
اتفاقية سرية بين السودان وإثيوبيا تهدد أمن النيل .. السبت 6 سبتمبر 2025م.. مصر تواجه أزمة دوائية مدمّرة وديون تُخنق الصناعة وهيمنة عسكرية تُعطّل السوق
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
* مقتل المعتقل إبراهيم صقر بأزمة قلبية أثناء الصلاة بسجن “وادي النطرون”
شهدت السجون واقعة وفاة جديدة تضاف إلى سلسلة متواصلة من الضحايا، إذ توفي المعتقل إبراهيم عيد صقر، البالغ من العمر 63 عامًا، من قرية زاوية صقر التابعة لمركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، إثر إصابته بأزمة قلبية حادة ومفاجئة أثناء أدائه صلاة الظهر مع زملائه داخل محبسه بسجن وادي النطرون، يوم الأربعاء 3 سبتمبر 2025.
وبحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد سقط صقر مغشيًا عليه أثناء الصلاة، ورغم محاولات إسعافه، لفظ أنفاسه الأخيرة. وأكد رفاقه في الزنزانة أنه كان يتمتع بصحة جيدة قبل الواقعة، ما أثار تساؤلات حول سرعة الاستجابة الطبية ومستوى الرعاية داخل السجن.
سيرة إنسانية قبل الاعتقال
عمل صقر بالتجارة والأعمال الحرة قبل اعتقاله، وكان مشهودًا له بين أبناء قريته بالالتزام الديني والمشاركة في الأعمال الخيرية، اعتقلته قوات الأمن في 17 أبريل 2017، وأعيدت محاكمته في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”أحداث حوش عيسى”، التي شملت العشرات من المعارضين السياسيين بمحافظة البحيرة.
ورغم الانتقادات الحقوقية للمحاكمة، التي وُصفت بأنها افتقرت لمعايير العدالة، صدر بحقه حكم بالسجن عشر سنوات، قضاها خلف القضبان حتى وفاته.
موجة وفيات متصاعدة
وفاة صقر لم تكن الأولى هذا العام، إذ سجلت منظمات حقوقية تصاعدًا لافتًا في عدد الوفيات داخل السجون وأماكن الاحتجاز. وخلال شهر أغسطس 2025 وحده، وثقت منظمة “هيومن رايتس إيجيبت” وفاة 17 محتجزًا، جاءت أسبابها بين التعذيب المباشر، الإهمال الطبي، وظروف الاحتجاز غير الإنسانية.
وفيما يلي قائمة الوفيات الموثقة خلال أغسطس الماضي:
1- عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن – توفي يوم 2 أغسطس 2025 داخل قسم شرطة العمرانية بالجيزة نتيجة التعذيب والضرب أثناء الاحتجاز.
2- رجب ثابت – توفي يوم 4 أغسطس 2025 في محبسه ببني سويف بسبب ظروف احتجاز غير آدمية وإهمال طبي، مع تأخر إبلاغ أسرته أربعة أيام.
3- الدكتور ناجي علي البرنس (69 عامًا) – توفي يوم 5 أغسطس 2025 في سجن بدر 3 نتيجة نقص الرعاية الصحية، بعد ثلاث سنوات من الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 1222 لسنة 2021.
4- الدكتور عاطف محمود زغلول (52 عامًا) – توفي يوم 8 أغسطس 2025 في مستشفى نُقل إليها من مركز شرطة أبو كبير بالشرقية إثر أزمة قلبية لم تُعالج في الوقت المناسب.
5- تامر حسني عبد الحميد دسوقي (56 عامًا) – توفي يوم 11 أغسطس 2025 في سجن ليمان المنيا نتيجة قصور حاد في القلب ومضاعفات السكري، بعد اعتقال دام أكثر من عشر سنوات.
6- وائل يوسف خيري بشارة – “كيرلس” (20 عامًا) – توفي يوم 13 أغسطس 2025 في قسم الأهرامات بالجيزة بعد أسبوع واحد من اعتقاله، نتيجة التعذيب.
7- علي حسن عامر (77 عامًا) – توفي يوم 15 أغسطس 2025 في سجن وادي النطرون نتيجة الإهمال الطبي بعد 12 عامًا من الاعتقال.
8- حازم فتحي – توفي يوم 16 أغسطس 2025 في سجن نجع حمادي بمحافظة قنا نتيجة التعذيب.
9- رمضان السيد حسن – “إسلام” – توفي يوم 16 أغسطس 2025 داخل قسم المنشية بالإسكندرية نتيجة الضرب حتى الموت.
10- محمد أحمد سعد – “الصاوي” – توفي يوم 16 أغسطس 2025 داخل قسم المنشية بالإسكندرية نتيجة الإهمال الطبي.
11- وليد أحمد طه – توفي يوم 16 أغسطس 2025 داخل قسم ثاني شبرا الخيمة بالقليوبية نتيجة التعذيب.
12و13- وفاة مواطن وزوجته – توفيا يوم 16 أغسطس 2025 داخل قسم المنشية بالإسكندرية بعد تعرضهما للتعذيب.
14- محرم فؤاد علي عزب (50 عامًا) – توفي يوم 20 أغسطس 2025 بعد ساعات من اعتقاله نتيجة التعذيب.
15- سيف إمام (23 عامًا) – توفي في أغسطس 2025 داخل قسم عين شمس بالقاهرة، بعد تعرضه لتعذيب وحشي على أيدي ضباط ومحتجزين، أدى إلى تهشم جمجمته وتهتك أنفه.
16- مهند أحمد عبد العظيم الفقي (30 عامًا) – توفي في أغسطس 2025 بمركز شرطة منوف في المنوفية بعد ستة أشهر من الاحتجاز على ذمة قضية مخدرات، نتيجة التعذيب.
17- السيد عبد الله عطوة (61 عامًا) – توفي يوم 27 أغسطس 2025 داخل مستشفى الأحرار بالزقازيق بعد تدهور حالته الصحية داخل سجن العاشر بسبب الإهمال الطبي.
دعوات متجددة للمحاسبة
هذه الوفيات المتتالية تعكس، بحسب منظمات حقوقية محلية ودولية، أزمة بنيوية في منظومة السجون، حيث تتحول الزنازين إلى بيئة تهدد حياة المحتجزين بدلًا من حمايتهم.
وتطالب المنظمات بفتح تحقيقات عاجلة وشفافة في أسباب الوفيات، ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات، إلى جانب الإفراج الفوري عن كبار السن والمرضى، ووقف سياسة الإهمال الطبي التي تُعد بمثابة “إعدام بطيء”.
وفاة الحاج إبراهيم صقر وهو يؤدي الصلاة داخل محبسه، بالتوازي مع سلسلة وفيات مأساوية خلال أغسطس الماضي، تعكس خطورة الأوضاع داخل السجون وتعيد إلى الواجهة ملفًا يثير قلقًا حقوقيًا واسعًا محليًا ودوليًا.
* السجون الجديدة في مصر: تأهيل شكلي وإخفاء للواقع المأساوي
أصدرت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تقريرًا موسعًا بعنوان “هل ساهمت السجون الجديدة في تحسين أوضاع المحتجزين؟”، أكّدت فيه أن المراكز الجديدة للإصلاح والتأهيل التي أُنشئت عام 2021 تحت لافتات تطويرية وبكلفة عالية، فشلت في تحسين حياة المحتجزين أو مواجهة الانتهاكات الإنسانية داخلها.
اعتمد التقرير على شهادات 16 شخصًا؛ بينهم سجناء سابقون وأسرهم ومحاموهم، واستهدف أربعة من أحدث السجون في مصر: مراكز العاشر من رمضان (رجال ونساء)، بدر 1، وبدر 3. بكشفه عن أبرز القضايا التي ما زالت مستمرة، أبرز التقرير أماكن تقدم عمراني ولم تُرافقها إصلاحات في الرعاية والحقوق.
