوفد برئاسة الأخ زاهر جبارين وعضوية الإخوة حسام بدران وكمال أبو عون وغازي حمد ومحمود مرداوي، فصائل فلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني وشخصيات فلسطينية ورجال أعمال في العاصمة المصرية القاهرة، بهدف تعزيز التشاور وتطوير العمل المشترك ورسم خارطة طريق وطنية، إلى جانب التأكيد على أن وحدة الموقف والميدان هي الضمانة لإنهاء الحرب وتعزيز الصمود“.
“جاءت الزيارة تزامنا مع تصاعد جرائم الاحتلال في قطاع غزة وتزايد سياسة التدمير والتهجير الممنهجة، وذلك في إطار الخطط الصهيونية لإعادة احتلال مدينة غزة واستمرار الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين“.
واتفقت الفصائل الفلسطينية على استدامة البحث عن سبل إنهاء الحرب وإسناد صمود أهالي قطاع غزة، ومواجهة ما تتعرض له الضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى جانب تعزيز العمل المشترك لإدارة المعركة، ورسم خارطة طريق وطنية لما بعد الحرب.
*يديعوت أحرنوت|| حكومة السيسي تهاجم نتنياهو بعد تلميحه بإمكانية عبور الغزيين إلى مصر
قال موقع “يديعوت أحرنوت” إن تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حول احتمال خروج الفلسطينيين من قطاع غزة عبر معبر رفح أشعلت موجة غضب في القاهرة، لتفاقم بذلك التوتر القائم بين مصر والكيان الصهيوني. في مقابلة مع قناة “أبو علي إكسبريس” على تطبيق تيليجرام، قال نتنياهو: “أستطيع أن أفتح لهم المعبر، لكنهم سيُمنعون فورًا من الجانب المصري”.
أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا شديد اللهجة اتهمت فيه نتنياهو بالسعي إلى “إطالة أمد التصعيد والتهرب من معالجة نتائج الانتهاكات الصهيونية في غزة”. ونقل المصدر أن مكتب نتنياهو ردّ معتبرًا أن رئيس الحكومة تحدّث عن “حرية كل إنسان في اختيار مكان إقامته — وهو حق أساسي في كل الأوقات، وخصوصًا أثناء الحرب، بينما تفضل الخارجية المصرية أن تحتجز سكان غزة الراغبين في مغادرة منطقة الحرب رغماً عنهم”.
ومن المفارقات، أن ينتقد نتنياهو المجتمع الدولي في المقابلة، وسط تزايد التدقيق في أفعال الكيان الصهيوني في غزة، متسائلًا: “نحن لسنا هنا لطرد أحد، لكن لاحتجازهم بالداخل؟ بالقوة؟ المدافعون عن حقوق الإنسان – أين أنتم؟ حتى منح الفلسطيني حقًا أساسيًا في المغادرة – هذا أيضًا يُحجب. أمر لا يُصدَّق”.
واجه وزير خارجية الانقلاب بدر عبد العاطي هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي في نيقوسيا بقبرص، وأكد أن أي محاولة لاقتلاع الفلسطينيين تمثل “خطًا أحمر بالنسبة لمصر” ولن يُسمح بها. وأضاف: “الاقتلاع يعني تصفية القضية الفلسطينية — ولا يوجد أساس قانوني أو أخلاقي أو إنساني لهذا”.
شددت الخارجية المصرية على أن ما نُسب إلى نتنياهو “محاولة لتكريس التصعيد وزعزعة الاستقرار، بهدف التهرب من معالجة تداعيات الانتهاكات الصهيونية في غزة داخليًا وخارجيًا”. وأكدت أن الوضع في القطاع يشكل “إبادة جماعية مستمرة — قتلًا جماعيًا للمدنيين وتجويعًا متعمدًا يرتكبه الصهاينة”.
كررت حكومة الانقلاب في أكثر من مناسبة رفضها فتح حدودها بشكل كامل أمام الفلسطينيين، متمسكة بموقف يعتبر أن أي تهجير قسري يمثل تهديدًا مباشرًا للقضية الفلسطينية واستقرار المنطقة. ويكشف هذا السجال العلني عن تصاعد التوتر بين القاهرة والكيان الصهيوني، في وقت يواجه فيه الاحتلال ضغوطًا متزايدة بسبب سياسته العسكرية في غزة وتداعياتها الإنسانية الكارثية.
