
في شبه دولة السيسى استقرار الجنيه على الورق وارتفاع الذهب واقتصاد مشلول .. الجمعة 26 سبتمبر 2025م.. بلدوزر السيسي يواصل محو تاريخ مصر
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
* من “الأمعاء الخاوية” إلى “الأجساد البالية”.. معتقلو بدر 3 يفضحون 12 عامًا من الانتهاكات
أصدر مركز الشهاب لحقوق الإنسان بيانًا مطولًا، نقل فيه شهادة مؤثرة ومفصلة من المعتقلين السياسيين داخل قطاع (2) بسجن بدر 3، الذين كشفوا عن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي طالتهم على مدار أكثر من 12 عامًا، مؤكدين أنهم انتقلوا من مرحلة “معركة الأمعاء الخاوية” إلى مرحلة “الأجساد البالية”، في إشارة إلى استنزاف قواهم الجسدية والنفسية جراء التعذيب الممنهج والمعاملة القاسية.
تفاصيل الانتهاكات
البيان الصادر عن المعتقلين سلّط الضوء على انتهاكات وُصفت بالمنظمة والممنهجة، شملت:
- القضاء والعدالة: تلفيق آلاف القضايا للمعتقلين، وإعادة تدويرهم في قضايا جديدة رغم حصول بعضهم على البراءة أو انتهاء مدة العقوبة. كما أنشئت “دوائر الإرهاب” الاستثنائية لعزلهم عن محاميهم وأهاليهم ووسائل الإعلام، ووضعهم في أقفاص زجاجية عازلة للصوت خلال المحاكمات.
- التعذيب والحرمان: المعتقلون أشاروا إلى تطبيق برامج تعذيب قاسية في سجن العقرب امتدت لسنوات، تسببت في وفاة العشرات نتيجة الحرمان من الطعام والدواء، إضافة إلى الحبس الانفرادي الكامل لعقد كامل داخل زنازين مغلقة 24 ساعة يوميًا، بلا شمس أو هواء أو مقومات حياة إنسانية.
- انتهاك الحقوق الأسرية: البيان أشار إلى اقتحام منازل المعتقلين واعتقال زوجاتهم وأبنائهم وأقاربهم، فضلًا عن تشتيت الأسر في سجون متفرقة، مع الحرمان التام من الزيارة منذ عام 2018، رغم صدور مئات الأحكام القضائية التي تقر حقهم في التواصل مع ذويهم.
- مصادرة الممتلكات: أفاد المعتقلون بمصادرة أموالهم وممتلكاتهم بقرارات غير قضائية، وإجبار شركاتهم على الإفلاس، ما ألقى بظلال كارثية على أسرهم وحياتهم الاقتصادية.
- التستر على الجرائم: المعتقلون أكدوا أن السلطات منعت النيابة العامة والقضاء من التحقيق في وقائع قتل وتعذيب بحق أبنائهم وأقاربهم، تحت غطاء “قرارات سيادية”.
- القمع في المحاكم: لم يقتصر القمع على السجون فقط، إذ تعرّض المعتقلون للاعتداء البدني واللفظي أثناء جلسات المحاكمات، وصلت حدّ سحل بعضهم داخل محكمة بدر 3، مع تهديدات متكررة بإيذاء ذويهم.
رسالة المعتقلين
في نص البيان، وجّه المعتقلون رسالة مؤثرة جاء فيها:
“لقد مضى أكثر من 12 عامًا على اعتقالنا وتعذيبنا وحرماننا من أبسط الحقوق التي نص عليها الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. نعلن بعزم وتصميم أننا لن نفرّط في حقوقنا أبدًا، ولو كان الثمن حياتنا. ونوجّه نداءً إلى العالم الحر ومؤسساته لزيارة السجون والاطلاع على أوضاعنا وشهاداتنا، وكشف الحقيقة التي يتم إنكارها ونفيها بجرأة منقطعة النظير.”
موقف مركز الشهاب
مركز الشهاب لحقوق الإنسان أكد أن البيان يكشف صورة حقيقية عمّا يتعرض له عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين داخل السجون، معتبرًا أن ما ورد فيه “يمثل نموذجًا للانتهاكات الجسيمة التي ترتكب بحقهم بشكل يومي”.
وطالب المركز المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بالتحرك العاجل لوقف ما وصفه بـ”جرائم مستمرة تهدد حياة المعتقلين وتفتك بأسرهم”.
