القصة الكاملة للامارة الاسلامية في شمال مالي من البداية الى التدخل الفرنسي – الجزء الرابع

mali5القصة الكاملة للامارة الاسلامية في شمال مالي من البداية الى التدخل الفرنسي – الجزء الرابع

الامارة الاسلامية وتجربة العمل القضائي والأمني وإدارة السجون – رؤية من الداخل

 

خاص وحصري – شبكة المرصد الإخبارية

 

كيف كان آداء الإمارة الاسلامية في شمال مالي على المستوى العملي في ارض الواقع والممارسات اليومية في كافة المجالات؟

 

 بالنسبة للمستوى العملي سبقت الإشارة إلى الشكل الإداري العام لمشروع إقامة الدين، وهذا ذكر لبعض المؤسسات ودورها في إقامة الدين :

 – الشرطة الإسلامية : كان يوجد في كل مدينة شرطة إسلامية وحسبة ، إلا أنه في بعض المدن الصغيرة ربما قامت إحدى المؤسستين بدور الأخرى ، وكانت للشرطة عدة مهام منها :

– المحافظة على الأمن داخل المدن

– القيام بجولات خارج المدن لتأمين المناطق

– الاشتراك مع الحسبة في مهامها الدعوية والاحتسابية

– القبض على المتهمين والتحقيق معهم

 

هل كانت لكم سجون وكيف كانت تجري ادارتها والاشراف عليها ؟

 

الإشراف على السجن العام، وكان من يدخل السجن أحد شخصين :

– شخص متهم ويخاف من فراره فيجعل في السجن للتحفظ عليه حتى يفصل القضاء في أمره ، ومن يقضي عقوبة تعزيرية بالسجن وكانت تقام دورات للسجناء لتعليمهم أمر دينهم ، وقد أثبتت هذه الدورات فائدتها حيث صلحت حال عدد من السجناء ، وتابوا إلى الله عز وجل ومنهم من التحق بالمجاهدين ، ومما تعجب منه أهل تمبكتو قيام المجاهدين بالتكفل بأمر السجين من ناحية الأكل وغيره طيلة فترة سجنه كما كان هناك سجن خاص للنساء نادرا ما يتحفظ فيه على متهمة.

 

كيف كانت تدار شؤون الناس وشكاياتهم وبلاغاتهم للمسؤولين في الامارة في شتى انواع المنازعات والقضايا ؟

 

امور الادارة كانت تتخذ اشكالا متعددة منها:

– استقبال جميع أنواع البلاغات

– مراقبة الأسواق وضبطها وتنظيمها ومنع الخصومات بين الناس ، وقد خصصت لها سرية بالتعاون بين الشرطة والحسبة

– – صيانة المرافق العامة والإشراف عليها ، وقد بذل المجاهدون جهدا كبيرا في ذلك .

 

ما حقيقة ما روجه البعض عن حرق المخطوطات في مركز احمد بابا التمبكتي ؟

 

وأول ما وصل المجاهدون الى تمبكتو قاموا بتخصيص سرية للحفاظ على ما تبقى بعد نهب الميليشيات من المخطوطات الموجودة في مركز احمد بابا التمبكتي – رحمه الله تعالى- وحراسته ، وكانت بإمارة الأخ أبي موسى الشنقيطي – حفظه الله- وبقي الحال كذلك حتى انسحب المجاهدون .

وما يحكيه الإعلام عن حرق الإخوة للمخطوطات محض الكذب ، وماذا نستفيد من حرق الأوراق ، لكن لما خاض الأبطال الانغماسيون معركتهم الثانية في تمبكتو في مارس من هذه السنة وأثخن الأبطال في أعداء الله حتى فروا لا يلوون على شيئ ، تدخل الطيران الفرنسي فبدأ يقصف أي مكان يظن وجود الأبطال فيه ، فقصف المركز .