*إثيوبيا تلوح ببناء سدود جديدة على النيل بعد سد النهضة تضر بمصر
لوّح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بإمكانية إقامة مشروعات إضافية على نهر النيل الأزرق، زاعما أن سد النهضة لم يتسبب في أضرار لمصر والسودان
وقال آبي أحمد، في مقابلة تلفزيونية من موقع السد إن الهدف من المشروع هو توليد الكهرباء وإدارة الموارد المائية بما يخدم التنمية المشتركة، مضيفًا أن إثيوبيا “لن تحرم أي طرف من حقوقه المائية”، معتبرًا أن “الاستفادة العادلة والمنصفة من النيل الأزرق حق طبيعي لإثيوبيا كما هو لدول المصب”
وقال وزير المياه والطاقة الإثيوبي هابتامو إيتيفا، إن بناء السد اكتمل، مشددًا على أن بلاده “لا ترى شيئًا يمكنها التنازل عنه”، متسائلًا “على ماذا نتفاوض (مع مصر)؟”
وأكد الوزير الإثيوبي في مقابلة مع صحيفة “ذا ريبورتر” المحلية، أن ملء وتشغيل السد تم “وفقًا لإعلان المبادئ الموقع عام 2015”
واتهم القاهرة بعدم الرغبة في الحصول على المعلومات التي توفرها أديس أبابا بشأن السد، وقال “إن بلاده تشارك المعلومات اللازمة حول السد مع جيرانها، وإن المصريين دعوا للحصول على المعلومات الصحيحة، لكنهم لم يرغبوا في ذلك”
ولفت إلى أن “النيل ينبع من إثيوبيا، ومن حقنا التساؤل عن السدود التي تبنيها مصر”، مضيفًا أنه وجّه رسالة لنظيره المصري يستفسر فيها عن مدينة جديدة تعتمد على النيل، لكنه لم يتلقَ ردًا، مردفًا “النيل مِلك للجميع، لذا كان عليهم استشارة إثيوبيا”
في المقابل، نفى مصدر مسؤول بوزارة الري المصرية لـموقع المنصة ما ذكره المسؤولون الإثيوبيون، مؤكدًا أن مصر والسودان لم يتسلما بيانات دقيقة بشأن الملء خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن الخرطوم شهدت خروج محطات مياه شرب عن الخدمة مع بدء عملية الملء، تلاها فيضانات عارمة.
وأوضح المصدر المطلع على ملف سد النهضة، أن مزاعم عدم إضرار السد الإثيوبي بدولتي المصب غير صحيحة، موضحًا أن المياه المخزنة كانت في طريقها إلى السودان ثم مصر، وأن حجزها لسنوات كان دون استفادة حقيقية.
وأضاف أن مصر أنفقت نحو 500 مليار جنيه على مشروعات مائية منذ 2014 لتقليل الأضرار، مبينًا أن “مخاوف مصر لم تنتهِ، والحل يظل في اتفاق ملزم يحدد قواعد الملء وإعادة التشغيل، خصوصًا في فترات الجفاف”
كما نوّه بأن القوانين والأعراف الدولية لا تمنع دولة المصب الأخير من الانتفاع بمياه النهر داخل حدود الدولة.
وتأتي التصريحات الإثيوبية في وقت تستعد فيه أديس أبابا لافتتاح سد النهضة رسميًا في سبتمبر الجاري. وبموازاة ذلك، شددت مصر والسودان على وحدة أمنهما المائي ورفضهما أي إجراءات أحادية في حوض النيل الشرقي من شأنها إيقاع الضرر بمصالحهما المائية.
وأكد البلدان، في بيان مشترك عقب اجتماع آلية “2+2” لوزراء الخارجية والري، أن السد “مخالف للقانون الدولي” وتترتب عليه “آثار جسيمة على دولتي المصب”، محذرين من مخاطر الملء والتشغيل المنفرد، وما قد يسببه من تهديدات تتعلق بأمان السد والتصريفات غير المنضبطة ومواجهة حالات الجفاف.
