جوانتنامو

جوانتانامو عار على أوباما

جوانتنامو
جوانتنامو

جوانتانامو عار على أوباما

 

شبكة المرصد الإخبارية

قال كليف ستاتفورد، مدير منظمة ريبريف الحقوقية، الذي كان ممثلا لمعتقلي جوانتانامو منذ بدء افتتاح المعتقل في يناير من عام 2002. إن أحد موكليه، شاكر عامر، وهو بريطاني مولود في السعودية، ألقي القبض عليه في أفغانستان في نوفمبر من عام 2001، وجلب إلى جوانتانامو في فبراير 2002. وتمت تبرئته مرتين، في عام 2007، وبعدها في ظل إدارة الرئيس أوباما في 2009، ولكن السلطات لم تسمح له بمغادرة المعتقل، وليس حتى تسفيره إلى بريطانيا البلد الحليف لها حيث تقطن عائلته هناك.

ويعتبر شاكر عامر الذي يجيد الإنجليزية بطلاقة، قائدا للمعتقلين، ويعتبر كثير من المشككين أن الولايات المتحدة لن تفرج عنه أبدا، لأنه يعرف الكثير من الأمور ولا تريد منه أن يفضح أفعالها. واليوم حتى جورج أرويل سيضغط نحو الاستفادة من مأزق المعتقلين الـ 86 الذين حصلوا على أمر الإفراج عنهم، ولكنهم لم يمنحوا الحرية، واستخدموا الإضراب عن الطعام باعتباره سلاحهم الأخير، فقط ليبقوا أحياء، وأجبرو على أن لا يغادروا المكان.

وقام المعتقل شاكر عامر بعرض كثير من الأمور التي يعانيها المعتقلون، خلال اتصال مطول استمر لأكثر من ساعة مع محاميه المحلف ستافورد سميث.

وشارك عامر في الإضراب عن الطعام، وعلى الرغم من أنه لم يرغم على الأكل قسريا، لكنه تعرض للعديد من التحرشات والإيذاءات. ويقبع في المخيم الخامس من المعتقل؛ حيث يتم احتجاز الذين لم يتقدموا بشكاوى، ويمكن القول إن الوضع الصحي له سيئ ويتدهور. فالضجة والإزعاج موجودان طوال الليل، حيث إنه من الصعب حتى فهم الكلام أثناء الحديث مع المحامي.

وأشار عامر إلى أنه يتعرض لأعمال العنف باستمرار، “حيث يضعون الأغلال في أطرافي، ويرفعونني من قبل 6 حراس أمن وهو ما يشعرني بتفجر الخلايا، كل هذا من أجل طلبي للماء”.

ويضيف، أنه “في كل يوم، هناك دوما ما بين 10 إلى 15 نداء عبر الميكرفونات يدعى “بالكود الأصفر” الذي يتم استعماله عندما يكون المريض بحالة طوارئ، وتحدث هذه الحوادث عندما يقوم المساجين بالإضراب عن الطعام فينهارون أو يغمى عليهم.

وأوضح أن الاتصال مع المحامي يعد من الأمنيات السعيدة التي يتم تحقيقها للمعتقلين، بينما يتم هذا الأمر بشكل روتيني في أي معتقل آخر، بينما هو أفضل الأمنيات في جوانتانامو، ويضيف سرعان ما تتحول هذه النعمة إلى لعنة عندما تقوم بالتصريح أو بقول أي شيء مما يحصل معك، فهم يسجلون المكالمات ويستمعون إليها، وبالتالي فإن الأمور من المؤكد ستتجه إلى الأسوأ من دون أي تفكير.

ويعد الوضع باختصار، سوداويا وكئيبا ولا يمكن وصفه، وفي أفضل الحالات هو فرصة يائسة لمناقشة أوضاع السجناء.
واعتمد المعتقلون سياسة الإضراب عن الطعام كفرصة أخيرة لإعادة الاهتمام العالمي بموضوع جوانتانامو، ليصبح حديث الإعلام من جديد بعدما تناسته كثير من القنوات الإعلامية وتخلت عنه.

وتواردت أنباء كثيرة أن وزير الدفاع الأميركي تشك هاجل أخبر الكونجرس بأنه مع إغلاق جوانتانامو، فيما كتبت منظمات حقوق الإنسان للرئيس أوباما معروضا طلبت فيه إغلاق المعتقل وإطلاق سراح السجناء البريئين ومحاكمة الآخرين في محاكم مدنية. ولكن التفاؤل كثيرا في هذا الموضوع يبدو مقاربا للجنون في أن التوسلات التي تقوم بها هذه الأطراف ستنجح فيما فشلت جهود كثيرة سابقا.