 

ما هي المهمات التي كانت موكولة للشرطة الاسلامية ؟

 

كانت للشرطة صلة وثيقة بالقضاء

 

– ولم يكن من اختصاص الشرطة إقامة الحدود والتعازير – وإن صغرت المخالفة- بل لابد فيها من حكم القضاء.

ومن مهماتها الإشراف على تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء .

والإشراف على إقامة الحدود والتعازير بعد إصدارها من القضاء ، وموافقة الوالي عليها.

وإيصال أصحاب الخصومات في المناطق الداخلية – التي لا فروع فيها للقضاء – إلى عاصمة الولاية وإرجاعهم عند الحاجة لذلك.

 

ما هي المهمات التي اضطلعت بها الشرطة الاسلامية في مجال الخدمات؟

 

قامت الشرطة الإسلامية في تمبكتو بتطبيق قوانين المرور، وقد خصصت سرية خاصة لهذا الأمر أشرفت على تطبيق ومراعاة قوانين المرور اللازمة ، وقامت – بتفويض من القضاء – بتعزير المخالفين لما يترتب على ذلك من تعريض حياة المسلمين للخطأ ، ومما يذكر في هذا الباب أن الأمير الأخ الشهيد نبيل أبا علقمة – رحمه الله – أوقفته الشرطة إثر مخالفة مرورية وقاموا بتعزيره بدفع غرامة مالية من ماله الخاص فدفع المبلغ رحمه الله تعالى، والتعزير بالمال هو غالب أنواع التعزير للمخالفات المرورية .

 ومنها حفظ المداخيل من المال بسبب شرعي كالتعزير، ولهم الحق في صرفها في المصالح العامة.

 

 وكذلك قامت الشرطة الإسلامية في تمبكتو بإصدار تراخيص دخول وخروج لجميع السيارات وذلك للتأكد من ملكية أصحاب السيارات لها ، حيث كثرت دعاوي الناس بعضهم على بعض في هذا الأمر

 

على أي مستوى تمكنتم من مناهضة الجريمة وماهي مهمات الشرطة في هذا المجال ؟

 

ضبطت الشرطة الإسلامية في تمبكتو كثيرا من المخدرات المهربة بشتى طرق التهريب والاحتيالات ، حتى حار أصحابها في طرق اكتشافها ، واتلف المجاهدون كميات كبيرة من المخدرات والدخان .

كما أقيمت عدة دورات شرعية وإدارية لمنتسبي الشرطة والحسبة للرقي بمستواهم

وقد قامت الشرطة بأرشفة كاملة “إلكترونية وورقية” لجميع خدماتها خلال الأشهر العشرة من حكم المجاهدين

 

من تولى مسؤولية الشرطة في الامارة الإسلامية ؟

 

– ممن تولى إمارة الشرطة الإسلامية الأخ الشهيد “خالد أبو سليمان الصحراوي – رحمه الله – واسمه الحقيقي غالي بن البشير من قبيلة أولاد موسى ” .

والأخ” عمر بن محمد الأنصاري ” .

والأخ “أبو محمد الكوماسي” .

والأخ “أبو اليمان الأنصاري” .

والأخ “أبو عمير الشنقيطي”

 

ما هي مهمات هيئة الحسبة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

 

كانت لها مهام متعددة منها :

– القيام على المرافق العامة وإزالة كل ما يؤدي إلى الضرر على الشعب مثل الحفر في الشوارع ، برك المياه، السيارات المتعطلة في الشوارع ، تنظيم وتنظيف الأسواق ونحوها  كلها لها صلة وثيقة بالشرطة ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك  وفي هذا الصدد أقيمت عدة دورات شرعية لمنتسبي الشرطة والحسبة –ولم تكن من اختصاص الحسبة إقامة الحدود والتعازير – وان صغرت المخالفة- بل لابد فيها من حكم القضاء، أو تفويض منه

