تحرك فرنسا ضد مالي حربًا صليبية تقام ضد المسلمين

تحرك فرنسا ضد مالي حربًا صليبية تقام ضد المسلمين

تحليل – شبكة المرصد الإخبارية

مالي دولة نهرية لا ساحلية، وتتشابك بحدود مع الجزائر والسنغال وموريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج، وفقيرة في مواردها الشحيحة، غير أن التقاطعات القبلية والدينية وأكثريتها التي تدين بالإسلام جعل موقعها معقداً مع جيران لا يختلفون معها في الأزمات، غير أن نمو الحركة الإسلامية وحصولها على أسلحة استطاعت بها هذه الجماعات الاستيلاء على مدينة استراتيجية في الوسط أخاف فرنسا من سقوط مدن أخرى، وبضوء أخضر من الحلفاء دخلت في حرب مع تلك الجماعات مخترقة الحدود الجزائرية، وهو ما أثار متعاطفين مع الماليين والاستيلاء على حقل غاز جزائري واحتجاز واحد وأربعين رهينة فيهم أمريكيون، وفرنسيون وبريطانيون ويابانيون..
هذا وقد تساءل خطيب جامع السديس الشيخ إبراهيم الحارثي في خطبة الجمعة يوم أمس عن تحرك فرنسا ضد جمهورية مالي قائلاً: «مالذي يحرك فرنسا العظمى ضد جمهورية مالي؟ لماذا يتحرك أسطول الطائرات لضرب مجموعة من المتشددين والإرهابيين؟».
معتبرًا تحرك فرنسا ضد مالي حربًا صليبية تقام ضد المسلمين قائلا: «ليكونوا إرهابيين ومتطرفين ومتشددين وقاعديين ليكونوا مايكونون فهل لفرنسا الحق في التحرك وأسطولها الجوي ويدعمها العالم لكي تضرب 2500 أو 10000 في غرب أفريقا التي لا يسكنها إلا القليل من البشر فماذا يحدث؟ فهل تحرك العالم وضميره للحفاظ على السلم الأهلي في مالي وسوريا يا أهل حقوق الإنسان؟، ففرنسا تدعي حقوق الإنسان وهي عضو دائما في مجلس الأمن وتقوم بما تقوم به».
قائلا: «جمهورية مالي هي جمهورية أفريقية لا أريد إلا أن النقل عنها معلومات فهي جمهورية غرب الصحراء الكبرى مساحتها 1246000 كم لا تطل على محيط ولا بحر ولا خليج عدد السكان فيها يتجاوز 12 مليون نسمه 90% من سكانها مسلمون و10% مسيحيون ووثنيون، فيها أكثر من 310 من المنظمات التنصيرية العالمية التي تتبع مجلس الكنائس العالمي ويقال أن نصف إنتاج الذهب العالمي من مالي وثلث اليورانيوم الذي تستخدمه فرنسا لتشغيل معاملها النووية من مالي فهي مستعمرة من قبل فرنسا».
وتابع قائلاً: «لماذا تتحرك فرنسا وتضرب شمال مالي وهي المنطقة التي بها قبائل عربية يحفظون كتاب الله تعالى ويحفظون عددًا من المنظومات في الفقه والأدب وغير ذلك هم مسلمون اختاروا لأنفسهم أن يطبقوا الشريعة الإسلامية فأبت عليهم فرنسا أن يطبقوا ذلك فهذه حرب صليبية على المسلمين في مالي، حربٌ على هذا الإقليم الذي أراد أن يطبق شرع الله، فحينما يترك الإعلام العربي ليروّج بيننا أن هذه الحملة موجهة لمواجهة الإرهاب في مالي فحينها تعلم لماذا تراجعت والأمة؟ ولماذا انتكست؟ ولماذا هي عالم ثالث؟».
رؤية فرنسا تنطلق من مصالحها التاريخية والراهنة وبدوافع تختلف عن رؤية دول بعيدة عن القضية وتداعياتها، ولعل الأزمة المادية التي تعصف بأوروبا وأمريكا والتورط في حروب جديدة تستنزف مواردها، تبقى مسألة صعبة تستدعي المراجعة، لأن تجربة أفغانستان والعراق، والتكاليف التي قدرت بالبلايين خسائر أمريكية، لا تقوى عليها الدول الأوروبية خاصة في الظروف الراهنة، وحتى من الجانب السياسي سوف تنظر لها الشعوب الإسلامية بأنها تكرار لحرب صليبية جديدة بمبررات لا تقنعهم بأن مالي لا تزال دولة لها مصالح أمنية ومادية مع فرنسا وغيرها..
الجزائر قد تدخل في اشكالات جديدة مع إسلاميين عقدت معهم مصالحة لا تزال هشة، وقد تكون مخاوف الدولة غير تقديرات المنظمات الجزائرية الإسلامية، ومالي ستكون مشكلة معقدة للجزائر ودول الجوار ، وقد يكون المستقبل ضبابياً، إذا ما توسعت الحرب في متاهة الصحراء القادرة على ابتلاع كل شيء بما فيها من تورطوا في حرب داخلها..

ما هي تداعيات هذه القضية على بلدان الجوار وعلى فرنسا التي اعتمدت الذراع العسكري لحسم الأمر، هل يعني ذلك جر الدول المجاورة لها لحرب طويلة، وخلق صومال أو أفغانستان جديدة في غرب افريقيا، وفي مساحات صحراوية هائلة، ثم هل جاذبية الإسلام السياسي سوف تدفع بعناصر من القاعدة وغيرها الدخول في حرب عصابات طويلة تستنزف فرنسا ودول الجوار معاً، وما انعكاساتها افريقياً وعالمياً على أمن تلك المنطقة التي ظلت معظمها خاضعة للاستعمار الفرنسي، ولا تزال لغتها الرسمية في تلك البلدان؟..
عملياً، فرنسا لابد أن تحصل على دعم عسكري ومادي من حلفائها، وتحاول أن تطلب مساهمة دول الخليج مادياً في حملتها، وهو الأمر الذي سيضع دول الخليج في مأزق وحرب مباشرة هي في غنى عنها ، وسيكون اتهام دول الخليج العربي بالحرب على اخوة مسلمين على يد دولة تعاديهم وهذا بحد ذاته موقف لا يمكن قبوله للدخول في مأزق صراع ليست طرفاً ولا تريد أن تكون جزءاً من أزمته؟ . فماذا هم فاعلون ؟.

عن marsad

اترك تعليقاً