سجن الحاير

رسالة علماء الحاير إلى المسلمين عامة

سجن الحاير
سجن الحاير

رسالة علماء الحاير إلى المسلمين عامة

 

شبكة المرصد الإخبارية

 

علماء سجن الحاير في رسالة مسربة إلى المسلمين عامة يناشدونهم العمل على فك العاني.

وقالوا في الرسالة التي حصلت شبكة المرصد الإخبارية على نسخة منها : إننا لنعجب من أخيار وفضلاء، ودعاة وعلماء، كم دافعنا عنهم بأقلامنا، ونافحنا عنهم بألسنتنا، وهجرنا من أجلهم أهالينا، وفرغنا لهم أوقاتنا، وبذلنا في نصرتهم أرواحنا، ثم نراهم يتفرجون علينا في سجننا ومحنتنا وكأنهم لايعرفوننا، ولايعنيهم أبداً شأننا، إننا لنُذكِّر مجتمعنا وإخواننا ودعاتنا وعلمائنا ومشائخنا، بحقِّ الإسلام وأخوَّته، وبعهد الله تعالى وميثاقه، ووجوب نصرة الحق وأهله، وردع الظالم ودحضه، ونصر الأسير وفك أسره.

 

وأضافت الرسالة : أيها المسلمون قوموا بواجبكم بنصرة إخوانكم وأخواتكم في السجون والمعتقلات، وأبرؤوا ذممكم أمام ربِّ البريات، واعلموا أن قول الحق لايقرِّب أجلاً ولايضيِّق عيشاً، بل يرفع الدرجات، ويورث الجنات، واعلموا أن الأيام دُول، وكما تدين تُدان، وأن من نصر أخاه المسلم نصره اللهُ في موطن يحب نصرته فيه، وأن من خذل مسلماً خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، والشكر موصول لكل من وقف معنا من الرجال الكرام من أهل المسيرات والاعتصامات، الذين ما برحوا يتعرضون للمخاطر في مظانها؛ تلبية لدعوة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه.

 

وفيما يلي نص الرسالة التي حصلت شبكة المرصد الإخبارية على نسخة منها:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

– أمّا بعد فإن الله عز وجلّ قد منَّ على أهل الإيمان بأن جعلهم إخوة في الدين والإسلام، يحبُ بعضهم بعضاً، وينصر بعضهم بعضاً، ويفرح كلّ واحدٍ منهم لفرح أخيه ويحزن لحزنه، والأدلة على ذلك كثيرة متواترة من الكتاب والسنة ومنها :-

 

١- قال تعالى { إنما المؤمنون إخوة } وقال أيضا { فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً } ..

 

٢- وفي الصحيحين مرفوعاً عن أنس [ لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو لجاره مايحب لنفسه ] ..

 

٣- وفيهما عن النعمان بن بشير مرفوعاً [ مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ] وفي رواية لمسلم [ المؤمنون كرجل واحد، إن اشتكى عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله ] ..

* وذكر البخاري في صحيحه حديث النعمان ، وذكر معه حديث جرير البجلي (من لايَرحم لايُرحم)، وأحاديث أخرى، وبوَّب عليها (باب رحمة الناس والبهائم). قال ابن حجر : أي صدور الرحمة من الشخص لغيره، وكأنه أشار إلى حديث ابن مسعود رفعه [لن تؤمنوا حتى ترحموا، قالوا: كلنا رحيم يارسول الله، قال: إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة الناس رحمة العامة ] أخرجه الطبراني ورجاله ثقات ..

* وقال القاضي عياض على حديث النعمان ” وفيه تعظيم حقوق المسلمين والحظ على تعاونهم وملاطفة بعضهم بعضاً ” وقال ابن أبي حمزة “شبَّه النبي الإيمان بالجسد وأهله بالأعضاء ” .

 

٤- وعند أحمد والطبراني عن سهل بن سور مرفوعاً [ إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن من أهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس ] قال الهيثمي (رجال أحمد رجال الصحيح) .