 كان غالب من يتولى الحسبة هم من الإخوة طلبة العلم وبعضهم أعضاء في مجالس القضاء والأمر بالمعروف والمحاسبة على القيام به مثل ” إقامة الصلوات ، وإلزام أولياء الأمور بالنفقة على من تجب عليهم نفقته مع مراقبة الشارع العام ، وعدم السماح بالمنكرات الظاهرة ، وللأسف أن هذه البلاد – خاصة ولاية تمبكتو- بسبب حكم العلمانيين لها أزمنة مديدة امتلأت من المنكرات بجميع أصنافها وقد كانت قاعدة الحسبة هي الإنكار في الأمور البينة الظاهرة التي لا ريب فيها ، أو التي دلت عليها النصوص الجلية وضعف الخلاف فيها ، والاكتفاء في غيرها بالنصح ، كما قامت الحسبة بالتدرج مع الناس في تغيير المناكر

 

كيف قمتم بعملية التدرج في تطبيق مبادئ الشريعة واحكامها في مجتمع كان إلى عهد قريب بعيدا عن الاسلام تهيمن عليه العلمانية؟

 

 كانت الخطوة الأولى من لحظة دخول المدن الاكتفاء بالدعوة وبيان الحكم الشرعي والوعظ والترغيب والترهيب، مع بيان أننا سنصل إلى مرحلة التعزير لمن لم يرتدع ، واستعان المجاهدون في إبلاغ هذا لعموم الناس بالإذاعات المحلية التي كانوا يشرفون عليها وبعضها يبث على مسافة 120 كلم ، كما قاموا بكتابة رسائل في بعض المنكرات المنتشرة لبيان أمرها وقاموا بتوزيع تلك المنشورات على نطاق واسع

– بعد فترة زمنية كافية قامت الحسبة بالأخذ على أيدي العتاة وتهديدهم والإغلاظ لهم في الكلام دون تعزير

– وفي المرحلة الثالثة بدأت الحسبة في تعزير أصحاب المعاصي ممن لم تنفع فيهم الحلول الأخرى ، وقد بقيت الحسبة على نفس الطريقة السابقة في التدرج مع العاصي نفسه “وعظ فتهديد فتعزير “

– بالنسبة لمنكرات الأسواق سبقت الإشارة إلى تخصيص سرية لها بالتعاون مع الشرطة الإسلامية وقد تم العمل فيها بنفس الطريقة سالفة الذكر وقد كانت التعزيرات التي تقوم بها الحسبة تنظر فيها إلى مختلف الجوانب المتعلقة بموضوع التعزير ” نوع الجناية ، طبيعة الجاني ، تكرر الجناية ….”

 

كيف قمتم بتطبيق مسألة الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الواقع ؟

 

قبل التفصيل يحسن أن نضرب أمثلة لعمل الحسبة في هذا الباب ، مع ملاحظة أن هناك بعض هذه الأمثلة قبل أن تتشكل الحسبة بشكلها الذي استقرت عليه، فمن ذلك :

المثال الأول : الملاهي الليلية لما دخل المجاهدون إلى مدينة تمبكتو وجدوا فيها من الملاهي الليلية ” البارات ” أمرا عجبا فقاموا بإراقة الخمر وتخريب كل ما في الخمارات مما لا يمكن الاستفادة منه في الحلال ، وأبقوها منازل عامة تخدم للصالح العام ، كما قاموا بتوزيع كثير من الأواني والأفرشة التي فيها على الشعب ، وكذلك في باقي المدن ، وبعضها قام الشعب بإزالته قبل وصول المجاهدين .

أما مدينة كيدال فلم تكن فيها إلا مخمرة واحدة قام المجاهدون في يوم دخول كيدال – ومطاردة الطواغيت متواصلة – بحرق وإتلاف ما فيها من المنكرات .

وأما مدن ” تساليت و” اجلهوك ” فقد تم القضاء على ما فيها من المنكرات فور دخولها بعد المعارك .

