

نظام السيسي يعلن خيانته لدماء الفلسطينيين وموافقته على نزع سلاح حماس ونشر قوة دولية بغزة .. الخميس 25 سبتمبر 2025م.. جون السيسي طلع “أوفسايد” فشنك وصفقة الغاز مع الصهاينة وبال على مصر
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
*ظهور الصحفي إسماعيل الإسكندراني بعد توقيفه بكمين في مطروح وحبسه 15 يومًا
اعتقلت قوات الأمن الباحث والصحفي المعروف إسماعيل الإسكندراني عند نقطة تفتيش في محافظة مطروح يوم الأربعاء، ثم نقلته إلى نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة. ويُعَدّ الإسكندراني من أبرز الخبراء في النزاع الدائر بسيناء وقضايا الفئات المهمشة هناك، وقد قضى سبع سنوات في السجن بين عامي 2015 و2022، وهو اعتقال وصفته منظمات حقوقية بالتعسفي نتيجة عمله في تغطية أوضاع شبه الجزيرة التي صنفها الجيش منطقة حرب لعقد كامل تقريبًا.
مسيرة صحفية وبحثية دفعت ثمنها
وكان الإسكندراني قد نشر تدوينة على صفحته الشخصية أشار فيها إلى تعرضه للتوقيف على أحد الكمائن بطريق مرسى مطروح، قبل أن تُغلق جميع هواتفه وتنقطع الاتصالات به. وذكر المحامي الحقوقي خالد علي، عبر صفحته على “فيسبوك”، أن “إسماعيل الإسكندراني كان في سيوة، وأثناء عودته تم توقيفه في كمين بمطروح منذ نحو ثماني ساعات. كتب بنفسه أنه أُوقف، ثم أُغلقت هواتفه، ولم يُفلح أحد في التواصل معه منذ ذلك الحين.”
ويُعد إسماعيل الإسكندراني كاتبًا وصحفيًا استقصائيًا وباحثًا في الشؤون الاجتماعية والسياسية، نال عدة جوائز عن أعماله. أُفرج عنه في ديسمبر 2022 بعد سبع سنوات من السجن، عقب حكم صادر عن محكمة عسكرية قضى بسجنه عشر سنوات، أُدين خلالها بتهم شملت “تسريب أسرار عسكرية” و”الانتماء إلى جماعة إرهابية”، وهي التهم التي أيدتها المحكمة العسكرية في ديسمبر 2018.
سبق أن تعاون الإسكندراني مع مؤسسات بحثية عدة، من بينها “المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” و”مبادرة الإصلاح العربي”، وذاع صيته بتحقيقاته حول الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء.
ذكرت ميدل إيست آي أن السلطات المصرية أعادت اعتقال الإسكندراني بعد يومين فقط من الإفراج عن الناشط البارز علاء عبد الفتاح بقرار رئاسي. وأكد حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن الباحث ظهر أمام نيابة أمن الدولة وطلب حضور محامٍ للدفاع عنه. بينما أوضح المحامي الحقوقي خالد علي أن الإسكندراني تعرض للإيقاف أثناء عودته من سيوة عبر مطروح، وكتب بنفسه منشورًا على فيسبوك قال فيه إنه أُوقف عند حاجز أمني قرب مرسى مطروح، قبل أن تنقطع الاتصالات به ويُغلق هاتفه، مما أثار قلق أسرته وأصدقائه ومئات المتابعين له. لاحقًا أعلنت منظمات حقوقية نقله من مطروح إلى القاهرة لعرضه على النيابة.
أثار غياب الإسكندراني المفاجئ مخاوف واسعة نظرًا لتجربته السابقة كمعتقل سياسي. فقد اعتقلت السلطات الباحث أول مرة في نوفمبر 2015 فور وصوله إلى مطار الغردقة قادمًا من برلين، حيث كان يُحضّر أطروحته للماجستير في الأديان المقارنة. ووجهت له النيابة العسكرية تهمًا شملت “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”، وهي اتهامات اعتادت الحكومة استخدامها ضد معارضيها. وأصدرت المحكمة العسكرية في مايو 2018 حكمًا بسجنه عشر سنوات، قبل أن تخفف العقوبة في الاستئناف إلى سبع سنوات.
أفرجت السلطات عن الإسكندراني في ديسمبر 2022 بعد أن أنهى مدة العقوبة كاملة. نقلته آنذاك من سجن بدر إلى الإسكندرية، واحتجزته لفترة قصيرة في قسم شرطة المنتزه 2، ثم أطلقت سراحه. أدانت منظمات دولية كمنظمة العفو الدولية هذا السجن المطوّل، واعتبرت القضية مسيّسة تهدف إلى إسكات أصوات الباحثين المستقلين.
منذ الإفراج عنه، عاد الإسكندراني إلى الكتابة والبحث، وتناول قبل أيام فقط قضية صيادين احتجزتهم السلطات بدعوى دخولهم مناطق عسكرية من دون تصاريح. وجاء اعتقاله الجديد ليؤكد استمرار سياسة السلطات المصرية في ملاحقة الأصوات المستقلة، بحسب الحقوقيين.
يشير ناشطون إلى أن واقعة الإسكندراني جزء من نمط أوسع، إذ تتهم منظمات حقوقية حكومة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي باحتجاز ما لا يقل عن 60 ألف سجين سياسي منذ وصوله إلى الحكم عقب انقلاب 2013. وتشمل هذه الأعداد صحفيين وسياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، ما يعكس حالة القمع الممتدة في البلاد.
