الكشف عن وقائع قتل خارج إطار القانون ومقبرة جماعية بشمال سيناء .. الاثنين 22 سبتمبر 2025م.. السيسي يفتح ذراعيه للسائحين الصهاينة ويحشد 40 ألف جندي لغلق سيناء في وجه النازحين والمصابين الفلسطينيين

الكشف عن وقائع قتل خارج إطار القانون ومقبرة جماعية بشمال سيناء .. الاثنين 22 سبتمبر 2025م.. السيسي يفتح ذراعيه للسائحين الصهاينة ويحشد 40 ألف جندي لغلق سيناء في وجه النازحين والمصابين الفلسطينيين

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

*الكشف عن وقائع قتل خارج إطار القانون ومقبرة جماعية بشمال سيناء

أصدرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، اليوم 22 سبتمبر 2025، تقريرًا جديدًا بعنوان “قتلوا بدمٍ بارد، يكشف – وللمرة الأولى – عن وجود مقبرة جماعية في شمال سيناء أشرفت قوات الجيش المصري على إنشائها وإخفائها لسنوات. ووثّق التقرير، بالتعاون مع منظمة Forensic Architecture، احتواء المقبرة على مئات من البقايا البشرية، تعود بعضها – وعلى الأرجح جميعها – إلى مواطنين قُتلوا خارج نطاق القانون والقضاء، ودُفنوا سرًّا في تلك المقبرة.

ويأتي هذا التقرير بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة الجماعية المنهجية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مستخدمًا سياسة الأرض المحروقة والتجويع والتدمير الشامل للبنية التحتية المدنية في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. هذا العدوان، الذي لا يفصله عن سيناء سوى أمتار معدودة، ترافقه خطوات فعلية لتنفيذ مخططات التطهير العرقي والتهجير القسري الجماعي للفلسطينيين، وهي سياسات حذّرت منها منظمات حقوق الإنسان المصرية مرارًا على مدار العامين الماضيين، وطالبت الحكومة المصرية باتخاذ إجراءات عملية وجادة لوقفها.

وتؤكد مؤسسة سيناء أن أي حل عادل للقضية الفلسطينية يبدأ بتمكين الشعب الفلسطيني من البقاء على أرضه وممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، كما تؤكد أن تعزيز صمود الجبهة الداخلية المصرية يتطلب إصلاحًا جذريًا لمنظومة حقوق الإنسان وفتح تحقيقات عاجلة وشفافة في الانتهاكات الجسيمة، مثل تلك الموثقة في هذا التقرير.

وقد خاطبت مؤسسة سيناء الحكومة المصرية عبر القنوات الرسمية بتاريخ 20 سبتمبر، مقترحةً حجب هذا التقرير وعدم نشره مقابل التزام رسمي بضمانات واضحة بتشكيل لجنة تقصي حقائق مصرية مستقلة، تضم في عضويتها ممثلين عن المجتمع المدني المصري، للتحقيق وجمع الأدلة من موقع المقبرة. غير أن المؤسسة لم تتلق أي رد من أي من الجهات الرسمية التي تواصلت معها.

يوثق التقرير وقائع متفرقة لعمليات قتل خارج إطار القانون بحق مدنيين في شمال سيناء، نفذتها عناصر من قوات إنفاذ القانون المصرية خلال سنوات الحرب مع تنظيم ولاية سيناء المسلح التابع لـ”داعش”، والتي امتدت بين عامي 2013 و2022.

وأكدت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان أن هذا التقرير يقدم دليلًا إضافيًا على الضرورة الملحة لأن يقوم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في شمال سيناء خلال تلك الحرب، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القانون، إضافة إلى إنشاء آلية مستقلة لمتابعة أوضاع حقوق الإنسان المتردية في مصر، وبالأخص الانتهاكات التي ترتكبها أجهزة الأمن والجيش.

قال أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان:

إن الأدلة على وجود مقبرة جماعية وعشرات الوقائع الموثقة لعمليات قتل خارج نطاق القانون في سيناء ستبقى جرحًا دامياً لا يندمل إلا بالعدالة، وتذكّرنا بأن وراء كل ضحية إنسانًا وعائلة حُرموا من فرص الإنصاف. هذه الانتهاكات الصارخة، التي ترقى إلى جرائم حرب، نفذتها قوات الجيش والشرطة على مدى سنوات، في ظل غياب كامل للمساءلة.”

تعرض المؤسسة، بالتعاون مع منظمة Forensic Architecture، تحليلًا متقدّمًا لمقبرة جماعية عثر عليها فريق المؤسسة في شمال سيناء بالقرب من مدينة العريش، وذلك استنادًا إلى شهادات حصلت عليها المؤسسة من اثنين من عناصر الميليشيات الموالية للجيش الذين شاركوا في إحضار المعتقلين لتلك المقبرة لتصفيتهم وإن أنكروا المشاركة في فعل القتل. يتضمن التحليل صوراً ومقاطع فيديو حصرية ومشاهدات مادية جمعها باحثون من المؤسسة أثناء زيارة ميدانية لتلك المقبرة.

كما قامت منظمة فورنسيك أركيتكتشر بدراسة وتحليل تلك المواد البصرية، بالإضافة إلى تحليل صور أقمار صناعية التقطت للمنطقة على مدار عدة سنوات.

قامت فورنسيك أركيتكتشر بتحليل صور الأقمار الصناعية بين عامي (2005–2023، بهدف رصد التغيرات الزمنية، وتحديد مؤشرات على النشاط العسكري مثل ظهور نقاط ارتكاز عسكرية، ووجود مركبات، وآثار إطارات، واضطرابات أرضية داخل الموقع وفي محيطه، ومضاهاة كل ذلك مع الأدلة الأخرى المتاحة. كما قامت بإعادة بناء موقع المقبرة الجماعية بتقنية ثلاثية الأبعاد، مع تحديد مواقع الجثث التي ظهرت في المواد المصورة التي التقطها الباحثون في مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.

تُعدّ هذه المقبرة واحدة فقط من موقعين أشارت إليهما الأدلة الأولية، غير أن المؤسسة لم تتمكن من الوصول إلى الموقع الثاني في مدينة الحسنة  بوسط سيناء. وقد أوضح أحد الشاهدين دوافعه في الإدلاء بهذه المعلومات، مشيرًا إلى ما وصفه بــ”المعاناة المستمرة لمئات العائلات من جيرانه ومعارفه، ممن يترقبون منذ سبع أو عشر سنوات معرفة مصير ذويهم المختفين، مؤكّدًا يقينه بتصفيتهم ودفنهم في تلك المواقع.

كما زوّد الشاهدان المؤسسة بعدد من الأسماء المحددة لأشخاص قالا إنهم يعرفون أماكن دفنهم وتواريخ قتلهم بشكل تقريبي، وأكدّا، استنادًا إلى خبرتهما في العمل مع الأجهزة الأمنية ضمن حملات الاعتقال، أن كثيرًا من هؤلاء القتلى لم يكونوا بالضرورة عناصر مسلّحة، بل أشخاصًا اشتُبه فيهم دون وجود أدلة قاطعة.

قال أحدهما معبرا عن تلك العمليات، من وجهة نظره:

أنا حققت مع معتقلين في (معسكر) الزهور و الكتيبة 101، وأنا بضمير مرتاح، كنت بقول للضابط المسئول عني أن فيه منهم متعاطفين مع الدواعش أو شغالين معاهم أو بيقدموا ليهم خدمات زي إنه بيوصل ليهم طعام أو علاج أو بيعطيهم معلومات، و اللي بيتصنف من المحبوسين تكفيري أو بيساعد تكفيري، مصيره معروف (القتل). وعن نفسي كنت بتقي ربنا في الكلمة اللي بقولها، لأن دي مسألة أرواح، وكلمة مني ممكن تنهي حياة بني آدم وكلمة ممكن تحييه“.

تمكّن فريق المؤسسة، بصعوبة بالغة نظرًا للتحصينات العسكرية الكثيفة المحيطة بموقع المقبرة، من زيارة الموقع وتوثيق مواد مصوّرة لرفات بشرية تعود إلى 36 شخصًا، وهي لا تمثل سوى جزء محدود من إجمالي الرفات الظاهرة فوق سطح التربة. غير أنّ الأدلة التي جُمعت خلال الزيارات، بما في ذلك نتائج حفريات سطحية، تشير إلى أن الموقع يضم ما يزيد على 300 جثة دُفنت بطريقة غير لائقة في هذا المكان وحده. وتبين لفريق المؤسسة إن أغلب الجثث قد دُفنت بشكل سطحي، سهّل ظهورها مجددًا على السطح بفعل العوامل الطبيعية مع مرور السنوات.

