اندحار العاصفة – الحلقة الثانية

اندحار العاصفة
اندحار العاصفة

اندحار العاصفة  – الحلقة الثانية

الكتاب يتحدث عن مخططات القوى الدولية لاحتواء الثورة السورية وعن كيفية مواجهتها

خاص وحصري – شبكة المرصد الإخبارية

ملحوظة هامة : الكتب والأبحاث والمقالات المنشورة تعبرعن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة المرصد الإخبارية وليس للموقع أي مسئولية قانونية

 

الحمد لله على السراء والضراء…الحمد لله على ما نحن عليه من بأس وابتلاء… ومن خوف وجوع وشقاء…فما من أمة كتب لها أن تحمد الباري عز وجل في علاه على قسوة المصاب إلا وكان الله لها وليًّا ونصيرًا..

يا أهل الإسلام في بلاد الشام وقد تكالبت علينا قوى الشر والظلام كقطع الليل المظلم المدلهم…

فما لنا لا نستفيق… أم أصابنا من النوم سهم في المقل…

أم تعودنا الذل والهوان حتى أصابنا منه إدمان…

وقلوبنا قد عشعش الخوف فيها وأقام له صروحًا من الوهم والجزع حتى ضاعت ملامح الإيمان في صدورنا… ابحثوا عن الباقيات من فسائل الإيمان في الصدور، فليس هذا الطود من الخوف إلا سرابًا، والحقيقة الساطعة تلك الفسائل…. أعيدوا غرسها من جديد، وأحسنوا السقاية ولسوف تورق من جديد…

إن من أكبر نعم الله على عباده الأمن والأمان، ولكنها وقد هبت العاصفة فلا أمن لكم ولا أمان ولو لجأتم إلى جحور الضب فإن العاصفة ستدق مضاجعكم، فما أنتم فاعلون؟!…

 

غاضبة كوجه الشهيد هي البنادق…

مطرزة بالأنين والعتب… مشتاقة لأبطالها هي البنادق، تصرخ في ضمير المسلمين… بعد كل هذا الجور والهوان… أما من غضب؟!… أما من صحوة تمسح دموع الثكالى…

انهض انهض أُخيّا… هات يدك ضعها بيدي… نقتحم ساحات الوغى… نخوض غمار الحرب… نموت ونحيا سويًّا… وليس لنا من العيش كرامًا… وليس لنا في هذا الطريق إلا حمل رشاش أو بندقية … هكذا علمتنا دروس التاريخ… فكلما شاهد الطاغية منا ضعفًا وخوفًا كلما ازداد في بطشه وتجبر..وكلما شاهد منا بأسًا وشدة تراجع وتقهقر… وكلما ازداد بأسنا فلسوف يندحر…

ولكنها أشجار بلاد الشام جذورها ضاربة في الأرض لا تطالها براثن الريح ولسوف تنهض من جديد بجذوعها أقوى وأشد ولسوف تورق أغصانها أزهى وأجمل .

فيا طغاة الأرض انفثوا بحقدكم ما تشاؤون فإن مشيئة من أورث الأرض لأهلها أقوى وأكبر.

وما من أمة تغلب في أرضها وتقهر… والنصر آت والله أكبر…

ربما يسأل سائل كيف يتسنى النصر لشعب أعزل أمام هذا البركان الهائل من الطواغيت ، فإن نجا من الأول فسوف يسقط أمام سطوة الطاغوت الآخر والنصر لا يكون إلا بمعجزة من عند الله وقد ولى زمن المعجزات…

للإجابة على مثل هذا السؤال فلا بد لنا أن نقر أولًا بأن زمن المعجزات الإلهية ونصرة الله لأنبيائه ورسله بمعجزة من السماء فذلك من خواص الأنبياء والرسل، فليس منا من يضرب البحر بعصاه فينشق له البحر بإذن الله ، وليس منا من يحيي الموتى بإذن الله، ولكن قد جعل الله معجزاته قائمة إلى قيام الساعة… وما حدث في سوريا إلى الآن هو معجزة بحد ذاتها…

فأين تكمن المعجزات؟…                          

والله إني لأرى المعجزات تكمن في صدورنا وفي بوح أرواحنا وفي زغاريد البنادق فكلما ازداد بطش الطغاة كلما ازداد تقربنا إلى الله أكثر، وكلما سقط شهيد يولد خلفه عشرة مقاتلين يطلبون حمل السلاح في وجه الظالم ومن يراقب الأحداث يعلم جيدًا بأن ما أقوله هو من واقع الثورة، فيومًا بعد يوم ينحسر جيش الطغاة ويزداد سواد المقاتلين الذين نفروا نصرة ودفاعًا عن دينهم وعرضهم وكرامتهم…

ليس بالأماني تحيى الأمم… وليس بالخطب العصماء يتحقق النصر وإنما بجهد كبير ومرير.. وبجراح عميقة تستنهض همم الرجال….فثمة تصريحات مريبة متتالية كانت جميعها عام 2010 لتنذر بقرب هبوب العاصفة ومنها تصريح مكتب إدارة الأزمات العالمي في واشنطن ( سوف تقوم حرب واسعة النطاق في منطقة الشرق الأوسط والمستهدف الأول فيها هم المدنيون ) ، وتصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ( إن منطقة الشرق الأوسط سوف تشهد أحداثًا عاصفة وإن هذه العواصف سوف تخدم مصالحنا ) ، وتصريح وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغادرو ليبرمان ( إن هناك زلزالًا قادمًا سوف يضرب الشرق الأوسط – سنعيد سوريا إلى العصر الحجري ) وهذا كله يدل على مكر دبر لنا بليل .

ثم أقبلت العاصفة واستفاق المسلمون من رقادهم على واقع شديد الألم … وقع بعض المسلمين في حبال الخديعة والغدر من قبل المواقف الأوروبية والأمريكية والتركية مع بدء الثورة، فكان هناك أكثر من 24 قناة إعلامية عالمية داعمة للثورة وخرجت تصريحات ملتهبة ( الشعب السوري يستحق الحرية ) ، ( لن نسمح بحماة ثانية ) ، ( النظام السوري فقد شرعيته ) ، ( على بشار التنحي ) ، ( النظام السوري أصابنا بصدمة ) …. إن بشار الأسد لم يكن إلا جلادًا يعمل بإمرة أسياده الغرب ، وإن استعبادنا من قبل النظام لم يكن إلا من سيده الغربي … فإذاً كيف نرجو الرحمة ممن أعطى الأمر بجلدنا ؟…

لقد ظهرت منهم مواقف اللؤم على حقيقتها تجاه المسلمين،وظهر تواطؤهم مع النظام بعد أن صار العمل المسلح واقعًا لا يمكن له التراجع، وتستر الإعلام الغربي إلى حد كبير عن المجازر حتى أن القتلى يوميًّا بلغ 200 إلى 300 شهيد لم تعد تذكر في الإعلام، وكان خبثهم ومكرهم يظهر من فلتات ألسنتهم فقد صرحت الخارجية البريطانية بتاريخ 12-12 -2011 ( إن المجازر التي ستتم في سوريا ستقنع روسيا والصين بالانضمام للمجتمع الدولي ) !…وتصريح الساسة البريطانيين على جريدة الغارديان ( لن نسمح للربيع العربي بالخروج عن سيطرتنا وسنسعى إلى ترويض الإسلاميين الصاعدين ) … هكذا هو الوجه الحقيقي الغادر للغرب ، لكن بعدنا عن الإسلام أعمى قلوبنا … يقول هنتينغتون منظر المحافظين الجدد في كتابه صراع الحضارات ( الإسلام هو العدو الحضاري الأول للغرب وهو بؤرة الإرهاب ) هكذا ينظرون إلينا ، لذلك ليس علينا قراءة الحدث وحسب بل علينا أن نستبق الحدث بل أن نصنع الحدث أيضا … وأسأل الله التوفيق في تقديم مجموعة من الرؤى التي تستكشف لنا خيوط المؤامرة عسى أن نمسك زمام الأمور في مجريات الأحداث ولا نقاد من قبل الأعداء ولا نمضي حيثما يشاؤون .

وليس للتهويل فإن المصاب كبير وثمة أشهر وربما سنين عجاف قادمة هي أقسى من شرايين الصخور … فقد أعدو عدتهم لإبادة أكبر عدد من المسلمين في بلاد الشام وما تبقى يصبحون أكثر ذلًا وقهرًا مما كانوا عليه .

فيا أبناء المسلمين :

ليس لنا إلا أن نوحد صفوفنا ونهجر أوجه الاختلاف فيما بيننا وننهض بكل عزيمة شبابنا وأن نكون صادقين مع الله ومع أنفسنا ليصدقنا الله وعده … وقد أقسم الباري جل في علاه أن ينصر المسلمين ولو بعد حين …

فصبرًا كبيرًا وجهادًا أكبر … والله أكبر .