*اتهامات إسرائيلية لمصر بتشييد قواعد سرية في سيناء.. بين “الذريعة السياسية” وواقع التنسيق الأمني
نشرت وسائل إعلام عبرية تقارير تتهم الجيش المصري ببناء بنية تحتية عسكرية واسعة النطاق في شبه جزيرة سيناء، تتضمن إنشاء منشآت تحت الأرض يشتبه بأنها مخصصة لتخزين الصواريخ، وتوسيع مدارج القواعد الجوية لتستوعب الطائرات المقاتلة. وتأتي هذه المزاعم في وقت حساس يتسم بتوتر إقليمي واسع، وتزايد القتال في قطاع غزة، وسط محاولات إسرائيلية لإعادة صياغة العلاقة الأمنية مع مصر بما يخدم أهدافها.
اتهامات متكررة
قناة i24NEWS الإسرائيلية ذكرت أن التوسعات الأخيرة في سيناء تتجاوز الحدود المنصوص عليها في اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، والتي تنص على وجود محدود للأسلحة الثقيلة في بعض المناطق. وأضافت القناة أن ما تصفه بـ”المخابئ الصاروخية تحت الأرض” يعكس استعدادات مصرية لاحتمال مواجهة عسكرية، رغم أن التقديرات المصرية – وفق التقرير – لا ترى سوى احتمال ضئيل للغاية لا يتجاوز 1% لاندلاع مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
ورغم الطابع العسكري للاتهامات، يشير محللون إسرائيليون إلى أن الضجة المثارة قد تكون جزءًا من استراتيجية سياسية تهدف إلى كسب دعم أمريكي إضافي. حيث سبق أن كشف موقع “أكسيوس” الأمريكي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قدّم شكوى رسمية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، طالب فيها بممارسة ضغوط على القاهرة لتقليص حجم الانتشار العسكري المصري في سيناء.
مصر ترد بالتنسيق الأمني
في المقابل، شددت القاهرة على أن تحركاتها العسكرية في سيناء تتم بالتنسيق الكامل مع الأطراف الضامنة لاتفاقية السلام، وذلك استنادًا إلى إعلان رسمي صدر في العشرين من الشهر الجاري. وأكدت مصر أن تواجد قواتها يرتبط بضرورات الأمن القومي وحماية الحدود الشرقية، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتصاعدة، وعلى رأسها التوترات في غزة ومخاطر التسلل عبر الحدود.
نقطة خلاف جديدة
صحيفة “Epoch” العبرية وصفت ما يجري بأنه “نقطة خلاف إضافية” تضاف إلى العلاقات المعقدة بين القاهرة وتل أبيب، في وقت يشتعل فيه القتال داخل غزة. وأشارت إلى أن إسرائيل تسعى إلى تصوير الوجود العسكري المصري في سيناء كتهديد مباشر لأمنها القومي، بينما تصر القاهرة على أن تعزيز حضورها العسكري هناك يخدم الاستقرار الإقليمي ويأتي في إطار حقوقها السيادية.
* قائمة المرشحين للتعيين في مجلس الشيوخ.. رجال السلطة بين السياسة والإعلام والفن
كشفت مصادر خاصة عن القائمة الأولية للمرشحين للتعيين في مجلس الشيوخ المصري، والتي تضم مجموعة من رجال السلطة المعروفين في مجالات السياسة والقانون والإعلام والفن.
القائمة أثارت جدلًا واسعًا بسبب طبيعة الأسماء المطروحة، والتي تجمع بين رموز حزبية قديمة، وبرلمانيين سابقين، إلى جانب شخصيات فنية وإعلامية مقربة من دوائر الحكم.
الأسماء والسير الذاتية المبسطة
نبيل دعبس
رجل أعمال، ورئيس حزب مصر الحديثة، سبق أن شغل عضوية مجلس الشيوخ في دورته السابقة.
السيد عبد العال
رئيس حزب التجمع، وعضو برلماني سابق معروف بارتباطه الطويل بالسلطة.
أشرف زكي
نقيب المهن التمثيلية، وأستاذ أكاديمي، لعب أدوارًا بارزة في إدارة شؤون النقابة والدفاع عن الفنانين، وهو شقيق الفنانة روجينا.
ياسر جلال
فنان مصري، برز في السنوات الأخيرة كبطل للعديد من الأعمال الدرامية، ويحظى بظهور إعلامي واسع.
بهاء أبو شقة
رئيس سابق لحزب الوفد، ومحامٍ بارز، تولى رئاسة اللجنة التشريعية بمجلس النواب لسنوات.