يرى مراقبون أن توقيت إعادة اعتقال الإسكندراني بعد الإفراج عن علاء عبد الفتاح يحمل رسائل متناقضة: فمن جهة تسعى السلطة إلى إظهار مرونة أمام الضغوط الدولية عبر إصدار قرارات عفو، ومن جهة أخرى تؤكد استمرارها في تكميم المعارضين الجدد أو القدامى. ويعتبر حقوقيون أن مثل هذه السياسات تزيد من عزلة النظام داخليًا وخارجيًا، في ظل انتقادات متصاعدة من منظمات حقوقية دولية لحجم الاعتقالات والانتهاكات.
هكذا يظل اعتقال الإسكندراني، الذي كرس سنوات بحثه لفهم تعقيدات سيناء وهموم سكانها، مؤشرًا على الضيق الذي تواجهه الأصوات المستقلة في مصر، ورسالة واضحة بأن مجال الحريات لا يزال محاصرًا رغم الوعود الرسمية بالإصلاح والانفتاح.
* تأجيل محاكمة محمد القصاص «الرابعة» إلى ديسمبر
أجّلت الدائرة الأولى في محكمة جنايات الإرهاب، أمس، نظر القضية رقم 977 لسنة 2017 حصر أمن دولة، المتهم فيها نائب رئيس حزب مصر القوية، محمد القصاص، وذلك إلى جلسة 7 ديسمبر، للاطلاع والحصول على صورة من أوراق القضية، حسبما أفاد المحامي مختار منير على صفحته عبر فيسبوك، مضيفًا أن القصاص بدا بحالة جيدة خلال الجلسة.
القضية هي الرابعة التي يُحال القصاص على ذمتها للمحاكمة، وجاءت جلستها بعد يوم من جلسة في قضية أخرى، أجلت جنايات أمن الدولة طوارئ نظرها إلى 8 ديسمبر، لاطلاع الدفاع، والتي تضم إلى جانب القصاص، المرشح الرئاسي السابق، ورئيس «مصر القوية»، عبد المنعم أبو الفتوح.
القصاص محتجز منذ فبراير 2018، وحُبس احتياطيًا وتم تدويره في عدة قضايا باتهامات متشابهة، قبل وبعد صدور حكم أمن دولة طوارئ، في 2023، بسجنه عشر سنوات، ضمن قضية حُكم على أبو الفتوح فيها بالسجن 15 عامًا.
*تعذيب وضغوط على البلتاجي واعتداء جسدي على الوزير باسم عودة داخل السجن… ماذا يريد السيسي؟
عادت قضية سجون عبدالفتاح السيسي إلى واجهة الجدل الحقوقي، بعد شهادات كشفت عن تعرض الدكتور محمد البلتاجي، القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين والمعتقل منذ عام 2013، لانتهاكات جسدية ونفسية وضغوط متزايدة داخل محبسه في سجن بدر 3 (الإصلاح والتأهيل).
وقالت سناء عبد الجواد، زوجة البلتاجي، عبر حسابها على “فيسبوك”، إن زوجها يتعرض لـ”تعذيب نفسي وبدني، وضغوط قاسية لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام”، مؤكدة أنه جرى عزله في عنبر منفرد تحت حراسة مشددة، مع تهديده بأنه “انه لو مات تحت ايديهم لن يعلم عنه احد”.
وأضافت أن الانتهاكات لم تتوقف عند زوجها، بل طالت أيضاً نجلهما أنس وعدداً من المعتقلين السياسيين الآخرين خلال جلسات المحاكمة الأخيرة، إذ تعرضوا – بحسب شهادتها – لـ”اعتداء وضرب مبرح داخل غرفة الحجز أسفل قاعة المحكمة، قبل عرضهم على القاضي وهم مصابون من آثار الضرب”.
هذه الشهادات جاءت متزامنة مع تقارير حقوقية كشفت عن اعتداء جسدي ولفظي على وزير التموين الأسبق باسم عودة داخل السجن ذاته، على يد العقيد أحمد فكري، ضابط الأمن الوطني والمسؤول عن قطاع (2) في سجن بدر 3، حيث اقتحم زنزانته واعتدى عليه بالضرب والتهديد لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام، الذي يخوضه إلى جانب عشرات المعتقلين احتجاجاً على ما وصفوه بـ”حرمانهم من أبسط حقوقهم”.
وخلال الاعتداء، هدد الضابط المعتقلين بجعل بدر 3 “أسوأ من سجن العقرب”، في إشارة إلى السجن سيئ السمعة الذي أغلق قبل عامين، بعدما ارتبط بالتعذيب والإهمال الطبي والوفاة البطيئة لمئات السجناء السياسيين.ورغم أن السلطات نفت هذه الاتهامات ووصفتها بأنها “ادعاءات كاذبة” مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن شهادات معتقلين سابقين وناشطين حقوقيين – من بينهم أحمد دومة – أكدت أن العقيد أحمد فكري تورط مراراً في انتهاكات مماثلة بحق شخصيات بارزة، مثل علاء عبد الفتاح والصحافي محمد إبراهيم (أكسجين) والأكاديمي أحمد سمير.
حقوقيون أكدوا أن ما يجري في بدر 3 يمثل خرقاً صارخاً للدستور والاتفاقيات الدولية، وأن الانتهاكات الواسعة والمنهجية قد ترقى إلى مستوى “الجرائم ضد الإنسانية”.
وطالبت منظمات عدة، بينها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، بفتح تحقيق عاجل ومستقل في وقائع الاعتداء على كل من البلتاجي وباسم عودة، وضمان حقوق السجناء في العلاج والتواصل مع أسرهم، محذرة من أن استمرار هذه الممارسات “يرسخ واقع الإفلات من العقاب”.