ويعتبر شاكر عامر فوق كل الاعتبارات، شخصا شجاعا لعدم إظهار رغبة في شفقة الناس عليه لكن في نهاية اتصاله الهاتفي مع محاميه بدأ بالبكاء، وقال لمحاميه “هم يقتلوننا، من الصعب علي أن أبقى هادئا، من الصعب على أحد فهم أو تصور ما يحصل هنا، أو لماذا يحصل هذا الشيء، وعلى الرغم مما تعرفه من طبيعتي القاسية وعدم قبولي بالضعف، لكنني هنا أحتضر ببساطة”. وأضاف “إن أردت أن تترك نموت لوحدنا هنا، أتركنا وحدنا؟، هم لا يريدوننا أن نموت ولا يريدوننا أن نعيش كالبشر، ما هو الأسوأ من ذلك؟

وتلقف الرئيس الأميركي باراك أوباما ما تداولته وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية قبل أيام، عن معتقل جوانتانامو الذي يضرب كثير من نزلائه عن الطعام منذ أشهر، فأعلن أنه يعتزم إعادة طرح مسألة المعتقل المثير للجدل، على مجلس الشيوخ، مجدداً تأكيده على ضرورة إغلاقه.

وقال أوباما، في مؤتمر صحفي في البيت البيض الأسبوع الماضي: “لا أتفاجأ من مواجهاتنا مشكلات في جوانتانامو”، معتبرا أن المعتقل غير آمن ومكلف، ويقوّض مسألة التعاون مع حلفاء البلاد، مؤكداً على “ضرورة إغلاقه”، ومشيراً إلى أن “هذه المشكلة لن تتحسّن، بل ستسوء”.

وحول استمرارية معتقل جوانتانامو، تعالت أصوات الكثير من الأميركيين، عندما قالوا: نسينا المعتقل لسنوات طويلة، كانت وصمة عار عميقة وبالغة الأثر، وسابقة لم تمر عبر التاريخ الأميركي حتى يومنا هذا، ولكن الآن وبعد 11 عاما من افتتاحه، فإن علينا أن نسلط الضوء مجددا على المتهمين بالإرهاب والمعتقلين في داخل زنزانات السجن المظلمة، شكرا للاعتصامات والإضرابات عن الطعام التي أطلقها هؤلاء المساجين في زمن بات يحمل الكثير من الآهات في طياته، أهلكنا القاعدة، والحرب على العراق انتهت، وها هي حرب أفغانستان تشارف على نهاياتها، ولكن فضيحة جوانتانامو ستتوارثها أجيال الأميركيين وتبقى وصمة عار في تاريخهم.

وعنونت صحيفة الإندبندنت البريطانية الشهيرة أحد تقاريرها تحت “عار على الرئيس أوباما، سيناريوهات سجناء معتقلات العمال السوفياتية “جوالاج” تتكرر في أميركا”، ووصفت وضع معظم السجناء بـ “لا تهم، ولا إفراج”، مؤكدة أن التعسف الممارس ضد المعتقلين المضربين عن الطعام قادهم لصدام عنيف مع سجانيهم.

ولفتت إلى أن جوانتانامو يتربع على عرش السجون الأكثر شهرة في تعذيبها لمعتقليها، فلا تغيب عن ناظري أي إنسان تنبض الإنسانية بقلبه مشاهد المغطاة رؤوسهم بأكياس سوداء يصارعون الموت مع نفاذ الهواء المحتجز داخل الكيس، لتظهر صور لسجناء آخرين أجسادهم عارية لا تستر عوراتهم حتى ورقة توت، وبقربهم كلاب بوليسية سلب من قلوبها حتى الشفقة الحيوانية، تنبح وتنهش أجسادا غضة لم تعد تقوى على عراك أضعف الخصوم.

يعتقد كثيرون أن التهم التي دخل بها هؤلاء المعتقلين لا تقل بوحشيتها عن تلك الأفعال التي تمارس ضدهم، لكن اللافت للانتباه أن المنظمات الحقوقية صعدت من لهجتها وحملاتها عقب اكتشاف أن أكثر من نصف النزلاء لم يحاكموا بعد وإنما هم مسجلون في قائمة “طي النسيان”

جدران المعتقل ما زالت تضيق وتحاصر 166 سجينا، حيث سيواجه 30 منهم المحاكمة عبر جلسات تطول فتراتها، وما يقارب نصف المعتقلين كأنما هم على أرض محرمة، حيث تعتبرهم السلطات خطيرين جدا لأن تطلقهم، ولكنها في الوقت نفسه ليس لديها أدلة كافية لتخضعهم للمحاكمة. ويوجد داخل المعتقل ما يزيد على 86 ممن حصدوا البراءة وهم بانتظار الإفراج عنهم، ولكن بدلا من إطلاق سراحهم تعفنوا في زنزانات السجن الأبدي، ولا فرصة لأي هروب إطلاقا.