عبد السند يمامة
الرئيس الحالي لحزب الوفد، أستاذ جامعي وخبير قانوني، تولى القيادة الحزبية خلفًا لبهاء أبو شقة.
عبد الهادي القصبي
رئيس ائتلاف “دعم مصر” السابق بمجلس النواب، وأحد أبرز رجال السلطة داخل البرلمان.
هاني سري الدين
نائب رئيس حزب الوفد، ورجل أعمال وخبير اقتصادي، شغل عضوية مجالس إدارات بعدة مؤسسات مالية.
يحيى عيسى داوود
نائب سابق، معروف بعلاقاته الواسعة داخل مؤسسات الدولة.
خالد قنديل
قيادي بحزب الوفد، وعضو مجلس الشيوخ السابق، نشط في الملفات الاقتصادية والسياسية.
عاطف ناصر أمين
رئيس لجنة حقوق الإنسان السابق بمجلس النواب، أحد كوادر حزب مستقبل وطن.
محمد مصطفى شردي
إعلامي ونائب برلماني سابق، ينتمي إلى أسرة سياسية وصحفية معروفة، وظهر في قنوات مؤيدة للسلطة.
محمد محجوب
شخصية مقربة من دوائر الأعمال والسياسة، مطروح للتعيين ضمن الحصة الرئاسية.
عمرو عبد الباقي
وجه إداري وحزبي صاعد، شارك في أنشطة مرتبطة بحزب مستقبل وطن.
دلالات القائمة
القائمة الجديدة تعكس مزيجًا واضحًا من رجال السلطة القدامى والجدد، مع إدماج شخصيات إعلامية وفنية تحمل طابعًا دعائيًا، وهو ما يشير إلى استمرار النهج في توظيف البرلمان كأداة لتوازنات سياسية وإعلامية أكثر من كونه مؤسسة رقابية مستقلة.
*استقرار الجنيه على الورق وارتفاع الذهب: اقتصاد مشلول في شبه دولة السيسى
تشهد الأسواق المصرية مشهداً عبثياً يوصف رسمياً بـ”الاستقرار النسبي للجنيه”، بينما الحقيقة على الأرض لا تعكس سوى حالة من الانكماش والشلل الاقتصادي. ففي الوقت الذي تُعلن فيه البنوك أسعار صرف ثابتة تقريباً، يتسع نزيف فقدان الثقة في العملة المحلية، ليتجه المصريون كالمعتاد إلى الملاذ الآمن: الذهب.
استقرار وهمي للجنيه
سعر الدولار الرسمي في البنك المركزي توقف عند حدود 48 جنيهاً تقريباً للشراء و48.22 للبيع، بينما تراوحت أسعار البنوك التجارية في نفس الهامش الضيق. ورغم ذلك، يرى المراقبون أن هذا الاستقرار “مفروض إدارياً” أكثر منه ناتج عن قوة حقيقية في السوق. فغياب الشفافية وتدخلات الأجهزة السيادية في إدارة سوق الصرف يجعلان من أي أرقام رسمية مجرد “ديكور” يخفي واقعاً مضطرباً.
الاقتصاد في مصر لا يستند إلى إنتاج أو صادرات أو تدفقات استثمارية حقيقية، بل إلى قروض متواصلة وبيع أصول الدولة في مزاد مفتوح للخليج والاحتلال الصهيوني. ومن ثم، فإن الحديث عن استقرار الجنيه ليس إلا جزءاً من خطاب دعائي يسعى المنقلب السيسي لتسويقه داخلياً وخارجياً.
الذهب يرتفع كمرآة لفقدان الثقة
في المقابل، يواصل الذهب صعوده محلياً وعالمياً، ليصبح المؤشر الحقيقي لمدى هشاشة الوضع الاقتصادي. فقد سجل غرام عيار 24 نحو 5777 جنيهاً، بينما بلغ غرام 21 الأكثر تداولاً 5055 جنيهاً، وقفز الجنيه الذهب إلى 40,440 جنيهاً في رقم قياسي جديد.
ويعكس هذا الارتفاع المباشر فقدان الثقة في الجنيه، إذ يلجأ المواطنون إلى الذهب لحماية مدخراتهم القليلة، في ظل تضخم يلتهم القدرة الشرائية وتراجع مريع للبدائل الاستثمارية. فالأسواق المحلية خالية من أي مشاريع إنتاجية جادة، فيما جرى تدمير الصناعة والزراعة لصالح الاستيراد والخرسانة والعاصمة الإدارية.