ويتضح إن الكثير من هؤلاء قتلوا ودُفنوا بكامل ملابسهم وأحذيتهم ذات الطابع المدني، بلا تكفين أو مظاهر الدفن التقليدية المعتادة، كما يظهر على بعض الجماجم البشرية عصابات للعين. وهي الهيئة ذاتها التي ظهرت في العديد من مقاطع الفيديو الموثقة لعمليات القتل خارج إطار القانون في سيناء. ويوحي الانتشار الواسع للرفات في أرجاء الموقع بأن عمليات الدفن جرت على مراحل زمنية متعددة، لا في واقعة واحدة فقط.

تقع المقبرة في جنوب مدينة العريش، في موقع منخفض كان يستخدمه السكان المحليون حتى عام 2010 لاستخراج تربة خصبة، مما أدى إلى تكوين حفرة كبيرة في المكان. وتشير تحليلات صور الأقمار الصناعية إلى تصاعد العسكرة في محيط المنطقة منذ عام 2013، وإلى ازدياد النشاط داخل المقبرة منذ عام 2015 على الأقل، حين أنشأ الجيش تحصينات عسكرية كثيفة حولها.

كما أغلق الجيش بشكل كامل، باستخدام حواجز رملية، طريقًا فرعيًا يمر بمحاذاة موقع المقبرة، بينما كان محيطها من جهة طريق العريش/أبو عجيلة محاطًا بعدد آخر من الأكمنة العسكرية منذ عام 2014 وحتى 2023، تربط بينها خنادق وتحصينات رملية مرتفعة تحجب الرؤية تمامًا عن الموقع، قبل أن تقوم القوات المسلحة بتفكيك معظمها بعد إعلان انتهاء الحرب ضد تنظيم داعش. ورغم أن العوامل الطبيعية كشفت أجزاءً من الرفات، فإن قرب الموقع من هذه التحصينات جعل من شبه المستحيل على المدنيين أو المارة رصده.

كما تعرض سكان القرى المحيطة بالموقع، مثل قرية القريعة، للتهجير القسري ودمرت منازلهم بواسطة الجيش منذ عام 2014ولا يزال الجيش يمنعهم من العودة حتى اليوم – وهو ما أخلَى محيط الموقع من الشهود المحتملين. الأمر الذي مكّن الجناة من استخدام الموقع كمكان دفن سري بعيدًا عن أعين المدنيين. و

يشير وجود الرفات البشرية المتناثرة عبر الموقع ودفنها السطحي إلى مستوى من الثقة والسيطرة على المنطقة من قبل المسؤولين عن عمليات الدفن.

تظهر دراسة تحليلية تتبع الوجود الدوري لآثار المركبات داخل المقبرة، إلى أن هناك زيارات متكررة للموقع بين عامي 2015 و2023، ولا سيما في ذروة العمليات العسكرية بين عامي 2015 و2017، وتتماشى نتائج ذلك التحليل مع المركبات العسكرية والأخرى التابعة للجيش التي تم توثيق استخدامها في عمليات القتل خارج إطار القانون، مثل العربة هامفي

يبنى تقرير “قتلوا بدم بارد” على سنوات من أبحاث الرصد والتوثيق التي قامت بها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان على مدار سنوات الحرب، منذ تصاعدت العمليات العسكرية في شمال سيناء في 2013 ضد تنظيم “أنصار بيت المقدس” الذي تحول لاحقا إلى “ولاية سيناء” وأعلن مبايعته لداعش، وحتى عام 2022. فقد وثّقت المؤسسة في تقارير سابقة العديد من وقائع القتل خارج إطار القانون التي زعمت السلطات لاحقا، زوراً، أنها “اشتباكات مسلحة”، كما أصدرت تقارير دامغة عن حملات الاعتقال التعسفي الجماعية وسياسة الإخفاء القسري، وقد نقل خلالها ناجون تفاصيل ما تعرّضوا له من رعب وتعذيب في مقرات الجيش والشرطة، بينما روى آخرون كيف قُتل بعض المعتقلين – بينهم أطفال ومن يُحتمل كونهم أطفال – خارج إطار القانون، عبر إعدامات ميدانية نفذتها قوات الجيش وعناصر “المناديب” أو الميليشيات الموالية للجيش. كما وثقت مؤسسات حقوقية دولية، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، النمط ذاته من عمليات قتل خارج إطار القانون التي نفذتها قوات الجيش والشرطة بحق معتقلين آخرين في شمال سيناء، والتي ادعت السلطات لاحقًا أنها كانت “اشتباكات مسلحة“.

يكشف التقرير عن أربع وقائع جديدة للقتل خارج إطار القانون لم يسبق نشرها، قُتل في ثلاثٍ منها ما لا يقل عن سبعة رجال وثلاثة أطفال، بينما أسفرت الرابعة عن مقتل ما يُرجَّح أنه 18 رجلًا. استندت المؤسسة في توثيق هذه الحالات إلى مقابلات مباشرة مع 14 من الأهالي وشهود العيان، إضافة إلى تحليل مقاطع فيديو وصور حصرية.

كما يعرض التقرير شهادات مفصلة لذوي اثنين من ضحايا واقعة خامسة سبق أن وثّقتها منظمات حقوقية وإعلامية، وتتعلق بقتل ما بين ستة إلى عشرة رجال في مدينة العريش عام 2017. استخدم التقرير هذه الواقعة نموذجًا يبرز ما تخلّفه هذه الانتهاكات من صدمة ومعاناة للأهالي. وقد شكّلت تلك الحادثة لحظة مفصلية في كشف ممارسات القتل خارج نطاق القانون في شمال سيناء، إذ تسببت في احتجاجات نادرة آنذاك، مع تصريحات من أعضاء في المجلس القومي لحقوق الإنسان تؤكد أن هؤلاء الشبان كانوا معتقلين. ورغم أن المطالب الشعبية توحّدت في حينه حول المحاسبة والإفراج عن المعتقلين، فإن السلطات فوّتت تلك الفرصة للإصلاح والمساءلة، واستمرّت في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة ذاتها. وقد اتسع نطاق تلك الإعدامات خارج إطار القانون والقضاء حتى أصبح العلم بها شائعا بين أهالي المعتقلين، ولا سيما المختفين قسريا.

أنشأ باحثو المؤسسة قاعدة بيانات اعتمدت على مراجعة وتحليل بيانات المتحدث العسكري بين 2013 و2022، التي كشفت عن مقتل 5,053 شخصًا وصفتهم السلطات بـ”العناصر الإرهابية”، واعتقال 14,837 آخرين مشتبه بهم. لكن هذه الأرقام تتناقض مع تقديرات مراكز بحثية مرموقة حول أعداد مقاتلي تنظيم ولاية سيناء، التي تراوحت بين 1,000 و1,500 عنصر حتى منتصف 2018. لم تعترف السلطات مطلقا بعمليات القتل خارج القانون، وواصلت الادعاء بأن الضحايا قُتلوا في “اشتباكات مسلحة”، حتى حين توفرت أدلة واضحة، وفوّتت فرصة تعديل المسار عبر تحقيقات شفافة ومحاكمات مستقلة.

القتل خارج نطاق القانون والإعدامات دون محاكمة تشكل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية إذا نُفذت بشكل منهجي أو واسع النطاق كسياسة دولة، كما تُعد جرائم حرب إذا ارتُكبت في سياق نزاع مسلح بموجب اتفاقيات جنيف. الحق في الحياة حق أساسي غير قابل للانتقاص حتى في النزاعات أو الطوارئ، وتكفله المعاهدات الدولية والإقليمية التي انضمت إليها مصر، منها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان، الميثاق العربي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب.

تؤكد “مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة” أنه لا يمكن تنفيذ “عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة… أيا كانت الظروف”. ووفقا للمبادئ، “تحظر الحكومات على الرؤساء وعلى السلطات العامة إصدار أوامر ترخص لأشخاص آخرين بتنفيذ أي نوع من أنواع الإعدام خارج نطاق القانون أو الإعدام التعسفي أو الإعدام دون محاكمة أو تحرضهم على ذلك. ولأي شخص كان حق وواجب الامتناع عن الامتثال لهذه الأوامر“.