المواقف الدولية من الثورة السورية

كثيرة هي التقلبات في المواقف الدولية والإقليمية من الثورة السورية، لكنها لا تتعدى عن أقنعة متعددة لوجه واحد وهو المخطط الغادر لمستقبل بلاد الشام

أولا: الولايات المتحدة الأمريكية:

بالرغم من التهديد بالانهيار الاقتصادي الأمريكي في غضون السنوات القليلة المقبلة، وبالرغم من التفكك الاجتماعي الضارب في عمق البنية الأمريكية حتى أن عدد العصابات فيها أكثر من 300 ألف ميليشيا وعصابة ويسميها بعض الساسة الأمريكان بالإرهاب المرعب، وبالرغم من التضخم الهائل للدولار والديون الأمريكية التي بلغت أكثر من 14،6 تريليون دولار (بلغت الديون الداخلية والخارجية 30-40 تريليون) ومع ذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية لازالت القوة الأولى في العالم والقطب الأوحد الذي تدور وفق سياسته سياسات دول العالم متراوحة ما بين الدول ذات العمالة الانبطاحية مثل الدول العربية والإفريقية، ودول تابعة رهنت نفسها وإمكانياتها إلى حد كبير للإرادة الأمريكية واقعة تحت الهيمنة مثل تركيا وإيران وأوربا الشرقية واليابان وغيرهم، ودول أخرى ذات سيادة مستقلة تماما إلا أن سياساتها لايمكن أن تتخطى فيها القوة الأولى في العالم ولا يمكن أن ترسم مصالحها بعيدة عن المصالح الاستراتيجية أو الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية وهذه الدول مثل بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وهي واقعة في إطار المشاركة مع أمريكا في حل القضايا العالمية منضوية تحت القيادة الأمريكية المهيمنة.

وعلى هذا فإن أمريكا هي صاحبة القرار الأول في العالم وإن مخالفة القرار الأمريكي سيكلف الدول المخالِفة ثمنًا كبيرًا وإن المشروع الأمريكي في الامتداد الدولي ماضٍ ولن يقتصر على المياه الدافئة في منطقة الشرق الأوسط بل إن هذا الامتداد بدأ يتناول قلب آسيا الوسطى ودول شرق وجنوب شرق آسيا. إنَّ الولايات المتحدة الأمريكية تسير وفق مشروعها المستقبلي المخطط  له جيدًا بأن تكون قائدة العالم  الموحد والذي تسيطر عليه حكومة أمريكية موحدة ومن ورائها كبرى الشركات الأمريكية العسكرية النفطية ،وكي يتسنى لها هذا الدور دون تكاليف مباشرة يجب أن تقوم بحملات متتابعة من التجهيل للشعوب وحرق هويتها وأصالتها وتنشيط العولمة الأمريكية حتى تخرج أجيالًا هجينة فكريًّا ومريضة نفسيًّا يسهل السيطرة عليها وهذا ما قامت به منذ مطلع ثمانينات القرن المنصرم ثم تُتبِعُها بإشعال موجات الحروب بين الطوائف والقوميات لتنتهي إلى دويلات صغيرة تصبح في المستقبل كولايات مبتورة تابعة للولايات المتحدة ثم تتقدم بدور الحماية والوصاية لهذه الشعوب بعد تمام إنهاكها، وإن بعض الدراسات تتوقع أن يقوم هذا المشروع ليعلن عنه بشكل رسمي عام 2025.

إن الولايات المتحدة تعلم تمامًا أن بلاد الشام هي قلب العالم النابض ومن يمتلك الشام يمتلك العالم بحكم الموقع الجغرافي الذي يتوسط القارات كصلة وصل في ما بينها وإشرافها على البحر الأبيض المتوسط ومناخها المعتدل وثرواتها العظيمة، وتخومها مع القارة الأوربية، وضمها  لشعوب ذات أصالة تاريخية وعراقة إنسانية وقيم حضارية حيث قادت العالم من خلال عقيدتها الإسلامية الرصينة لقرون عديدة وهي تطل مباشرة على منطقتين في غاية الحساسية الأولى إسرائيل (وهي جزء من بلاد الشام)، وأطماعها في المنطقة وحدودها الأمنية مع الشام ودورها الرادع للدول المارقة (وفق مفهومهم) والمنتشرة في الشرق الأوسط.

والثانية هي شبه الجزيرة العربية التي تعتبرها أمريكا كرئة حيوية في إمدادها بالطاقة. ولئن كان مشروع العالم الموحد سيأتي متأخرًا في دول آسيا الوسطى والشرقية إلا أنه كان حاضرًا منذ نهايات القرن العشرين عام 1990 مع حرب الخليج الأولى حملة شوارزكوف (عاصفة الصحراء) في منطقة الشرق الأوسط، لذلك فإن مشروع التقسيم ليس ترديدًا لبعض كتابات المنظرين السياسيين الغربيين بل دخل الآن حيز التنفيذ على الأرض ابتداءً من سوريا، في حين تم تأجيل التقسيم الجغرافي في العراق في الوقت الذي تم التقسيم الديمغرافي فيها وزرع بذور الحرب الطائفية، وأصبحت الآن مهيأة تماما لترسيم الحدود لولا أن عملية الترسيم مرتبطة بشكل وثيق بمشروع التقسيم في سوريا.

إذاً هناك تحول جذري لأداء أمريكا وحلفائها الغربيين على مستوى العالم الثالث وأولها العالم الإسلامي ولم يعد ثمة حاجة لإخفاء مشاريعها الجهنمية أو المواراة أمام المسلمين،بل تعلن عن مشاريعها بكل صفاقة وغطرسة.

من المعلوم أن هناك أسباباً قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى بجدية الغرب في الإطاحة بنظام الطاغية بشار الأسد بالرغم من عمالته لهم، لذلك دفع الغرب باتجاه إسقاط النظام السوري وذكرنا في مقدمة الكتاب لمحة عن التعاطي مع الثورة السورية ولكن نريد في نفس الوقت أن نعلم مدى الرغبة الأمريكية في دعم الثورة السورية، فهل قرارها بإطاحة النظام تعني تلقائيا دعم الثورة الشعبية في سوريا؟…..

حسنًا… إن الكثير من المثقفين والسياسيين في العالم العربي لازال يعتقد بمبادئ الديمقراطية التي ترفعها أمريكا، ودعمها لقضايا حقوق الإنسان وينام عن آلاف القضايا الدموية التي إرتكبتها أمريكا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أو تلك القضايا التي غضت الطرف عنها بحكم مصالحها وهنا يحق لنا أن نسال:أين الإنسانية في رمي العراق باليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض والأسلحة البيولوجية في الحرب العالمية الثانية وحربها مع فيتنام، ولماذا سكتت عن مذابح حافظ الأسد في ثمانينات القرن الماضي سواء مجازر حماة أو حلب أو جسر الشغور أو تدمر، ولماذا دعمت إعلاميًّا الشعوب العربية في ثورتها بينما كان الشعب الفلسطيني شعب متمرد في نظرها، ولماذا الفيتو الروسي الصيني كان مثير الاشمئزاز في عدم إدانة النظام السوري حسب وصف وزيرة الخارجية الأمريكية بينما كان الفيتو تلو الفيتو المثير للشهية والصادر عن الإدارة الأمريكية لمنع إدانة إسرائيل في مجازرها ضد الشعب الفلسطيني؟… يقول المفكر الفرنسي روجيه غارودي (إن أمريكا مسؤولة كل يومين عن هيروشيما جديدة)لقد سعت الولايات المتحدة منذ نشأتها إلى رفع الشعارات البراقة وبالرغم من الوجه القبيح الذي كانت تخفيه خلف هذه الشعارات إلا أن هذا السلوك الجديد لن يبقي ماءًا في وجهها لأنها تريد أن تفرض صلفها وجبروتها بكل عنجهية وقوة رضي من رضي وأنكر من أنكر، إنها ماضية في تحقيق أحلامها العقائدية في الشام من قيام الملحمة الكبرى وقتل القوى المارقة (أمثالنا) فيها ليكون النصر التاريخي لها، وهي ماضية في تحقيق مصالحها في الهيمنة الدولية السافرة، بل إنها خططت لأكبر مجزرة تاريخية كونية في حق المسلمين في سوريا والذي سيتم خلال مراحل متتالية حسب مخططاتهم التي سنأتي على ذكرها إن شاء الله.

إن الصورة التي لعبتها أمريكا في الدول العربية من دعم الثورات الشعبية العربية من أجل تغيير الحكام الدكتاتوريين ومحاولة احتواء الثورات بزرع قيادات جديدة لها صلة مباشرة قريبة أو بعيدة معها لن تتكرر في سورية، وهي بعيدة جدًا عن الواقع السوري لأن وجود المجلس الوطني الانتقالي السوري في اسطنبول  هو وجود رمزي محفز فقط للثورة السورية ومحفز للمقاتلين في سوريا بأن أمريكا جادة في دعم الثورة، بينما تعلم أمريكا أن دور هذه القيادة هو دور إعلامي فقط لأنه لن تكون حكومة سورية داخل سوريا على المدى القريب، بل سوف تتشرذم هذه الحكومة الانتقالية في غربتها خلال عدة سنوات ولن تصل إلى الأرض السورية بشكل فاعل وحقيقي، وهذا التفسير ليس أقل من المدى القريب لأن نجاح الثورة السورية وفق الرؤية العالمية (وليس الإسلامية) يعني نجاح المعارضة الخارجية وبالتالي دخولها إلى الأراضي السورية لاستلام الحكم تحت الرعاية الأمريكية بعد أن يتم رسم خارطة طريق لها، ولن تستطيع أن تحيد عن هذه الخارطة أبدا وبالتالي عودة الدكتاتوريات وقمع المسلمين نصف قرن أو قرن آخر.

لقد قام المجلس الوطني الانتقالي في تركيا بمشروع مسودة قرار لتشكيل حكومة انتقالية وكان رئيس المجلس العسكري المقترح فيها العميد مناف طلاس صديق الطفولة  لبشار الأسد وقد قام بالعمرة في رمضان وتم تصويره لتلميعه بطريقة مكشوفة واقترحوا خالد أبو صلاح الناطق الإعلامي عن الثورة في حمص دون علمه أصلا كوزير للشباب، وكل هذه الألاعيب كانت فقاعة اختبار أمريكية لشق صف الجيش الحر لأنهم يعلمون أن هناك من تعب من الصراع وشعر بخطورة الأزمة فانحاز نحو الحل السياسي الترقيعي، وآخرين أشد تمسكًا بالمبدأ والذين اختاروا الحل الانقلابي الجذري، وفعلا نجحت فقاعة الاختبار بشق الجيش الحر جزئيًّا، علمًا أن طبيعة تشكيل الحكومة الانتقالية وطرحها لم يكن جادًا، وحتى لو تشكلت فإن أمريكا ليست جادة في إيصالها إلى الحكم إلا كحكومة طوارئ فقط عندما تضطر إليها لأن المشروع الأمريكي أكبر من بقاء سوريا على ما هي عليه الآن.