المثال الثاني : الكنائس من المعلوم أن تمبكتو مدينة أسلامية لا يجوز إحداث الكنائس فيها ولا إبقاؤها ، ومع ذلك وجد المجاهدون فيها أكثر من عشر كنائس ، فقام المجاهدون بتعطيل وتغيير كل ما يدل على كونها كنيسة ، وأبقوها مرافق عامة يستفيد منها من يحتاج ،هذا وقد وجد المجاهدون في بعض الكنائس من وسائل الدعوة إلى التنصير من الكتب والأشرطة والأقراص والراديو المترجمة بمختلف اللغات واللهجات المحلية ما يجل عن الوصف ، وهذا ما يفسر وجود ظاهرة الردة عن الدين بالتنصر في المدينة كما هو معلوم لكل من له أدنى إلمام بهذه المنطقة ، وقد فر قبل مجيء المجاهدين عدد من هؤلاء المنصرين والمتنصرين، ورجع بعضهم إلى الإسلام.

أما في كيدال فقد حفظ الله تلك الأرض من هذا البلاء وله الحمد أولا وآخرا.

 

 

ماذا عن مسألة هدم الأضرحة .. التي آثارت الكثير من اللغط والقلق على الحريات ولدى المتابعين في الغرب ؟

 

لقد بذل المجاهدون جهدهم ليكون هدم هذه الأضرحة مؤديا لأعظم المصالح ومجتنبا للمفاسد ، وذلك على عدة مستويات كالتالي :

 

المستوى الأول :

 منذ الأيام الأولى لدخول المجاهدين إلى مدينة تمبكتو بدؤوا بدعوة الناس وبيان الحكم لهم في هذا المنكر وقام الشيخ الشهيد عبد الله أبو الحسن الشنقيطي- رحمه الله – بكتابة رسالة مختصرة في الموضوع سماها ” فتح الشكور في حكم البناء على القبور ” وتم توزيعها على نطاق واسع ، كما استغل المجاهدون الإذاعات المحلية في بيان الحكم الشرعي في هذا الأمر ، وتم التعاون مع بعض أئمة المساجد في شرح الموضوع للناس واستمر الحال على هذا حتى هدم الأضرحة

 

 المستوى الثاني :

 في كل يوم جمعة – وهو يوم الزيارة المعتاد عند الناس – يتوزع المجاهدون على المقابر الموجودة في المدينة – وهي كثيرة وكبيرة – فيراقبون الناس ومن رأوه فعل منكرا سواء من الشرك الأكبر كالاستغاثة بالأموات ، أو ما دون ذلك من المنكر قاموا بنصحه وبيان شرع الله له في لطف وهدوء ، واستمر الحال على ذلك حتى هدم الأضرحة

 

 المستوى الثالث :

 استمر الحال على هذا ما يقرب من 3 أشهر وبعد هذه الفترة اجتمع مسؤولو هيئة الحسبة ومجلس القضاء وتدارسوا الموضوع وما يترتب عليه – خاصة من الناحية الداخلية- وارتأوا بالإجماع أن الوقت قد حان لهدم هذه الأضرحة ورفعوا بذلك تقريرا إلى القيادة العليا ، وبعد أسبوع جاءت الموافقة من القيادة العليا على الأمر وبدأ الإعداد له حين تمت الموافقة على هدم الأضرحة

 

كيف تمت عملية الانتقال الى مرحلة تنفيذ هدم الاضرحة مع ماخلفته من صدى عالمي ؟

 

 قرر المجاهدون أن يكون العمل على النحو التالي :

– الإيعاز إلى جميع أئمة المساجد في المدينة بأن تكون خطبة الجمعة التي تسبق هدم الأضرحة الذي سيبدأ السبت حول هذا الموضوع ووزعوا لذلك خطبة مكتوبة وبالفعل قام جميع أئمة المدينة بلا استثناء- وبما فيهم المتصوفة – بذلك 