أصدر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 2016نسخة محدثة لدليل منع ممارسات تنفيذ عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة، والتحقيق في تلك الممارسات، والمعروف على نطاق واسع باسم “بروتوكول مينيسوتا”، والذي اعتُمِد لأول مرة في 1991. تنطبق المبادئ أيضا في “حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية“. يقدم الدليل إرشادات ومبادئ عملية وقضائية مفصلة على الحكومات تطبيقها في التحقيق في أي من “حالات الوفاة التي يحتمل أن تكون غير مشروعة”.  وفقا للمبادئ التوجيهية الواردة في “بروتوكول مينيسوتا”،  “يبدأ” واجب الدولة بالتحقيق ليس فقط في حالات الوفاة غير القانونية الواضحة، ولكن أيضا في حالة وجود “ادعاءات معقولة بحدوث وفاة يحتمل أن تكون غير مشروعة”. واجب التحقيق ينطبق وإن لم تتلق السلطات شكوى رسمية.

من بين المبادئ الأساسية أنه ينبغي أن يكون لأفراد أسر الضحايا “الحق في التماس المعلومات عن أسباب القتل والحصول عليها، ومعرفة الحقيقة بشأن الملابسات والأحداث والأسباب التي أدت إليه”. كما ينص البروتوكول على أن الحق في معرفة الحقيقة يمتد إلى المجتمع ككل.

استنادًا إلى ما تقدم، تخلص مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان إلى أن الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير تُشكّل جرائم حرب، نظرًا لوقوعها في سياق نزاع مسلح غير دولي واستهدافها أشخاصًا خارج القتال بطريقة غير مشروعة. وتشدد المؤسسة على الحاجة الملحّة إلى تحقيق دولي مستقل يجب أن يفحص أيضًا ما إذا كانت هذه الانتهاكات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، بالنظر إلى أنها قد تشكّل جزءًا من نمط منهجي أو سياسة رسمية للدولة، في ضوء الأدلة المعروضة في هذا التقرير وفي تقارير سابقة، إلى جانب ما توصلت إليه منظمات دولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.

على السلطات المصرية الإفراج عن كافة المعتقلين بلا دليل مادي على ارتكاب جرائم في شمال سيناء، وإجلاء مصير الآلاف من المختفين قسريا الذين تبحث عنهم عائلاتهم، والإغلاق الفوري لكافة مقرات الاحتجاز الغير رسمية. على الدول الداعمة لمصر التوقف عن تصدير السلاح وتقديم المساعدات الأمنية والعسكرية للجيش والشرطة المصريين حتى تتوقف الانتهاكات الخطيرة، وحتى تتم المساءلة عن الانتهاكات التي وقعت

*تدهور صحي للكاتب سيد صابر .. الصحفي خالد ممدوح يعاتب النقابة على قصر مطالبات الإفراج على 19 عضوا

قال المرصد العربي للإعلام اكشف إنه ما زال في السجون المصرية 42 إعلامياً وصحفياً رهن الحبس والسجن، ولا تزال ملاحقة الإعلاميين والصحفيين بالخارج ومنعهم من استخراج أوراقهم الثبوتية مستمرة، في مفارقة كاشفة للبدايات المفترضة التي يجب أن تنطلق من تصفير السجون من سجناء الرأي وبخاصة الصحفيين/ات واحترام حقوقهم ومساحاتهم الدستورية في النقد وممارسة المهنة في الداخل والخارج في إطار الدستور والقانون وتصحيح المسار الحكومي.

آخر التطورات
ورغم تدهور أوضاعه الصحية، استمر حبس الصحفي سيد صابر بسبب “منشورات على فيسبوك”، بقرار الدائرة الثانية إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة المنعقدة في مجمع محاكم بدر، الاثنين 15 سبتمبر 2025، لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم (6499) لسنة 2024.

وقال محامي المركز المصري الذي حضر جلسة تجديد حبس صابر، وطالب بإخلاء سبيله لتدهور حالته الصحية، حيث خضع في 25 أبريل 2025 لعملية جراحية في القلب، نُقل بعدها إلى المركز الطبي بمجمع السجون قبل أن يُعاد إلى محبسه في سجن العاشر من رمضان.

بيان سبتمبر

وطالبت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين بالإفراج عن جميع الزملاء المحبوسين وناشدت السيسي، بالعفو عن الزملاء الصادر بحقهم أحكام، مجددة مطالب النقابة بالإفراج عن جميع المحبوسين على ذمة قضايا الرأي والتعبير، وفي مقدمتهم المحبوسون على ذمة قضايا التضامن مع فلسطين.

وتقدم نقيب الصحفيين، خالد البلشي، بطلبات للسيسي والنائب العام والمجلس القومي لحقوق الإنسان ووزير المجالس النيابية والتواصل السياسي، للعفو عن الزميلين محمد أكسجين وحسين كريم، كما تقدم بقائمة بأسماء أكثر من 19 زميلًا صحفيًا محبوسين احتياطيًا بينهم 14 زميلا تجاوزت فترات حبسهم عامين لمراجعة أوضاعهم والإفراج عنهم.

وضمت القائمة أسماء الزملاء كريم إبراهيم: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 4 سنوات، ومصطفى الخطيب: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 5 سنوات، وأحمد سبيع: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 4 سنوات، وبدر محمد: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 7 سنوات، وحسين كريم: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 4 سنوات، ومحمود سعد دياب: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من عامين، وحمدي مختار الزعيم: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 4 سنوات، وتوفيق غانم: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 3 سنوات، ومحمد سعيد فهمي: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 6 سنوات، ومصطفى محمد سعد: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 5 سنوات، وعبدالله سمير مبارك: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 5 سنوات، ومدحت رمضان: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 4 سنوات، وأحمد الطوخي: محبوس احتياطيًا منذ أكثر من 3 سنوات، وكذلك أسماء كل من الزملاء أشرف عمر وخالد ممدوح وكريم الشاعر وسيد صابر التي تجاوزت فترات حبسهم عاما كاملا.

وطالب نقيب الصحفيين خالد البلشي بمراجعة أوضاع جميع الزملاء، مشيرا إلى أن الزملاء المحبوسين بينهم 14 زميلا تجاوزت فترات حبسهم عامين ووصلت إلى ما يقرب من 7 سنوات وأن الإفراج عنهم صار وجوبيا لاستنفاد الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي المنصوص عليها بالمادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما لا يتعارض مع ما نصت عليه المادة (151) من القانون ذاته.

واعتبر نقيب الصحفيين أن الإفراج عن الزملاء سيمثل رسالة إيجابية في ظل الدعوات المتصاعدة بإصلاح أوضاع الصحافة.

 وأكدت إيمان عوف مقررة لجنة الحريات، أن استمرار حبس الزملاء الصحفيين يؤثر بشكل بالغ على أوضاعهم الصحية والنفسية، ويفرض عليهم وعلى أسرهم معاناة إنسانية مضاعفة، فالزملاء المحبوسون وأبناؤهم يعيشون في حالة من القلق والضياع، مما يهدد استقرارهم النفسي والاجتماعي.

وأوضحت أن مراعاة البعد الإنساني والأسري لهؤلاء الزملاء وأسرهم يجب أن يكون على رأس أولويات الدولة والنقابة.

ورأت أن “الإفراج عن الصحفيين ليس مجرد مطلب نقابي، بل هو الخطوة الأولى والضرورية لفتح حوار حقيقي وبناء حول تطوير المحتوى الصحفي والإعلامي، مضيفة أن تبييض السجون من الصحفيين يمثل أساسًا لأي إصلاح شامل للمنظومة الإعلامية، ويخلق بيئة مناسبة لمناقشة آفاق جديدة للصحافة المصرية تقوم على الحرية والمسئولية.”.

وشددت اللجنة على أن حرية الصحافة حق أساسي، وأن الإفراج عن الزملاء هو التزام قانوني ودستوري يجب العمل على تحقيقه فورًا.

رسالة خالد ممدوح

ونشر “المرصد المصري للصحافة والإعلام – Eojm“، رسالة من الصحفي المحبوس احتياطيًا خالد ممدوح، نقلتها زوجته عبر عن تألمه من البيان الأخير الصادر عن نقابة الصحفيين والذي طالبت فيه بالإفراج عن 19 صحفيًا محبوسين احتياطيًا بينهم 14 تجاوزت مدة حبسهم عامين لقد آلمَني هذا البيان بشدة وزاد من الضغوط النفسية الهائلة التي أعاني منها منذ لحظة احتجازي في يوليو 2024 وحتى الآن وبعد مرور 14 شهرًا.”، وهي إشارة لتجاهل نحو 30 صحفيا آخرين ومنهم ممدوح.