بين المظهر والتطبيق: أشكالٌ لا تكفي
رغم تحديثات قانون السجون وتبني الإدارة لمصطلحات مثل “مركز إصلاح وتأهيل” بدل “سجن”، لم يتغيّر شيء جوهريًا. ما تزال الانتهاكات تمارس تحت عباءة التجديد:
- نقص الرعاية الصحية: رغم وجود عيادات ومرافق طبية، شهد المحتجزون رفضًا في الفحص عند الدخول، ونقصًا حادًا للأدوية، وجبراً على الدفع مقابل العلاج، ما تسبب في تسجيل حالات وفاة.
- البيئة القاسية: زنازين أوسع لكن سيئة التهوية والإضاءة، فتحات سقفية صغيرة، نقص مياه صالحة للشرب، وانقطاع للصرف الصحي.
- تقييد الزيارات: المسافات البعيدة عن المدن، خصوصًا في العاشر من رمضان وبدر، جُعلت زيارة السجناء رحلة شاقة تبدأ فجرًا، وتُمنع غالبًا إدخال الطعام أو الدواء، ما اضطر الأهالي لشراء احتياجات من “الكانتين” بأسعار عالية.
- الإجراءات العقابية القاسية: الحبس الانفرادي، قطع المياه والكهرباء، منع الدواء، التعذيب بالصعق الكهربائي والضرب. كما وثّق التقرير إضرابات عن الطعام، ومحاولات انتحار، وعبث بصحة النفسية للمحتجزين.
التقني لا يكفي: كاميرات الترصد دون حماية
الزنازين مزودة بكاميرات مراقبة وإضاءة مستمرة، لكن بدل أن تحمي المحتجزين، حُوّلت إلى أدوات للمراقبة النفسية المستمرة، ومنعت حتى النوم الطبيعي لهم. تجاهل إدارة السجون نداءات الاستغاثة عبر الكاميرات والميكروفونات أدى إلى اندلاع الإضراب في بدر 1 و3، وفقًا للتقرير.
الزنازين “المُطهّرة” تُخفي الشوائب
الإصلاحات اللي برنتها الإدارة في التعديلات التشريعية وإنشاء المراكز الجديدة لم تُترجم إلى واقع إنساني أفضل. فالسجون الحديثة ليست سوى واجهة لسياسات قمعية مستمرة، يتعاون فيها ضباط أمن الدولة مع إداراتم لتطبيق سلطات غير خاضعة للرقابة الحقيقية، حسب وصف التقرير.
الاستنتاج: لا إصلاح دون تغيير سياسي مؤسسي
اختتمت الجبهة تقريرها بالقول: “أي إصلاح حقيقي يتطلب تغييرًا جذريًا في سياسات إدارة السجون، لا مجرد تحسينات شكلية أو حملات علاقات عامة. الغرض من السجون يجب أن يكون الإصلاح وإعادة التأهيل، لا التعذيب والإهمال.”
قرارات مقترحة
- إعادة النظر في قانون السجون والحد من استخدام الحبس الانفرادي.
- تمكين الرقابة القضائية والمجتمعية على السجون.
- تحسين الخدمات الصحية والإدارية فعليًا، وليس فقط على الورق.
*اتفاقية سرية بين السودان وإثيوبيا تهدد أمن النيل
كشفت وثيقة سرية عن توقيع السودان وإثيوبيا اتفاقية فنية في 26 أكتوبر 2022 بالخرطوم، تعد الأولى من نوعها التي تنظم القواعد الفنية لملء وتشغيل سد النهضة بين البلدين دون مشاركة مصر.
وقّع الاتفاقية سيليشي بيكيلي، وزير الموارد المائية الإثيوبي السابق، والبروفيسور سيف الدين حمد عبدالله، وزير الري والموارد المائية السوداني السابق، بمصادقة من وزيري الري الحاليين، هابتامو إيتيفا من إثيوبيا وضو البيت عبد الرحمن منصور من السودان.
حددت الاتفاقية إطارا فنيا لعمليات الملء والتشغيل، مؤكدة أن سلامة وتشغيل سد النهضة وسد الروصيرص السوداني مترابطان، مما يتطلب تنسيقا وثيقًا لمواجهة الظروف الطبيعية وحالات الطوارئ.
ونصت الوثيقة على تشغيل السد عند مستوى دائم بين 625 و640 مترا فوق سطح البحر، مع التزام إثيوبيا بتصريف ما لا يقل عن 300 متر مكعب في الثانية لضمان تدفق النيل الأزرق والحفاظ على التوازن البيئي.
وشملت الاتفاقية تبادل بيانات منتظمة، تشمل تقارير شهرية عن التدفقات الداخلة والإطلاقات المائية، بيانات الأرصاد الجوية، ومؤشرات جودة المياه، بالإضافة إلى بيانات يومية حول مناسيب المياه في كل من سد النهضة والروصيرص.
كما ألزمت إثيوبيا بإتمام ملء السد تدريجيا خلال موسم الأمطار (يوليو إلى أكتوبر)، مع تقليص التخزين في حالات الجفاف.
وأنشأت الاتفاقية آلية تنسيق مشتركة تعنى بسد النهضة، تتخذ قراراتها بالتوافق، وتتولى حل الخلافات وتسهيل التعاون في جمع البيانات والرصد، كما شددت على مسؤولية كل طرف عن سلامة سدوده، مع تحديث تدابير السلامة بشكل دوري ومشاركتها عبر اللجنة الفنية.
وفي حالات الطوارئ مثل توقف مفاجئ لتوليد الكهرباء أو مشكلات في جودة المياه، تلتزم إثيوبيا بإخطار السودان فورا، مع عقد اجتماعات عاجلة لوضع إجراءات وقائية أو علاجية.
ونصت على أنه عند رصد أي مشكلات في كمية أو جودة المياه يعتقد أنها ناجمة عن سد النهضة تشكل حالة طارئة وتتطلب استجابة فورية، يتعين إخطار اللجنة الفنية فورا وطلب عقد اجتماع عاجل لوضع إجراءات وقائية أو علاجية مناسبة.
ويعد سد النهضة الإثيوبي الواقع على النيل الأزرق، أحد أكثر المشاريع المثيرة للجدل في حوض النيل، حيث أثار توترات إقليمية بين إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان منذ بدء بنائه في 2011.
ويهدف السد الذي تبلغ تكلفته حوالي 4 مليارات دولار إلى توليد 6,450 ميغاواط من الكهرباء، مما يجعله أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في إفريقيا، حيث أن مصر التي تعتمد على نهر النيل لتوفير 97% من احتياجاتها المائية، تخشى من تأثير السد على حصتها السنوية من المياه (55.5 مليار متر مكعب)، بينما تسعى السودان إلى الاستفادة من السد لتنظيم تدفقات المياه وتقليل الفيضانات، مع الحفاظ على مصالحها المائية.
وعلى مدار أكثر من عقد فشلت المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، التي رعتها أطراف مثل الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، في التوصل إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد.
وأكملت إثيوبيا المرحلة الخامسة من ملء السد في أغسطس 2024، رغم اعتراضات مصر التي اعتبرت ذلك انتهاكًا لإعلان المبادئ الموقع في 2015، وفي هذا السياق، تكشف وثيقة سرية عن اتفاقية ثنائية بين إثيوبيا والسودان، موقعة في أكتوبر 2022، دون علم مصر، مما يعزز التوترات الإقليمية ويثير تساؤلات حول التنسيق بين دول حوض النيل.