كان الهدم على مرحلتين : الأولى : البدء بهدم الأضرحة التي في المقابر

الثانية : تأجيل هدم الأضرحة التي بقرب مسجد “جينغر بير” إلى وقت آخر – يكون الهدم بالمعاول والفؤوس ويمنع استخدام الجرافات والمتفجرات

– أدت هذه الخطوات ثمارها فلم يقع أي مشكل داخلي على هذه الأضرحة

– بعد فترة زمنية من هدم أضرحة المقابر ارتأت الحسبة أن الوقت مناسب لهدم الأضرحة التي قرب مسجد “جينغر بير” فاستخدمت لذلك الغرض جرافة ، ولم يقع أي مشكل

– بعد فترة زمنية أخرى اكتشف المجاهدون عن طريق من معهم من أهل المدينة أضرحة أخرى قام بعض عبادها بتمويهها ونزع ما عليها من النذور فقام المجاهدون بهدمها أيضا

 

من هي الجهة الجهادية التي باشرت الهدم وماذا عن ولاية كيدال ؟

لم يهدم المجاهدون من جماعة أنصار الدين إلا أضرحة تمبكتو وقوندام ،أما ولاية كيدال فقد نجاها الله تعالى من هذه المنكرات إلا ضريحا واحدا في جبال تيغرغر قام المجاهدون بهدمه – لم يتحدث عنه الإعلام –

 

وماذا عن هدم ضريح جبال  تيغرغر من طرف انصار الدين ؟

 

هدم هذا الضريح الذي في جبال تيغرغر زمن التمكين لأنصار الدين .. ولنا في هذا المقام   رسالة ينبغي لأولئك الذين يتهمون المجاهدين بعدم معرفة المصالح وتقديرها أن يراجعوا أنفسهم فإن جنود تنظيم القاعدة كانوا يمرون على هذا الضريح ليلا ونهارا لمدة سنوات ويعلمون أنه يعبد من دون الله وبإمكانهم هدمه أيضا ومع ذلك لم يفعلوا انشغالا منهم بالأولى وتقديرا حقا غير نفاق للمصلحة ، ولهم غير ذلك من المعرفة الحقيقية بباب المصالح علما وعملا ولكن الناس لا يعلمون.

 

ماهي النتائج التي اثمرتها سياسة هدم الاضرحة والحسبة عموما في الواقع بشمال مالي او ابان اعلان الامارة الاسلامية؟

 

أدى نظام الحسبة دوره في صبغة الأرض بالصبغة الإسلامية ومن المظاهر الحسنة التي تذكر هنا :

– غلب على المدن مظاهر التدين وانعدمت المعاصي الظاهرة ، وانسدت باب الفتن على الناس – خاضت الحسبة والشرطة الإسلامية في تمبكتو حربا ضروسا للقضاء على الخمر والتدخين بيعا وشراء ووفقوا في ذلك بعد جهد ، ولله الحمد

– أثر هذا في الناشئة أثرا بينا

– امتلأت المساجد بالمصلين ، ولعل من أروع الصور في ذلك أنه في مدينة ” تساليت ” كان يصلي صلاة الصبح في المسجد نفس العدد الذي يصلي الجمعة ، ويمتلأ المسجد ، ودام هذا الحال حتى مجيء الغزاة الفرنسيين

 

كيف تم التعامل مع ظاهرة الفقر من خلال احياء مؤسسة الزكاة في التجربة الاسلامية الوليدة؟

 

 كان إحياء نظام الزكاة الشرعي من اولى مهماتنا وقد كلفت مؤسسة الحسبة بإحياء نظام الزكاة والإشراف عليه وتخصيص سرية لهذا الأمر ومن مهام هذه السرية :

– جمع زكاة الأموال الظاهرة – عند توفر شروطها الشرعية – وتحديد السعاة الذين يقومون بجمعها.