*الصندوق الأسود للحرب على الإرهاب في سيناء
صدر تقرير استقصائي مهم قبل أيام بعنوان “قتلوا بدم بارد” عن مؤسّسة سيناء لحقوق الإنسان بشأن التداعيات الإنسانية للمواجهات التي اندلعت بين السلطات المصرية وتنظيم أنصار بيت المقدس، والذي عرف لاحقًا بولاية سيناء بعد إعلان ولائه لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بين عامي 2013 و2022. قليل من التقارير الحقوقية والإعلامية يسلط الضوء على ما يجري في شبه جزيرة سيناء، وقد ركز هذا التقرير على عمليات القتل خارج نطاق القانون والاختفاء القسري في هذه المنطقة، ونجم عنها وجود مقابر جماعية سرّية، يكشف عنها التقرير أول مرّة. وهو يجسّد تطوّر جيل جديد ومتنوّع من الجماعات الحقوقية المصرية خارج البلاد في العقد الأخير، فقد تشكلت في المهجر مبادرات جديدة وخلاقة في العمل الحقوقي استفادت من مناخ حرية التنظيم والتعبير، والإمكانات الفنية في البلدان الغربية لتطوير العمل الحقوقي المصري.
واحدة من هذه المبادرات كانت مؤسّسة سيناء لحقوق الإنسان والتي تخصّصت في متابعة شأن شبه جزيرة سيناء، معتمدة على شبكة من العلاقات الواسعة التي تربط مؤسسيها بالميدان داخل سيناء. لسنواتٍ طويلة، فرضت السلطات المصرية جدارًا عازلًا مستتبًا على ما عرفه المصريون عن أحوال سيناء وأهل سيناء، وعلاقتهم بالسلطة المصرية، خصوصًا منذ عام 2013 مع تصاعد نشاط الجماعات الإسلامية المسلحة هناك، وإعلان السلطات المصرية الحرب الشاملة على الإرهاب في سيناء.
تعد سيناء المنطقة الجغرافية الأكثر حساسية من الناحيتين، الأمنية والاستراتيجية، في مصر، خصوصًا في الوقت الراهن في سياق الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزّة، ومخاطر تهجير أهالي غزة سيناء. ونظرًا إلى طبيعتها الجغرافية الشاسعة والمعقدة، وعزلتها الاجتماعية والعمرانية والاقتصادية عن باقي مناطق مصر فقد أصبحت في العقود الأخيرة حاضنة للجماعات الإسلامية المسلحة، ما دفع السلطات المصرية إلى التعامل مع المنطقة بمقاربة أمنية حازمة تقوم على اعتبار المنطقة تمثل مصدرًا لمخاطر وجودية للدولة المصرية تبرّر الغلاظة الأمنية والعسكرية خارج إطار القانون والمحاسبة ورقابة الإعلام والرأي العام.
من الصعب على الصحافيين المصريين أو الأجانب أو المراقبين الحقوقيين زيارة سيناء، والتواصل مع أهلها وتتبع الوضع السياسي والحقوقي في الميدان هناك. بل إن نشر أخبار سيناء غير الأخبار الرسمية الصادرة عن مؤسّسات الدولة عادة ما يعرض فاعليه للمساءلة القانونية والحبس. في هذا السياق، تعرّضت مؤسّسة سيناء ومؤسّسوها ومديروها لسلسلة مكثفة من التهديدات والحملات الإعلامية التحريضية في القنوات التلفزيونية والصحافة القريبة من الدولة.
من أهم ما كشف عنه تقرير مؤسّسة سيناء هو وجود مقبرة جماعية جنوب مدينة العريش، يُثبت التقرير أنها تضم معتقلين جرى قتلهم خارج نطاق القانون ودفنهم في هذه المقبرة بشكل سرّي. وقد اعتمدت المؤسسة على شهادات تنشر لأول مرة لاثنين من عناصر المليشيات، والتي يعتمد عليها الجيش في سيناء منذ عام 2014 في مواجهة الجماعات المسلحة. وقد شارك أصحاب هذه الشهادات في إحضار المعتقلين لتلك المقبرة قبل تصفيتهم. اعتمدت المؤسّسة، بالإضافة إلى هذه الشهادات، على صور ومقاطع فيديو ومشاهدات ميدانية لتلك المقبرة، وتصوير رفات بشري ظهر على سطح التربة يعود إلى 36 شخصًا قتلوا ودفنوا بكامل ملابسهم المدنية. وقد جرت دراسة (وتحليل) المواد البصرية وصور الأقمار الصناعية للمنطقة سنواتٍ طويلةً لكشف التغييرات التي لحقت بها، والأنشطة العسكرية التي تمت في الموقع. ومن أبرز المفارقات التي كشف عنها التقرير، والتي تؤكد سقوط أعداد كبيرة من المدنيين ضحايا لعمليات قتل خارج نطاق القانون في سيناء خلال ما تُسمّى “الحرب على الإرهاب”، تلك الفجوة الواسعة بين الأرقام الضخمة التي كانت تعلنها السلطات المصرية حول أعداد “الإرهابيين” الذين قُتلوا في اشتباكات مسلحة وفق البيانات الرسمية، وبين تقديرات مراكز أبحاث دولية موثوقة لمجمل مقاتلي تنظيم ولاية سيناء، وهي تقديرات كانت أقل بكثير من الأرقام الرسمية، ما يرجح أن ضحايا كثيرين كانوا في صفوف المدنيين.
يكشف تقرير مؤسّسة سيناء، ومعه قلة من التقارير الحقوقية المصرية والدولية التي صدرت عن الأوضاع في سيناء خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، عن الكلفة الاجتماعية الباهظة لإطلاق يد الأجهزة الأمنية في التعامل مع صراعات ذات طبيعة سياسية وجغرافية معقدة، من دون رادعٍ أو مساءلة. وتؤكّد هذه التقارير أن إطلاق مسار شامل للحقيقة والعدالة وجبر الضرر في سيناء يمثل شرطًا جوهريًّا لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، لا يقل أهمية عما تحتاجه من تنمية اقتصادية وبشرية شاملة.