وأضاف “أتعرض أنا وأسرتي لهذه المعاناة وهذا التدمير الذي طال حياتنا حتى هذه اللحظة لا أعرف بشكل واضح لماذا أصبحت محتجزًا في بلدي وما هي التهمة التي يُفترض أنني ارتكبتها.

منذ اليوم الأول لم تتم مواجهتي بأي اتهام محدد كل ما طُلب مني كان أن أتحدث عن حياتي وتاريخي المهني وهو ما فعلته بالفعل لأجد نفسي بعدها معروضًا على نيابة أمن الدولة العليا يوم 21 يوليو 2024 وعندما طلبت من وكيل النيابة معرفة طبيعة الاتهام الموجه إليّ كان رده أنني موجود لأجيب عن الأسئلة وليس لأطرحها لكنه لم يوجه إليّ أي أسئلة حقيقية عندها أدركت عمق الأزمة التي أعيشها وأن العدالة التي كنت أطمح إليها باتت غائبة.

بعد تلك الجلسة شعرت أن الإجراءات كلها شكلية فاخترت أن أمضي وحدي في هذه المرحلة وبعد انتهاء التحقيق طُلب مني التوقيع على محضر دون أن أتمكن من رؤية محتواه بوضوح وبقيت حتى تلك اللحظة غير مدرك لما وُجه إليّ من اتهامات.

بعدها نُقلت إلى سجن أبو زعبل وهناك اكتشفت واقعًا آخر يعيشه كثيرون غيري من فئات وشرائح مختلفة يعيشون جميعًا ظروفًا صعبة للغاية.

ومنذ ذلك الحين تُعقد جلسات وتجديد الحبس عبر الفيديو كونفرانس بشكل دوري حيث يُطلب منا الوقوف أمام الشاشة ويتحدث المحامون مطالبين بإخلاء سبيلنا لكنني لم أشعر بأن هناك تواصلًا حقيقيًا أو فرصة لشرح موقفي.. وخلال كل جلسة كنت أطلب الحديث وأسأل سؤالًا واحدًا يتكرر دائمًا “أنا هنا لماذا؟ وما هي التهمة الموجهة إليّ؟”.. لكن الإجابات التي تصلني كانت متغيرة وغير واضحة فتارة يُقال إنني متهم بالانضمام إلى جماعة محظورة وتارة أخرى يُقال إنني متهم بنشر أخبار غير صحيحة دون أي توضيح رسمي أو دليل قاطع..”.

9 انتهاكات

تواصل السلطات المعنية الانتهاكات الممنهجة ضد بعض الصحفيين/ات في الفترات الأخيرة، دون استجابة للشكاوى المتكررة، ووفق ما أمكن رصده:

1- تواصل وزارة الداخلية، رفض إطلاق سراح المدون والصحفي علاء عبد الفتاح، رغم انتهاء مدته في 29 سبتمبر/آب، الماضي، والذي يمثل نهاية مدة حكمه بالسجن خمس سنوات، فيما تخطط بالمخالفة للقانون لإطلاق سراحه في يناير 2027.

2- يعاني الكاتب الصحفي سيد صابر، من أزمة صحية قاسية، جراء استمرار حبسه في ظروف غير مناسبة رغم العديد من الأمراض التي تلاحقه ومنها أمراض القلب.

3- يعاني الصحفي والإعلامي أحمد سبيع، المحبوس بسجن بدر (3) ، من أزمة صحية مستمرة في القلب، وسط ظروف غير مناسبة لتعافيه، بجانب معاناته من مشاكل كبيرة في الفك، وتآكل في الركبة، ووجود ورم وكيس زلالي خلف الركبة يمنعه من الحركة، أو الوقوف على قدميه

4- يعاني الصحفي “ياسر أبو العلا” من الحبس الانفرادي ومنعه من التريض والزيارات، كما يشتكي من انزلاق غضروفي.

5- تتواصل معاناة الصحفي توفيق غانم (70 سنة) مع استمرار حبسه في ظروف غير مناسبة لسنه ومرضه ، نظرا لإصابته بورم في الكلى، وتضخم في البروستاتا، ومرض السكري، ومشاكل صحية في العظام والأعصاب بسبب تقدم عمره وظروف حبسه غير الإنسانية، وحاجته الماسة إلى تناول الأدوية بشكل يومي تحت رعاية خاصة.

6- يعاني الكاتب الصحفي محمد سعد خطاب، (70سنة) من ظروف حبس غير مناسبة والإهمال الطبي بحقه، رغم أنه مريض قلب وضغط وسكر، وأجرى عددا من العمليات الجراحية في القلب، ما يستلزم رعاية صحية خاصة لا تتناسب مع ظروف حبسه.

7- يعاني الصحفي محمود سعد دياب، المحبوس احتياطيًا بسجن وادي النطرون، من اهمال طبي، رغم أنه مريض سكر، بعدما أصيب بمرض جلدي عبارة عن كتل دم انتشرت في جميع أنحاء جسده نتيجة تلقيه علاجًا خاطئًا داخل السجن، وهذا المرض لا يمكن علاجه داخل السجن، ويحتاج إلى طبيب متخصص ومتابعة لحالة الصحفي باستمرار.

8- يتعرض الصحفي حسين كريم لظروف حبس سيئة في محبسه في سجن بدر (1)، وتعنت من إدارة السجن، وتقليل وقت التريض وأيامه، والتعنت في زيارات ذويه.

9- يعاني الصحفي حمدي مختار “الزعيم”، من ضغوط نفسية صعبة، ويفتقد الرعاية الطبية، رغم أنه يعاني مرض السكر، ومن الانزلاق الغضروفي، وضعف بالنظر ما يستوجب رعاية طبية خاصة لا يجدها في السجن.

*ارتفاعٌ مقلقٌ في حالات الوفاة بالسجون  .. وتدهور خطير في الأوضاع الحقوقية والسياسية خلال أغسطس

كشفت النشرة الدورية لمنظمات تحالف “المادة 55” عن تدهور خطير في الأوضاع الحقوقية والسياسية بظل نظام الانقلاب خلال شهر أغسطس/آب 2025، وركزت على الانتهاكات الجسيمة داخل مقار الاحتجاز والسجون المصرية.

 وقد وثّق التقرير ارتفاعاً مقلقاً في حالات الوفاة داخل السجون، بالإضافة إلى ممارسات ممنهجة من الإهمال الطبي والتعذيب، حيث شهد شهر أغسطس موجة من التطورات التي عمقت الأزمات المتعددة التي تواجهها مصر.

 على الصعيد السياسي، استمر التوتر بسبب الحصار على غزة، ما أثار غضباً شعبياً وتساؤلات حول موقف الحكومة.

 وفي الداخل، أظهرت انتخابات مجلس الشيوخ عزوفاً جماهيرياً غير مسبوق بنسبة مشاركة رسمية لم تتجاوز 17%، ما عكس تراجع ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية، حسب التقرير الصادر اليوم السبت.

اقتصادياً، تصاعدت الانتقادات مع تقارير صحفية أشارت إلى ارتفاع نسبة الفقر إلى نحو 80% من المصريين، وسط غياب حلول حكومية ملموسة.

 كما أثار بدء العمل بقانون الإيجارات الجديد قلقاً واسعاً، في حين زادت تصريحات وزير الري حول “شح مائي قاسٍ” من مخاوف المصريين، طبقاً للتقرير.

وحقوقياً، أشار التقرير إلى استمرار السلطات في نهجها الأمني، حيث جرى استدعاء لينا عطا الله، رئيسة تحرير “مدى مصر”، للتحقيق على خلفية تقرير عن انتهاكات في سجن بدر 3.

كما تواصلت حملات اعتقال صانعي المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.

ورغم الإفراج بكفالة عن الناشطة ماهينور المصري وعدد من الحقوقيين، ظل الآلاف من النشطاء والمعارضين رهن الحبس الاحتياطي لفترات تتجاوز المدد القانونية.

في سياق متصل، أثارت أوضاع السجون قلقاً دولياً، حيث دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك السلطات المصرية إلى إنهاء ممارسة “التدوير” التي تستهدف النشطاء والصحافيين، وهي إعادة اتهام السجناء بقضايا جديدة لمنع الإفراج عنهم.

 كما شهد الشهر تصاعداً في الاحتجاجات المهنية والعمالية؛ بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.