شبه دولة بلا قواعد اقتصادية
الحقيقة الصادمة أن ما يجري في مصر لا يمكن وصفه بسياسة اقتصادية بقدر ما هو إدارة عشوائية تستند إلى أوهام السيسي ورغباته. لا توجد قواعد للسوق ولا أولويات وطنية، بل هناك “مشاريع استعراضية” تبتلع المليارات مقابل تفقير المواطنين.
إن استقرار الجنيه الحالي ما هو إلا هدوء زائف يسبق عاصفة جديدة من الانهيار، بينما الذهب يواصل كشف حقيقة الانهيار الممنهج الذي يعيشه الاقتصاد المصري في زمن حكم العسكر.
*متضررو إزالات محور عمرو بن العاص بالجيزة يتظاهرون مجددًا لصرف التعويضات بعد 3 سنوات من تهجيرهم
شهد مقر هيئة المساحة بالدقي، منذ أيام، توافد مئات المواطنين المتضررين من مشروع محور عمرو بن العاص، في وقفة احتجاجية سلمية رفعوا خلالها شعارات تعكس حجم معاناتهم الممتدة منذ سنوات.
الأهالي، الذين فقدوا منازلهم قبل أكثر من ثلاث سنوات لصالح مشروعات التطوير العمراني، ما زالوا يطالبون بصرف التعويضات العادلة أو توفير بدائل سكنية، وهي وعود حكومية لم تتحقق بعد رغم مرور الزمن.
الهتافات التي صدحت في المكان، مثل: “هديتوا بيوتنا وشردتونا في الشوارع”، عكست حالة الغضب والإحباط التي تسكن صدور هؤلاء المواطنين، بعدما وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا مأوى أو بديل واضح.
ورغم أن الجهات الرسمية كانت قد تعهدت بصرف تعويضات مالية تغطي قيمة المنازل وفق التقديرات الحكومية، إلا أن الإجراءات تعثرت، تاركة مئات الأسر في مواجهة مصير مجهول.
وما يصفه الأهالي بـ”سياسات بلدوزر السيسي” لم يعد مجرد تعبير إعلامي، بل واقع يومي يعيشه سكان مناطق عدة بالقاهرة. إذ تسعى الدولة إلى تنفيذ مشروعات بنية تحتية كبرى على حساب الأحياء القديمة، في مسار “التطوير القسري” الذي يتجاهل الأبعاد الاجتماعية والإنسانية للأسر المتضررة.
ويشير مراقبون إلى أن الأزمة ليست مالية فقط، بل تحمل أبعادًا أعمق تتعلق بثقة المواطن في مؤسسات الدولة، خصوصًا عندما تتأخر أو تغيب الحلول البديلة. فغياب التعويضات العادلة يهدد استقرار المجتمعات المحلية ويزيد من حالة التوتر بين الدولة والمواطنين.
فجوة بين التخطيط والتنفيذ
بحسب خبراء التخطيط العمراني، تكمن المشكلة في الفجوة الكبيرة بين المخططات على الورق وواقع التنفيذ على الأرض. فبينما تؤكد الدولة أن هذه المشاريع تستهدف “تحسين جودة الحياة” و”تخفيف الزحام”، يجد الأهالي أنفسهم في مواجهة تهديد مباشر لأمنهم الاقتصادي والاجتماعي، بعدما أصبحت بيوتهم جزءًا من ثمن هذا التطوير.
استمرار الحراك الشعبي
هذه الوقفة الاحتجاجية ليست الأولى، فقد سبق للأهالي تنظيم مظاهرات مماثلة على مدار الأيام الماضية دون أن تفضي إلى حلول جذرية. ويرى المتظاهرون أن استمرار تجاهل مطالبهم العادلة سيؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات، خاصة مع تزايد أعداد الأسر التي لا تملك مأوى منذ هدم بيوتها.
وبينما اكتفت السلطات بالصمت حتى الآن، يؤكد المتضررون أنهم مستمرون في الضغط حتى استعادة حقوقهم، سواء عبر التعويضات المالية أو بتوفير وحدات سكنية بديلة تعيد إليهم بعضًا من الاستقرار المفقود.