*لماذا لا تُمنح الحرية الاستثنائية لمعتقلي التيار الإسلامي؟
ينما احتفت الأوساط الحقوقية بخبر الإفراج عن الناشط السياسي علاء عبد الفتاح بعد سنوات من المعاناة، دوّى صوت الناشط والمحامي الحقوقي هيثم محمدين متسائلًا: “أين الحرية لمعتقلي التيار الإسلامي؟”، في إشارة واضحة إلى التمييز الفج الذي ينتهجه النظام المصري في ملف المعتقلين السياسيين.
فبينما يُفرج عن بعض الرموز المدنية أو الليبرالية تحت ضغط دولي، يُترك الآلاف من أبناء التيار الإسلامي خلف القضبان بلا أفق أو محاكمة عادلة، في سياسة تنكيلية ممنهجة هدفها كسر الخصوم وإرهاب المجتمع.
آلاف خلف القضبان.. أرقام تكشف المأساة
تشير تقديرات المنظمات الحقوقية المستقلة، ومنها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ومركز الشهاب، إلى أن عدد السجناء السياسيين في مصر يتراوح بين 60 و65 ألف معتقل، يشكل التيار الإسلامي الغالبية العظمى منهم.
ورغم مرور أكثر من عقد على الانقلاب العسكري في يوليو 2013، فإن النظام ما زال يملأ السجون بأحكام قاسية واحتجازات مطولة بلا محاكمة.
أسماء بارزة.. أحكام قاسية وظروف مأساوية
من بين أبرز المعتقلين المنتمين للتيار الإسلامي يبرز اسم محمد البلتاجي، القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، الذي يقضي حكمًا بالمؤبد في قضايا وُصفت بأنها “مسيسة”، وصفوت حجازي الذي يواجه ظروفًا صحية متدهورة، إضافة إلى خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، المعتقل منذ 2013.
وتؤكد أسر هؤلاء وغيرهم أن حرمانهم من العلاج والزيارة المنتظمة يمثل شكلًا من أشكال التعذيب البطيء، وهو ما وثّقته منظمات كـ هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية.
انتهاكات ممنهجة داخل السجون
تقارير حقوقية حديثة كشفت عن تزايد محاولات الانتحار في سجن بدر 3 نتيجة الظروف غير الإنسانية، إضافة إلى دخول مئات المعتقلين في إضرابات مفتوحة عن الطعام لأشهر متواصلة احتجاجًا على الحرمان من أبسط الحقوق: الزيارة، التريض، العلاج.
هذه الانتهاكات لا تقتصر على التيار الإسلامي، لكنها تطالهم بشكل مضاعف، مع سياسة “التدوير” المستمرة التي تعيد المعتقلين إلى قضايا جديدة بعد انتهاء أحكامهم.
أرقام صادمة: وفيات وتدهور صحي
بحسب تقرير صادر عن مركز النديم، شهدت السجون المصرية خلال عام 2023 وحده 38 حالة وفاة لمعتقلين، معظمها نتيجة الإهمال الطبي.
وتقدّر المنظمات أن ما بين 800 إلى 1000 معتقل يعانون من أمراض مزمنة خطيرة كالسرطان وأمراض القلب والكلى، بينما يُحرم أغلبهم من العلاج المناسب.
ويصف حقوقيون هذه السياسات بأنها “إعدامات بطيئة خلف القضبان”.
ازدواجية صارخة.. ضغط دولي وانتقائية داخلية
إفراج النظام عن شخصيات بارزة من غير الإسلاميين –مثل علاء عبد الفتاح أو بعض الصحفيين– جاء بعد ضغوط دولية وملفات مرتبطة بالمساعدات الغربية.
لكن حين يتعلق الأمر بمعتقلي التيار الإسلامي، يغيب أي تحرك مماثل، وكأن الدولة تعتبر ملفهم “خطًا أحمر”.
هذه الازدواجية، كما يصفها هيثم محمدين، تكشف أن النظام لا يتعامل مع قضية الحريات وفق مبادئ العدالة، بل بمنطق المساومة السياسية.
العدالة لا تتجزأ
إن استمرار بقاء عشرات الآلاف من المعتقلين الإسلاميين خلف القضبان، وسط صمت محلي وتواطؤ دولي، يمثل جرحًا نازفًا في ضمير العدالة.
فلا معنى للحرية إن كانت انتقائية، ولا قيمة لأي إصلاح سياسي يُستثنى منه التيار الإسلامي وأبناؤه.
وكما يؤكد الحقوقيون: الحرية لا ينبغي أن تكون جائزة تُمنح للبعض وتحجب عن آخرين، بل حق أصيل تكفله كل القوانين والمواثيق الدولية.
* نظام السيسي يعلن خيانته لدماء الفلسطينيين وموافقته على نزع سلاح حماس ونشر قوة دولية بغزة
بعد ساعات من اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع قادة عرب ومسلمين في نيويورك، بينهم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أعلنت القاهرة أنها لا تعارض مبدئياً نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أو نشر قوة دولية في قطاع غزة المحاصر.
في لحظة فارقة من عمر القضية الفلسطينية، خرج رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بتصريحات صادمة خلال اجتماع حول ما سُمّي بـ”اليوم التالي في غزة”، مؤكدًا أن مصر تدعم وجود ضمانات أمنية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بل وتذهب أبعد من ذلك بالدعوة إلى سحب السلاح من حركة حماس أو أي فصيل مقاوم آخر.
كلمات تكشف انحراف البوصلة المصرية عن مسارها الطبيعي، إذ يُفترض أن تكون القاهرة سندًا للمقاومة الفلسطينية لا أداة ضغط عليها لصالح الاحتلال.
لكنها شددت على أن أي ترتيبات من هذا النوع مشروطة بإطار سياسي شامل يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وبضمانات دولية صارمة في مقدمتها التزام أميركي يضمن إلزام إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه.