ووثق تحالف “المادة 55” خلال شهر أغسطس/آب 16 حالة وفاة لمعتقلين ومحتجزين داخل السجون وأقسام الشرطة.

 تنوعت أسباب الوفاة بين التعذيب المباشر والإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز.

 كان من بين الضحايا أكاديميون مثل ناجي البرنس، أستاذ طب الأسنان، وعاطف زغلول، بالإضافة إلى شباب ومواطنين آخرين ومحتجز أجنبي.

كما رصد التقرير استمرار التعتيم على أوضاع سجن بدر 3، الذي شهد محاولات انتحار وإضرابات عن الطعام.

وشملت الانتهاكات الأخرى حرمان المعتقلين من حضور جلساتهم، وإصابة الناشطة مروة عرفة بجلطة بسبب الإهمال الطبي.

كما سجّل التقرير إضرابات عن الطعام في سجن أبو زعبل 2، وحملات عقاب جماعي في سجن “تأهيل 6″، فضلاً عن منع دخول الأدوية لمرضى الأمراض المزمنة في سجن المنيا شديد الحراسة.

وأكد تحالف “المادة 55” أن الانتهاكات في السجون المصرية لم تعد حوادث فردية، بل تعكس سياسة ممنهجة للتعامل مع المحتجزين.

 وحذر التحالف من أن غياب المحاسبة يرسخ هذه الممارسات. وطالب التحالف بفتح تحقيق شامل وعاجل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، والالتزام بالمعايير الدولية لمعاملة السجناء بما يضمن حماية حقوقهم وكرامتهم.

وتتسم الأوضاع الحقوقية في مصر منذ سنوات بالانحسار، حيث تواجه المنظمات الحقوقية والنشطاء والصحافيون قيوداً واسعة وحملات اعتقال وملاحقات قضائية.

 ويعيش آلاف المعارضين والناشطين في ظروف حبس احتياطي طويلة من دون محاكمة، وهو ما يعد انتهاكاً للقوانين المحلية والدولية.

 ورغم الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقتها الحكومة في عام 2021، فإن المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، تؤكد أن هذه الاستراتيجية لم تُحدث تحولاً ملموساً في الواقع، وأن الانتهاكات مستمرة، خاصة في أماكن الاحتجاز.

 هذا الواقع يجعل منظمات مثل “المادة 55” حلقة وصل أساسية لرصد الانتهاكات وتوثيقها في ظل غياب الرقابة الحكومية الفعالة.

*السيسي يفتح ذراعيه للسائحين الصهاينة ويحشد 40 ألف جندي لغلق سيناء في وجه النازحين والمصابين الفلسطينيين

رغم الحرب المستمرة على غزة وما تشهده من إبادة ودمار غير مسبوق، كشفت تقارير إعلامية عن ارتفاع أعداد السياح الإسرائيليين المتدفقين إلى سيناء، في مشهد يعكس مفارقة حادة: فبينما تتعرض غزة لأبشع الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين، تستقبل مصر آلاف الإسرائيليين على أرضها، في وقت تحشد فيه قواتها العسكرية على الحدود تحسبًا لأي نزوح فلسطيني جماعي من القطاع. 

تدفق سياحي مثير للجدل
تشير الأرقام إلى أن مصر باتت ضمن قائمة الوجهات المفضلة للسياح الإسرائيليين، خصوصًا في سيناء حيث يفضلون المنتجعات المطلة على البحر الأحمر. هذه الظاهرة تتصاعد عامًا بعد عام، لكن حضورها الآن يثير جدلًا واسعًا نظرًا للتوقيت الحساس الذي تمر به المنطقة. فبينما يتعرض الفلسطينيون في غزة لمجازر متواصلة، يظهر المشهد في سيناء وكأن الأوضاع طبيعية، بما يوحي بوجود فصل بين ما يجري من جرائم وما يُفتح من أبواب سياحية.
https://www.facebook.com/watch/?v=1269899594550048 

سيناء.. وجهة مفضلة للإسرائيليين
منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، ظلت سيناء مقصدًا رئيسيًا للسياحة الإسرائيلية، خصوصًا في فترات الأعياد اليهودية. ويستغل كثير من الإسرائيليين سهولة العبور عبر معبر طابا إلى مدن مثل دهب وشرم الشيخ ونويبع. ويرى خبراء أن هذا التدفق ليس مجرد نشاط اقتصادي، بل يحمل أبعادًا سياسية وأمنية، إذ يعكس قبولًا ضمنيًا بوجود الإسرائيليين في مصر رغم حالة الغضب الشعبي العارم تجاه سياسات الاحتلال. 

مفارقة بين الضحايا والاستقبال
يتزامن هذا التدفق السياحي مع تقارير تفيد باستعداد الجيش المصري لنشر ما بين 30 و40 ألف جندي في مناطق متاخمة للحدود مع غزة، تحسبًا لاحتمال نزوح جماعي للفلسطينيين تحت وطأة القصف الإسرائيلي. هذا المشهد يخلق تناقضًا صارخًا: من جهة، مصر تستعد عسكريًا لصد تدفقات الجرحى والجوعى والمشردين الفلسطينيين، ومن جهة أخرى تفتح حدودها لاستقبال سياح إسرائيليين يستمتعون على شواطئ سيناء، في صورة تثير غضبًا واسعًا على المستويين الشعبي والإقليمي. 

تهديدات أمنية متصاعدة
الخبير الأمني سامح عيد يرى أن تدفق السياح الإسرائيليين في هذا التوقيت يضاعف من المخاطر الأمنية، خاصة أن سيناء لم تتعافَ بالكامل من تهديدات التنظيمات المسلحة. ويؤكد أن وجود أعداد كبيرة من الإسرائيليين قد يجعل المنطقة هدفًا لأي هجوم إرهابي محتمل، ما يضع السلطات المصرية في مأزق أمني كبير. كما يشير إلى أن حالة الاحتقان الشعبي قد تُترجم في شكل توتر اجتماعي أو احتجاجات، خصوصًا مع تزايد الإدراك بأن الحكومة تمنح الإسرائيليين أولوية دخول بينما يُضيّق على الفلسطينيين. 

البعد السياسي للتطبيع السياحي
يرى المحلل السياسي حسن نافعة أن استمرار استقبال السياح الإسرائيليين في ظل ما يجري في غزة لا يمكن فصله عن مسار التطبيع الاقتصادي الذي تمضي فيه بعض الدول العربية. فالسياحة، في النهاية، ليست نشاطًا بريئًا بل هي أداة سياسية تستخدمها إسرائيل لتكريس فكرة “العلاقات الطبيعية” مع محيطها العربي، حتى في لحظات ارتكابها جرائم حرب. ويضيف أن هذا السلوك يبعث برسائل سلبية للشعوب، مفادها أن مصالح الاقتصاد تتقدم على حساب التضامن مع القضية الفلسطينية. 

انعكاسات شعبية
على المستوى الشعبي، يتصاعد الغضب في مصر والعالم العربي إزاء هذا التناقض. فبينما تتدفق صور المجازر والدمار من غزة، يتابع المواطنون أخبار السياح الإسرائيليين الذين يقضون عطلاتهم في شرم الشيخ ودهب. هذا المشهد يُفسر من قبل كثيرين على أنه شكل من أشكال “التطبيع غير المعلن”، ويثير أسئلة عن مدى التزام الدولة بدورها التاريخي في الدفاع عن القضية الفلسطينية. 

مخاوف على صورة مصر
الخبير الاقتصادي محمود عبد الفضيل يحذر من أن المكاسب المالية قصيرة المدى من السياحة الإسرائيلية قد تنعكس سلبيًا على صورة مصر في العالم العربي. فبينما تسعى الدولة لتقديم نفسها كوسيط محايد أو داعم للقضية الفلسطينية، فإن استقبال الإسرائيليين على أراضيها بالتزامن مع المجازر قد يضر بسمعتها ويضعف من مكانتها السياسية والإقليمية.