*بلدوزر السيسي يواصل محو تاريخ مصر نقل رفات شيخ الأزهر مصطفى المراغي إلى “15 مايو” بعد 80 عاما من وفاته
في مشهد أثار جدلاً واسعاً بين الأوساط الثقافية والدينية، تم نقل رفات الشيخ محمد مصطفى المراغي، شيخ الأزهر الأسبق وأحد أعلام الفكر الإسلامي في القرن العشرين، إلى مقابر مدينة 15 مايو، وذلك بعد أن ظلت مقبرته في منطقة الإمام الشافعي شاهداً على تاريخ طويل ومكانة دينية وعلمية بارزة.
الخطوة جاءت في إطار توسعات وإزالات تنفذها السلطات ضمن ما يُعرف بخطط “تطوير القاهرة”، لكنها قوبلت بموجة غضب وانتقادات واسعة، خاصة مع توسع الجرافات في هدم أجزاء من المقابر التاريخية بمنطقة الإمام الشافعي.
وفي النصف الأول من أغسطس الماضي، طالت أعمال الهدم في مدافن السيدة نفيسة -المستمرة منذ يناير الماضي- مقبرتي شيخي الأزهر السابقين مصطفى المراغي وحسن مأمون، إضافة إلى مقبرة درية شفيق، مؤسسة أول حزب نسائي في مصر، وهو حزب بنت النيل الذي أُنشئ عقب ثورة يوليو 1952.
مقبرة تاريخية تُمحى
الشيخ المراغي الذي تولى مشيخة الأزهر مرتين (1928 – 1929، ثم 1935 – 1945) عُرف بمواقفه الإصلاحية، وكان رمزاً للاستقلالية الفكرية والدينية. مقبرته بمنطقة الإمام الشافعي لم تكن مجرد مدفن عادي، بل جزء من تراث معماري وروحي يمتد قروناً.
إلا أن قرار الإزالة لم يراعِ هذه الرمزية، فالجرافات دخلت لتزيل ما تبقى من جدران تحمل ذاكرة شخصية ودينية لا تُقدَّر بثمن.
صرخة العائلة
الكاتبة منى أبوستيت، حفيدة الشيخ المراغي، كتبت بمرارة عن مشهد نقل رفات جدها، ووصفت كيف أن “البلدوزر لا يفرق بين مقام علمي وتاريخي وبين قبر مجهول”، مشيرة إلى أن العائلة لم تتلقَّ سوى إشعارات مفاجئة بضرورة الإخلاء. واعتبرت أن ما يحدث “طمس لتاريخ مصر ورموزها”، مؤكدة أن نقل الرفات إلى 15 مايو، رغم كونه إجراءً عملياً، لا يعوض عن فقدان القيمة التاريخية والمعمارية للمقبرة الأصلية.
وأضافت حفيدة الشيخ المراغي: “اللي حصل حصل خلاص، رفات العائلة كلها اتنقلت لمقابر بديلة وفرتها المحافظة في مدينة 15 مايو”. وأضافت بحسرة: “تخيل الشيخ المراغي مدفون هنا من 1945، ودلوقتي ييجي يتشال عضم في أوفة ويتنقل إلى 15 مايو”.
بلدوزر الإزالات يواصل تقدمه
منطقة الإمام الشافعي، التي تضم مقابر شخصيات دينية وثقافية بارزة، تشهد موجة إزالات متسارعة في إطار مشروعات الطرق والكباري. المشهد بدا للكثيرين صادماً: بلدوزرات تقتحم أحواشاً قديمة، وتقتلع شواهد قبور بُنيت قبل مئات السنين. ويرى مؤرخون أن هذه السياسات لا تراعي البعد التراثي للقاهرة التاريخية، وتتعامل مع المقابر كمساحات عقارية فارغة، وليست سجلاً حياً لذاكرة الأمة.
تزامنًا مع الإزالات في السيدة نفيسة، استؤنفت أعمال الهدم في مقابر الإمام الشافعي أيضًا. وبحسب أحد المهتمين بمتابعة أوضاع المقابر التراثية في المنطقة، فقد تعهدت الحكومة بفك ثلاث قباب من مقابر الإمام الشافعي وإعادة تجميعها لاحقًا، نظرًا لقيمتها التاريخية.
تشمل هذه القباب، قبة مقبرة قاسم محمد باشا، قائد الأسطول المصري في حرب الحبشة بعهد محمد علي، وقبة مقبرة حسين باشا يسري، سكرتير عام مجلس شورى القوانين، ومقبرة المستشار أحمد الخازندار، وكيل محكمة الاستئناف الأسبق، الذي اغتيل عام 1948.