*الذريعة خرق “كامب ديفيد” 7 أسباب وراء تجميد نتنياهو صفقة الغاز مع مصر
في خطوة ضغطٍ مفاجئة، أصدر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تعليمات بعدم تنفيذ اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر والتي تشمل بيع 130 مليار متر مكعب من الغاز لمصر حتى عام 2040 مقابل 35 مليار دولار، إلا بموافقته الشخصية، متذرعًا بانتهاك القاهرة لمعاهدة كامب ديفيد عبر حفر أنفاق لتخزين السلاح في منطقة سيناء.
وكشفت صحيفة اسرائيل اليوم أن نتنياهو يبحث مع كوهين مستقبل تنفيذ اتفاقية الغاز التي وقعتها في أغسطس/ آب 2025 شركة الطاقة المصرية BOE (بلو أوشن إنرجي) مع الشركتين الإسرائيليتين “ريشيو ونيوميد إنيرجي” للطاقة، وتنضم الصفقة لسلسلة توريد الغاز الطبيعي الإسرائيلي لمصر خلال السنوات الخمس الماضية.
في المقابل، جاء رد القاهرة بتصعيد كلامي جاء على لسان رئيس هيئة الاستعلامات، وخطوات إجرائية على الأرض تمثلت في تسريع عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية المصرية، كما تزامن ذلك مع تشديد الإجراءات العسكرية قرب الحدود مع قطاع غزة.
وخلقت اتفاقية توريد الغاز من إسرائيل إلى مصر ردود أفعال متباينة داخل إسرائيل ومصر على حد سواء، ففي الأولى هناك من يراها فرصة للضغط على مصر بخصوص موضوع حماس وتحول إسرائيل إلى قوة طاقية في المنطقة، كما أنها ستدر مداخيل كبرى على الخزينة الإسرائيلية، ومن يراها ستؤثر على احتياطي الغاز الإسرائيلي. بينما في مصر انتقد البعض الاتفاقية كونها ستجعل مصر رهينة لحسابات وأطماع تل أبيب.
وتم إبرام اتفاق الغاز المشار إليه بين تل أبيب والقاهرة في الشهر الماضي، وينص على توريد 130 مليار متر مكعب من الغاز لمصر حتى عام 2040 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، وهذه الصفقة التي يشار إلى تجميدها تمر بمرحلتين وتعد من أكبر العقود الإقليمية في قطاع الطاقة.
ما هي أسباب التجميد الإسرائيلي للصفقة؟
تزامن قرار رئيس الوزراء الاسرائيلي المفاجئ مع إدعاءات أفادت أن قوة المراقبة الدولية، بقيادة الولايات المتحدة، توقفت عن مراقبة الانتشار العسكري المصري في سيناء، ومناشدة سفير الاحتلال لدى واشنطن يحيئيل لايتر إدارة ترامب باستئناف المراقبة.
وزعم سفير الاحتلال بأن مصر بنت أنفاقاً في سيناء قادرة على تخزين أسلحة، ووسعت مدارج المطارات، كما أدخلت قوات مشاة ومدرعات تتجاوز المسموح به في الملحق، ودون الحصول على موافقة إسرائيلية، ولم تستجب للضغوط الأمريكية.
كشفت ذكرت صحيفة إسرائيل اليوم أن قرار نتنياهو بإعادة دراسة الصفقة مع مصر يتزامن مع تقارير عن انتهاكاتها لاتفاقية السلام في كامب ديفيد، مما أثار عاصفة اقتصادية وسياسية في القاهرة وتل أبيب.
وكشفت أن القضية وصلت لمكتب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، الجنرال رومان غوفمان، لأن مصالح العديد من الأطراف وراء الكواليس كبيرة وهائلة، فالصفقة لا تقتصر على مصر وإسرائيل فقط، بل إن الولايات المتحدة مستفيدة أيضًا منها، من خلال شركة “شيفرون” التي تمتلك 40% من حقل ليفياثان.
وزعمت أنه في مواجهة هذه المصالح الهائلة، والضغوط التي قد تأتي من واشنطن، يبقى أمن إسرائيل على المحك، بزعم أن الدرس الرئيسي من “السبت الأسود” في السابع من أكتوبر 2023، يعني أنه لا يجب السماح للتهديدات بالتطور، بل التعامل معها في بدايتها.
وكشفت الصحيفة ما قالت أنها جملة أهداف إسرائيلية قد تقف خلف القرار المفاجئ لنتنياهو بتجميد صفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر مؤقتاً، وهي:
- إجبار مصر على الانسحاب العسكري الميداني من المواقع التي وصل إليها جيشها في سيناء، بما يقترب كثيراً من الحدود مع غزة، خشية اندفاع آلاف الفلسطينيين نحوها بفعل الحرب الجارية.
- الضغط على مصر لوقف مشاريعها العسكرية في سيناء، خاصة أنفاق تخزين الأسلحة، وتوسيع مدارج المطارات، والحدّ من إدخال قوات مشاة ومدرعات تتجاوز ما ورد في اتفاق كامب ديفيد.
- أن تسمح القاهرة لقوات حفظ السلام الدولية بمراقبة ما يحدث في سيناء، والتراجع عن قرارها بوقف الرحلات التصويرية، والجولات الميدانية.
- زيادة الضغط المصري على حماس للتسريع بإنجاز صفقة تبادل الأسرى، والاستجابة لشروط الاحتلال الخمسة المتعلقة بإنهاء حرب غزة.
- الرغبة بتليين موقف مصر المتعلق باستيعاب “أعداد” معينة من فلسطينيي القطاع في سيناء لتنفيذ مخطط التهجير الإسرائيلي في سيناء.
- محاولة إجبار مصر على أخذ دور أمني في غزة في “اليوم التالي” بديلاً عن حماس والسلطة الفلسطينية.
- استدعاء الضغط الأمريكي على مصر لتنفيذ المطالب الواردة أعلاه، وإلا فإن مليارات الدولارات ستخسرها الخزينة الأمريكية، وهو أكثر منا يستفز إدارة ترامب.
وتنقسم صفقة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر إلى مرحلتين، المرحلة الأولى، تشمل بيع 20 مليار متر مكعب، وسيتم الشروع بتنفيذها العام المقبل 2026ـ أما المرحلة الثانية، وتشمل بيع 110 مليارات متر مكعب، بعد اكتمال مشروع توسعة حقل “ليفياثان”، الذي تبلغ كمية الغاز الموردة منه إلى مصر 60 مليار متر مكعب، وتنتهي في 2030.
تعويل إسرائيل على تقديم تنازلات مصرية لن يتحقق
وقال مصدر أمني مصري مطلع، إن التسريبات الإسرائيلية بشأن التراجع عن تمديد اتفاق الغاز يعد بمثابة ابتزاز للدولة المصرية، وذلك ضمن مجموعة من أدوات الضغط الأخرى التي تمارسها على القاهرة، بينها العمل على توتر الأجواء في البحر الأحمر ما يؤدي لفقدان مصر ما يقرب من عشرة مليارات دولار سنوياً من أحد أهم عوائد العملة الصعبة، إلى جانب دفع الفلسطينيين من الشمال ومدينة غزة باتجاه الحدود قرب معبر رفح، وكذلك إفساد العلاقات مع الولايات المتحدة التي توترت مؤخراً وجعلت القاهرة غير قادرة على التحرك بحرية في ملف الوساطة.
وأوضح المصدر ذاته، أن إسرائيل تعول على تصاعد إفرازات الأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر منذ سنوات والتي تعد أحد أسباب مكوناتها تراجع الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، وهو ما أدى في سنوات سابقة لانقطاعات متكررة وطويلة للكهرباء أثارت تململاً شعبياً قبل أن تتعامل مصر مع الأزمة هذا العام بفعل توقيع صفقات استثمارية كبرى في مقدمتها “رأس الحكمة” مع دولة الإمارات، وبالتالي فإن تل أبيب ترى في تجميد التعاون في مجال الطاقة لإمكانية لأن يقود لتجدد الأزمات الداخلية بخاصة وأن الإنتاج المحلي من الغاز فقد 40% من إجمالي الكميات التي جرى استخراجها قبل ثلاث سنوات.