وأعلنت مصر، على لسان رئيس وزرائها مصطفى مدبولي، موافقتها المبدئية على مناقشة نزع سلاح “حماس” ونشر قوة دولية في قطاع غزة، لكنها ربطت هذا الموقف بإطار سياسي متكامل يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية، وبضمانات دولية واضحة تضمن التزام جميع الأطراف.
وجاء ذلك خلال مشاركة مدبولي في اجتماع بشأن “اليوم التالي ودعم الاستقرار في غزة”، أمس الثلاثاء، على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وشدد مدبولي على أن “أي ترتيبات أمنية في غزة، سواء نزع السلاح أو نشر قوة دولية، لن تنجح إذا جرى التعامل معها بمعزل عن جذور الصراع”، مؤكداً أن الأساس هو التوصل إلى حل الدولتين. وأضاف أن مصر ترفض بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم
محذراً من أن ذلك من شأنه “توسيع رقعة الصراع وتهديد استقرار المنطقة بأكملها”. ووفقاً لبيانه الرسمي الموجه لوسائل الإعلام المحلية، أكد مدبولي، أنّ “السلاح يجب أن يكون حكراً على أجهزة الدولة الفلسطينية الشرعية، وأنّ الفصائل المسلحة كافة مطالَبة بتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية”، مشيراً إلى أن مصر بدأت بالفعل في تدريب قوات الأمن الفلسطينية ومستعدة للتوسع في ذلك بدعم من المجتمع الدولي.
وأوضح رئيس الوزراء المصري أنّ “التجارب السابقة في نزع سلاح الجماعات المسلحة لم تنجح عندما اعتمدت فقط على الحلول العسكرية”، قائلاً: “التدمير الكامل لقطاع غزة والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لعامين لم تُنهِ وجود حماس أو سلاحها”، مضيفاً أن نزع السلاح لا بد أن يأتي ضمن اتفاق سياسي متكامل يضمن حقوق الفلسطينيين.
بين “الضمانات الأمنية” و”الخنق السياسي”
تسويق مدبولي لفكرة “الضمانات الأمنية للطرفين” يعكس عقلية تُساوي بين الضحية والجلاد.
فبينما تستمر إسرائيل في قصف غزة وحصارها وقتل أهلها، تأتي مصر الرسمية لتطرح مقاربة تجعل أمن الاحتلال على قدم المساواة مع أمن الشعب الفلسطيني، بل وتشترط تجريد المقاومة من سلاحها.
هذه الصيغة ليست سوى محاولة لتسويق ما يريده البيت الأبيض وتل أبيب: غزة منزوعة السلاح تحكمها سلطة شكلية، تحت رقابة إقليمية ودولية.
تماهي خطير مع مشروع ترامب الجديد
المفارقة أن تصريحات مدبولي جاءت متزامنة مع ما طرحه الرئيس الأمريكي السابق – والمرشح الحالي – دونالد ترامب من مشروع إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
الفكرة ذاتها: دولة تُرفع فيها الأعلام الفلسطينية، لكن دون جيش ولا مقاومة ولا قدرة على الدفاع عن نفسها.
مجرد كيان هشّ يخدم أمن الاحتلال ويمنع أي تهديد مستقبلي له. حين يدعو رئيس وزراء مصر إلى ما يشبه هذه الرؤية، فهو في الواقع يشارك في شرعنة “صفقة القرن” بثوب جديد.
مصر من “الوسيط” إلى “الضاغط”
لطالما قدّمت القاهرة نفسها كوسيط بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال، لكنها اليوم تتحول من الوسيط إلى الضاغط المباشر على حماس، في انسجام مع متطلبات واشنطن وتل أبيب.
لا يبدو أن المسألة مجرد اجتهاد سياسي، بل جزء من استراتيجية واضحة: احتواء المقاومة، وتصفية بعدها العسكري، وفتح الطريق أمام تسوية هشة تُعيد إنتاج أوسلو في نسخة أكثر إذلالًا.
خيانة لدماء الشهداء
أي حديث عن “اليوم التالي” يتجاهل حقيقة أن آلاف الفلسطينيين قُتلوا تحت القصف خلال العام الأخير، وأن المقاومة صمدت بدماء أبنائها.
كيف يمكن تبرير تجريد الشعب من سلاحه بينما الاحتلال لا يزال يسيطر على الأجواء والمعابر ويحتجز الأسرى ويستولي على الأرض؟!
ما يقترحه مدبولي ليس “سلامًا” بل استسلامًا قسريًا، وخيانة صريحة لدماء الشهداء الذين أثبتوا أن السلاح وحده هو الضمان الحقيقي للبقاء.
لعبة “الضمانات” وأمن إسرائيل
التجارب السابقة تكشف أن أي ضمانات أمنية في ظل ميزان القوى الحالي ستخدم طرفًا واحدًا: إسرائيل.
فماذا تعني “الضمانات” إذا لم يكن هناك رادع عسكري يحمي الفلسطينيين؟ وماذا تبقى من السيادة إذا كانت مصر والأردن وأطراف عربية أخرى تتعهد بفرض الأمن بالنيابة عن الاحتلال؟
الحقيقة أن هذه الضمانات ليست سوى أداة جديدة لخنق غزة، وإفراغ المقاومة من مضمونها، وتحويل القضية الفلسطينية إلى مسرحية سياسية بلا روح.
مقاومة لا تُكسر
على الرغم من كل هذه الضغوط، أثبتت المقاومة أنها عصيّة على الكسر.
فكما فشلت محاولات الحصار والتجويع والتضييق على مدى عقود، ستفشل محاولات “نزع السلاح” عبر الطاولة السياسية.
إن سلاح المقاومة ليس ترفًا ولا ورقة مساومة، بل هو عنوان لكرامة الشعب الفلسطيني وحقه في الدفاع عن نفسه، وهو السطر الأخير الذي يحمي غزة من التحول إلى سجن مفتوح تديره قوات الاحتلال بواجهة عربية.
