“سيدة مصر الاولى” بين من يعتبرها ممثلة للتغيير ومن يرأها “رمزاً للتخلف”

“سيدة مصر الاولى” بين من يعتبرها ممثلة للتغيير ومن يرأها “رمزاً للتخلف”

نشرت صحيفة “انترناشنونال هيرالد تربيون” الخميس 28/6/2012 تحقيقاً من القاهرة عن زوجة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي من إعداد مي الشيخ وديفيد كيركباتريك.

  وجاء في التحقيق ان زوجة مرسي صارت بمظهرها التقليدي رمزاً للحرب الثقافية في البلاد.

  وهنا نص التحقيق: “ترتدي نجلاء علي محمود غطاء رأس ينسدل حتى الركبتين، ولم تدرس في الجامعة كما انها لا تحمل اسم عائلة زوجها لأن هذا تقليد غربي لا يسير عليه إلا مصريون قلائل.

  كما أنها ترفض لقب السيدة الأولى وتفضل عليه كنية أم أحمد التقليدية، التي تعرّف بها على أنها والدة أحمد، أكبر أبنائها.

  لمصر الآن رئيس جديد هو محمد مرسي، أول رئيس من الإخوان المسلمين وليس من الجيش.

  كما ان لها السيدة محمود، 50 عاما، التي تعتبر مواصفاتها عادية بالمقاييس المصرية المعاصرة، ما يجعل صعودها غير عادي.

  السيدة محمود تختلف جدا عن سابقتيها سوزان مبارك وجيهان السادات: المتكبرتين اللتين تفضلان االموضات على النمط نصف الانجليزي، والشعر المصفف جيدا وتحملان درجات جامعية.

  ومن خلال صورتها كامرأة تقليدية لا ملامح خاصة لها، فإن زوجة الرئيس المنتخب أصبحت رمزا للخط الفاصل في الحرب الثقافية التي جعلت الوحدة هدفا محتملا منذ خلع حسني مبارك.

  وهي تمثل بالنسبة الى البعض التغير الديموقراطي الذي وعدت الثورة به.

  وهي امرأة في القصر الجمهوري تشبه وتعيش الحياة التي تعيشها الامهات والاخوات في مصر.

  لكن البعض الآخر في النخبة المتشبهة بالغرب يعتبرها تجسيدا للتخلف والإقليمية التي يخشونها عند الإسلاميين في حركة الإخوان المسلمين.

  وتذمر احمد صلاح، 29 عاما، وهو يقول خلال تناوله القهوة مع أصدقائه في حي الزمالك: “لا استطيع أن أصفها بالسيدة الأولى تحت اي ظرف من الظروف. لا يمكن ان تكون صورة “لسيدات” مصر”.

  وأصبحت صورتها موضوعا لنقاشات حاقدة على مواقع الانترنت وفي الصحف. وتساءل كاتب عمود في صحيفة “الفجر” وكأنه غير مصدق: كيف ستستقبل قادة العالم، وهي ما تزال ملتزمة بمقاييس الحشمة الإسلامية التقليدية- لا تنظروا إليها. لا تصافحوها. إنه سيكون مشهدا كوميديا”.

  نوران نعمان، 21 عاما، وهي طالبة هندسة قالت إن السيدة محمود تربكها. وأضافت: “إذا سافرت إلى نيويورك أو اي مكان آخر فسيسخر الناس منك ويقولون: سيدتك الاولى ترتدي العباءة، ها ها ها. السيدات الأوليات قبلها كن أنيقات”.

  كثيرون غيرهم قالوا إن منتقديها تجاوزوا حدودهم. وقالت مريم مراد، 20 عاما، وهي طالبة علم نفس: “النساء أمثال سوزان مبارك شاذات عن القاعدة- وأنت لا تراهن يسرن في الشوارع. هذا بالضبط ما نحتاجه: التغيير”.

  داليا صابر، 36 عاماً، وهي محاضرة في كلية الهندسة قالت: “تبدو مثل أمي وهي مثل أم زوجي، وربما تبدو مثل أمك وأم أي شخص آخر”.

  وبالنسبة اليها فالسيدة محمود هي كل ما تعنيه ثورات الربيع العربي: اناس عاديون في السلطة”.

  وأضافت: “إنهم أشخاص مثلنا. وهذا يريح الشعب للغاية. الناس يشعرون أن هناك تغييرا”.

  السيدة محمود من جانبها قالت إنها تعلم أن ليس من السهل أن تكون زوجة اول رئيس إسلامي للدولة، وهو ما صرحت به لصحيفة الإخوان المسلمين، الحركة التي مضى على قيامها 84 عاما.

  ولو حاولت لعب دور فعال فهناك مخاطر مقارنتها بسوزان مبارك، التي يحتقرها المصريون على نطاق واسع لأنها مارست نفوذا كبيرا وراء الكواليس.

  ولكن إذا اختفت السيدة محمود كما تقول، فسيقولون إن محمد مرسي يخفي زوجته، لأن هذه هي الطريقة التي يفكر بها الإسلاميون”.

  ويظهر طريق السيدة محمود غير المتوقع إلى القصر الرئاسي مدى غربة تجربتها عن ثقافة النخبة المصرية القديمة عن الشعب المصري- أو ربما غربة النخبة عن هذا الشعب.

  تجربتها كانت بدايتها نمطية للغاية: فقد نشات في حي عين شمس الفقير، وكانت في السابعة عشرة وفي المرحلة الثانوية عندما تزوجت من ابن عمها، مرسي، الذي يكبرها باحد عشر عاما.