 

٥- وفي الصحيحين عن أبي موسى مرفوعاً [ المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضه بعضاً ] وشبَّك بين أصابعه.

* وبوَّب البخاري في صحيحيه (باب نصر المظلوم) ثم ذكر حديث البراء قال [ أمرنا النبي بسبع ونهانا عن سبع -وذكر منها- (نصر المظلوم) ] وثم ذكر حديث أبي موسى.

* قال ابن حجر: قرأت باب (نصر المظلوم) وهو فرض كفاية، وهو عام في المظلومين، وكذلك في الناصرين، ويتعيَّن أحياناً على من له قدرة عليه وحده.

 

٦- وفي البخاري عن أنس مرفوعاً: [ انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ] قالوا: يارسول الله، ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ؟ قال: [ تأخذ فوق يديه ]. وفي رواية أخرى [ تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره ].

 

٧- وعند مسلم عن جابر بن عبدالله [ ولينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينهه، فإنه له نصر، وإن كان مظلوماً فلينصره ].

* ومن المعلوم في اللغة العربية؛ أن الأمر عند الإطلاق يقتضي الوجوب. وهو هنا أمر مطلق لاصارف له عن الوجوب؛ إلا لمن لا قدرة له ولا استطاعة فهذا معذور غير آثم، وأما المستطيع فإنه إن لم ينصر المظلوم فهو آثم غير معذور .

 

٨- وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعاً المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كانالله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة؛ فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ] ..

 

٩- وعند مسلم عن أبي هريرة [ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه].

* قال النووي : “في هذا فضل إعانة المسلم وتفريج الكرب عنه، وستر زلاته، ويدخل في كشف الكربة وتفريجها من أزالها بماله أو جاهه أو مساعدته، والظاهر أنه يدخل فيه من أزالها بإشارته ورأيه ودلالته”.

* وقال ابن حجر: “قول (لايسلمه) أي لايتركه مع من يؤذيه، ولا فيما يؤذيه ، بل ينصره ويدفع عنه وهذا أخص من ترك الظلم”.

* وقال ابن رجب: “وأيضاً فإن الأخ من شأنه أن يوصل إلى أخيه النفع، ويكف عنه الضرر، ومن أعظم الضرر الذي يجب كفه عن الأخ المسلم الظلم”.

* وقال أيضاً: “الكربة هي الشدَّة العظيمة التي توقع صاحبها في الكرب، وتنفيسها أن يخفف عنه منها، مأخوذ من تنفيس الخناق، كأنه يرخي له الخناق حتى يأخذ نفساً، والتفريج أعظم من ذلك، وهو أن يزيل عنه الكربة فتنفرج عنه كربته فيزول همه وغمه، فجزاء التنفيس التنفيس كما في حديث أبي هريرة وجزاء التفريج التفريج كما في حديث ابن عمر، وقد جمع بينهما في حديث كعب بن عجرة” وحديث كعب رواه الطبراني بإسناد ضعيف.

 

١٠- وفي الصحيحين عن أبي موسى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: [ اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ماشاء] ..

* قال النووي: فيه استحباب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة، سواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كفِّ ظلم، أو إسقاط تعزير، أو تخليص عطاء لمحتاج، أو نحو ذلك، وأما الشفاعة في الحدود فحرام، وكذلك الشفاعة في تتميم باطل أو إبطال حق ونحو ذلك فهي حرام”.

* وقال القاضي عياض: “ولا يستثنى من الوجوه التي تستحب فيها الشفاعة إلا الحدود، وإلا فما لاحد فيه تجوز الشفاعة فيه، ولا سيما ممن وقعت منه الهفوة أو كان من أهل الستر والعفاف، وأما المصرِّون على فسادهم والمشتهرون في باطلهم فلا يشفع فيهم ليزجروا عن ذلك “.