وأكد أن تعويل إسرائيل على تقديم تنازلات مصرية للقبول بالتهجير أو تسهيل خروج الفلسطينيين لدول أخرى، بفعل أنها قد تخشى تجدد مشكلات انقطاع الكهرباء أو وقف مصانع الأسمدة والبتروكيماويات وغيرها من عناصر الإنتاج المعتمدة على الوقود لن يتحقق، وكان من الممكن أن يحدث تأثير أكبر حينما فقدت مصر نصف عوائد قناة السويس في غضون فترة قصيرة، كما أن توقف إمدادات أنابيب الغاز الإسرائيلي إلى مصر في أثناء الحرب على إيران جعل القاهرة تدرك بأنها قد تواجه أي غدر إسرائيلي في المستقبل القريب واتجهت لتنويع مصادر الحصول على الطاقة.
ولفت المصدر ذاته إلى أن نتنياهو يمارس “حرباً نفسية” على القاهرة، وسبق وأن تحدث عن إغلاق أنفاق التهريب إلى غزة لكنها بقيت إجراءات كلامية لم تتعامل معها القاهرة باعتبارها مواقف جدية، وهناك قناعة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى للفت الأنظار عن تحركاته في غزة وإلقاء كرة اللهب في وجه مصر.
وذكر المصدر ذاته أن جميع السيناريوهات مفتوحة للتعامل مع التصعيد الإسرائيلي، خاصة إذا ما أقدمت تل أبيب بالفعل على تخريب تمديد اتفاق الغاز، فهناك عقود جرى توقيعها وأضحى لزاماً على الحكومة المتطرفة أن تنفذها، على حد تعبيره، كما أن الذهاب لانتهاك اتفاق السلام أو تصعيد الأكاذيب ضد الجيش المصري فإن المعاملة ستكون بالمثل، وفي النهاية لن تتماشى مصر مع رؤية نتنياهو للتهجير، وقامت بالفعل بتكثيف تواجدها العسكري استعداداً لأي تطورات مفاجئة.
وكان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، صرح خلال لقاء لبرنامج “استراتيجيا”، الذي يقدمه الإعلامي معتز عبد الفتاح عبر فضائية “المشهد“، مساء الأربعاء: قائلاً: “أنصح نتنياهو وبقول له يا ريت يلغي اتفاقية الغاز مع مصر، إذا كان يستطيع تحمل النتائج الاقتصادية وليس السياسية.. سيكون هو الخاسر“.
وشدد على أن الحديث عن وجود مسار واحد للطاقة تعتمد عليه مصر “مجرد وهم“، مؤكدًا أن الإدارة المصرية لديها بدائل وتضع سيناريوهات للتعامل مع ما يمكن أن يحدث، وأشار إلى تصريحات نتنياهو التي زعم فيها تهريب الرهائن والأسلحة عبر أنفاق غزة مع مصر، قائلًا إنها السبب الرئيسي للإصرار الإسرائيلي على التواجد في محور فيلادلفيا وخلق محور موراج.
إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء
وتم إبرام اتفاق الغاز المشار إليه بين تل أبيب والقاهرة في الشهر الماضي، وينص على توريد 130 مليار متر مكعب من الغاز لمصر حتى عام 2040 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، وهذه الصفقة التي يشار إلى تجميدها تمر بمرحلتين وتعد من أكبر العقود الإقليمية في قطاع الطاقة.
وقال مصدر عسكري مصري مطلع على هذا الملف، إن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء بخلطها بين الاتفاقيات التجارية التي ظلت مرتبطة باتفاق السلام وبين الخلافات السياسية بشأن الوضع الراهن في قطاع غزة، وأن حديثها عن انتهاك الجيش المصري للاتفاقية يغفل أيضاً أنها انتهكت الاتفاق بسيطرتها على محور صلاح الدين، وبالتالي فإنها أضحت تمارس عداء مباشر ضد الدولة المصرية، مع محاولة التأثير على الوضع الاقتصادي الداخلي والمساس بالأمن القومي.
وأكد أن مصر في المقابل لديها قدرات قوية على حماية أمنها وعلى أتم الجاهزية القتالية في حال دفعت إسرائيل بالفلسطينيين إلى سيناء، مشيراً لوجود رغبة دولية تصدر أولاً من الولايات المتحدة الأميركية التي تسعى للحفاظ على استمرار اتفاق السلام، لكن مصر سيكون لها تحركات دبلوماسية تسبق أي أعمال عسكرية أو تأتي قبل الصدام المباشر، وأن المواقف التصعيدية من إسرائيل وتعزيز القوات الموجودة في سيناء بمثابة جرس إنذار.
وشدد على أن مصر لم تعادي إسرائيل وإذا قامت بتعزيز تواجدها العسكري في سيناء فإن ذلك يهدف للتعامل مع أي مساعي لتهجير الفلسطينين بعد أن بدأت تل أبيب تنفيذ المخطط على أرض الواقع عبر الدفع بأهالي غزة نحو الحدود مع تجاهل بنود الحل المصري للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة، مشيرا إلى أن القاهرة ستقابل تصعيد نتنياهو بتصعيد قانوني ودبلوماسي إلى جانب تكثيف التواجد العسكري.
وأكد أن أساليب الضغط والمناورة التي تتبعها إسرائيل لدى مصر خبرات طويلة في التعامل معها ويمكن أن تكون تصريحات رئيس هيئة الاستعلامات في هذا السياق بعد أن أعاد تذكير إسرائيل بالحدود الفاصلة مع مصر والمسافة من العريش إلى تل أبيب، وبالتالي فإن منسوب العداء سوف يتزايد، بخاصة إذ نفذ نتنياهو تلك التسريبات التي تمهد لقطع العلاقات التجارية حال أقدم على الخطوة.
ومؤخراً حذرت تقارير إسرائيلية من تزايد الحضور العسكري المصري في سيناء كماً ونوعاً بما يخالف اتفاق السلام المبرم بين البلدين، وذلك على رغم ما نقلته “هيئة البث الإسرائيلية” الأسبوع الماضي عن متحدث باسم الجيش أن تعزيز القاهرة قواتها شمال سيناء، المحافظة الحدودية مع قطاع غزة وإسرائيل، جاء بالتزامن مع توسيع إسرائيل لعملياتها العسكرية “عربات جدعون 2” في غزة، خشية من تدفق حشود السكان من القطاع إلى الأراضي المصرية تحت وطأة توسيع نطاق القتال.
وقدرت تقارير إسرائيلية تعداد القوات المصرية الإضافية في المنطقة (ج) من سيناء بأكثر من 40 ألف جندي، أي نحو 88 كتيبة عسكرية، وهو ما يقارب ضعف العدد المسموح به بموجب معاهدة السلام بين البلدين، فضلاً عن أكثر من 1500 دبابة وآلية مدرعة، وتحركها خلال الفترة الأخيرة لتطوير قواعد عسكرية ومدارج طائرات وأنظمة دفاع جوي في المنطقة الحدودية مع قطاع غزة.
ترحيب إسرائيلي بصفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر
لا يختلف الاسرائيليون على أن هذه الصفقة “التاريخية” ستزيد من اعتماد مصر على إسرائيل، ويحدّ من قدرتها السياسية على مواجهتها إقليميًا ودوليًا، وتُعزز مكانة إسرائيل الإقليمية، تحديدًا في وقتٍ تهتز فيه مكانتها عالميًا بفعل الحرب على غزة.