إذاً لو كانت الولايات المتحدة جادة في دعم المجلس الوطني الانتقالي لدعمت الثورة الشعبية في سوريا، ولكن حتى الآن مضى أكثر من 17شهراً على قيام الثورة السورية ولم يبدُ في الأفق بادرة خلاص، بل إن الوضع الداخلي السوري يتقدم رويدًا رويدًا نحو فوهة بركان عمياء تبتلع فيها السوريين وفق مراحل منضبطة رسمتها الإدارة الأمريكية بدقة فائقة وخبث ودهاء. إن الاتجاه الأمريكي الآن هو التظاهر بموقف الأمة ذات العراقة الإنسانية المفرطة وهي تتباكى على هذا الشعب السوري المسكين الذي يناضل من أجل استرداد حريته وكرامته على طريقة ثورة الزنوج في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها تصرح بأنها وقفت أمام خيار اللا خيار على أنها مكبلة لأن الفيتو الروسي الصيني يمنعها من أي تدخل وهي ملتزمة بالقوانين الدولية وبالقيم الأخلاقية في المعاهدات لذلك فهي سوف تستمر في ذرف دموعها ولطم خدودها على ما يعانيه الشعب السوري من اختناق….

ولعل شعبنا الأصيل يصدق ذلك ولكننا نتوجه إلى هؤلاء لنقول لهم إذا عجزت أمريكا أمام الفيتو الروسي الصيني فلماذا تحدت الشرعية الدولية برمتها وتخطت مجلس الأمن ووطأت بقدمها القرارات الأممية ودخلت العراق كدولة محتلة؟…..

وإذا اعتقد البعض أن الأوضاع الدولية تغيرت لأن أمريكا تم إنهاكها في حرب العراق وأفغانستان لذلك فهي تريد الآن قرارًا أمميًّا فنقول لماذا لا توقف المجازر فينا خارج مظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن طريق رفع جامعة الدول العربية طلب الاستعانة بحلف الناتو على غرار تدخلها في يوغسلافيا السابقة وكما فعلت في ليبيا؟….

ولماذا تدخل قوات حزب الله كشبيحة للأسد؟….

ولماذا تنهال المساعدات على النظام السوري؟.. في حين أن أمريكا لم تسمح بتمويل أو تسليح الثورة (مع أنها لن تكلف خزينتها دولارًا واحدًا) بل إنها لم تسمح للمملكة العربية السعودية ودول الخليج بتمويل وتسليح الثورة السورية (مع أننا لا نحتاج إلى الأموال والأسلحة الأمريكية كشريك متواطئ في قتل المسلمين).

الحقيقة أن كميات خجولة جدا من الأسلحة وصلت إلى أيدي أبطال الثورة من المجاهدين وإن هذه الكميات الشحيحة كانت في بداية الثورة السورية فقط والغاية منها تشجيع الشعب على الانطلاق في ثورتهم والاتجاه نحو المسار المسلح (وإن كنا نؤيد المسار المسلح منذ بداية الثورة) وإحداث حالة الصدام العسكري للثورة وكانت الغاية منها عملية توريط الثورة السورية في عسكرتها (وفق المفهوم الأمريكي) ثم توقيف المساعدات العسكرية لأجل استفراد النظام وتوحشه أمام شعب أعزل من السلاح، لذلك ذهب السفير الأمريكي في سورية روبرت فورد إلى مدينة حماة واستقبله عشرات الألوف (بكل براءتهم) كداعم للثورة ثم أخذ يلقن الشعب السوري كي يخرجهم من نطاق العمل السلمي إلى المسلح فقال (إن الشعب السوري بدأ ينفد صبره)….. إنهم يعلمون أن بيوت المسلمين معظمها خالية من أي قطعة سلاح، بل إن هذا النظام المجرم أصبح يسجن من يحمل سكينًا… وهكذا على مدى أربعين سنة تم تجريدنا من أي سلاح مطلقا في حين تم توزيع سلاح وذخيرة الجيش السوري على بقية الطوائف خاصة النصيرية في جبالهم استعدادًا للحرب القادمة.وهنا نريد أن نستطرد في الفكرة، وهي أن عادة الولايات المتحدة الأمريكية في الأشهر الأولى من دخولها البلد المحتل تقوم بزج أكبر شريحة ممكنة من الشباب في السجون لبتر أي عملية مقاومة منذ البداية وتفكيك كل الشبكات عن طريق الاعتقالات التعسفية والعشوائية، وتنشر بين المساجين الصيت الحسن عن المعاملة النزيهة والمحترمة كي تعطي الانطباع الجيد عند الأهالي وتدفع بالمطلوبين لتسليم أنفسهم، وفي حال تم حصار المطلوبين فلن يستبسلوا وسوف يسارعون لتسليم أنفسهم بسبب حسن المعاملة من المحتل، وما هي إلا أشهر أو سنوات بعد أن تحكم قبضتها على البلد حتى تذيق السجناء أشد العذاب ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه بالجهاد… إنها عملية تدجين للمجاهدين ذوي العقيدة الهشة.

دخلت إلى سوريا شبكة استخبارات أمريكية ومنها على هيئة ضباط أمريكيين وضباط بريطانيين وأتراك تحت ذريعة تعليم بعض كتائب الجيش الحر والثوار القتال، والحقيقة أن هؤلاء الضباط دخلوا في مهمات استخباراتية بحتة مرتبطة مع الـ CIA ومهمتهم مراقبة الساحة السورية عن كثب وعملية اختراق عميقة في صميم المقاتلين لرفع تقارير استخباراتية إلى قيادتهم المركزية في الخارج عن الأحوال النفسية للمقاتلين وطريقة تفكيرهم ومستوى مهاراتهم وإمكانياتهم الفكرية والعسكرية والتنظيمية ومدى حضور الإيديولوجية العقائدية الإسلامية فيهم ونحو ذلك، وحسب صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية بتاريخ 7-8-2012 أن الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية تعاني من فجوة استخباراتية في سوريا حول هوية القوى العسكرية المقاتلة والنظام السوري وتنشط منذ شهور في بناء شبكة اتصالات مع كبار الضباط المنشقين وتجنيد العملاء.

والأسوأ من ذلك فرضها على بعض قادة الجيش الحر بعض التكتيكات العسكرية بل والاستراتيجية وفق رؤيتها العسكرية والمخالف لمبدأ حرب العصابات مما يثير الريبة والشك حول نزاهتها، فلصالح من هذا التدخل ؟….. من المؤسف أن المسلمين في هذا القرن يقعون مرات ومرات ولا يتعلمون من التاريخ لأن معظمنا لا يقرأه أصلاً، فصورة العقيد اليهودي البريطاني لورانس العرب وتحريضه للقبائل العربية للثورة على الخلافة الإسلامية لا زالت ماثلة في أذهاننا و تتكرر صورة الغدر باستمرار ونحن نسلم قيادنا ومصيرنا الأسود إلى أعدائنا.

يجب أن يحدد المسلمون بدقة متناهية جميع الأصدقاء والأعداء كي لا يقعوا في شباك العدو كما وقع أجدادنا من قبل في تحالفهم مع أوروبا بدعم الثورة العربية الكبرى ضد الخلافة الإسلامية والحصول على الاستقلال فكان ما سمي بصفقة المغبونين أو اتفاقية حسين مكماهون عام 1915 حيث غدر الغادرون بريطانيا وفرنسا بالمسلمين كعادتهم، وإن مآسي الماضي واستغبائهم لنا تلوح من فجر الثورة السورية.

إن أمريكا تلجأ الآن إلى إطالة أمد المعركة لتمكين الأسد ونظامه من قتل أكبر شريحة ممكنة من المسلمين في سوريا ومن يتتبع عمل اللجنة الوزارية للجامعة العربية والمدة الطويلة التي أعطوها للنظام يعلم تماما من خلال هذه المدة درجة العبثية الأمريكية في هذا الموضوع ومدى إعطائها المهل للنظام السوري تلو المهل كي يقوم بحرق الثورة السورية وإبادتها وفق سياسة الأرض المحروقة، ولكن بشار الأسد يفشل في كل تمديد يمنح له من اللجنة الوزارية، وبالرغم من أن القاصي والداني يعلم مدى انتهاك بشار الأسد لخطة جامعة الدول العربية إلا أن تقرير الدابي الذي خرج بمفاجآت أن وضع مدينة حمص آمن وأن سبب القتلى هو العصابات الإرهابية وكان واضحًا تمامًا لدى الجميع مدى تسييس تقرير الدابي وفق متطلبات الحلفين الشرقي والغربي.