وطالب الجانبان إثيوبيا بتغيير سياستها في النيل الشرقي بما يتيح استعادة التعاون، مؤكدين أن قضية السد ما تزال شأنًا ثلاثيًا بحتًا، ورافضين أي محاولات لإقحام بقية دول الحوض في الخلاف القائم.
وفي ديسمبر الماضي، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكدة في بيان لوزارة الري أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
وفي أكتوبر الماضي، قال عبد الفتاح السيسي إن نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه في البلاد، بنسبة تتجاوز 98%، مضيفًا أن الحفاظ على هذا المورد الحيوي هو مسألة وجود.
وفي مارس الماضي أقرّ وزير الري هاني سويلم بتأثر مصر بسد النهضة، لكنه أكد أن “الدولة المصرية قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما”، مؤكدًا في الوقت ذاته أن “اتفاقية إعلان المبادئ بتقول لو تسبب السد في أضرار لدول المصب، فيه ثمن لازم يندفع، ولازم مصر هتطالب به في يوم من الأيام”
*أزمة كبيرة بقطاع المستلزمات الطبية بسبب سياسات العسكر والسيسي يدير احتياطي المستلزمات الطبية
قال تقرير لموقع “الاستقلال”، إن أزمة المستلزمات الطبية الأخيرة في مصر، تختصر صورة كيف تقود عقلية النظام العسكري الحاكم البلد إلى كوارث متتالية.
وأضاف التقرير، أن “هيئة الشراء الموحد”، التي ولدت تحت شعار الإصلاح والسيطرة على الفوضى، تحولت خلال سنوات قليلة إلى نموذج صارخ لفشل الإدارة العسكرية حين تقتحم مجالات مدنية بالغة الحساسية كقطاع الصحة.
وكان تغول العسكريين في الاقتصاد المصري سببا مباشرا في انهيار قطاعات طالما صمدت لعقود في وجه الأزمات، مثل صناعة وتجارة المستلزمات الطبية.
فما كان بالأمس سوقا مرنا متنوعا، قادرا على تلبية احتياجات المستشفيات والمرضى، أصبح اليوم غارقا في المديونيات، ومشلولا بقرارات مركزية عقيمة، تحتكم لمنطق الجنرال لا لمنطق السوق.
وقصة هيئة الشراء الموحد لا تكشف فقط عن أزمة مديونية تجاوزت مليارات الجنيهات، بل تفضح كيف أن العقلية التي ترى الاقتصاد ساحة للسيطرة والانضباط العسكري تدمر آليات العرض والطلب، وتدفع الشركات للإفلاس، والمستشفيات للعجز، والمواطن في النهاية ليدفع الثمن من صحته وحياته.
وفي مشهد يكشف عمق مأزق إدارة القطاع الصحي في مصر، خرجت إلى العلن أزمة خانقة ضربت صناعة وتوريد المستلزمات الطبية والأدوية.
ففي 27 أغسطس 2025، أعلن محمد إسماعيل عبده، رئيس الشعبة العامة للمستلزمات الطبية بالغرفة التجارية عن توقف عدد كبير من خطوط إنتاج المستلزمات بسبب عجز الشركات عن توفير السيولة، نتيجة عدم التزام هيئة الشراء الموحد بسداد مديونياتها.
وتحدث عبده عن توقف نحو 11 مصنعا عن الإنتاج، بينما تعمل المصانع الأخرى بصعوبة شديدة، وأضاف: “نحن لا نطالب بالدولار وإنما بالجنيه المصري، واقترحنا حتى أن يتم تحويل مستحقاتنا مباشرة للبنوك لسداد المديونيات بدلا من مواجهة شبح الحجز على أصول الشركات“.
وعقب: “لكن للأسف، ما نراه هو تعامل غير جاد مع ملف حيوي يخص قطاعا يضم آلاف المصانع ويشغل نحو مليوني عامل مؤمن عليهم”.
وبلغة الأرقام، تراكمت ديون الهيئة على الموردين لتصل إلى 43 مليار جنيه (887 مليون دولار أميركي)، ما دفع ممثلي الشركات لمطالبة رئيس الوزراء ووزير المالية بالتدخل العاجل بعد فشل اتفاقهم مع رئيس الهيئة الجديد، الدكتور هشام ستيت، في صرف دفعة عاجلة من المستحقات.