لكن النقص الحاد في الطاقة في مصر خلق اعتمادًا حقيقيًا على إسرائيل، سواءً للاستهلاك المحلي، أو للامتثال لاتفاقيات التصدير مع الأردن وقبرص، لأنّ أمن الطاقة جزء لا يتجزأ من الأمن الغذائي والمائي والحدود، رغم أن مصر سبق لها أن صدّرت الغاز لإسرائيل.
ونقلت مجلة غلوبس عن كوهين قوله إن الصفقة تُعدّ خبرًا هامًا من النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية، وتُرسّخ مكانة اسرائيل كقوة إقليمية رائدة في مجال الطاقة، يعتمد عليها جيرانها، ويحتاجون إليها، وستُدرّ مليارات الدولارات على خزينتها“.
فيما نقل موقع القناة السابعة التابع للمستوطنين عن يوسي آفو، الرئيس التنفيذي لشركة نيوميد إنيرجي، أن “الاتفاقية تُغيّر قواعد اللعبة في اقتصاد الطاقة الإقليمي، وتُثبت مرة أخرى أن حقل ليفياثان أداة لتغيير الواقع الاستراتيجي“.
من جهتها نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت نقلت عن المالك المُسيطر لمجموعة ديليك، إسحاق تشوفا، أن “الصفقة تعكس تقديرًا عميقًا ومتبادلًا بين مجموعة ديليك وشركائنا المصريين، الذين نواصل معهم مسيرة طويلة من التعاون الاقتصادي، إنها ليست إنجازًا تجاريًا استثنائيًا فحسب، بل علامة فارقة تاريخية، تُعزز التعاون الإقليمي والاستقرار في الشرق الأوسط“.
أما أمير فوستر، الرئيس التنفيذي لاتحاد الغاز الطبيعي الإسرائيلي ورئيس اللجنة الاستراتيجية لاتحاد الغاز الدولي (IGU) فقال: “نحن أمام صفقة تاريخية لإسرائيل والمنطقة بأسرها، ويُبرز القوة الجيوسياسية والاقتصادية لاقتصاد الغاز الطبيعي الإسرائيلي.
لرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع مع رئيس وزراء إسرائيل بنتيامين نتنياهو عام 2017 – رويترز
كما أنها تضمن استمرار التطوير الكبير للبنية التحتية لإنتاج الغاز الطبيعي في إسرائيل، بحيث يمكنها ضمان أمن الطاقة لعقود قادمة، وزيادة إيرادات الدولة بعشرات مليارات الشواكل”، بالإضافة يرى نيتسان كوهين مراسل صحيفة إسرائيل اليوم، أن الصفقة مع مصر سوف تشجع إبرام المزيد من الصفقات مع دول أخرى في المنطقة.
وقال مصدر دبلوماسي مصري لـ”عربي بوست” إن الإعلام العبري لم يتوقف عن نسج قصص تعمل على تأليب الرأي العام الإسرائيلي ضد مصر بشكل يومي تقريباً، وهو ما يؤشر على تصعيد مقابل من جانب الحكومة المتطرفة، وهو ما دفع مصر للرد هذه المرة عبر رئيس هيئة الاستعلامات، مشيراً إلى أن التبادل التجاري الذي كانت تحكمه اتفاقية كامب ديفيد سيأخذ في التراجع إذا ما نفذت إسرائيل تهديداتها، بخاصة وأن كلا البلدين كانا سيحققان استفادة من الصفقة الأخيرة لأن مصر تسعى لتسييل الغاز وتصديره للخارج عبر محطات التكرير التي لديها وكذلك فإن ذلك يخفف الضغط على الانتاج المحلي كما أن إسرائيل مستفيده لأنها تعزز علاقاتها مع أوروبا بإيصال الغاز لها.
وأضاف دولة الاحتلال تسعى لأن تعطي انطباعاً بأن مصر هي فقط التي سوف تتضرر من تجميد الاتفاق الجديد لكن الواقع عكس ذلك لأن هناك مصادر متعددة لتنويع مصادر الغاز بالنسبة لمصر، وإن كان التوجه إلى إسرائيل سببه أنها تحصل عليه بنصف قيمة استيراده من الخارج نظراً لقرب الجغرافيا، غير أن تجميده لن يؤدي لازمة طاقة في مصر وستجد الحكومة مسارات مختلفة لتعويضه.
لكن في المقابل – بحسب المصدر ذاته – فإن ذلك سوف يؤثر على مستقبل التعاون مع إسرائيل ليس فقط على المستوى المصري ولكن هناك موقف عربي يتم بلورته حالياً، بخاصة وأن بعض الدول العربية الخليجية بدأت تستشعر خطر إسرائيل في حين أنها كانت تتعامل إيران على أنها الخطر الأكبر وهو أمر أخذ في التغير منذ حرب السابع من أكتوبر، كما أن وجود رئيس في الأبيض خارج التوقعات ويقدم كافة أشكال الدعم لإسرائيل يجعل التنسيق العربي أكثر أهمية في الوقت الحالي، وأن عدم قدرة إسرائيل على هزيمة حركة مقاومة مسلحة “حماس” يبرهن على ضعفها في مواجهة الجيش المصري النظامي في حال لم تقدم الولايات المتحدة دعمها المعتاد.
وأشار إلى أن الموقف من صفقة الغاز يشير إلى أن نتنياهو يسعى لأن يحصل على مزيد من الضمانات المصرية لعدم انتهاك اتفاق السلام في حين هو يستكمل إجراءات تهجير الفلسطينيين، ويرى بأنه بهذه الطريقة يمكن أن يجعل القاهرة تستجيب لها، ويمكن أن يطرح في مباحثات لاحقة الأيام المقبلة استبدال عناصر الجيش المصري بقوات شرطية وهو ما سترفضه مصر طالما أن الحكومة المتطرفة لم تتخلى عن خطط التهجير.
تضرّر الاحتياط الإسرائيلي من الغاز
اعتبر موقع “كيبا” أن هذه الخطوة المفاجئة من نتنياهو تعني أن إسرائيل تُفعّل لأول مرة رافعة اقتصادية قوية متمثلة بالطاقة، تربط امتثال مصر لالتزاماتها الأمنية في سيناء تحديداً، واستعداد إسرائيل لبيعها الغاز الذي تحتاجه بشدة.
وقال المتحدث إن مصر تعاني منذ سنوات من نقص بمصادر الطاقة، وصولا لانقطاع التيار الكهربائي في بعض مدنها لعدّة ساعات، وتهدف لزيادة الإمدادات الإسرائيلية لتخفيف هذا النقص، مما يجعلها مستعدة لدفع ثمن أعلى بكثير من السعر الذي يدفعه المستهلك الإسرائيلي.
في الوقت ذاته، أشار ليئور باكالو الخبير الاقتصادي في القناة 12 إلى أن هذا الإعلان الاسرائيلي يتزامن مع صدور مخاوف بشأن فائض صادرات الغاز الطبيعي في إسرائيل، لأن سياسة التصدير الحالية تُهدد احتياطيات الغاز للاستخدام المحلي، وقد تؤدي لارتفاع حاد في أسعار الكهرباء للمستهلكين الاسرائيليين.
من جهته يرى موقع الاستثمار الاسرائيلي “إنفيستنيغ”، ذكر أن الصفقة ستُمهّد الطريق لضمان طاقة إنتاجية كافية للاقتصاد الإسرائيلي حتى عام 2064، بسبب توسيع الحقل المشار إليه، وفي الوقت ذاته فإن توسيع الصادرات سيؤدي لاستنفاد احتياطيات إسرائيل من الغاز في غضون 20 عامًا.
وفي الجهة الأخرى، حذر رئيس قسم الموازنة في وزارة المالية يوغاف غيردوس، من إمكانية مواجهة إسرائيل حاليًا تحديات جسيمة للغاية في مجال الطاقة، لأنه بالنظر للمستقبل، ولأول مرة منذ اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز في إسرائيل.