جاءت بعدها خطة أنان وما تحمله من حقن الطاقة الإجرامية في شرايين النظام السوري وتمكينه من قتل المسلمين وكذلك المبعوث الدولي روبرت مود الذي لعب دور المتستر أيضا على نظام الأسد وتبرير أفعاله، بل كان من السهولة بمكان أن يكذبوا كل الحقائق والشهود في مجزرة التريمسة في ريف حماة بأن المجزرة حدثت بسبب اشتباك الجيش السوري مع مسلحين إرهابيين والدليل وجود فوارغ الطلقات؟…لقد أقاموا الدنيا لأجل تفجير قبور فيها عظام أموات (في تومبكتو – مالي) ولم يقفوا مثل هذا الموقف في القتل اليومي للمسلمين السوريين وإزهاق أرواحهم… وإننا ندرك جميعا لو أن المسلمين يقتلون كل يوم عشرة كلاب لقاموا بجموعهم في إدانة الأعمال الوحشية لنصرة الكلاب… أما قتل النظام المستبد للمسلمين فهذا فيه نظر ويجب أن نفكر في حل سلمي لتنحي الأسد عن الحكم في حين أنهم متفقون على بقاء النظام برمته بشكل مرحلي لاستمرار قتله فينا (تسربت معلومات عن الاجتماع التحضيري لمؤتمر جنيف عن تمديدهم للأسد لعام أو عامين)، والحفاظ على التركيبة الاستخباراتية والجيش في سوريا التي اشترطت القوى الغربية على عدم تغييرها مطلقًا… والحفاظ على ضباطها وعناصرها.

كل هذه المهازل التي يعيشها المسلمين في سوريا جراء القبضة الأمنية الخانقة عليهم ومع ذلك فإن أمريكا وأوروبا يشترطون الحفاظ على أقذر وأعتى الأجهزة الأمنية إجرامًا في العالم… أما لماذا؟… فإن هذا لا يحتاج إلى جواب….

كل هذه السخرية الأمريكية من الثورة السورية واحتقار دماء المسلمين ومع ذلك هناك من المنهزمين أو المغفلين ممن يجدها راعية للثورة السورية والمسلمين.

كان من المثير للانتباه أنه منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 وحتى قبل قيام الثورة السورية عام 2011 بقيت الآلة الإعلامية في العالم جميعا تتكتم عن المشروع الإيراني الصفوي وامتداد الهلال الشيعي، وبالرغم من أن هذا الهلال لم يعد هلالًا بل كاد يصبح حلقة ابتداءً من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان وفلسطين وشرق المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص ودول الخليج واليمن (الحوثيين) وبالرغم من بدء تغيير الخارطة الجيوسياسة والخارطة الديمغرافية في منطقة الشرق الأوسط إلا أن هذا الموضوع يحرم الكلام عنه… ولكن السكوت عن هذا المشروع لمصلحة من؟… هل هو لصالح التعاون الأمريكي الإيراني أم لصالح الدول العربية الإسلامية؟… وهل من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية حدوث الامتداد في الأذرع الإيرانية ومحاولة السيطرة على العالم في قلب الشرق الأوسط أم أن هناك خلافات حقيقية وعداءً كاملاً بين الطرفين، أم أن هذا الامتداد الإيراني يخدم في نفس الوقت المشروع الأمريكي ودول المركز في منطقة الشرق الأوسط على مبدأ تقاطع المصالح؟…

سنجيب هنا بشكل مختصر جدا ونترك التفصيل عند الحديث عن الدور الإيراني في المنطقة، وهو أن عملية التهيئة للمشروع الأمريكي في قلب الشرق الأوسط سيحتاج ومنذ مطلع الثورة الإيرانية إلى هذا الامتداد الإيراني لأن هذه المرحلة المرسومة أمريكيًّا منذ حوالي ثلاثين عاما كما جاء في خطة برنارد لويس في مطلع ثمانينات القرن الماضي، وكان هناك تزامنًا بين ثورة الخميني عام 1979 وبين مخطط برناد لويس الذي تم الإعلان عنه عام 1980 وهو تفتيت تام للمنطقة عن طريق حرب شعواء تحرق فيها أكبر تكتلين بشريين في قلب العالم وهم المسلمون السنة مقابل الفارسية الصفوية المجوسية، وخلف هذا المفهوم نعلم لماذا صمتت كل وسائل الإعلام قاطبة عن إثارة موضوع الهلال الشيعي وامتداده وتغلغله بين المسلمين، ثم ليبدأ بالظهور بشكل فجائي على كثير من وسائل الإعلام وبزخم ودفع أعمى وكشف فاضح للمستور وإحداث احتقان فلكي هائل في كلا الجانبين تمهيدا لخطة الملحمة التي ستشعلها دول المركز بين الطرفين لتبدأ تدريجيًّا في نهاية مرحلة حكم الطاغية بشار الأسد، ولتطفو على السطح بشكل كامل في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد.قد يظن البعض أن مجمل الحديث عن أمريكا فيه لوم لمواقفها لأننا نريد منها تدخلًا مباشرًا أو حظرًا جويًّا أو حتى مساعدات عسكرية أو إنسانية، والواقع أننا عبثا ننتظر من القاتل الرحمة، وإن سواعدنا جميعا سواء من إخواننا الأبطال في الجيش الحر أو من إخواننا في التنظيمات الإسلامية ممن لهم ميدان السبق في العمل الجهادي لهي كفيلة لأن تتعاضد مع بعضها لاقتلاع الشجرة الخبيثة من جذورها،

إذاً لماذا تصر المعارضة الخارجية على التدخل الأمريكي؟… أليس هذا التدخل هو إطلاق لكامل يد أمريكا في بلادنا بعد أن تسلطت علينا من خلال نظام الأسد لمدة أربعين عاما ثم نكرر المأساة فينا؟…

لو أن أمريكا الآن وقفت على الحياد وسمحت للملكة العربية السعودية ودول الخليج بتمويل وتسليح الثورة لسقط نظام الأسد منذ الأشهر الأولى لبدء الثورة السورية.

لقد بنينا مقدمة هذه الفقرة على فكرة أن الولايات المتحدة لها مآرب كثيرة في تفتيت سوريا وفي إزاحة النظام السوري، وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: كيف تكون أمريكا جادة في إسقاط النظام ثم تسمح بالمساعدات للنظام السوري بكل أشكالها العسكرية والمالية واللوجستية والمعنوية والمواقف الدولية، وكيف تكون جادة في إسقاط النظام ولا تسمح بتمويل وتسليح الشعب إلا ضمن قنوات ضيقة جدا جدا؟…

للإجابة عن السؤال يجب أن نرجع إلى مخطط القوة والضعف لكلا الكتلتين المتصارعتين سواء عند الثوار أم النظام. نقاط قوة النظام الداخلية:

1-العتاد العسكري للجيش السوري.

2-الخزينة السورية برمتها.

3-بعض علماء السلطان ممن يخدرون الأمة كي تبقى نائمة بين الأحذية.

4-الآلة الإعلامية السورية.

5-الطائفة النصيرية والشبيحة والدولة الصفوية المجوسية مع ما تسخره من الرافضة العرب لخدمة مشروعها الصفوي علمًا أنها تخادعهم وتستغل تشددهم لأهل البيت لإقامة أحلامها بالإمبراطورية الفارسية بل تعتبر الرافضة العرب من الدرجة الثانية أو الثالثة لذلك نجدها الآن تضحي بهم أولًا بدل مواطنيها الفارسيين،وهي تزجهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل  .

6-الجيش السوري بشكل نسبي وهو يصلح كقوة فاعلة وجبارة في الأشهر الأولى ولكن سيخذله في الأشهر المتقدمة لذلك فهو يرتب كتائبه المقاتلة في مواجهة المتظاهرين أو المقاتلين إلى مراحل، فالأولى منها هي الجيش النظامي بقيادته النصيرية وقاعدته السنية لذلك ستكون الخطة هي استهلاك القاعدة بشكل كامل من الجنود والضباط من المسلمين السنة ويتم وضعهم الآن في مقدمة أي اقتحام ويتم توثيق أقدامهم بالدبابات لمنع انشقاقهم، أما المشاة فيتم السيطرة عليهم ومنع انشقاقهم عن طريق توزيع القناصة من الحرس الثوري الإيراني في الأماكن العالية، وإن البقايا القليلة من المسلمين التي ستبقى مع النظام حتى مقتل بشار الأسد سيقوم الجيش نفسه بقتلهم لأن الحرب القادمة ستكون طائفية معلنة من كل الوجوه كما يخطط لها المركز وسيميطون اللثام عن القناع الذي يرتدونه اليوم.

ومن المفيد أن نذكر هنا أن وفود الحرس الثوري الإيراني بدأت تدخل سوريا منذ أكثر من سبع سنوات وتم منحهم بطاقات الهوية السورية، ولكن تضاعفت هذه الأعداد في السنوات الأخيرة لتبلغ عشرات الألوف الكامنين في سوريا سواء من الحرس الثوري الإيراني أم من المتطوعين الشيعة من العراق أو سوريا أو لبنان، وهؤلاء حتى الآن لم يتم زجهم في المعركة إلا بشكل محدود وأٌقرب إلى الرمزية، إذاً المرحلة الثانية ستكون مع بدء انهيار الجيش النظامي بسبب كثرة القتل والانشقاقات في الجيش من المسلمين السنة، وهنا سيتم الدفع ببعض القوى الإيرانية والرافضية المخبأة الآن في سوريا لأجل تعديل الضعف في الجيش، أما المرحلة الثالثة فسيتحول الجيش السوري إلى جيش طائفي محض وهجين من النصيريين والحرس الثوري الإيراني والرافضة في العراق (فيلق بدر – جيش المهدي – حزب الله العراقي – جيش الإمام الحسين…) ومن رافضة سوريا وحزب الله اللبناني والمتطوعين منهم، لذلك سيكون الخط البياني لمسار قوة الجيش النظامي متذبذبة بين القوة والضعف، حيث سيكون قويًّا في المرحلة الأولى وسيضعف في الثانية (كما هو عليه الآن) وسيكون قويًّا ونقطة تسجل لصالحهم عندما يتحول كامل الجيش إلى جيش طائفي محض مسلط على رقاب المسلمين السنة، لذلك سنجد مدًا في الانتصارات التي سيقوم بها المجاهدون الأبطال في المرحلة الثانية والتي يمكن أن تتعرض إلى شيء من النكوص بعد مقتل بشار الأسد بأسابيع قليلة أي عند دخول المرحلة الثالثة من التبدل في تركيبة الجيش السوري وهي المرحلة المرشحة بشكل كبير إلى استخدام السلاح الكيماوي ضد المسلمين السنة ويكون المخطِّط لهذه العملية دول المركز أما المنفذ لها فهو الحرس الثوري الإيراني وأشياعه.