أما القضية فلا تتعلق فقط بأزمة مالية، بل تعكس قصة أعمق عن آلية إدارة الدولة للقطاع الصحي بعقلية عسكرية، أدت إلى انهيار جزء كبير من السوق، وخلقت فوضى غير مسبوقة في منظومة العلاج.
وتعود جذور الأزمة إلى تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 (حيث انتقل سعر الصرف من 7 جنيهات إلى 17 جنيها أمام الدولار الواحد)، والذي أدى إلى اضطراب آليات التسعير وظهور نقص حاد في الأدوية والمستلزمات.
وكعادة النظام، استدعي الجيش ليتدخل عبر اتصالات مباشرة مع الشركات، وكانت آلية الجيش واضحة: “من يورد بالسعر المفروض ينل الرضا، ومن يرفض يواجه العقاب“.
ومع فشل هذه الوصفة في سوق شديد التعقيد، جرى التفكير في صياغة مركزية جديدة لإدارة التوريدات.
لذلك في عام 2019 صدر قرار بإنشاء هيئة الشراء الموحد كجهاز مركزي يتولى شراء الأدوية والمستلزمات الطبية وتوزيعها على المستشفيات.
ولإدارة الكيان الجديد، جرى استدعاء لواء طبيب من الجيش، بهاء الدين زيدان، بما عكس استمرار النهج العسكري في إدارة القطاعات المدنية الحساسة.
ومن أبرز مهام تلك الهيئة الجديدة آنذاك، أنها تتولى دون غيرها إجراء عمليات الشراء للمستحضرات والمستلزمات الطبية لجميع الجهات والهيئات الحكومية.
وإعداد الموازنة التقديرية السنوية اللازمة للشراء، وإعداد خطط وبرامج وقواعد التدبير والشراء الموحد من الداخل والخارج.
كذلك تتكفل بالتعاقد مع الشركات لشراء المستلزمات الطبية وإدارة تخزينها ونقلها وتوزيعها.
والتنسيق مع الشركات الطبية لتعزيز المخزون الإستراتيجي الطبي للدولة لمواجهة أي ظروف استثنائية.
وصولا إلى وضع الإجراءات والتدابير الضرورية لمواجهة حالات الطوارئ بالتنسيق مع باقي الجهات المعنية.
ومع تراكم المديونيات الضخمة وتكرار الأزمات، خاصة منذ اشتداد الأزمة الاقتصادية في 2022 وما تلاها، جرى الإطاحة باللواء بهاء الدين زيدان مطلع العام 2025 من رئاسة هيئة الشراء الموحد.
وحل محله الدكتور هشام ستيت الذي شغل من قبل منصب نائب رئيس الهيئة، وكان أيضا الرئيس التنفيذي لشركة الجمهورية الحكومية لتجارة المستلزمات الطبية.
ويعد اللواء بهاء واحدا من أبرز العسكريين الذين أداروا القطاع الصحي في مصر خلال السنوات الأخيرة، فقد تولى إدارة مجمع الجلاء الطبي التابع للقوات المسلحة، ورئاسة الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية.
وقد لمع اسمه بشكل واسع في أبريل 2020 حين ظهر إلى جانب عبد الفتاح السيسي خلال تفقد معدات وأطقم الجيش المخصصة لمعاونة القطاع المدني في مواجهة جائحة كورونا.
السيسي يدير احتياطي المستلزمات الطبية
يومها كشف السيسي عن وجود “احتياطي على جنب” من المستلزمات الطبية لا يتبع الجيش ولا وزارة الصحة، وطالب بهاء صراحة بألا يمس هذا المخزون إلا بإذنه المباشر، في إشارة واضحة إلى طبيعة الإدارة العسكرية شديدة المركزية التي طبقت على القطاع الصحي.
ومع تولي الدكتور هشام ستيت المسؤولية، اتجهت الحكومة إلى محاولة لملمة الأوضاع عبر إجراءات عاجلة، أبرزها رفع ميزانية الهيئة من 50 إلى 100 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، والتوصل إلى اتفاق مع الشركات يقضي بسداد جزء من المديونيات المتراكمة.
غير أن هذه المحاولات سرعان ما تعثرت مع استمرار غياب السيولة، لتبقى الأزمة قائمة بلا حلول جذرية.