ويتوقع المتحدث أن يكون حدوث نقص هيكلي في الغاز الطبيعي للاستخدام المنزلي خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة، لأن المصدر الرئيسي لإنتاج الكهرباء في إسرائيل هو الغاز الطبيعي، الذي يُعتمد عليه 70% من إنتاج الكهرباء، وبالتالي فإن أي نقص أو زيادة في سعره ستؤثر بشكل سلبي مباشر على الإسرائيليين.
ابتزاز إسرائيلي لمصر للضغط على حماس
قال يوني بن مناحيم، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية، والرئيس التنفيذي السابق لهيئة الإذاعة الإسرائيلية إن صفقة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر تضع القاهرة في موقف ضعف اقتصادي كبير، رغم أن مسؤوليها الكبار يحاولون تقديمها ليس كاتفاقية جديدة، بل كـ”تعديل” على اتفاقية 2019.
وقال إن هذه الصفقة هي الأكبر في تاريخ صادرات الغاز الإسرائيلي، ومصدر تعتمد على الصادرات الإسرائيلية رغم التوترات الشديدة في علاقاتهما منذ اندلاع الحرب على غزة، لكن الصفقة تفيد إسرائيل على صعيد الأرباح الطائلة، وتوفير دخل طويل الأجل، وتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في مجال الطاقة في شرق البحر المتوسط، وترمز إلى نوع من “النصر الاستراتيجي” الإسرائيلي على مصر في ميزان القوى الإقليمي.
ونقلت بوابة أخبار الغاز الاسرائيلية عن أوساط سياسية في تل أبيب أن الصفقة تمنح إسرائيل نفوذًا للضغط السياسي والاقتصادي على القاهرة، التي يحدّ اعتمادها على الطاقة من إسرائيل من قدرتها على الضغط عليها، بل يمكن لها، عند الضرورة، وقف إمدادات الغاز إليها لأسباب أمنية أو سياسية، والادعاء بوجود صعوبات تشغيلية، وهو ما حصل في قرار نتنياهو المفاجئ تجميد تنفيذ الصفقة.
ومثل قرار نتنياهو برهن تنفيذ الصفقة، مع أن القانون يخوّل وزير الطاقة المضي قدما لتنفيذها، مناسبة للإجابة على السؤال الكبير الذي طرحه الإسرائيليون وهو: هل سيتمكن المستوى السياسي الاسرائيلي من استغلال هذا الاعتماد المصري على إسرائيل لزيادة الضغط المصري على حماس فيما يتعلق بالإفراج عن جميع المختطفين.
ورصد موقع ويللا الإخباري، جملة من امتيازات الصفقة، رغم تجميد تنفيذها مؤقتاً، ومنها أنها ستشجع على استمرار التنقيب عن الغاز في إسرائيل، وستزيد من عائدات الضرائب، كما تحمل ثمارًا جيو-سياسية، لأنه في الأيام التي يكون فيها الموقف السياسي لإسرائيل أسودا مثل مدخنة الفحم، فإن مصر قد تصبح شريكة سياسية لها بفضل صفقة الغاز.
وأضاف أنه ليس مصادفة أن حفل زفاف أقامه يوسي آفو مؤخرا حضره ضيوف من حوض البحر المتوسط، أبرزهم علاء عرفة، رئيس مجلس إدارة شركة الطاقة المصرية، وصديقه المقرب، وقد نجح في السنوات الأخيرة ببناء علاقة شخصية مع رؤساء قطاع الطاقة المصري، ولذلك فإن الصفقة يتوقع أن تُخفف من أزمة الطاقة في مصر، التي شهدت انخفاضًا في إنتاجها من الغاز منذ عام 2022.
وقال عيدان إيريتس، محلل الشئون الاقتصادية في مجلة “غلوبس” إن مصر تعدّ مستهلكاً كبيراً للغاز، ورغم امتلاكها احتياطيات كبيرة منه، لكنها تواجه صعوبة في تلبية احتياجاتها من الطاقة، مما يجعل من الغاز الإسرائيلي أساسياً لاقتصادها، ويشكّل بديلاً عن الغاز الطبيعي المسال (LNG) الأكثر تكلفة.
كيف تحولت مصر من دولة تُصدّر الغاز لإسرائيل إلى مستوردة؟
نقلت مجلة كالكاليست الاقتصادية، وجهة نظر شركات الغاز الإسرائيلية التي رأت أن مصر مستعدة لدفع مبالغ أكبر بكثير مقابل الغاز المُصدّر مُقارنةً بسعر الغاز المُباع للاقتصاد الإسرائيلي المنخفض نسبياً، وقد تحوّلت من مُصدّرة إلى مستوردة له، فيما باتت إسرائيل مركزًا إقليميًا للطاقة من خلال تصدير الغاز لدول المنطقة.
من جهته ذكر موقع ناتسيف نت أن إبرام الصفقة ثم تجميد تنفيذها يتزامن مع ما تواجهه مصر حاليًا من مشكلة خطيرة تتمثل بنقص حاد في الطاقة، سواء بالنسبة للاستهلاك الخاص لمواطنيها، الذين لا يحصلون على إمدادات كهرباء منتظمة بسبب نقصه، أو بالنسبة للاستهلاك الصناعي لصناعة الأسمدة الضخمة فيها، ولم تتمكن من تشغيل خطوط إنتاجها بسبب نقص الغاز الذي لا تستطيع توفيره بسبب النقص الحاد في العملات الأجنبية.
وأضاف أن تجميد صفقة الغاز من شأنه مطالبة مصر بالتوقف عن انتهاك شروط اتفاق كامب ديفيد في سيناء، وسحب قواتها من الحدود المجاورة لصحراء النقب، وإلا فإن إسرائيل قد تكون على موعد مع مفاجأة “مريرة” كحرب يوم الغفران 1973، أو السابع من أكتوبر 2023، مما يستدعي معالجة هذا التهديد، واستخدام أوراق القوة التي بحوزتها، ومنها الغاز والطاقة.
في المقابل، رصد موقع ناتسيف للشئون العسكرية ردود الفعل المصرية على الصفقة باعتبارها تهديدا للأمن القومي، وأداة للضغط على القاهرة، فإذا قررت وقف إمدادات الغاز، فقد يؤدي ذلك إلى شلّ أجزاء من الصناعة المصرية، وقطع الكهرباء عن المدن، والتأثير على الاستقرار الاقتصادي.
الصفقة مع مصر تمنح إسرائيل نفوذا استراتيجياً إقليمياً
وجاء في صحيفة معاريف، زعم أن هذه الصفقة ستخلق لإسرائيل نفوذًا استراتيجيًا إقليميًا، في ضوء ما تعانيه مصر من “عطش” للغاز الاسرائيلي، الضروري لتشغيل محطات الطاقة، وسيجعل القاهرة مضطرة للاعتماد عليها بنسبة 15-20% من استهلاكها من الغاز رغم أن السعر الجديد أعلى بنسبة 14.8% من الصفقة السابقة.
بالعودة الى التاريخ، فقد بدأت إسرائيل تصدير الغاز إلى مصر عام 2020 ووقعتا أول صفقة لتزويدها بكمية ٦٠ مليار متر مكعب، أما صفقة اليوم فقد سعت لمضاعفة الصفقة الأصلية لتصبح ١٣٠ مليار متر مكعب، وبناءً عليها سوف تستثمر اسرائيل ثلاثة مليارات دولار في الاقتصاد المحلي خلال السنوات الثلاث المقبلة، بما سيعزز اقتصادها، ويتيح لها فرصة مضاعفة المنظومة بما يخدم الصفقة، واقتصادها المحلي، على أن تحصل الحكومة على 50%، بينما ستذهب النسبة المتبقية للمستثمرين، وعندما ننظر إلى الدخل الذي حصلت عليه دولة الاحتلال اليوم، فإننا نتحدث عن مبالغ تصل عشرات مليارات الشواكل.