كما يشمل المخطط حوش الدرمللي -مقبرة الأمير محمد فاضل باشا الدرمللي- المبني عام 1868 على مساحة نحو 900 متر، ويضم 7 مدافن رئيسية و20 فرعية.
وأوضح المصدر أن القباب ستُنقل وتُعاد تجميعها بجوار قبة ابن عطاء الله السكندري في المقطم، بعد مفاوضات طويلة بين الهيئة الهندسية وأسر المتوفين، على أن تتحمل الأسر تكاليف تجميل الواجهات.
لكن في المقابل، فُقدت مقبرة بارزة هي مقبرة يحيى إبراهيم، رئيس وزراء مصر عام 1923، إذ تم هدمها بالكامل، بحسب المصدر.
بين التطوير ومحو التاريخ
الحكومة تقول إن الهدف هو “التطوير العمراني”، لكن منتقدين يعتبرون أن ما يحدث أقرب إلى “محو للتاريخ”، خاصة حين يتعلق بقبور شخصيات بحجم الشيخ المراغي أو بمناطق مسجلة كجزء من التراث الإسلامي للعاصمة. ويؤكد ناشطون أن هناك بدائل للتوسعة لا تتطلب إزالة رفات الموتى وتشويه هوية المكان.
يبقى نقل رفات الشيخ المراغي إلى مقابر 15 مايو مثالاً صارخاً على التناقض بين خطاب “التطوير” الرسمي، وبين واقع بلدوزر الإزالات الذي يقتلع ذاكرة المصريين من جذورها. وبينما تحاول العائلات التمسك بما تبقى من إرث أجدادها، يظل السؤال مطروحاً: أي مستقبل لمدينة بلا ماضي؟
*عجز تجاري متصاعد..مصانع متوقفة و زراعات تنهار واقتصاد يُدار بعقلية السمسار
ارتفع العجز التجاري في مصر بنسبة 20.2% خلال عام 2024، ليصل إلى 50 مليار دولار، في مؤشر صريح على استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقم هشاشة الاقتصاد الوطني تحت إدارة النظام الحالي. ووفقاً لبيانات رسمية، ارتفعت الصادرات بنسبة 6.5% لتسجل 45.3 مليار دولار، بينما صعدت الواردات بنسبة 13.2% لتصل إلى 95.3 مليار دولار، ما يعكس اتساع الفجوة بين الإنتاج الوطني والاعتماد على الخارج.
من الملفت أن الصادرات غير البترولية سجلت ارتفاعاً بنسبة 14.4% لتصل إلى 39.3 مليار دولار، فيما بلغت واردات السلع غير البترولية 79.2 مليار دولار، بينما شهدت صادرات البترول والغاز تراجعاً 29%، وارتفعت وارداته 38.3%، ما يعكس اختلالاً واضحاً في قطاع الطاقة لا تتحمله السوق المحلية وحدها.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن الذهب والبلاتين المطلي بالذهب تصدرا الصادرات بقيمة 3.2 مليار دولار، تلتها الملابس الجاهزة والإكسسوارات 2.8 مليار دولار، ثم منتجات البلاستيك والحديد بقيمة 2.3 مليار دولار لكل منهما، بينما شهدت بعض السلع الأساسية انخفاضاً في الواردات مثل الذرة والخشب والنفط الخام، ما يعكس سياسات استيراد متذبذبة وغير مستدامة.
لكن وراء هذه الأرقام الرسمية تكمن حقيقة أكثر قتامة: استمرار العجز التجاري مرتبط مباشرة بتحويل مؤسسات الدولة ومقدراتها الاقتصادية إلى أذرع سماسرة وعصابة عسكرية تعمل على تدمير الإنتاج المحلي. آلاف المصانع توقفت، والزراعات الاستراتيجية مثل القطن والسكر تنهار، والمزارع تتحول إلى كتل خرسانية لفائدة مشاريع شخصية ورجال أعمال مرتبطين بالسلطة.
في ظل هذا الواقع، يبدو أن استهداف الحكومة رفع الصادرات إلى 100 مليار دولار سنوياً من خلال اتفاقيات تجارية وتوسيع الأسواق الخارجية، مجرد شعار إعلامي لا يلامس الأزمة الحقيقية على الأرض، إذ إن السياسات الاقتصادية الحالية لا تهدف إلى تنمية حقيقية للاقتصاد الوطني، بل إلى صب الموارد في أيدي النخبة المقربة من النظام.