نقاط قوة النظام السوري الخارجية:

1-الدعم الإعلامي المفتوح من المحور الشرقي (روسيا – الصين –إيران – العراق…).

2-الدعم البشري كمقاتلين.

3-الدعم اللوجستي.

4-الدعم الحربي.

5-الدعم المالي.

نقاط ضعف النظام:

1-انهيار الآلة الإعلامية الداخلية القائمة على الكذب.

2-انهيار مؤقت للجيش.

3-انهيار خزينة الدولة.

4-انهيار العتاد العسكري لأن الحرب الطاحنة المفتوحة الآن ستكون كمستنقع نفايات عسكرية لا حدود لها ولذلك يجب أن يتنبه الجميع أن طول المعركة ومدها وعدم الحسم هو عامل نصر قطعي لنا و لأسباب أخرى سيأتي بيانها لذلك يجب أن يسعى المقاتلون إلى مد الحرب قدر المستطاع لأن القوة المالية والعسكرية الداخلية والخارجية لن تستطيع الاستمرار في الضخ لسنوات عديدة على المستوى السوري والروسي والإيراني، أما على المستوى الأمريكي فإن عامل الزمن الطويل مطلوب لأنه في النهاية سيضعف كافة الأطراف من الحلف الشرقي ومن المسلمين السنة، وبالتالي دخول الناتو إلى سوريا كجسد بلا روح وفق التصور الأمريكي، إلا أن عامل طول الزمن ليس هدفًا استراتيجيًّا بل تكتيكيًّا لاحتمالية استحالة الثورة السورية وانزياحها كثورة عقائدية إسلامية.

التركيبة النفسية لكل المقاتلين الإيرانيين والرافضة والنصيرية ذلك أن المعتدي دائما يشعر بالخوف لأنه ليس صاحب حق، وإن هذه العقدة ستلازمهم وتتحكم في حسهم الانهزامي حتى نهاية المعركة الطائفية التي يخططون لها بينما يكون قتالهم في بداية هذه المرحلة في غاية الشراسة. الجيش الطائفي وعدم وجود امتداد ديمغرافي لهم ضمن سوريا ماعدا الجبال الساحلية التي تضم النصيريين.

5-السقوط التام لرجال الدين الداعمين للنظام، وكذلك التركيبة القومية والوطنية والعلمانية والعقائدية التي تتهاوى تماما في هذه المرحلة مما يضعف تماسكهم الطائفي، فعلى المستوى القومي فإن هذا الجيش الطائفي يحمل قومية عربية وفارسية وعلى المستوى الوطني يحمل إيرانيين وعراقيين وسوريين ولبنانيين وعلى مستوى العقيدة فإن الرافضة يكفرون النصيرية، ومشايخ النصيرية تكفر الرافضة والذي جمع هذه التركيبة العجيبة هو مجموعة من الكذب على بعضهم والمصالح والعمالة للغرب ولذلك فإن هذه التركيبة شديدة الهشاشة فبينما تكون صلبة في بدايتها فإنها سرعان ما ستتهاوى في المرحلة اللاحقة.

نقاط قوة المقاتلين المسلمين الداخلية:

1-العامل العددي البشري حيث أن نسبة المسلمين السنة في سوريا تتجاوز 82% نسبة للطوائف الأخرى.

2-أنهم أصحاب الأرض وهم أعلم وأخبر بالقتال عليها.

3-دفاعهم عن حريتهم وكرامتهم هو دفاع مصيري بامتياز.

4-الدافع النفسي للقتال جبار وصارخ بسبب سنين التقتيل والاضطهاد والتعذيب والتجويع.

امتدادهم على الرقعة الأعظم في سوريا.الإسلامية التي ستمر بطورين: ابتداء سيكون الضعف العقائدي الشديد سائدًا وسيكون هناك ضعف وعي لطبيعة المعركة لأن المسلمين السنة خرجوا بعد سبعة عشر شهرًا من الثورة إلى مستوى لا زال بسيطًا جدًا ولا يفي بالأبعاد الفكرية والعقائدية التي نمر بها في هذه الآونة ونعتقد أن نقطة الانطلاق العقائدية التامة ستتم بقفزات متسارعة جدًا في المرحلة الثالثة لاستحالة الجيش السوري إلى جيش طائفي صرف وغالبًا ستكون الصدمة الرهيبة التي سيمر بها المسلمون هي جرعة زائدة عن الحد لن تكفي لصحوتهم التامة بل إلى دفعهم بشكل جامح نحو الأمام، ويبدو أن هذه المرحلة الرهيبة التي ستمر بها هذه الأمة العريقة ستكون بمثابة صدمات الإنعاش الكهربائية لمريض الأزمة القلبية وهذه بدورها ستخدم الأمة الإسلامية من حيث ظنوا أنهم طعنوها في مقتل.

نقاط قوة المقاتلين المسلمين الخارجية:

1-استقطاب النخبة العقائدية الإسلامية من جميع الأرض نحو بلاد الشام وهؤلاء متصفون بغاية الضراوة والشراسة القتالية بسبب اندفاعهم العقائدي، بل وستكون الشام خلال السنوات المقبلة معقلًا لأكبر تجمع عقائدي إسلامي قتالي في العصر الحديث.

2-عودة الكثير من المفكرين والعلماء والكوادر العلمية التي يمكن استقطابها سواء الكوادر الإسلامية أو السورية على وجه الخصوص فهناك الكثير من هؤلاء العلماء غادروا بلاد الشام أثناء حكم الأسد عندما كان يمارس خطته في تهجير العقول نحو الخارج وهذه الطبقة ستشارك بعلمها ومالها.

التأييد الإسلامي المطلق على مستوى الشعوب الإسلامية وهذا يساعدنا في تصدير ثورتنا ومد ساحة الحرب إلى البلاد الأخرى التي يسترخي فيها عدونا الذي يقاتلنا على أرضنا.بينما سيبقى الدعم بالسلاح والذخيرة والمال محدودًا في معظم مراحل الحرب الطويلة، لذلك يجب علينا توفير المال والذخيرة ونقوم بسياسة ادخار صارمة كي تعيننا في المرحلة القادمة لأن الأسد لن يترك البلد إلا بعد أن يعيدها للوراء مئات السنين كما يخطط، وعليه يجب التفكير بصناعات عسكرية تقليدية قابلة للتطوير، ويجب الإعداد لذلك داخل بلاد الشام وإيجاد الكوادر التي تختص بهذه المهمة لأن السنوات العجاف القادمة قد تجعلنا بحاجة للرصاصة الواحدة.

لو نظرنا إلى معظم نقاط قوة النظام لوجدناها مرحلية حيث تكون قوية في بدايتها، وكلما تقدم الزمن تحولت إلى نقاط ضعف بسبب نفاد مخزونها وانكشاف كذبها وخداعها، ولذلك فإن النظام يجهد نفسه في قمع الثورة بشتى الوسائل وبسرعة قصوى لأن الزمن ليس من صالحه بل هو كفيل بإنهاكه وإسقاطه.

وعلى النقيض تماما فإن نقاط القوة التي تصبح ضعيفة عند النظام تتحول تلقائيا إلى نقاط قوة للثورة، أي أن الزمن في صالح المقاتلين لذلك فإن المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية سوف تأتي في مرحلة انهيار جميع نقاط القوة لدى النظام السوري وعندها ستحولها لحرب طائفية ذات بعد ودعم إقليميين.

لو تأملنا مليا في هذا الواقع لوجدنا أن أعظم قوة ساحقة يمتلكها المقاتلون المسلمون هي نفسها أضعف نقطة عند العدو وهي العامل النفسي، فهو المخزون الروحي الأعظم للجيوش فبينما كانت الروح المعنوية والحس الإيماني الإسلامي عند المقاتلين المسلمين بلغت حدًا مدهشًا من البسالة فإنها كانت عند العدو في تمام الانهيار، وهذا الذي أحال نقاط قوتهم الساحقة إلى جبل عظيم من القش الذي لا يثبت أمام العاصفة.

يقول نابليون بونابرت:(في الحرب تمثل المعنويات ثلاثة أرباع القوة،أما توازن القوة المادية فلا يمثل إلا الربع الباقي ).إن ما يقال عن واقع النظام من استحالة قوته إلى ضعف وتشتت وانهزام هو ما يمكن أن نقوله أيضا عن الجيش الطائفي القادم الذي سيكون قويًا في أسابيعه الأولى ولكنه سيكون الأشد تفككًا وتفسخًا وذوبانًا.

وهي أيضًا نفس القاعدة لكل عدو محتل إذ يكون الزمن دائمًا ضده لأن طول الحرب يستهلك القوة مهما كانت عظيمة، كما أن طول الحرب يكشف كذب ومراوغة المحتل لصالح الثوار، فإذا استمر الشعب في إمداد الثوار فإن نصرهم حتمي بإذن الله.