اليوم التالي في عيون القاهرة وتل أبيب
بينما يروّج مدبولي لخطط “اليوم التالي”، يعرف الفلسطينيون أن اليوم التالي الحقيقي لا يُبنى إلا على قاعدة الصمود والمقاومة. فالتاريخ علّم أن كل المفاوضات بلا قوة تحميها تنتهي بالخذلان.
أما مصر الرسمية، فبانحيازها إلى منطق نزع السلاح، فإنها تضع نفسها في خانة الخيانة، لا الوساطة.
إن دماء الفلسطينيين لا يمكن أن تُستغل لتمرير صفقات سياسية، ولا يمكن أن تُختصر القضية في “ضمانات أمنية” تمنح الاحتلال ما عجز عن انتزاعه بالقوة.
*مباحثات مصرية أمريكية في نيويورك حول إنهاء الحرب على غزة
شهدت مدينة نيويورك مباحثات مصرية أمريكية بشأن سبل إنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ عامين، وذلك خلال لقاءين لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأمريكي مارك روبيو، ومبعوث واشنطن للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وفق بيانين للخارجية المصرية الخميس.
تثمين جهود ترامب
جدد عبد العاطي خلال لقائه بروبيو تثمين عبد الفتاح السيسي لجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية لوقف الحرب في غزة بشكل فوري، مؤكداً أن الاجتماع جرى في أجواء إيجابية.
وشدد على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة لوقف نزيف الدماء ومنع محاولات تهجير الفلسطينيين.
أرقام الخسائر في غزة
وبالتزامن مع هذه التحركات، تواصل إسرائيل حربها على غزة بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في إطار ما اعتبرته الخارجية المصرية إبادة جماعية، أسفرت عن استشهاد 65 ألفاً و419 فلسطينياً، وإصابة 167 ألفاً و160 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.
كما أودت المجاعة الناتجة عن الحصار بحياة 442 شخصاً، بينهم 147 طفلاً.
القمة العربية الإسلامية – الأمريكية
وفي لقائه مع ويتكوف، بحث عبد العاطي تطورات غزة في ضوء اجتماع القمة بين المجموعة العربية الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية، الذي عُقد في نيويورك يوم 23 سبتمبر الجاري.
وأكد أن مصر تعوّل على جهود ترامب لإنهاء الحرب، وضمان إدخال المساعدات بالكميات التي تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني، والبدء في إعمار القطاع مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم.
إعلان السيسي
وكان عبد الفتاح السيسي قد أعلن مساء الأربعاء تقديره لجهود ترامب لوقف الحرب، مثمناً ما طُرح في اجتماع مع قادة الدول العربية والإسلامية، واعتبره “أساساً مهماً يمكن البناء عليه لتحقيق السلام في الفترة المقبلة”.
خطة أمريكية ودعم دولي
وكان ترامب قد عرض، مساء الثلاثاء، على قادة دول عربية وإسلامية خطة أمريكية بشأن غزة، التي تتعرض لحرب مدمرة منذ عامين. وأكد القادة في الاجتماع المشترك على ضرورة إنهاء الحرب في القطاع، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وإدخال مساعدات إنسانية كافية كخطوة أولى نحو سلام عادل ودائم.
المشاركون في الاجتماع
شارك في القمة كل من: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، وأمير قطر تميم بن حمد، وملك الأردن عبد الله الثاني، ورئيسا وزراء باكستان محمد شهباز شريف ومصر مصطفى مدبولي، إلى جانب وزيري خارجية السعودية فيصل بن فرحان والإمارات عبد الله بن زايد.
*جون السيسي طلع “أوفسايد” فشنك وصفقة الغاز مع الصهاينة وبال على مصر
مع تطورات حرب الإبادة في قطاع غزة والعملية البرية التي تقوم بها قوات الاحتلال في مدينة غزة والمخطط الصهيوني الرامي إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، تكشفت التداعيات السلبية لاتفاق الغاز الذي وقّعه نظام الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي مع دولة الاحتلال لاستيراد الغاز، والذي يقدر بنحو 35 مليار دولار ويمتد حتى عام 2040.
هذا الاتفاق الكارثي تحوّل إلى ورقة ضغط في أيدي الصهاينة على سلطات العسكر للقبول بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء وفي نفس الوقت لم يحقق هدفه الاقتصادي، بل تحول إلى مصدر توتر جديد، مع محاولات الصهاينة استغلاله لدفع عصابة العسكر للقبول بتهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء .
كارثة استراتيجية
من جانبه وصف -الخبير الاقتصادي زهدي الشامي الصفقة بأنها “كارثة استراتيجية جديدة” و”تكبيل طويل الأمد لقرار مصر في مجال الطاقة”، معتبرًا أنها تمثل استمرارًا لسياسات خاطئة أدت إلى وضع البلاد تحت رحمة الغاز الصهيوني.
وقال الشامي في تصريحات صحفية: إن “سلطات الانقلاب كان يفترض أن تتعلم من أخطائها السابقة، حين وقّعت قبل سنوات صفقة لاستيراد الغاز من الصهاينة بقيمة 15 مليار دولار، ثم تم رفعها لاحقًا إلى 20 مليار، بدلاً من الاستثمار في تطوير حقول الغاز المصرية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، موضحًا أن المفارقة أن الحقول الصهيونية، التي نصدر منها اليوم، تقع جغرافيًا بالقرب من المياه المصرية، وهناك شكوك مشروعة بأنها تحتوي على غاز مصري تمت السيطرة عليه بفعل غياب الحسم في ترسيم الحدود البحرية في وقت مبكر .