مجلة غلوبس الاقتصادية ربطت بين التجميد الاسرائيلي “المؤقت” للصفقة مع مصر، مع ظهور الأخيرة الأكثر تضررًا من اضطرابات سوق الطاقة، حيث شهد سعر النفط ارتفاعًا حادًا على خلفية الحرب بين إسرائيل وإيران، ودفعت مصر ثمن اضطراب سوق الطاقة بالفعل، التي ما زالت تتضرر بشدة من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وأضرّت بإيراداتها من قناة السويس.
وقالت إن كل هذه التطورات تُسبّب قلقًا كبيرًا في القاهرة، ليس فقط بسبب الاعتماد على واردات الغاز من إسرائيل، ولكن أيضًا بسبب التوقيت، حيث يكون الطقس حاراً، ويرتفع استهلاك الكهرباء فيها بشكل كبير، في الوقت الذي انخفض فيه إنتاج الغاز المصري، بينما كان طلب المصريين يتزايد عليه.
وزعمت أوساط اسرائيلية أنه بسبب النقص الحادّ في الغاز، فقد أمرت السلطات المصرية منتجي الأسمدة بإغلاق عملياتهم أيام الجمعة لهذا السبب، ووضعت وزارة البترول خطة طوارئ لتخصيصاته، تتضمن تخفيضات في الإمدادات لبعض الصناعات.
كما زادت محطات الطاقة من استخدام أنواع مختلفة من الوقود، وتحولت المصانع التي كانت قادرة على ذلك إلى حرق وقود الديزل، مع العلم أن مصر تستورد طاقةً بقيمة 11.2 مليار دولار سنويًا، مما يعني أن ارتفاع أسعار النفط سيُفاقم عجزها الجاري، ويزيد من احتياجات التمويل الخارجي.
* أزمة غير مسبوقة في دير سانت كاترين
تحوّل دير سانت كاترين، الواقع في قلب جنوب سيناء وأحد أقدم الأديرة المأهولة في العالم، مساء الثلاثاء الماضي إلى ساحة مواجهة دراماتيكية، بعدما اقتحم رجال أمن خاص قلالي الرهبان، وأخرجوا 11 منهم بالقوة في مشهد صادم وثقته مقاطع فيديو. هذه الواقعة، التي وصفها المطران داميانوس بـ”الانقلاب الرهباني”، اعتبرها الرهبان “حركة إنقاذ” لحماية استقلالية الدير من وصاية أثينا وتواطؤ القاهرة.
هكذا انفجرت أزمة قديمة–جديدة، جمعت في طياتها الصراع بين القانون والسيادة والسياسة والروحانية.
شرارة المواجهة
مساء الثلاثاء، اقتحمت مجموعة من الأمن الخاص قلالي الرهبان داخل الدير، لتخرج 11 راهبًا بالقوة وتغلق الدير أيامًا.
جاء ذلك في أعقاب سلسلة من الخلافات بين المطران داميانوس ومجمع الآباء، وصلت إلى تبادل بيانات اتهام حول شرعية الإدارة وسوء التصرف المالي.
وكانت محكمة استئناف الإسماعيلية قد أصدرت حكمًا نهائيًا في مايو الماضي يقضي بنزع ملكية 14 قطعة أرض تابعة للدير من أصل 71، بينها مزارع وحدائق، والإبقاء على 57 قطعة كـ”حق انتفاع”، وهو ما اعتبره الرهبان ضربة لأسس حياتهم اليومية.
الأزمة تعمّقت مع إقرار البرلمان اليوناني في يوليو قانونًا بإنشاء هيئة عامة في أثينا لإدارة ممتلكات الدير داخل مصر وخارجها، ما عُدّ مساسًا مباشرًا باستقلاليته التاريخية.
أعقب ذلك تصويت أخوية الدير على عزل المطران وانتخاب مجلس شورى جديد، لكن داميانوس رد بخطوات معاكسة شملت عزل المجلس والتحكم بالحسابات البنكية، لتدخل الأزمة مرحلة مواجهة مفتوحة.
بين الأرض والقانون
جذور الخلاف تعود إلى البعد العقاري والقانوني. فالحكم المصري الأخير رسخ مبدأ “حق الانتفاع” بدل الملكية المباشرة، بما يمنح الدولة سيطرة قانونية مرنة على أراضي الدير ومحيطه.
أما القانون اليوناني الجديد، فقد أعطى هيئة حكومية في أثينا ولاية مباشرة على ممتلكات الدير، بما في ذلك الأراضي والمخطوطات والأموال والأوقاف.
هذه الازدواجية خلقت تعارضًا بين التشريعين المصري واليوناني، وجعلت أي تصرف مالي أو قانوني مرتبط بالدير محل نزاع متعدد الأطراف.
من منظور الرهبان، القانون اليوناني محاولة لمحو استقلاليتهم وتحويل الدير إلى ورقة ضغط في العلاقات بين أثينا والقاهرة.
بينما ترى الدولة المصرية أن تنظيم ملكية الأراضي وفرض حق الانتفاع يضمن ضبط الأمن والسيادة في منطقة شديدة الحساسية، خصوصًا مع موقع الدير ضمن مشروع “التجلي الأعظم” لتطوير السياحة الدينية في سيناء.
السياسة فوق الروحانية
لم يعرف دير سانت كاترين أزمة بهذا الحجم منذ أكثر من أربعة قرون. الأزمة الحالية تتجاوز جدران الدير لتلامس ملفات إقليمية حساسة.
القاهرة تنظر إلى الدير كجزء من معادلة الأمن والسيادة في سيناء، وكورقة ضغط ناعمة في علاقتها مع أثينا في ملفات الغاز والطاقة والحدود البحرية.
أما اليونان، فترى في القانون الجديد وسيلة لترسيخ نفوذها الرمزي والروحي عبر إدارة ممتلكات الدير، مدعومة ببيانات وزارية تؤيد المطران داميانوس وتصفه بالأسقف الشرعي.
الكنيسة الأرثوذكسية في القدس بدورها انحازت إلى “مجمع الآباء” معتبرة أن لائحة الدير الداخلية لعام 1971 هي المرجعية الأساسية، فيما فضّل النظام المصري التزام الصمت العلني، مع الحفاظ على أدوات النفوذ والسيطرة القانونية.
تداعيات الأزمة وسيناريوهات المستقبل
الصراع الحالي يضع الدير أمام شلل قانوني وإداري يضر بالسياحة الدينية ويعطل إدارة أراضيه وأصوله.
السيناريو الأكثر ترجيحًا هو التوصل إلى تسوية ثلاثية صامتة توازن بين استقلالية الأخوية والولاية المصرية والاعتراف الرمزي بالمطران.
خيار آخر يتمثل في إعادة هيكلة داخلية تحت إشراف سيادي مباشر، يفرض على الدير بروتوكولات مالية وإدارية صارمة.
أما خيار التصعيد الدبلوماسي بين القاهرة وأثينا فمستبعد بسبب كلفته على الملفات الاستراتيجية الأوسع.
دير بين الروح والتاريخ والسياسة
يقف دير سانت كاترين اليوم عند تقاطع نادر بين الروحي والسياسي والاقتصادي.
الأزمة تكشف كيف تحوّلت مؤسسة روحية عمرها 1500 عام إلى ساحة صراع قانوني ودبلوماسي، يختبر حدود السيادة المصرية ويكشف طموحات يونانية متجددة.
وبينما يبقى الاستقلال الروحي للدير مرجحًا، فإن استقلاليته الإدارية والمالية مرشحة للتآكل تحت هيمنة الدولة المصرية وقوانين أثينا.
في النهاية، قد يُرسم مستقبل الدير عبر معادلة دقيقة: الاعتراف بروحانية الدير وإرثه التاريخي، مقابل إخضاع ممتلكاته وإدارته لرقابة الدولة ومصالحها الاستراتيجية.