التدفق السياحي الإسرائيلي إلى سيناء في هذا التوقيت الحساس يطرح أسئلة صعبة: هل يمكن لمصر أن تفصل بين دورها كدولة تستقبل السياح وبين التزاماتها القومية تجاه فلسطين؟ وهل تستطيع أن تحافظ على أمنها القومي وسط هذا التناقض بين الاستعداد لصد نزوح الفلسطينيين وبين استقبال الإسرائيليين على شواطئها؟

*وزير الري الأسبق: الملء الكامل لسد النهضة يهدد السودان بفيضانات جسيمة ويعرض مصر لأزمة مائية خانقة

حذر وزير الري المصري الأسبق محمد نصر علام من أن قيام إثيوبيا بملء سد النهضة بالكامل وتشغيل مفيض الطوارئ دون مبرر يشكل خطراً بالغاً على السودان، ويهدد مصر بتقلص حصتها من مياه النيل خاصة في سنوات الجفاف المنخفضة المتوقعة ابتداءً من العام المقبل.

هذا التحذير الجديد يعيد إلى الواجهة واحدة من أخطر الأزمات التي تواجه الأمن القومي المصري، وسط انتقادات حادة للسلطة الحالية التي فرّطت، وفق مراقبين، في حقوق البلاد المائية عبر اتفاقيات هشّة لم تحمِ حصتها التاريخية. 

صمت رسمي يقابله قلق شعبي
بينما يطلق الخبراء تحذيرات متكررة من التداعيات الكارثية لسد النهضة، يلتزم النظام المصري صمتاً مريباً، مكتفياً بخطابات دبلوماسية فضفاضة لا تحمل أي آليات ضغط حقيقية على أديس أبابا.

منذ توقيع اتفاق إعلان المبادئ عام 2015 الذي باركه عبد الفتاح السيسي، لم تنجح القاهرة في انتزاع ضمانات ملزمة لملء وتشغيل السد.
بل إن إثيوبيا مضت قدماً في بناء السد وملئه على مراحل، وسط اعتراضات شكلية من الجانب المصري لم تتجاوز التصريحات الإعلامية.

هذا الغياب لأي تحرك فاعل يثير تساؤلات الرأي العام: هل استسلمت مصر للأمر الواقع؟ وهل أصبح مستقبل أمنها المائي رهينة للقرارات الإثيوبية؟ 

آثار مباشرة على السودان ومصر
تحذير علام ركّز على أن السودان سيكون أول المتضررين من تشغيل مفيض الطوارئ دون مبرر، إذ يعرضه ذلك لفيضانات مفاجئة وتدمير البنية التحتية المائية.

أما بالنسبة لمصر، فإن المخاطر تتركز في تقلص حصتها من المياه، خصوصاً خلال سنوات الجفاف المتتابعة.
ومع دخول مرحلة تغير مناخي عالمي، قد تجد البلاد نفسها أمام نقص حاد في الإمدادات المائية يهدد الزراعة ومصادر الشرب والصناعة على السواء.

التقديرات الأولية تشير إلى أن كل مليار متر مكعب من المياه المفقودة يعادل فقدان عشرات آلاف الأفدنة الزراعية.
ومع وجود أكثر من 100 مليون مواطن يعتمدون بنسبة تزيد على 95% على مياه النيل، فإن أي نقص ولو طفيف ستكون له انعكاسات اجتماعية واقتصادية جسيمة. 

تفريط السيسي في الحقوق التاريخية
الانتقادات الموجهة للسيسي لا تتوقف عند سوء إدارة الملف، بل تمتد إلى ما يصفه مراقبون بـ”التفريط المتعمد”.
فبتوقيعه على اتفاق 2015، منح أديس أبابا شرعية قانونية لم تكن تملكها من قبل، إذ اعترفت مصر لأول مرة بحق إثيوبيا في بناء السد دون اشتراطات واضحة للحفاظ على حصتها المائية.

منذ ذلك التاريخ، استثمرت إثيوبيا الوقت في البناء والتخزين، بينما اكتفت القاهرة بالتصريحات والمناورات الشكلية.
وبحسب خبراء قانونيين، كان يمكن لمصر التمسك بالاتفاقيات الدولية التي تضمن لها حصة ثابتة من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب سنوياً)، لكن النظام فضّل سياسة “التنازلات” تحت لافتة التعاون المشترك. 

أزمات متفاقمة للمزارعين والمستهلكين
على الأرض، يدرك المصريون التداعيات المباشرة لنقص المياه. المزارعون يعانون بالفعل من تراجع مناسيب الري، ما يدفعهم للاعتماد المتزايد على المياه الجوفية والآبار بتكلفة أعلى.
كما تتقلص مساحات زراعة المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والأرز، وهو ما يفاقم أزمة الأمن الغذائي.

في المدن، يواجه المواطنون انقطاعات متكررة أو ضعفاً في إمدادات المياه، بينما تتضاعف فواتير الكهرباء والمياه مع تزايد الاعتماد على محطات التحلية المكلفة.
كل هذه الأوضاع تجعل من ملف سد النهضة قضية حياة أو موت، لا مجرد ملف تفاوضي كما تصوره السلطة. 

خبراء: لا وقت للمناورات
يرى عدد من الخبراء أن تصريحات علام يجب أن تكون جرس إنذار أخيراً قبل الدخول في مرحلة اللاعودة.
فالمسألة لم تعد تحتمل الانتظار أو الرهان على المفاوضات العبثية.
المطلوب، بحسب هؤلاء، هو تحرك دبلوماسي صارم مدعوم بخيارات ضغط حقيقية، تشمل اللجوء إلى مجلس الأمن، وتفعيل التحالفات الإقليمية، بل واستخدام أوراق الضغط الاقتصادية والتجارية ضد أديس أبابا.

لكن في ظل السياسات الحالية التي يصفها منتقدون بـ”الانهزامية”، يظل هذا التحرك بعيد المنال. فالنظام، كما يقولون، مشغول بصفقات الغاز والديون الخليجية أكثر من انشغاله بأمن مصر المائي.

وفي الأخير فتصريحات وزير الري الأسبق محمد نصر علام أعادت تذكير المصريين بحقيقة قديمة: أن النيل هو شريان الحياة الوحيد للبلاد. غير أن التفريط الذي مارسه السيسي وحكومته في هذا الملف يجعل مصر اليوم تواجه أخطر تهديد وجودي منذ عقود.

وفي ظل غياب إرادة سياسية حقيقية للدفاع عن الحقوق التاريخية، يبقى شبح العطش يطارد الملايين، فيما يواصل النظام إنكار الكارثة أو ترحيلها إلى الغد.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: من يحاسب من تجرأ على توقيع وثيقة فرّطت في النيل، ومن يضمن ألا يدفع الشعب المصري الثمن الأكبر من حياته ولقمة عيشه؟

*السيسي يرد قانون الإجراءات الجنائية: مناورة سياسية تحت الضغوط الدولية والداخلية

بعد خمسة أشهر من موافقة برلمان الانقلاب على قانون الإجراءات الجنائية المثير للجدل، اضطرالمنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي إلى إعادته لمجلس النواب، في خطوة تعكس حجم الضغوط التي واجهها النظام سواء على الصعيد الدولي أو من داخل مصر، وسط اعتراضات واسعة من النقابات المهنية والحقوقيين، واتهامات بأن القانون يكرس لانتهاك الحقوق والحريات بدلًا من ضمان العدالة.

انتقادات دولية متصاعدة

القانون، الذي منح النيابة العامة صلاحيات واسعة في الحبس الاحتياطي والحجز لدى الشرطة، وأقر المحاكمات عن بعد دون ضمانات كافية، أثار انتقادات أممية حادة. فقد أعربت لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة في مايو الماضي عن قلقها من إصرار النظام المصري على تمرير تشريع يقنن محاكمات استثنائية ويفتح الباب لمزيد من التعسف ضد المتهمين، مشيرة إلى استمرار صلاحيات رئيس الجمهورية الاستثنائية رغم وقف حالة الطوارئ شكليًا.

كما وجّه سبعة من المقررين الخواص في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة رسالة مباشرة للقاهرة، حذروا فيها من أن القانون الجديد سيطيح بحقوق المواطنين كافة، سواء كانوا متهمين أو ضحايا أو حتى شهودًا ومدافعين عن حقوق الإنسان.

معارضة داخلية تم تجاهلها

لم يكن الرفض مقتصرًا على الخارج، بل واجه القانون رفضًا واسعًا من نقابتي المحامين والصحفيين، إضافة إلى مراكز حقوقية بارزة كالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمركز العربي لاستقلال القضاء. النقابات والحقوقيون حذروا من أن النصوص المقترحة تهدد منظومة العدالة وتفتح الباب للتعسف الأمني، كما اعترضوا على إدخال إجراءات مثل الأسورة الإلكترونية، الغرامات الجديدة، والتحفظ على الأموال بقرارات تقديرية.