  وهو الآخر نشأ فقيرا في قرية العدوة الصغيرة في دلتا النيل بمحافظة الشرقية، لكنه تفوق في كلية الهندسة بجامعة القاهرة.

  وبعد ثلاثة أيام على زفافهما غادر مصر إلى لوس أنجليس للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة ساوثرن كاليفورنيا.

  وأنهت دراستها الثانوية، ودرست اللغة الانجليزية في القاهرة.

  وبعد عام ونصف العام من زواجها انضمت إلى زوجها في لوس أنجليس، حيث تطوعت في بيت الطالبات المسلمات، وكانت تترجم الخطب الدينية للنساء المهتمات باعتناق الإسلام.

  في لوس أنجليس دعيا للانضمام لحركة الإخوان المسلمين، وهو عرض حدد مسيرة حياتهما لاحقا.

  وقالت لصحيفة الحركة: “كنت دائما أقول إن الإخوان لا يعصبون عيون الناس.

  ومنذ البداية وصفوا لنا الوضع وقالوا إن الطريق مليء بالمخاطر”.

  واضافت إن دعاة الإخوان قالوا لمحمد مرسي أن عليه التأكد من أن زوجته توافق على قراره قبل أن ينضم، وأخبروه أنهم “يهتمون باستقرار العائلة أكثر من اهتمامهم بانضمام عضو جديد”.

  وولد الطفلان الأولان من اطفالهما الخمسة في لوس أنجليس ويحملان الجنسية الأميركية.

  وبعد ان حصل مرسي على الدكتوراه لم ترغب زوجته في البداية بمغادرة لوس انجليس وفقا لما ذكرته في مقابلة على موقع الاخوان.

  لكن مرسي اراد أن يتربى أولاده في مصر.

  وبعد عودتهما عام 1985 تولى مرسي التدريس في جامعة الزقازيق قرب قريته شمالي القاهرة، وبدأ في الترقي داخل كوادر الإخوان.

  أما زوجته وهي ربة بيت فقد أصبحت داعية في الفرع النسائي من الإخوان وكانت تثقف الفتيات في ما يتعلق بالزواج وتقول أدبيات الحركة: “الرجال خلقوا ليقودوا، وعلى النساء أن يتبعنهم”.

  ومثل مصريين كثيرين سافر الى الخارج ليكسب دخلاً اضافياً، وقام بتدريس الهندسة في جامعة ليبية من 1988 الى 192.

  وفي نهاية الامر حصل على مال كاف لترك شقتهم المستأجرة وشراء شقة في الزقازيق ودفع عربون على سيارة “ميتسوبيشي لانسر”، كما قال اصدقاء للعائلة في الشرقية.

  وحُظِرَت جماعة الاخوان المسلمين في عهد الرئيس مبارك ولم يكن القيام بدور قيادي امراً سهلا دائما بالنسبة الى مرسي او عائلته.

  وقال لها قبل ان يغادر للمشاركة في احتجاج في 2006: “لا ادري ان كنت سأعود لاراك. المرة المقبلة التي نلتقي فيها قد تكون في سجن طرة”.

  ولم يعد لسبعة شهور تقريباً قضاها معتقلاً، كما قالت السيدة محمود لصحيفة الاخوان.

  ومن بين ابنائها، اعتقل احمد مرات عدة، واعتقل اسامة وضرب خلال ثورة العام الماضي، وتعرض عمر للضرب.

  (ويعمل احمد، كما فعل والده قبله، في الخارج ليدخر مالاً، وهو يشتغل في السعودية طبيباً اخصائياً في المسالك البولية).

  في سنة 2000 انتخب مرسي عضواً في مجلس الشعب وصار زعيم كتلة الاخوان المسلمين التي ضمت 17 نائباً لكنه خسر في الانتخابات اللاحقة وسط اتهامات بعمليات تلاعب واسعة بالاصوات من جانب حزب مبارك الحاكم.

  وفي ثقافة مصر الابوية، خصوصاً في اوساط الاسلاميين، نادراً ما يتحدث الرجال علناً عن زوجاتهم، ويكاد ذكرهن بالاسم ان يكون من المحرمات.

  لكن مرسي يعرب بصورة فائقة للعادة عن تقديره لزوجته حتى على صعيد علني، ويقول احياناً في مقابلات تلفزيونية ان الزواج منها “كان اكبر انجاز شخصي في حياتي”.

  وقالت لمجلة “نصف الدنيا” انه يساعدها احياناً في الاعمال المنزلية بل ويطبخ لها واضافت: “يعجبني كل شيء فيه.

  ولم تستمر اي من مشاجراتنا ابداً اكثر من دقائق قليلة”.

  وكثيراً ما ظهرت مع زوجها خلال الحملة، مع انها نادراً ما تكلمت علناً.

  وعندما طلب منها صحافي يعمل في احدى المجلات التقاط صورة لها قالت “فقط اذا جعلتني صوركم ابدو اصغر عمراً وانحف قليلاً”.

  والآن بدأ المصريون يتندرون ويعربون عن اعجابهم بوجود ربة بيت من بلدة صغيرة في قصر الرئاسة.

  وتبدأ بعض النكات بـ”ام احمد نادت على ام جمال”، في اشارة الى زوجة مبارك باسم ابنها جمال.

  وتقول السيدة نجلاء محمود مع ذلك انها ليست واثقة الى ذلك الحد بشأن (العيش في) القصر: “كل ما اريده هو العيش في مكان بسيط اؤدي فيه واجباتي كزوجة.

  ان مكاناً مثل القصر الرئاسي يعزلك كلياً عن العالم الذي يعيش فيه الناس، والبعد يقسي القلب”.

عن Admin

اترك تعليقاً