بالعموم نجد أن جانب تفوق النظام مادي فقط ولا يحمل أي قوة روحية، بينما نجد أن مصدر التفوق للمقاتلين المسلمين هو في الجانب الروحي العقائدي، ولكنه تفوق على المدى البعيد، وسيكون المخزون الثوري الأساسي على المنظور البعيد هو العقيدة الإسلامية بعد نضوج فكرها في نفوس المقاتلين، وهذا الواقع يجعل من تبني الثورة للعقيدة الإسلامية ضرورة حتمية ومصيرية يتعلق على مدارها بشكل شامل الانتصار التاريخي لنموذج ثوري فريد أو الهزيمة التاريخية له.

نعود للتقرير في هذه المناسبة أن أي محاولة حسم عاجلة للمعركة لن تكون في صالح المجاهدين لأن مصدر قوتها في الجانب الروحي، والجانب الروحي لن يتأتى إلا بطول الزمن وهذا يدفعنا إلى ضرورة السرعة في التجنيد الروحي للثورة والمباشرة فيها بصورتها المنهجية.

إذاً عندما نقرر منذ بداية الثورة أن هناك تفوقًا ساحقًا للنظام اضطرت دول المركز للوقوف بحزم لجانب الثورة وكانت التصريحات آنذاك نارية على أنهم عازمون للوقوف إلى جانب المطالب الشرعية للشعب السوري وإن هذا الوقوف الإعلامي الغربي منع في ابتداء الثورة من القمع الدموي للنظام مما اضطره آنذاك إلى مسك أعصابه بشتى الوسائل لعل التهدئة تفيد في امتصاص الصدمة الثورية من الشعب واحتوائها، بل لا نبالغ إن قلنا إن الأشهر الأولى كانت حافلة من جهة الإعلام الغربي بتضخيم آلة القمع للنظام السوري من حيث قصف المدن، وبسبب ضعف الثورة السورية في الأشهر الأولى اضطر الغرب إلى الموافقة على الدعم العسكري والمالي المحدود جدا من السعودية والخليج وحصرا لجهة الجيش الحر ذي التوجه العلماني على ما يعتقده ويرجوه الغرب وكان هذا الدعم الإعلامي الغربي والعسكري المالي الخليجي هو الذي دفع الثورة السورية نحو الأمام والوقوف وإمكانية تلقي الصفعات المنهكة دون أن تموت وليس لأجل القدرة على المواجهة أو الهجوم أبدا لأن المساعدات كانت خجولة جدًا، وبالرغم من ذلك فإن المسلمين في سوريا استطاعوا التحول إلى المواجهة المسلحة من خلال ثلاثة عوامل أولها التصميم على نصر الثورة والإطاحة بالنظام وثانيها الدعم الإعلامي المحدود وثالثها المساعدات المالية والعسكرية الشحيحة، ولكن طرأت نقطة تحول بعد حوالي أيلول 2011 إذ بدأت الثورة تشتد وتأخذ طابعًا مسلحًا وظهرت الكثير من المناطق الرمادية على الأرض السورية لم يسيطر عليها بشكل حاسم كلا القوتين وهذا مؤشر لدى دول المركز لاحتمالية السحق السريع للثورة على النظام لذلك توقفت المساعدات الشحيحة المالية والعسكرية وتوقف الدعم الإعلامي بشكل كبير وتراجع الغرب عن كل تصريحاته ليكتفي بالتنديد والإدانة، وتلاشت التصريحات الحاسمة التي ساعدت في تحريك الشعب السوري، ولكن الثورة أصبحت واقعًا ويستحيل معه التراجع لأن هذا التراجع سيحولنا إلى عبيد من الدرجة الثالثة لمن سيبقى على قيد الحياة، وهذا الإحساس دفع بكثير من أبطال الثورة إلى الاستماتة من أجل الحصول على السلاح والذخيرة من العدو عن طريق الكمائن ونجحوا في ذلك إلى حد بعيد. كان رد فعل النظام بدخول جزئي للمرحلة الثانية من الخطة العسكرية التي وضعها منذ ابتداء الثورة وتشمل بداية هذه المرحلة بعض المذابح والقصف الجزئي للمدن لذلك كانت نقطة التحول الثانية لمسار الثورة وهو مسار النكسة بعد مجزرة الحولة في شباط وآذار 2012 حيث استطاع النظام السيطرة على معظم المدن السورية تحت سطوة الآلة العسكرية الدموية لكن بقي الريف الشمالي لمدينتي إدلب وحلب عصيًّا عليه، وهكذا نجد أن هذه المرحلة وخلال حوالي ثلاثة أشهر بدأت تهدد باحتمالية القضاء على الثورة مما اضطر الغرب إلى عودة التسليح الشحيح بعد الشهر الخامس من عام 2012 على حساب الأموال العربية والخليجية.

من خلال هذه المراحل نجد أن طريقة التعاطي الغربي مع الثورة هي صدمات الإنعاش قبل الممات لأجل صمودها فقط، والغاية من ذلك استمرارية التصارع من خلال تأمين الحد الأدنى المطلوب من صمود المسلمين في سوريا لأن شح المساعدات لن يأتي بنصر مظفر ولا حتى النصر وبنفس الوقت لا ينتهي بموت الثورة بل يبقيها في حالة الترنح وهذا هو المطلوب غربيًّا، ولو رسمنا خطًا بيانيًّا لتعاطي دول المركز مع المقاتلين المسلمين في سوريا سنجد تماما هذه الحقيقة التي قررناها وسوف نفاجأ أن الخط البياني الذي سيخرج معنا سيوصلنا لغاية واحدة فقط، وهو إنهاك النظام من خلال الثورة وسقوطه على المدى البعيد، وهذا الذي يرغبه الغرب ويسعى إليه في حين سيوصلنا الخط البياني أيضا إلى هدف آخر مطلوب من الثورة وهو بقاؤها في حالة ضعف شديد بحيث تحافظ على صمودها ولكنه سيكون سببا في فناء المسلمين على المدى البعيد.

إنها عملية إنهاك لكل المقدرات المالية والفكرية والبشرية للمسلمين وسوف تستمر آلة القتل من نظام الأسد، وهذا الواقع يمكن أن يجعلنا نرى تحول فكرة الفوضى الخلاقة وتهيئة المنطقة للتقسيم من فكرة نظرية إلى واقع حقيقي مطبق على الأرض السورية وحصرًا على حساب المسلمين.إن دول المركز لا تريد بقاء النظام الديكتاتوري ولا تريد حتى بقاء المسلمين أحياء (كأغلبية) بل تفكر بفنائهم بشكل شبه كامل وفق المراحل التي سنذكرها لاحقا إن شاء الله.

إن المخطط لسوريا هو إبادة جماعية للمسلمين ليس على النموذج الفلسطيني في التهجير (لأنهم يضيقون على الهجرة بشتى الوسائل) بل على غرار تعاطيهم مع الهنود الحمر في التقتيل.

والحال هذه يجب أن نعود إلى دراسة نقاط قوتنا فنزيدها تحصينا وتقوية نقاط ضعفنا واستهداف نقاط قوة العدو لإضعافها والعمل على زيادة الضعف لديهم.

سنجد لو تأملنا في معادلات القوة والضعف أن أعظم مصدر وأقواه هو الجانب العقائدي الإسلامي لأن استجرار المشروع الإسلامي وإحيائه سيحول جميع نقاطنا إلى قوة، والواقع المأزوم الذي نعيشه وخطورة الأمر المرسوم لنا سنجد أنه على المنظور القريب ستبقى جميع النقاط المذكورة تتقدم ببطء بالرغم من الجهود المبذولة ولكن أقوى ورقة يمكن أن نلعب فيها وتجعل الجهود المبذولة جبارة وحيوية هي تنشيط وإحياء الإسلام في نفوس المسلمين المضطهدين، وسنجد أن هذا المطلب هو مطلب حيوي لإنقاذ الأمة من الخطة التاريخية للإعدام الجماعي.

إن الشعب الذي يمتلك هذه الإرادة الفولاذية الإسلامية لهو شعب حي وقوته في روحه العظيمة وهي أعظم مصادر الانتصار، والأمة التي تمتلك هذه الإرادة لهي أمة عصية على كل الأمم بل إن بشائر النصر مرسومة على ثيابهم الشعثاء وعلى  غضون جباههم و محيا وجوههم المغبرة، فإن هؤلاء المسلمين العزل استطاعوا بحناجرهم وصبرهم أن يفككوا شطر الدولة في أعتى الأنظمة استبدادًا دون تسليح يذكر، وأما في عالم الإيمانيات فإن الله تعالى عاهد وكتب:

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)” سورة الأنبياء.

وقول الله تعالى:

 “إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)” سورة غافر

فهو تعهدٌ وقَسَمٌ من الله تعالى بنصر أوليائه المؤمنين ولكن لابد من الصبر.

إن هذه الأمة النحيلة الظامئة تبحث عن مصدر قوتها لتروي ظمأها، وما عليها إلا أن تمد يدها إلى عاتقها لتنهل من ماء الحياة الذي حملته من أمانة الله التي جعلها الله مصدر حياتها وقوتها وارتوائها…

يَا أَهْل الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَ يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَد جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُل السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)” سورة المائدة

إن الولايات المتحدة الأمريكية تعلم تماما أكثر مما يعلمه كثير من المسلمين ماذا يفعل الإسلام في أصحابه وأي قوة يشحنون بها، لذلك وفق كل المعطيات السابقة نجد أن القوة الروحية والعددية مع دعم بسيط جدا بالسلاح للمسلمين السنة فإنه لا يمكن أن يوازي النظام فحسب بل يمكن أن يتغلب بصورة ساحقة هذا بالرغم من كل المساعدات الهائلة التي يتلقاها النظام من الحلف الشرقي، وهنا تكمن المصيبة لدى الحلف الغربي لأنه سيضطر اضطرارًا للنزول إلى ساحة الصراع في بلاد الشام ليصارع المارد الإسلامي المستيقظ في عهده القريب ولكي يضمن لنفسه عدم الصراع مع هذا المارد القادم خلال الأشهر أو السنوات القليلة المقبلة سوف يقوم بتوجيه ضربات قاسية لنا من خلال النظام ومن ثم طعنات مميتة كما يعتقدون من خلال المرحلة الثانية للمعركة التي أعدتها دول المركز وهي الحرب الطائفية التي سنواجهها بعد سقوط النظام…..و لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله !!!….