وانتقد التناقض الصارخ في سياسات الانقلاب، موضحًا أن اعتماد الانقلاب على الغاز الصهيوني يقيد قدرته على اتخاذ مواقف حازمة تجاه العدوان والبلطجة الصهيونية، حيث يمكن لدولة الاحتلال استخدام هذا الاعتماد كورقة ضغط سياسية واقتصادية في أوقات الأزمات.
وأضاف الشامي: بدلاً من أن تخطط حكومة الانقلاب لإنهاء هذا الوضع المهين وإصلاح سياساتها في مجال الطاقة، نجدها اليوم توسع نطاق الاعتماد على نفس المصدر، وبصفقة أكبر بكثير، لتصل إلى 35 مليار دولار وتمتد حتى 2040 ، معتبرًا أن ذلك يرهن جزءًا من الأمن القومي المصري لاعتبارات السوق الصهيونية .
واعتبر أن اتفاق الغاز ليس مجرد اتفاق تجاري، بل إعادة صياغة لعلاقات القوة بين سلطات الانقلاب ودولة الاحتلال على أسس تجعل الأخيرة شريكًا إجباريًا في معادلة الطاقة المصرية.
وتساءل الشامي : ما معنى أن نربط احتياجاتنا من الطاقة بمصدر واحد في دولة تحتل أرضًا عربية وتخوض حربًا مستمرة على حدودنا؟ وأي منطق يجعلنا نضاعف الاعتماد بدل أن نبحث عن بدائل؟ معتبرا ما يحدث ليس مجرد خطأ في التقدير، بل جريمة كبرى بحق مصر وأمنها القومي، لأنها تضعنا في وضع التابع لا الشريك، وتلزمنا بسياسات تتعارض مع مصالحنا الوطنية، إنه عبث سياسي واقتصادي سيدفع المصريون ثمنه لعقود قادمة .
بدائل إقليمية
وقال السفير معتز أحمدين، مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة: “حسنا فعل نتنياهو بتجميد الصفقة، فذلك قد يفتح المجال لمناقشة مجتمعية وبرلمانية أوسع حولها، مؤكدا أن المكاسب المروج لها غير مؤكدة، وتعتمد على متغيرات لا يمكن ضمانها، مثل أسعار الغاز المستقبلية أو استمرار الطلب الأوروبي المرتفع”.
وتوقع أحمدين في تصريحات صحفية أن تتجه أوروبا مستقبلا إلى تخفيض اعتمادها على الغاز لصالح مصادر الطاقة المتجددة، مما يقلص فرص مصر في الاستفادة من التصدير عبرها، مشيرا إلى أن السلوك الصهيوني يجعل أي تعاون إستراتيجي محفوفا بالمخاطر، في ظل انتهاكات دولة الاحتلال المتكررة للاتفاقيات الدولية، سواء مع مصر أو مع دول أخرى مثل لبنان وسوريا، فضلا عن خروقاتها المتواصلة في غزة.
واعتبر أن الموقف الحالي يمثل فرصة لمصر للتراجع عن الصفقة، وربط أي اتفاقات مستقبلية بوقف الحرب على غزة وإعادة إعمارها، مطالبا بتوجيه جزء من عوائد الغاز لصالح التعويضات والإعمار .
وأشار أحمدين إلى أن أمام حكومة الانقلاب بدائل إقليمية تتمثل في السعودية وقطر والجزائر، إضافة إلى ما ينتج محليا، مشددا على أن الظروف الطارئة تمنح مصر حق تعديل حجم صادراتها بما يخدم استقرار السوق الداخلي .
ورقة ضغط
وأكد الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن دولة الاحتلال تنظر إلى الاتفاقية باعتبارها ورقة ضغط على نظام الانقلاب، مشيرا إلى أن هذا ورد صراحة في مقالات صهيونية أشارت إلى أن دولة الاحتلال تمتلك أدوات عديدة للضغط على السيسي، من بينها العلاقات مع الولايات المتحدة، وموقف المؤسسات المالية الدولية، وأزمة سد النهضة، وأخيرا اعتماد مصر على الغاز الصهيوني .
وقال السيد في تصريحات صحفية: إن “توقف الإمدادات خلال الحرب الصهيونية الايرانية أجبر حكومة الانقلاب على وقف نشاط مصانع الأسمنت والأسمدة وغيرها، الأمر الذي استخدم لاحقا كورقة ضغط علنية في خطاب نتنياهو حين هدد باستخدام الغاز كسلاح لإجبار السيسي على قبول تهجير الفلسطينيين”.
وتساءل السيد إذا كانت هذه المخاطر واضحة للجميع، فلماذا تقدم حكومة الانقلاب على إبرام اتفاق طموح يمتد 15 عاما بقيمة 35 مليار دولار مع دولة الاحتلال، في حين تشن الأخيرة حربا مدمرة على الفلسطينيين في غزة؟ .
*بتعويضات هزيلة نزع ملكية عقارات كورنيش النيل في 7 مناطق من “روض الفرج” لـ”التبين”
تسارع حكومة الانقلاب حاليا ومنذ نهاية اغسطس في نزع ملكية عدد من العقارات المطلة على كورنيش النيل ضمن خطة “تطوير” عمراني واسعة، خاصة في منطقة مثلث ماسبيرو وسط القاهرة.
وقال مراقبون إننا الآن أمام المرحلة الثانية من تطوير مثلث ماسبيرو تشمل نزع ملكيات عقارات خارج حدود المثلث الأصلي، بهدف إعادة استغلال الأراضي المطلة على الكورنيش في مشاريع استثمارية وسياحية.
ونشرت هيئة المساحة المصرية خرائط وكشوف نزع الملكية، ودعت المواطنين إلى مراجعتها والاعتراض خلال المدة القانونية المحددة.
وقرار المنفعة العامة رقم 4505 لسنة 2022 يشمل مناطق مثل أثر النبي – مصر القديمة، ويمتد من كورنيش النيل حتى الأوتوستراد.