الصورة النهائية: عجز تجاري متصاعد، مصانع متوقفة، زراعات استراتيجية تنهار، واستراتيجية اقتصادية قائمة على المضاربات والاستيلاء على الموارد، ما يطرح سؤالاً ملحاً: هل يمكن أن يكون هناك نظام أكثر فشلاً من هذا النظام الذي يُدار بعقلية السمسار على حساب الدولة والمواطن؟
*ارتفاع وفيات انفجار مصنع البشبيشي بالمحلة إلى 11 وإصابة العشرات
شهدت مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، واحدة من أبشع الحوادث الصناعية في السنوات الأخيرة، بعدما اندلع حريق هائل داخل مصبغة ومصنع للملابس، ما أدى إلى مصرع ثمانية أشخاص وإصابة خمسة وثلاثين آخرين، وسط مشاهد مأساوية عمّتها الصرخات والاستغاثات، لتتحول المنطقة الصناعية إلى ساحة من الفوضى والرعب.
تفاصيل الواقعة
بدأت الكارثة في الساعات الأولى من النهار حينما فوجئ العاملون داخل المصبغة بألسنة اللهب تلتهم محتويات المكان بشكل متسارع. شهود عيان أكدوا أن الحريق اندلع بشكل مفاجئ نتيجة ماس كهربائي في إحدى الماكينات، سرعان ما امتد إلى باقي أجزاء المصنع المكدس بالمواد القابلة للاشتعال. وفي لحظات، تحولت جدران المصنع إلى كتلة من النار والدخان الكثيف، بينما حاول العمال النجاة بأنفسهم.
رجال الحماية المدنية هرعوا إلى موقع الحادث بعد تلقي البلاغ، ودفعت مديرية أمن الغربية بعدد كبير من سيارات الإطفاء في محاولة للسيطرة على النيران التي استمرت لساعات طويلة، وسط صعوبة بالغة بسبب ضيق الممرات الداخلية وغياب مخارج الطوارئ الكافية.
الضحايا والمصابون
الحصيلة كانت فادحة؛ فقد لقى ثمانية عمال مصرعهم بينهم:
سيف طارق حسن الشريف
وليد حسن مصطفى
أحمد محمد زغلول
محمد السيد الموافي
عمرو مصطفى بركات
إضافة إلى جثتين مجهولتي الهوية لم يتم التعرف عليهما حتى الآن بسبب تفحم الجثث.
أما المصابون، فبلغ عددهم 30 شخصاً من مختلف الأعمار، بينهم شباب في مقتبل العمر وكبار تجاوزوا الستين عاماً، حيث تنوعت إصاباتهم بين حروق بالغة واختناقات وجروح نتيجة التدافع ومحاولات الفرار من الحريق. وقد جرى نقلهم جميعاً إلى مستشفى المحلة العام لتلقي العلاج، حيث وُضعت بعض الحالات تحت العناية المركزة نظراً لخطورة الإصابات.
قال أحد العمال الناجين: “الغلاية انفجرت فجأة وصوت الانفجار كان مرعب.. الناس جريت في كل اتجاه والدخان غطى المكان كله”، فيما أضاف آخر: “النار مسكت بسرعة جدًا في الطوابق، واللي فوق مقدروش يخرجوا بسهولة عشان السلم وقع جزئيًا بعد الانفجار”.
وأكد شهود آخرون أن الانفجار تسبب في سقوط أجزاء من المصنع على العمال، ما زاد من أعداد المصابين والوفيات.
مشاهد مأساوية
المشهد في محيط المصنع كان مؤلماً؛ صرخات الأمهات والزوجات أمام المستشفى، والعمال الذين يركضون بحثاً عن زملائهم، فيما تصاعدت ألسنة اللهب في السماء مخلفة سحابة سوداء غطت سماء المدينة. كثير من الأهالي حملوا هواتفهم لبث مشاهد الحريق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة للبحث عن أبنائهم أو نقل صورة الكارثة للرأي العام.
أسباب الحريق الأولية
التحقيقات الأولية تشير إلى أن ماساً كهربائياً كان الشرارة الأولى للحريق، إلا أن شهوداً آخرين تحدثوا عن وجود خلل في أنظمة الأمان والإطفاء بالمصنع، إضافة إلى تخزين كميات كبيرة من المواد الكيميائية والأصباغ داخل مكان العمل دون اشتراطات وقائية كافية. وهو ما أثار تساؤلات كثيرة حول مدى التزام أصحاب المصانع في المحلة بمعايير السلامة المهنية.