* وبوَّب البخاري في صحيحه (باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضاً) ثم ذكر حديث أبي موسى ( المؤمن للمؤمن كالبنيان) وذكر حديث ( اشفعوا ….)

* قال ابن حجر: وفي الحديث الحض على الخير بالفعل، والتسبب إليه بكل وجه، والشفاعة إلى الكبير في كشف كربةٍ ومعونة ضعيف، إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى الرئيس ولا التمكن منه ليلج عليه.

 

١١- وروى البخاري عن أبي موسى مرفوعاً: [ فكوا العاني -يعني الأسير- وأطعموا الجائر، وعودوا المريض ].

* قال ابن حجر، قال ابن بطال “فكاك الأسير واجب على الكفاية وبه قال الجمهور”.

*وذكر ابن رجب أن الحسن البصري بعث قوماً من أصحابه في قضاء حاجة لرجل وقال لهم: (مرُّوا بثابت البناني فخذوه معكم فأتوا ثابتاً، فقال: أنا معتكف، فرجعوا إلى الحسن فأخبروه، فقال: قولوا له يا أعمش أما تعلم أن مشيك في حاجة أخيك المسلم خير لك من حجة بعد حجة ، فرجعوا إلى ثابت فترك اعتكافه وذهب معهم ).

 

– وبعد هذه النصوص الشرعية من الكتاب والسنة وكلام علماء الأمة، فإن من المعلوم عند المسلمين أن ثلة من الأخيار والصالحين، والمحتسبين والمجاهدين؛ يرزحون في أغلال السجون منذ سنين، بغير منكر فعلوه، ولا جرم اقترفوه، وإنما سُجنوا بسبب ماحلَّ في قلوبهم من الإيمان والإحسان، وعملهم بأحاديث سيد الأنام، عليه أفضل الصلاة والسلام، وتطبيقها في واقع المسلمين الحزين، الذي يواجه حملة الصليبين المستعمرين، وأذنابهم من الرافضة والمنافقين، فقاموا بنصرة إخوانهم والدفاع عن أرواحهم وأعراضهم، غيرة لرب العالمين، وبحثاً عن مرضاة إله الأولين والآخرين، فما كان جزاؤهم على بذلهم وعطائهم، واجتهادهم وإحسانهم، إلا أن زُجَّ بهم في السجون، وجعلت في أيديهم وأرجلهم القيود، وغُمّمت منهم العيون، وحيل بينهم وبين أهاليهم ومن يحبون، فلا إله إلا الله .. كم من طفل تيَّتم، وكم من زوجة ترمَّلت، وكم من والد فقد ولده وقرة عينه، وكم من أمٍّ مرضت وقضت نحبها شوقاً لفلذة كبدها، والعجيب في ذلك أن الأمَّة مجمعة على أنهم بريئون مظلومون، ومع ذلك لم يهب لنصرتهم إلا النادر القليل !! ولم يتكلم في شأنهم ووجوب إطلاق سراحهم إلا الشجاع الصنديد، ياسبحان الله، يهب العلمانيون لنصرة إخوانهم الملحدين، ويخرجونهم من السجون بعد محاكمتهم وخروج الصكوك !!

ويقيم الرافضة الدنيا ولايقر لهم قراراً حتى يُخرجوا إخوانهم المفسدين في الأرض المحادين لله ولرسوله،

وأسرى أهل السنة ليس لهم ناصر ولا مدافع ولا مطالب ولا شافع، واإسلاماه واإسلاماه !!!

 

— بل وأعجب من ذلك؛ أن يكون أقوى المناصرين لهم المطالبين بفك أسرهم هنّ النساء الشريفات، الطاهرات الماجدات، اللاتي بذلن أنفسهن و أرواحهن لربِّ البريات، ولم يبالين أبداً بالسجن و الاعتقالات، و البيانات والتهديدات والتعهدات، فقد ضربن أروع الأمثلة في البذل والشهامة، والقوة والشجاعة، وذكَّرننا بأمِّ سُليم وأم عمارة، ولكن المحزن المقلق أن تعتقل النساء الحرائر، العفيفات الكرائم، ولا يقف معهن إلا قلة من الرجال الأشاوس !!