وقبل فترة قصيرة فقط احتدم الصراع بينهم وبين الحراس، الأمر الذي قاد لجولات وصفتها الولايات المتحدة بـ “الأقل من القاتلة”.

في عام 2009، تعهد أوباما بإغلاق جوانتانامو خلال سنة، وربما أنه سمع بإصغاء وبتمعن لسلفه جورج بوش الذي عزم النية في فترات سابقة على إغلاق المعتقل، ولا بد أنه كان مدركا بحق أن السجن يعتبر الموظف الأكبر والأهم على مستوى العالم للإرهاب. ولكنه حذر بضرورة أن يكون بعيد النظر في قرارته فالشيطان يكمن في التفاصيل، وهذا الأمر سيفتح أمام إدارته أبوابا لا تغلق في مناقشات الكونجرس.

وقرر الرئيس أوباما أن يقوم بنقل المعتقلين إلى سجن ذي حراسة أمنية مشددة في إيلينويز، ولكن الفكرة تلاشت كليا وتم طي كل ملفاتها.

ومما جعل الأمر بالغ الصعوبة، هو أن الكونجرس الأميركي جعل الأمور أكثر تعقيدا عندما رفض خطة حاولت أن تنقل محاكمة خالد شيخ محمد، المتهم بتدبير وتنظيم أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والسجين الأكثر شهرة في جوانتانامو، إلى محكمة مدنية على أرض الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي الحفاظ على المال العام الأميركي ومنع استخدامه في نقل سجناء جوانتانامو إلى الولايات المتحدة الأميركية أو خارجها.

وحتى دان فريد المبعوث الخاص بإغلاق المعتقل، نجح في إعادة توطين 40 متهما خلال فترة أوباما الرئاسية الأولى.
ولكن مع نهاية شهر يناير، تمت إعادة تسمية السيد فريد وليس استبداله، ودمجت مهامه في المكتب القانوني للخروج النظامي في وزارات الولاية، وكان ذلك بمثابة القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير، حيث بدأت الإضرابات عن الطعام بعد الحادثة بأسبوع تقريبا.

وقال المعتقلون لمحاميهم إن أكثر من 130 سجينا شاركوا بالإضراب، فيما ادعى البنتاجون أن الأعداد لا تزيد عن 40، وتم إجبار أكثر من عشرة منهم على الطعام بالإكراه. وفي ظل التغييب الإعلامي وصعوبة التواصل مع المعتقلين في جوانتانامو فإنه من الصعب جدا، بل من المستحيل أن تعطي العدد الحقيقي.

وتعد الحادثة الأخيرة التي حصلت في السجن مشابهة بشكل كبير لسابقاتها، حيث من المتوقع أن تكون الشعلة الأولى انطلقت بسبب شكاوى بتعرض المتهمين للتعذيب وإساءة المعاملة من قبل حراس المعتقل، كما أن الشكاوى الأهم تتلخص بالإساءة لنسخ القرآن الكريم الموجودة بحوزة المعتقلين من قبل الأمن.

ولكن البنتاجون اعترف أن السبب الحقيقي للأحداث كان اليأس والقنوط، حيث إن المعتقلين أصبحوا متأكدين من أن إشارات إغلاق المعتقل من قبل الإدارة الأميركية لم تعد واقعية، وكما أنها لن تدرج بعد اليوم في قائمة الأولويات.
وقال العميد في البحرية الأميركية جون كيلي في كلمته أمام الكونجرس إنهم يحاولون الضغط علينا، عاقبوهم إعلاميا، من سيلومهم؟

وعلى كل الأصعدة فإن الجو العام في جوانتانامو لم يسبق له أن كان كئيبا بهذا القدر، دول الاتحاد السوفياتي كان لديها معسكرات اعتقال، ولكنه لم يكن ما نسبته 52% من السجناء بريئين وينتظرون الإفراج عنهم.

ورفضت المجموعات الطبية الممارسات التي تقوم بها سلطات المعتقل في الإكراه على الإطعام، حيث تقوم على تعدد طرقها، بربط المعتقلين على كراسي التكبيل، وتدفع بأنبوب لرفع أنوفهم وآخر تحت حنجرتهم، وتضخ السوائل داخل المعدة. أو عبر أنبوب يصل المعدة عبر الأنف، ويعد هذا الأسلوب أسهل مما كان متبعا في أوقات سابقة.

وعلى الرغم من أن المنظمات الحقوقية جميعا تعتبر الأمر نوعا من أنواع التعذيب، إلا أن العسكرية الأميركية تعتبره نوعا من التدخل العلاجي الذي يهدف إلى الإطعام.

عن Admin

اترك تعليقاً