وتلقى السكان والأهالي عروض التعويضات بحسرة معتبرين أنها تعويضات “هزيلة”، مثل 250 ألف جنيه للشقة، رغم أن قيمتها السوقية قد تصل إلى 3 ملايين جنيه.
ولجأ بعض الأهالي إلى المحاكم لتحصين موقفه القانوني، ولكن السلطات بدأت بالفعل في إزالة بعض المباني وتجريف الأراضي المحيطة بمبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون.
وفقًا للقانون المصري رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة، يحق للمواطنين الاعتراض على قرارات النزع خلال 15 يومًا من عرض الكشوف، كما يمكنهم الطعن على قيمة التعويض أمام المحكمة الابتدائية خلال 4 أشهر.
وقالت منظمات حقوقية ومحامون مستقلون إن التعويضات المقدمة لا تتناسب مع القيمة السوقية للعقارات، خاصة تلك المطلة على النيل، بين المعروض من الدولة لثمن الشقة، وقيمتها الحقيقية التي تصل إلى 3 ملايين جنيه.
بعض السكان لجأوا إلى القضاء لتحصين موقفهم القانوني، وقد صدرت بالفعل أحكام قضائية لصالحهم، لكن الجهات الحكومية استمرت في تنفيذ خطط التطوير، مما أثار جدلاً واسعًا.
واعتبر السكان أن ما يحدث هو مرحلة من “التهجير القسري”، مشيرين إلى أن الدولة تتجاوز العقارات العشوائية لتطال المباني المرخصة والمخططة. مؤكدين أن هذه المناطق ستتحول إلى مشاريع استثمارية لا تخدم سكانها الأصليين، بل تُباع بأسعار مرتفعة لا يستطيعون تحملها.
وكانت مجمل الاعتراضات الحقوقية حول؛ ضعف التعويضات، وغياب الشفافية في تحديد المناطق المستهدفة، وتجاوز القانون في بعض الإجراءات التنفيذية، وتهديد النسيج الاجتماعي للمناطق المطلة على النيل.
ومن المرجح ان تتجه حكومة السيسي إلى إقامة أبراج سكنية ومشروعات تجارية على أنقاض العقارات القديمة.
وقال المحامي والناشط عمرو عبد الهادي @amrelhady4000: “السيسى باع كل المساحات الي على النيل وهينزع ملكية العقارات المطلة على كورنيش النيل في سبع مناطق.. الساحل، روض الفرج، بولاق أبو العلا، دار السلام، المعصرة، حلوان، والتبين.. يعني لا الملاك هتفرح ولا المستأجرين هتفرح..”.
وأضاف “قلت لكم ان المؤجر مش هيلحق يفرح لان غرض الجيش يجعل الملاك تخلص من المستأجرين وبعدين ينزع ملكية العقارات من الملاك اسهل بدل ما يواجه ملايين العائلات المؤجرة هيواجه بس الاف الملاك اسهل“.
وفي مشروع توسيع الطريق الدائري الذي يشمل مناطق من كورنيش النيل حتى الأوتوستراد، تم تخصيص 2.5 مليار جنيه كتعويضات إجمالية، لكن لم تُفصّل بدقة قيمة التعويض لكل وحدة سكنية.
وباع بعض المستثمرين وحدات جديدة في نفس المناطق بأسعار تصل إلى 20 مليون جنيه للشقة الصغيرة المطلة على النيل.
ووصف السكان وصفوا التعويضات بأنها “هزيلة”، ولجأ بعضهم إلى القضاء في حين تستمر الحكومة بإجراءات تنفيذ خطط “التطوير”.
ويشهد محيط “مثلث ماسبيرو” وسط العاصمة المصرية القاهرة توترًا متصاعدًا، بعدما تعرّض سكان العقارات المطلة على كورنيش النيل لضغوط كبيرة لمغادرة منازلهم مقابل تعويضات حكومية، اعتبرها السكان هزيلة.
وبدأت السلطات أعمال هدم السور المحيط بمبنى الإذاعة والتلفزيون، في خطوة تفتح الطريق أمام مشاريع عمرانية جديدة تسعى الحكومة المصرية إلى تنفيذها ضمن خطة إعادة استغلال الأراضي المطلة على كورنيش العاصمة.
ويأتي هذا التحرك في إطار استراتيجية أعلنها مصطفى مدبولي، رئيس حكومة السيسي وتهدف إلى تحويل ضفتي النيل إلى واجهة استثمارية وسياحية حديثة، الأمر الذي يثير جدلاً بين سكان المنطقة، المهددين بالتهجير وخسارة منازلهم.
وبالتوازي هناك تحركات حكومية تتعلق بنزع ملكية بعض العقارات في مناطق مثل حلوان والتبين، وذلك ضمن خطط تطوير البنية التحتية والمشروعات القومية. مع تصدير أن نزع الملكية لصالح تنفيذ مشروعات ذات منفعة عامة، مثل إنشاء طرق، محاور مرورية، أو مرافق خدمية.
وتدور العملية القانونية كالتالي:
تبدأ العملية بـ تنبيه رسمي بنزع الملكية يُعلن للمالك أو الحائز، ويشمل وصف العقار، موقعه، وحدوده، ومقدار الدين إن وجد.
يتم تسجيل التنبيه في الشهر العقاري، مما يُعد بمثابة حجز على العقار ويمنع التصرف فيه.
يحق للمالك أو الحائز الاعتراض أو التظلم من القرار أو من قيمة التعويض، خاصة إذا كانت العقارات غير مسجلة رسميًا باسم الساكنين.
بعض العقارات في حلوان والتبين غير مسجلة باسم الساكنين، مما يخلق تعقيدات قانونية في تحديد المستحقين للتعويض.
هناك شكاوى من أن قيمة التعويضات لا تتناسب مع القيمة السوقية للعقارات، ما يدفع البعض إلى اللجوء للقضاء.