ياللخزي وياللعار وياللشنار، أين أخوَّة الإسلام ومودته ؟!

بل أين نخوة العرب وكرمهم ؟! بل أين شجاعة الرجال وعزتهم ؟!

 

إن من العجب العجاب .. أن يقيم (بعض)المحتسبين الدنيا ولايقعدوها ويجتمعوا بالمئات أمام الديوان لمطالبهم -وهو حقٌّ وخير منهم- وفي المقابل تعتقل الحرائر، وتؤذى الكرائم، فلا يحرك ذلك فيهم ساكناً، ولايحرق لهم قلباً، إلا من رحم الله، فما هذه المفارقات والمتناقضات !!!

إننا لنعجب من أخيار وفضلاء، ودعاة وعلماء، كم دافعنا عنهم بأقلامنا، ونافحنا عنهم بألسنتنا، وهجرنا من أجلهم أهالينا، وفرغنا لهم أوقاتنا، وبذلنا في نصرتهم أرواحنا، ثم نراهم يتفرجون علينا في سجننا ومحنتنا وكأنهم لايعرفوننا، ولايعنيهم أبداً شأننا، إننا لنُذكِّر مجتمعنا وإخواننا ودعاتنا وعلمائنا ومشائخنا، بحقِّ الإسلام وأخوَّته، وبعهد الله تعالى وميثاقه، ووجوب نصرة الحق وأهله، وردع الظالم ودحضه، ونصر الأسير وفك أسره.

 

— أيها المسلمون قوموا بواجبكم بنصرة إخوانكم وأخواتكم في السجون والمعتقلات، وأبرؤوا ذممكم أمام ربِّ البريات، واعلموا أن قول الحق لايقرِّب أجلاً ولايضيِّق عيشاً، بل يرفع الدرجات، ويورث الجنات، واعلموا أن الأيام دُول، وكما تدين تُدان، وأن من نصر أخاه المسلم نصره اللهُ في موطن يحب نصرته فيه، وأن من خذل مسلماً خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، والشكر موصول لكل من وقف معنا من الرجال الكرام من أهل المسيرات والاعتصامات، الذين ما برحوا يتعرضون للمخاطر في مظانها؛ تلبية لدعوة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه:

 

(فكو العاني) ولكْم والله نلمس من البهجة والسرور، والشعور بالنشوة والحبور، على من هم في الأسر مكبلين، عندما تفد إلينا الأخبار والأنباء، عما يقومون به من مناصرة ومعاضدة ، فلله درُّهم وعلى الله أجرهم ..

 

— وأما شكرنا الجزيل، وثناؤنا العطر، ودعاؤنا الدائم، فهو لأخواتنا الكريمات المناصرات، حفظهن الله ورعاهُن، وأيَّد بهن ونصرهن، وستر عليهن، وكفاهن شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار ..

 

— وختاماً نقول للجميع ماقاله الإمام ابن القيم في نونيته :

والحق منصور وممتحن فلا تحزن فهذي سنة الرحمانِ

وبذاك يظهر حزبه من حربه ولأجل ذاك الناس طائفتانِ

ولأجل ذاك الحرب بين الرسل وال كفار مذ قام الورى سِجلانِ

لكنَّما العقبى لأهل الحق إن فاتت هنا كانت لدى الديَّانِ

 

اللهم أنصر من نصر الدين وعبادك الصالحين، واخذل من خذل الدين وعبادك الصالحين، اللهم انصر المظلومين وفك أسر المأسورين، وانصر عبادك المجاهدين في سبيلك في كل مكان يارب العالمين ..

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

رسالة مسربة من “علماء الحاير”

عن Admin

اترك تعليقاً