هناك أمر في غاية الخطورة يهدد أمننا الغذائي وهي أن نظام الأسد أفرغ البلد خلال السنوات القلية الماضية من المخزون الاستراتيجي للقمح كما سعى حثيثا لخفض الإنتاج حيث كان الإنتاج السنوي لدى سوريا 7 مليون طن ليصبح عام 2010 بحدود 4 مليون طن. وبالعموم فإن المجتمع السوري ينتشر في الأرياف أكثر من المدن، وبالطبيعة فإن المجتمع الريفي يخزن طعامه لسنة بينما المجتمع المدني لا يخزن لأكثر من شهر فهو مستهلك يومي من الأسواق وبالتالي فإن امتداد الحرب لسنوات طويلة سيؤدي إلى اختراق تام لأمننا الغذائي، وهذا المشروع الذي نفذه النظام السوري يصب في صالح دول المركز بشكل كامل لأن الشعب الذي يجوع ويحتاج إلى اللقمة سيتحول إلى مجتمع مستعبد ابتداء من رئيسه إلى بسطاء الناس، وبالتالي ستأتينا المساعدات الغربية بشرط عودة الوصاية والحكومات العميلة، ولكي نبقى أحرارًا يجب إلزام المزارعين بزراعة القمح منذ هذا العام تحت خطة ترشيد زراعية وإلا فإن الجوع الأسود الذي يمكن أن نمر به في نهاية عام 2013 يؤهلنا بشكل كامل للدخول في الحرب الأهلية أو خيار الاستسلام لدول المركز وبالتالي ذهاب كل دماء الشهداء ومعاناة أمتنا العظيمة وآلامها وجراحها دون أدنى مقابل من الحرية المسلوبة وكرامتنا المهدورة وإسلامنا المغيب.

 

ثانياً: الموقف الأوروبي (فرنسا وبريطانيا):

إن موقع أوروبا من الثورة السورية مشابه إلى حد بعيد للتوجه الأمريكي ولاسيما عملية الاستنزاف البشري في المنطقة ونهب خيرات وثروات البلاد في مرحلة موجة التفليس والديون التي تجتاح القارة العجوز ابتداء من بريطانيا وحتى اليونان وإسبانيا وانتهاء بالبرتغال، وما حصة أوروبا من منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لأمريكا إلا كحصة الثعلب التي يخلفها الأسد من الفريسة، إذاً هي حصة قليلة وهي منتفعة في جميع الأحوال لأن نجاح المشروع يعني الوصول إلى بعض من أطماعها، وفي حال فشل أمريكا في مشروعها يعني إزاحة المارد الأمريكي المهيمن حتى على الدول الغربية، بل ليس عجيبًا أبدا أن نرى أوروبا تدعم بعض المقاتلين المسلمين لإسقاط أمريكا في مرحلة دخولها إلى سوريا والغاية من ذلك عودة الاستفراد الأوروبي على العالم العربي الإسلامي.

لقد انتهجت أوروبا نهجا فاضحا في تواطئها مع النظام لقمع الثورة السورية لأن هذه الدول ليست ذات مبدأ بل ذات مصالح، إنها تتذرع بمبادئها حيثما وجدت مصالحها لذلك نجد أن جريدة الفايننشال تايمز خرجت بفضيحة الحكومة البريطانية منذ أسابيع قليلة فنشرت أن هناك تسعة تراخيص منحت لشركات أسلحة بريطانية لتصدير الأسلحة إلى سوريا وذلك في الوقت الذي تدين فيه الحكومة البريطانية أعمال العنف التي يقوم بها الجيش السوري ضد المدنيين، وقد أعلن الاتحاد الأوروبي قبل ذلك عن عفوه عن الأسد وجرائمه ضد الشعب إن هو تنحى عن الحكم لنائبه !… وكأن دماء المسلمين السنة ليس لها أي قيمة وهم أوصياء عليها حتى يعفوا عن جرائم هذا المجرم ….هذا هو المعلن في حين يتم دعمه بأحدث وسائل الاتصالات والأسلحة. علينا أن نعلم أن أوروبا عاجزة عن حل الوضع السوري خارج مظلة الولايات المتحدة وبإشرافها وبالاتفاق معها لأن هناك أطرافًا عالمية ضالعة في الشأن السوري وبشكل مباشر مثل روسيا والصين ولذلك فهي عاجزة عن الاستفراد في القرارات خاصة احتمالية انقطاع الإمداد بالطاقة سواء الغاز من روسيا أو النفط من إيران وتجارتها مع الصين، وهل الخسائر التي ستمنى بها أوروبا جراء حرب واسعة في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن تساوي الأرباح التي ستجنيها؟…

أم أن الخسارة ستكون أوسع بكثير في حال تفردها في إسقاط النظام السوري بشكل عاجل؟… وهل يمكن لأوروبا أن تتجاوز الضغوط الاقتصادية والمواجهة العسكرية أمام روسيا والصين إذا لم تملك قرارًا أمريكيًّا داعمًا؟…

هنا سنجد أن المصالح الأوروبية ستكون في إسقاط نظام الأسد على وجه السرعة واستبداله بنظام علماني يدور في فلك الغرب مرة أخرى ويكون لها نصيب من الاستثمارات والقرارات التبعية في سوريا بما يتناسب مع حجمها كقوة بين القوى العالمية، ومع أن أوروبا ستنتفع من مشروع التقسيم في سوريا إلا أن انتفاع الولايات المتحدة الأمريكية هي المنتفع الأكبر لأن هذا التفتيت يصب أولا في مصلحة المشروع الأمريكي، ثم إن نجاح عملية التقسيم في سوريا التي هي العقدة في العالم سيكون له عظيم الأثر في تتالي عملية التقسيم وفق خطة برنارد لويس، وإن انفراط هذه العقدة في قلب العالم(سورية) سيتبعه تداعيات واسعة جدًا وسريعة نحو عمليات التفكيك للدول المجاورة، وعندما نفترض نجاح المشروع الأمريكي في تقسيم سوريا سوف نضطر إلى التسليم بقيام مشروعها الجديد وهو العالم الموحد تحت القيادة الأمريكية وهذا يستلزم أيضا التبعية الكاملة من أوروبا لأمريكا وفقدان سيادتها الحالية لذلك نجد الكثير من الكتاب الأوروبيين من يناهض مد العولمة الأمريكية في أوروبا ويحذر منها ويتذمر من التبعية الأوروبية لأمريكا إلى حد وصفهم بالأمة اللقيطة التي تريد السيطرة على العالم بأسره وعندها لن يكون حكام أوروبا سوى موظفين لصالح البيت الأبيض.

إذًا… هنا نجد تقاطع مصالح بين الأوروبيين والأمريكيين في إسقاط النظام وقطع اليد الإيرانية في المنطقة عن طريق الصدام الطائفي المخطط للمنطقة ومن ثم فتح استثمارات واسعة بعد التقسيم ونشر الثقافة الغربية واستبدال قوانين نظام الطاغية بنظام جديد يضم هامشًا محدودًا جدًا من الحريات وستكون الصورة بشكل أو بآخر قريبة مما هي عليه في عهد الأسد لأن الغرب يعلم أن منح الديمقراطية الحقيقية للمسلمين يعني تفلت المسلمين من دول المركز ولكن يبقى هامش محدود جدًا من الحريات مضطرين له بحكم وجود استثماراتهم في منطقتنا، أما القبضة الحديدية على المسلمين عامة و الدعاة فسوف تستمر (راجع كتاب الصدمة وصعود رأسمالية الكوارث لنعومي كلاين)

ثالثاً : الموقف التركي :

لعبت تركيا دورًا إيجابيًّا منذ الأيام الأولى للثورة السورية واعتبرت أن مطالب الشعب شرعية وأنهم بأمس الحاجة للحرية وحض الأتراك الأسد على القيام بالإصلاحات الحقيقية مع علمهم أن الأسد لن يقوم بأية إصلاحات وأن ما سيقوم به هو مراوغات فقط لذلك صعدت تركيا من لهجتها وكانت أكثر من نارية (لن نسمح بحماه ثانية…)، (لن نقف مكتوفي الأيدي…)، (الهجوم على مدينة حلب هو خط أحمر…) وقاموا بدعم الثوار حيث أمنت لهم ملاذات آمنة وطبابة لهم ولكن لما بدأت وتيرة الحرب في سوريا بالتصاعد وبدأ النظام بالمجازر واشتدت الثورة وأصبح لها وزن على الأرض تبدلت مواقفها تماما وتراجعت في تصريحاتها وفي مدى الدعم المقدم للثوار وقامت بضبط الحدود التركية لمنع تهريب السلاح إلا بالقدر المراد من الجانب الأمريكي وكانت سياستها مشابهة تماما لتعاطي أمريكا مع الثورة السورية بل إنها تعزف على نفس الأوتار التي تعزفها أمريكا.