*مصر تواجه أزمة دوائية مدمّرة ..ديون تُخنق الصناعة وهيمنة عسكرية تُعطّل السوق
بينما تتفاقم الأزمات الاقتصادية في مصر، تدخل صناعة الأدوية نفقًا مظلمًا، وسط تراكم ديون حكومية ضخمة وانسحاب تدريجي للشركات المحلية من مشهد الإنتاج. الأزمة، التي كانت حتى وقت قريب تُناقش خلف الأبواب المغلقة، باتت اليوم تمس حياة ملايين المرضى مباشرة، وتتسبب في نقص حاد في 800 صنف دوائي أساسي، من بينها أدوية حيوية لعلاج الأورام، وأمراض القلب، والسكري، والجلطات، وصولًا إلى الحقن الهرمونية وبخاخات الربو.
في الوقت ذاته، أُعلنت وفاة الإعلامية المصرية عبير الإباصيري، بعد معاناة مع مرض عضال، وسط تداول تقارير تؤكد أن نقص العلاج وغياب الدواء المناسب كان أحد أسباب تدهور حالتها الصحية. القصة صادمة، لكنها ليست استثناء؛ بل مثال صارخ على ما يعانيه آلاف المرضى يوميًا، في بلد لم يعد فيه الحصول على الدواء أمرًا مفروغًا منه.
ديون تُخنق الصناعة.. وهيمنة تُعطّل السوق
تعكس أزمة الدواء في مصر خللًا هيكليًا في إدارة القطاع الصحي، على رأسه هيمنة الدولة، ممثلة في الجيش، عبر “هيئة الشراء الموحد”، على عملية استيراد وتوزيع الدواء. الهيئة التي أُنشئت بقرارات رئاسية، أصبحت البوابة الوحيدة لتوفير العملة الصعبة لاستيراد المواد الخام والأدوية، لكنها اليوم تواجه اتهامات بـ”شلل السوق” و”تراكم فواتير غير مدفوعة” لصالح شركات الأدوية.
رئيس المعهد القومي للأورام الأسبق، د. مدحت خفاجي، صرّح بأن مستحقات الشركات لدى هيئة الشراء الموحد تُقدّر بنحو 30 مليار جنيه، تشمل صفقات مواد خام وأدوية أُدخلت البلاد دون سداد قيمتها بالدولار. فيما قدرت شركات كبرى مثل “ابن سينا” و”فارما أوفرسيز” و”مصر فارما” متأخراتها الإجمالية بنحو 32 مليار جنيه.
انسحاب الشركات.. وانتعاش السوق السوداء
مع تراكم الديون وغياب الدولار، توقفت خطوط إنتاج في مصانع محلية، فيما انسحبت شركات توزيع كبرى من استيراد الأدوية، ومنها المضادات الحيوية وألبان الأطفال المدعومة. وأدى ذلك إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، وخلق بيئة خصبة لـ”السوق السوداء”، حيث تُباع الأدوية بأسعار مضاعفة، في ظل عجز المستشفيات والصيدليات عن توفيرها.
مؤتمرات بلا قرارات.. والمرضى هم الضحايا
مؤتمر “فارما كونكس 2025” الذي استضافته القاهرة مؤخرًا لم يقدّم حلولًا حقيقية للأزمة، رغم مشاركة ممثلين عن 40 جهة دولية. المفارقة أن أغلب شركات الأدوية المحلية وقيادات وزارة الصحة تغيبت عن المؤتمر، ما أظهر حجم الانفصال بين متخذي القرار والواقع المرير للمرضى.
أزمة أخلاقية قبل أن تكون اقتصادية
في ظل استمرار الاحتكار المؤسسي لسوق الدواء، وتراجع دور الدولة في حماية صحة المواطن، تتجاوز الأزمة بعدها الاقتصادي لتصبح أزمة إنسانية وأخلاقية. فحين يُترك المواطن فريسة المرض، يُختبر الضمير العام.
وربما تكون وفاة عبير الإباصيري بمثابة ناقوس خطر، يدق باب كل بيت في مصر، يذكّرنا بأن الدواء ليس رفاهية، بل حق أساسي في الحياة، لا يجوز أن يخضع لمعادلات الاحتكار أو الحسابات الأمنية.
* رفع أسعار شحن السيارات الكهربائية حتى 180% تمهيد قاسٍ لزيادات الكهرباء والوقود المرتقبة
قررت حكومة عبدالفتاح السيسي، رفع أسعار شحن السيارات الكهربائية بنسب وصلت إلى 180% اعتباراً من اليوم، وهو ما يُعيد خلط الأوراق أمام المستهلكين ويثير جدلاً واسعاً حول مستقبل هذه الصناعة الناشئة في البلاد.
تفاصيل القرار الحكومي
بحسب ما أعلنه جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، فقد رفعت وزارة الكهرباء أسعار بيع الكهرباء لمحطات الشحن من 1.21 جنيه إلى 2.34 جنيه للكيلوواط ساعة، أي بزيادة تقارب 93% بعد ثبات دام نحو 3 سنوات.
أما الأسعار الموجهة للمستهلكين فجاءت على النحو التالي:
- الشحن البطيء (AC): ارتفع من 1.89 جنيه إلى 3.39 جنيه للكيلوواط ساعة (+79%).
- الشحن السريع (DC): قفز من 3.75 جنيه إلى 6.55 جنيه للكيلوواط ساعة (+75%).
القرار يبدأ تنفيذه فوراً ولا يشمل الشحن المنزلي، الذي يظل مرتبطاً بشرائح الكهرباء المنزلية المعتادة.
تأثيرات مباشرة على المستهلك
هذه القفزة الكبيرة تعني أن تكلفة شحن بطارية سيارة بسعة 100 كيلوواط/ساعة على الشحن البطيء ارتفعت من 189 جنيهاً إلى نحو 340 جنيهاً، بينما قفزت تكلفة الشحن السريع من 375 جنيهاً إلى 655 جنيهاً.
ويرى بعض التجار أن قرار رفع أسعار الشحن قد يُثقل كاهل المستهلكين الحاليين، لكنه لن يُوقف التوجه نحو السيارات الكهربائية، خصوصاً مع توقعات بزيادة أسعار البنزين خلال الفترة المقبلة.
* حملات المقاطعة وتراجع الطلب يرغمان بيبسي على خفض أسعارها بشكل غير مسبوق
أعلنت شركتا بيبسي والأهرام للمشروبات عن طرح تخفيضات كبيرة على منتجاتهما خلال شهر سبتمبر 2025، وسط توقعات بتراجع الطلب على المشروبات الغازية نتيجة تغير الطقس، إلى جانب استمرار حملات المقاطعة الشعبية للشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وهو ما انعكس بوضوح على المبيعات خلال الشهور الماضية.
سياق التخفيضات: ضغوط المقاطعة وتغير السوق
بحسب مصادر تجارية، فإن حملات المقاطعة الشعبية التي توسعت بشكل كبير في الشارع المصري منذ بداية الحرب على غزة كان لها تأثير مباشر على تراجع مبيعات بيبسي، وهو ما أجبر الشركة على تبني سياسة تسويقية تعتمد على تقديم خصومات واسعة النطاق تصل في بعض المنتجات إلى 40 جنيهاً للكرتونة الواحدة.
ويرى مراقبون أن بيبسي تحاول بهذه الخطوة إعادة التوازن لمبيعاتها والحفاظ على حصتها السوقية في مواجهة شركات محلية تقدم أسعاراً أقل، إضافة إلى المنافسة الشرسة من علامات بديلة كالعصائر الطبيعية والمشروبات المصرية منخفضة السعر، التي تشهد نمواً ملحوظاً في الطلب.