ردود فعل غاضبة
الحادث أثار موجة غضب واسعة بين أهالي المحلة، الذين اعتبروا أن ما جرى نتيجة طبيعية للإهمال وغياب الرقابة على المصانع التي تعمل بلا ضوابط واضحة. ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقوا دعوات لمحاسبة المسؤولين، مؤكدين أن دماء العمال لا يجب أن تذهب هدراً.
أهمية المحلة الصناعية
تعتبر مدينة المحلة الكبرى واحدة من أهم المراكز الصناعية في مصر، حيث تضم عشرات المصانع والمصبغات وشركات الغزل والنسيج، ويعمل بها آلاف العمال. غير أن الحوادث المتكررة هناك تثير علامات استفهام حول واقع الأمان الصناعي، في ظل ضغط أصحاب المصانع على خفض التكاليف على حساب سلامة العمال.
وختاما فكارثة المحلة لم تكن مجرد حادث عرضي، بل جرس إنذار جديد يسلط الضوء على الخطر الكامن في بيئة العمل داخل المصانع المصرية. فبينما فقدت ثماني أسر أبناءها، ويصارع عشرات آخرون الإصابات، تبقى الحاجة ملحة لمراجعة منظومة الأمان الصناعي بجدية. ما حدث اليوم قد يتكرر غداً إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة وحاسمة لضمان سلامة العمال الذين يمثلون العمود الفقري للصناعة الوطنية.
*الجامعات الحكومية ترفع مصروفات الاستعاضة السنية من 15 ألفًا إلى 125 ألف جنيه بأوامر السيسي
تتواصل معاناة أطباء الاستعاضة السنية في مصر، لكن هذه المرة لم تقتصر على أزمة توحيد المسميات العلمية واشتراطات دول الخليج، بل تحولت إلى باب جديد لابتزازهم مالياً، فبدلاً من أن تقوم الجامعات بحل الأزمة، استغلت التعليمات الصادرة من المنقلب عبد الفتاح السيسي لفرض رسوم باهظة، بلغت في جامعة عين شمس وحدها 125 ألف جنيه بعدما كانت لا تتجاوز 15 ألفًا فقط، أي بزيادة تفوق 800%.
الأموال التي تُجبى من الطلاب لا أحد يعرف مصيرها الحقيقي: هل تذهب لتطوير العملية التعليمية، أم تصب في جيوب رؤساء الجامعات ونوابهم عبر مكافآت وحوافز؟ أم أن جزءًا كبيرًا منها يحوَّل إلى الصندوق السيادي التابع للسيسي، كضريبة غير معلنة مقابل المد لهم في المناصب؟ المؤكد أن منطق الابتزاز هو القاعدة الحاكمة، ومن دونها لا يضمن أي مسئول بقاءه في منصبه أو ترقيته، تمامًا كما جرى مع وزيري الكهرباء والأوقاف اللذين احتفظا بمواقعهما لسنوات طويلة لأنهما قدما ما يطلبه النظام من جباية وإفقار للشعب.
الأطباء المتضررون يواجهون وضعًا شائكًا: رسوم خيالية لا تشمل المواد أو الأدوات أو التدريب العملي، مقابل إلزامهم بخدمة المرضى في المستشفيات الجامعية على نفقتهم الخاصة، فضلًا عن عجز الجامعات عن استيعاب الأعداد الكبيرة، حيث لا يتجاوز القبول في بعض البرامج 40 طالبًا من بين نحو ألفي طبيب متضرر.
ورغم التماسات عديدة، تواصل الجامعات المماطلة، بينما نقابة أطباء الأسنان تخلت عن دورها، وأحالت الأزمة إلى وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات. في المقابل، يكتفي الأخير بالحديث عن “إنجاز” توحيد المسميات، متجاهلًا الكارثة المالية التي يدفع ثمنها الأطباء.
الأزمة لم تقف عند حد الداخل، بل عطلت مستقبل هؤلاء الأطباء خارجيًا، إذ إن دول الخليج باتت لا تعترف بالشهادات المصرية القديمة، مما أفقدهم فرص عمل وعقودًا مجزية، فضلاً عن تشويه سمعة الشهادات المصرية في الخارج.
في النهاية، تبقى القضية نموذجًا صارخًا على كيفية تحويل السيسي وأذرعه كل أزمة إلى فرصة للجباية، وابتزاز المواطنين عبر منظومة فساد ممنهجة، حيث تصبح الرسوم الباهظة شرطًا للبقاء في التعليم، كما هي الجبايات والضرائب شرطًا للبقاء على قيد الحياة.