ورغم هذه المعارضة، أصر برلمان الانقلاب في أبريل الماضي على تمرير القانون متجاهلًا التحفظات، في انعكاس لوظيفته كأداة لتمرير قرارات السلطة لا لممارسة رقابة حقيقية. 

مناورة السيسي: إعادة لامتصاص الغضب لا لحماية الحقوق

ورغم تبريرات الرئاسة بأن الإعادة جاءت لـ”تحقيق المزيد من الضمانات” و”إزالة الغموض”، إلا أن القراءة السياسية تكشف أن السيسي لم يعد أمامه إلا التراجع التكتيكي، بعد أن تكبد النظام تكلفة سياسية وحقوقية عالية داخليًا وخارجيًا. فالانتقادات الأممية وتنامي الأصوات الحقوقية في الداخل، إضافة إلى خشية النظام من إثارة ملفات التعذيب والمحاكمات الاستثنائية في المحافل الدولية، دفعت السيسي لإظهار نفسه كمن يستجيب لـ”المناشدات”، بينما الهدف الحقيقي هو كسب الوقت وإعادة ترتيب المشهد بما يضمن استمرار السيطرة الأمنية دون فضائح مكشوفة.

استغلال سياسي ورسائل للخارج

إعادة القانون لا تعني تغيير النهج السلطوي، بل على العكس، هي محاولة من السيسي لتقديم أوراق اعتماد جديدة للغرب والمؤسسات الدولية، خاصة في ظل حاجته المستمرة للدعم المالي والسياسي. فهو يريد أن يظهر بمظهر الحاكم “المستجيب” لانتقادات المجتمع الدولي، بينما يحتفظ جوهر القانون بذات الصلاحيات القمعية التي توسع يد الأجهزة الأمنية. 

ليس انتصارًا للمعارضة الداخلية

رد السيسي لقانون الإجراءات الجنائية ليس انتصارًا للمعارضة الداخلية ولا استجابة حقيقية للضغوط الأممية، بل مجرد مناورة سياسية هدفها امتصاص الغضب وإعادة تدوير القانون بصياغة أقل فجاجة. جوهر المشروع، القائم على تكريس سلطة النيابة والأجهزة الأمنية على حساب الحقوق والحريات، سيظل قائمًا ما دام النظام يتعامل مع العدالة كأداة للسيطرة لا كضمانة للمواطن.

*وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحافيين بالقاهرة تطالب بإنهاء اتفاقية كامب ديفيد

تجمّع عشرات من الصحافيين والنشطاء المدنيين وأعضاء من القوى السياسية المصرية، على سلم نقابة الصحافيين في القاهرة، في وقفة احتجاجية للتضامن مع الشعب الفلسطيني والمطالبة بإنهاء اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1978، وذلك في خضم الحرب المتصاعدة على قطاع غزة.

هتافات مناهضة للتطبيع

رفع المشاركون أعلام فلسطين ولافتات منددة بما وصفوه بـ”حرب الإبادة الصهيونية”، ورددوا هتافات من أبرزها:

  • افتحوا معبر رفح.. إن الكيل قد طفح”.
  • المقاومة هي الحل.. ضدك الغاصب والمحتل”.
  • المقاومة مش إرهاب.. حماس مش إرهاب.. إسرائيل هي الإرهاب”.
  • لا تفريط ولا تطبيع.. أرض ولادنا مش للبيع”.

كما هاجموا استمرار حصار غزة، معتبرين التطبيع مع الاحتلال “خيانة للأرض والقضية”.

بيان: كامب ديفيد السبب المباشر للتدهور العربي

وأكد المحتجون في بيان صحافي، وُقّع قبل أيام من الوقفة، أن اتفاقية كامب ديفيد التي أُبرمت في 17 سبتمبر/ أيلول 1978 لم تفشل فقط في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل قوضت وحدة الموقف العربي. وأضاف البيان أن “حرب الإبادة والتجويع في غزة، إضافة إلى التحليق الجوي الإسرائيلي فوق عواصم عربية، هي إحدى النتائج المباشرة لهذه الاتفاقية”.

مطالب موجهة للسلطات المصرية

تضمّن البيان عدة مطالب أبرزها:

  • الإلغاء الفوري لمعاهدة كامب ديفيد ووقف جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل، خاصة التجاري والسياحي.
  • انضمام مصر إلى الدعاوى القضائية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.
  • الإفراج عن المحتجزين المصريين على خلفية قضايا التضامن مع فلسطين.
  • السماح للوفود المهنية مثل الصحافيين والأطباء بالعبور إلى غزة عبر معبر رفح.
  • إطلاق ما وصفوه بـ”أسطول الصمود المصري” لكسر الحصار عن القطاع.

تظاهرات متصاعدة في مصر

وتُعد هذه الوقفة الاحتجاجية امتدادًا لسلسلة من التظاهرات التي شهدتها مصر خلال الأسابيع الأخيرة، تعكس تصاعد الغضب الشعبي تجاه الحرب في غزة وتداعياتها على الوضع الإقليمي والعربي.

*مصر تعدل بيان الاستنفار العسكري في سيناء لتؤكد التزامها بالاتفاق مع إسرائيل!

قامت الهيئة العامة للاستعلامات وهي جهاز تابع مباشرة لرئاسة الجمهورية، بسحب بيانها الأول القوي وشديد اللهجة، بشأن ما يجري في سيناء وأنزلت بدلا منه بيانا وديعا مهذبا يؤكد التزام مصر بمعاهدتها مع إسرائيل

فقد حذفت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، السبت، بياناً، أصدرته في اليوم نفسه، حول الوجود العسكري المصري في سيناء، ردّاً على تقارير إعلامية أميركية وإسرائيلية نقلت اتهام إسرائيل مصر بتكثيف وجودها العسكري وتخزين أسلحة في سيناء بشكل يخالف اتفاقية كامب ديفيد

وجرى استبدال البيان سريعاً بآخر أكثر هدوءاً، ما أثار عاصفة من التساؤلات والانتقادات.

فبينما رآه بعض المراقبين خطوة ضرورية لتجنب التصعيد، اعتبره آخرون انكشافاً لهواجس النظام من غضب أميركي أو ضغوط إسرائيلية، وإشارة إلى أن القاهرة، رغم حديثها المتكرر عن “الخطوط الحمراء”، لا تزال أسيرة حسابات دقيقة تتعلق بمعاهدات السلام وبالعلاقات مع واشنطن.

وكان موقع “أكسيوس” الأميركي كشف، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قدّم لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال لقائهما في القدس يوم الاثنين الماضي، قائمة بما زعم أنها أنشطة مصر في سيناء.

وقال مسؤول أميركي ومسؤولان إسرائيليان لـ”أكسيوس” إن نتنياهو طلب من إدارة الرئيس دونالد ترامب الضغط على مصر لتقليص الحشد العسكري في شبه جزيرة سيناء، مضيفين أنه اعتبر ذلك بمثابة انتهاكات جوهرية من جانب مصر لاتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل في عام 1979.

وزعم مسؤولان إسرائيليان أن الجيش المصري يقوم بإنشاء بنية تحتية عسكرية يمكن استخدام بعضها لأغراض هجومية في مناطق لا يسمح فيها بموجب الاتفاقية بحمل أسلحة ثقيلة.

بيانان للرد على تحشيد سيناء

اتسم البيان المصري الأول بلغة غير معهودة في الخطاب الرسمي المصري، في حين أن البيان الثاني كان أكثر دبلوماسية.

البيان المصري الأول الذي سُحب بعد ساعات قليلة من نشره، اتسم بلغة غير معهودة في الخطاب الرسمي المصري فقد وصف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها “حرب إبادة شرسة”، مؤكّداً أن قربها من الحدود المصرية يفرض على الجيش حالة “تأهب وتحسب” قصوى.

كما حمل لهجة هجومية ردّاً على اتهامات نتنياهو، وفق المصادر، بأن الحشد العسكري المصري “انتهاك جوهري” لمعاهدة السلام.

لكن البيان الثاني الذي حلّ محله بدا أكثر دبلوماسية، إذ أزيلت منه عبارة “حرب الإبادة”، واستُبدلت بعبارةتوسيع العمليات العسكرية في غزة”.

وأعيد تعريف وجود القوات المصرية في سيناء بأنه يتم “في إطار التنسيق المسبق مع أطراف معاهدة السلام”، بما يعني التزام القاهرة الرسمي بالاتفاق.