 لقد بدا على الحكومة التركية حالة التماوت سواء في انتهاك سيادتها في قتل الجيش السوري لبعض الأتراك على الحدود التركية السورية أو في قتل الرعايا من النازحين في المخيمات التركية أو حتى في إسقاط الطائرتين التركيتين وأخيرًا في دخول حزب العمال الكردستاني إلى شمال سوريا واستيلائه على طول الحدود السورية التركية بعد أن قام النظام السوري بتسليمه إياها حيث دخل أكثر من 15 ألف مقاتل من الحزب، و لكي نحلل هذه الأحداث يجب أن نعلم حقيقة الواقع التركي وحجمه وبالتالي يمكن أن نعرف الأبعاد المترتبة على تعاطي الساسة الأتراك مع الثورة.

إن العالم الإسلامي ينظر إلى تركيا كدولة متحضرة ودبلوماسية كامتداد داعم للعالم الإسلامي وصاحبة آخر مقر للخلافة الإسلامية ألا وهي الخلافة العثمانية ويمكن أن تلعب دورًا مهمًا في الثورة السورية ولكن الحقيقة أن هناك جملة من التهديدات التي يمكن أن تتعرض لها تركيا:%  من النفط التركي من إيران والعراق الداعمين لنظام الأسد.

1-                  بدء ظهور نشاط غير مسبوق لأكراد حزب العمال الكردستاني على الجبهة التركية منذ نهاية عام 2011 وواضح أن هناك دعمًا إيرانيًّا عراقيًّا سوريًّا لهذا الحزب والأحزاب الأخرى المناوئة لتركيا لإيصال رسالة إلى الحكومة التركية أن أي تدخل مباشر في سوريا سيكون الثمن باهظا، بل إن حزب العمال الكردستاني هدد الحكومة التركية أن أي تدخل مباشر في سوريا ستكون جميع المناطق الكردية في تركيا ساحة حرب.

2-                  تركيا عضو في الناتو فهل التورط التركي في الحرب يمكن أن يزج حلف الناتو في الدفاع عنها أم ستدخل الحرب بمفردها.

3-                  إن أي تدخل عسكري مباشر في تركيا سيظهرها كدولة مارقة خرجت عن نطاق الشرعية الدولية في حين أنها تسعى نحو سمعة دولية حسنة منذ استلام الحزب الإسلامي ( !! )  للحكم.

4-                  هناك بعض الأحزاب التركية المعارضة لأي تدخل عسكري في سوريا بل إن هذه الأحزاب تجهد في تصوير الثوار السوريين أمام الشعب التركي على أنهم إرهابيين قتلة وهذا سيضعف موقف الحكومة التركية أمام شعبها.

ما هي محفزات التدخل العسكري في سوريا وهل هي مستعدة لدفع التكاليف الباهظة للحرب والتي يمكن أن تدخلها في حالة الإفلاس خاصة في ظل الحشد الإيراني الروسي في سوريا. هذه العوامل وعوامل أخرى تجعلنا نعتقد أن تركيا غير جادة في تصريحاتها منذ البداية لأن الحكومة التركية تعلم تمامًا مدى الارتباط السوري بروسيا وإيران وأن التدخل في الشأن السوري بشكل مباشر سوف يجعلها تنزلق نحو حرب مفتوحة قد تخرج منها منهزمة، وأنها عاجزة تمامًا عن أخذ هذا الموقف الحازم بالحل العسكري في الشأن السوري إلا تحت العباءة الأمريكية بشكل كامل بحيث تكون الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الأول للحرب.

إذا كان هذا هو الحجم التركي فلماذا قامت في بداية الثورة بتضخيم قدراتها حتى بدت معتصم هذا الزمان؟.

الحقيقة هي أن الموقف التركي يتماشى مع الموقف الأمريكي بل إنها أحد الأذرع الأمريكية الحيوية في المنطقة وكانت تصريحاتها ومواقفها الحماسية في بداية الثورة هو دفعها نحو الأمام في الوقت التي كانت تترنح فيها الثورة، وأخذت نفس المواقف الأمريكية والأوروبية في لهجات حدة التصريحات ومن ثم فتورها في المرحلة المتقدمة.

إن مخطط  التقسيم الأمريكي يشمل إعطاء لواء اسكندرون الذي يضم الطائفة النصيرية التركية إلى الدولة النصيرية الساحلية في سوريا فتتخلص تركيا من عبء هذه الطائفة الباطنية في حين سيكون نصيب تركيا هو اقتطاع الشمال السوري إلى تركيا لذلك كنا نجد الدور التركي المبالغ فيه لأجل شعبيتها وكثرة مؤيديها بين السوريين، وهذا المفهوم يمكن أن يقودنا إلى فهم سبب السعي الحثيث من الحكومة التركية للوصول إلى قرار من الأمم المتحدة لإيجاد ممرات آمنة للمدنيين مرة بعمق 5 كم ومرة بعمق 30 كم وأخرى بعمق 50 كم، ولكن الحلف الشرقي يعلم أن هذه الممرات ستكون المرحلة الأولى من تقسيم سوريا، ولوتم ذلك لتمت عملية التقسيم والناس يصفقون لهم، لذلك تم تراجع الموقف التركي لأنه لا يوجد شرعية دولية.

ثمة أمر مريب في دخول أكثر من 15 ألف مقاتل من حزب العمال الكردستاني إلى شمال سوريا فإن تبعية هذا الحزب أمريكية ووقف مواقف داعمة جدا للقوات الأمريكية في حربها على العراق حيث ساهم في جعل قوات الحلف تهاجم بغداد انطلاقا من إقليم كردستان العراق، ولهذا الحزب موقف شديد العداء من المسلمين السنة خاصة المتدينين وله مذابح وخيانات ضدهم، فما معنى دخول هذا الحزب على كامل الشريط الحدودي السوري مع تركيا حتى مدينة عفرين في أقصى الغرب السوري وما معنى هذا الانتشار ورفع علم الحزب في المناطق التي سيطروا عليها؟….قد نفسرها باصطياد حزب العمال الكردستاني في المياه السورية العكرة ووصفه بالانتهازية وأنه أراد أن يبني أمجاده العلمانية على دماء أبطال المسلمين السنة من الثوار.

وقد نفسرها أن العملية هي تواطؤ إقليمي إيراني عراقي سوري في إخلاء هذه المواقع لصالح الحزب وبذلك يتم كسب نقاط أهمها:

1-                إيجاد جبهة أمامية كردية أمام الأتراك في حال التفكير بالدخول إلى سوريا في حين تم إعفاء النظام عن حماية هذه الجبهة الطويلة بينما يستفرغ الآن قواه في الداخل السوري.

2-                تأمين ممرات جغرافية آمنة لخطوط الإمداد العسكري والبشري من العراق وإيران عبر إقليم كردستان ثم الحسكة ثم عمق الشمال السوري وضرب السنة في قلب تمركزهم العصي خاصة أنه تزامن مع سقوط المعابر الحدودية الشرقية لسوريا مع العراق بيد الجيش الحر إذ أن مرور القوات الإيرانية والقوات العراقية الرافضية عبر المثلث السني والدخول بشكل مباشر من العراق إلى سوريا سيهيج مشاعر المسلمين السنة في العراق، وقد تتهيج حرب طائفية في العراق

3-                مرور هذه القوات في عمق المثلث السني العراقي قد يعرضها للضرب من قبل المجاهدين العراقيين ولذلك يمكن أن نعتبر أن أسلم طرق العبور لهذه القوات هو إقليم كردستان ثم الشمال السوري.

تحريك الحرب الطائفية في المرحلة الثانية للخطة الأمريكية في سوريا بحيث يتم افتراس المسلمين السنة من أكراد الشمال ومن الطائفة النصيرية والقوات الإيرانية التي ستتمركز في وسط سوريا قريبا من الجبال الساحلية. إن الفرضية الثانية بوجود تواطؤ إقليمي إيراني عراقي سوري (بمعزل عن إرادة المركز) في إدخال الحزب إلى الشمال السوري يضعفه إلى حد بعيد السكوت الأمريكي والأوروبي التام، بل إن الإعلام تكلم بشكل محدود جدا ثم تم تغييبه بشكل عجيب حتى أن معظم المسلمين في سوريا لم يعيروا هذا الموضوع أهميته بل لم يسمعوا به أصلًا، فلماذا هذا السكوت الدولي المريب مع أنهم متفقون على رفض أي تدخل خارجي؟… وهل أصبحت الأرض السورية مشاعًا عالميًّا في عهد نظام الأسد أم أن هناك ما يحاك في الظلام؟!…

إن مثل هذا التدخل لا يمكن أن يتم أبدًا إلا بموافقة دول المركز لكن ما الغاية من هذه القوات؟….

يمكن أن نضع احتمال دورهم الفعلي الحقيقي في المرحلة الثانية وهي الحرب الطائفية العظيمة من الخطة الأمريكية كي يتم إيقاد أوار الحرب في المنطقة ويحتمل أنهم دخلوا الشمال السوري بمباركة أمريكية غير معلن عنها كمبرر دولي قوي في دخول القوات التركية إلى الشمال السوري وقد تزامن مع بدء نشر القوات التركية على طول الحدود السورية التركية مع انتشار حزب العمال وهنا ستجد تركيا المبررات الدولية الكافية والمقنعة لأجل التدخل في الشمال السوري للسيطرة على حزب العمال الكردستاني والقضاء عليه، ولذلك سارع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للتصريح أنه في حال ظهور الاستفزازات من الحزب فإن تركيا سوف تدخل المحافظات السورية الشمالية الأربعة (الحسكة – دير الزور– حلب – إدلب) وبدا أردوغان انه غاضب من دخول الحزب ويبدو أن لعابه كان يسيل لأجل الدخول في المستقبل تحت مبرر دولي ويكون الطُعم هو حزب العمال الكردستاني.

يتبع الحلقة القادمة.

عن Admin

اترك تعليقاً