كما شدّد البيان على قدرة الجيش المصري على “حماية حدوده بكفاءة وانضباط”، في لهجة دفاعية أكثر منها هجومية.

وأكدت الهيئة أن القوات المصرية الموجودة في سيناء “تستهدف في الأصل تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب، وفي إطار التنسيق المسبق مع أطراف معاهدة السلام، التي تحرص مصر تماماً على استمرارها، في ظل أنها على مدار تاريخها لم تخرق معاهدة أو اتفاقاً”.

وجدّدت “رفض مصر توسيع العمليات العسكرية في غزة وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم”، وأكدت “مساندة القاهرة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وفق حل الدولتين، على أراضي الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية

ويذهب منتقدون إلى أن التراجع في اللغة، من وصف العمليات الإسرائيلية بأنها “حرب إبادة شرسة” إلى الحديث عن “توسيع العمليات العسكرية في غزة”، يمثل “تخلياً عن وضوح طال انتظاره”.

فبالنسبة لهم، لا يمكن لمصر التي دفعت ثمناً تاريخياً في التزامها باتفاقية كامب ديفيد أن تكتفي بردّ بارد وموزون بينما الإبادة تجري على حدودها الشرقية.

ويدافع آخرون عن الخطوة معتبرين أن حذف البيان الأول لم يكن تراجعاً عن الثوابت، بل تصحيحاً لانفعال غير محسوب، فـ”اللغة الحادة”، كما يقول مراقبون، قد تخدم التعبئة الشعبية، لكنها “تضرّ بقدرة مصر على الوساطة”، وتفتح الباب أمام مواجهات لفظية تستفيد منها إسرائيل أكثر مما تضرّها.

والبيان المعدل وفق هذا التفسير جاء ليعيد التوازن والتأكيد على رفض التهجير واعتبار القضية الفلسطينية “خطاً أحمر”، وفي الوقت نفسه، تطمين الشركاء الدوليين بأن القاهرة ما زالت متمسكة بالاتفاقيات الدولية.

أدوات ضغط ومحددات للعلاقة

وقال السفير عبد الله الأشعل، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، لصحيفة العربي الجديد في أن مصر بوسعها اتخاذ قرارات سياسية وميدانية من شأنها أن تُشكّل ضغطاً على إسرائيل وتجبرها على التراجع عن خطواتها

لكنه يستدرك بأن القرار المصري “مرتبط بمحددات عدة تتعلق بالعلاقات المصرية الإسرائيلية، وكذلك بالعلاقات مع الولايات المتحدة”.

ويشير الأشعل إلى أن من أبرز القرارات التي يمكن أن تتخذها مصر، في حال توفرت الإرادة السياسية، “سحب الاعتراف بإسرائيل، وتجميد اتفاقية كامب ديفيد، وقطع العلاقات التجارية والسياسية معها”، لافتاً إلى أن “مصر تملك الكثير من أدوات الضغط، لكن لا توجد إرادة لتنفيذ ذلك حتى الآن

ويعتبر السفير رخا أحمد حسن، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، لـ”العربي الجديد”، أن موقف مصر الرافض تهجيرَ الفلسطينيين من قطاع غزة، سواء إلى مصر أو إلى أي مكان آخر، هو موقف قاطع لا يقبل الجدل، مشيراً إلى أن القاهرة حذرت مراراً من أن هذا الأمرخط أحمر

أما السفير حسين هريدي، المساعد السابق لوزير الخارجية، فيقول لـ”العربي الجديد” أن التحركات البرّية الإسرائيلية تهدف أيضاً إلى إحاطة مصر بأمر واقع قد يفرض على القاهرة مواجهة تداعيات إنسانية وسياسية كبيرة

مشيراً إلى أن هذا السيناريو قد يضع مصر أمام خيارات صعبة ومتعددة للتعامل مع موجات نزوح واسعة، قد تصل أعدادها إلى آلاف الفلسطينيين متجهين نحو شبه جزيرة سيناء.

وبرأي هريدي، فإن مثل هذا التطور لن يقتصر أثره على البعد الإنساني فحسب، بل سيمتد إلى أبعاد سياسية وأمنية وإقليمية تتطلب من القاهرة تنسيقاً داخلياً ودولياً عاجلاً للتعامل مع تبعاته.

*عزة نفس في مواجهة الشدائد أسر المعتقلين تحت وطأة الضغوط الاقتصادية مع بدء العام الدراسي

مع  افتتاح المدارس والجامعات ، تتزايد الضغوط على الأسر المصرية لتأمين مستلزمات الدراسة، من زي مدرسي وكتب وأدوات تعليمية، إلى مصروفات دراسية تصل إلى مبالغ باهظة، لنحو 30 مليون طالب. ولكن هذه الضغوط تصبح مضاعفة بالنسبة لأسر المعتقلين، الذين يواجهون الحرمان الكامل من معيلهم، في ظل تجفيف مصادر الدعم الشعبي وتراجع الحاضنة المجتمعية التي كانت تتلمس حاجاتهم.

عزة نفس في مواجهة الشدائد

تروي “أم محمد”، زوجة معتقل منذ أكثر من 12 عامًا: “قبل العام الدراسي تبدأ المدارس الحكومية بمواصفات صارمة للزي، يصل سعر القميص والبنطلون إلى 400–600 جنيه، ونحو 800 جنيه للمرحلة الثانوية. مع أولادي الأربعة وأحفادي، نضطر لشراء ملابس مدرسية تصل تكلفة كل طفل بين 1000 و2000 جنيه، دون احتساب مصروفات الجامعة والدروس الخصوصية التي تتراوح 500–600 جنيه لكل مادة شهريًا”.

وتضيف: “على الرغم من الحاجة الماسة، تمنعنا عزة النفس من طلب المساعدة، فنضطر أنا وابنتاي للعمل لتوفير الحد الأدنى، مع تكاليف الزيارات المتكررة إلى ثلاثة سجون مختلفة كل شهر”.

هروب الحاضنة الشعبية وتراجع الدعم 

يوضح أحد القائمين سابقًا على دعم أسر المعتقلين (ع. س) أن “الوضع كارثي؛ أغلب من كانوا يمدون يد العون اضطروا للابتعاد خوفًا من الاعتقال أو المخاطر الأمنية، وأغلق الكثيرون أبواب المساعدات بعد تعرض بعضهم للاختطاف أو الاعتقال”.

ويشير إلى أن “الأسر فقدت كل مصدر للدعم في الأزمات الصحية أو في تكاليف الزواج والتعليم، ولم يعد هناك من يتدخل إلا بشكل محدود خلال الأعياد”.

العبء يتجدد مع كل عام دراسي

 (م. ع)، ناشط في دعم المعتقلين، يؤكد أن “كل عام دراسي جديد يعني ضغوطًا مضاعفة على أسر المعتقلين، خاصة مع ارتفاع المصروفات الدراسية، وتكاليف الدروس الخصوصية، والزي المدرسي، وغياب الأب، مما يحول الأسرة إلى عبء في غياب الحاضنة الشعبية إلا من جهود فردية لا تكفي حد الكفاف”.

ويشير إلى أن “بعض الأسر تعتمد على التضامن المحلي، مثل تبادل الملابس المستعملة والكتب، لكن هذا لا يعوض نقص الموارد والدعم”.

نتائج كفاح الأسر رغم الشدائد

رغم هذه الظروف القاسية، يبرز التميز الأكاديمي لأبناء المعتقلين، إذ يتفوق معظمهم في المدارس والجامعات، نتيجة صبر وإصرار أمهاتهم وزوجاتهم. كما أطلقت مؤسسات حقوقية مثل “جوار” حملات دعم مثل “كراسة وقلم”، لتخفيف الضغوط عن هؤلاء الطلاب، لكن تأثيرها محدود مقارنة بحجم الاحتياجات.

حلول ممكنة تتطلب إرادة مجتمعية

ترى الناشطة أسماء مهاب أن “الحلول بسيطة لكنها تحتاج إرادة جماعية، من حملات جمع الكتب المستعملة ودعم الزي المدرسي سرًا، إلى توفير استشارات نفسية للأطفال والأمهات”.

وتختتم مهاب بالقول: “أزمة أسر المعتقلين ليست مجرد مشهد إنساني عابر، بل اختبار حقيقي لقيم المجتمع. التعليم حق للأطفال، والحرمان منه بسبب غياب الأب أو قمع الحريات مسؤولية المجتمع كله، وليس أقل ما يمكن فعله إلا إعادة إحياء ثقافة التكاتف والتضامن”.

عن Admin