– توحيد حول دافعي الزكاة -فيما يحتاج إلى الحول-

– القيام بصرف الزكاة على مستحقيها ، والأولوية للفقراء والمساكين

 

ونظرا لأن الناس تختلف أوقات حول الحول عليهم ، فقد قرر المجاهدون ابتداء جمع الزكاة من السنة القادمة وصدر بيان للعلماء اتضمن مسائل متعلقة بالحسبة وغيرها.

 

هل لكم ان تحيطونا علما بمضامين البيان الذي صدر عن العلماء فيما يخص معضلة الفقر ؟

 

تم بحمد الله في يومي الثلاثاء والأربعاء الموافق لتاريخ 27 و 28 محرم 1434 هـ الموافق لـ 11 و 12 ديسمبر 2012 م عقد جلسات مدارسة في منطقة آرياو(إسكن) و كانت هذه الجلسات تتعلق ببعض الأمور التي تدور حول تطبيق الشريعة وإقامة الدين، حيث افتتح الشيخ أبو الفضل الجلسة الأولى والتي حضرها وفود من فقهاء ومشايخ المناطق التالية: كويقما (تنوفلايت)، مرمر (أربندا)، تين أنكو، تلاتايت، ظرهو، آرياو، كيدال، تمبكتو، أغلال، نيافونكي، أقوني السلام، ليري، قوندام و تغاروست.

وتم خلال هذه الجلسات الإتفاق والإجماع على ما يلي:

الاتفاق على أن التمكين الموجود يوجب علينا إقامة الدين كاملا لقول الله تعالى ” الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة و أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور “

الاتفاق على أن الفقهاء وأهل العلم هم الواجهة الأولى لإقامة الدين في مناطقهم الاتفاق على منع كافة أشكال التمائم لحرمتها، وإن كانت من القرآن فمن باب سد الذرائع

الاتفاق على أن كل من تعاون مع قوات المجموعة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا “سيدياو” وأمثالها في حملتهم على الاسلام هو مستحل الدم و المال

الاتفاق على تقدير دية القتل الخطأ والتي هي مئة من الابل بقيمة تقدر حاليا بـ 13 مليون فرنك إفريقي

الاتفاق على أن يكون متولي الحسبة ممن له حظ من العلم الشرعي بحيث لا ينكر في مسائل الاجتهاد

الاتفاق على أن صرف الزكاة لا يكون إلا عن طريق الجهة المكلفة من قبل ولي الأمر ويكون إخراجها من أفول الثريا إلى طلوعها و جمعها من قبل السعاة المكلفين من قبل الحسبة التابعة للمنطقة، ونبدأ في صرفها بما بدأ الله به من الفقراء والمساكين…

رأى الحاضرون ضرورة إنشاء معهد شرعي يتولى تعليم الناس المنهج الصحيح ورفع الجهل عنهم العمل على إنشاء مجلس من العلماء يجتمع بعد كل فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر يتولون من خلاله إنشاء دورات للائمة والمؤذنين والدعاة، ويتابع مسيرة إقامة الدين

 

 

من هم العلماء والوجهاء والاعيان الذين وقعوا البيان؟

 

 

وقع على هذا البيان أكثر من ثلاثين من أهل العلم من مختلف مناطق أزواد وأسماؤهم محفوظة في الأرشيف ،هذا وقد نشر البيان حينها على الشبكة العنكبوتية ، ملاحظة: رغم القرار الذي ذكرناه فإن عددا من الأغنياء في ولاية تمبكتو ، جاؤوا بزكاة ثروتهم الحيوانية اختيارا وتم توزيعها على الفقراء في تمبكتو، كما تم توزيع زكوات الحرث عند حصادها .

أما في كيدال فبقي القرار ساريا إلا أنه ثبت عند المجاهدين منع غني من أغنياء البادية لزكاته منذ سنين -إضافة إلى عقوق والده – فانتقلت إليه مجموعة الشرطة ومن معها من المجاهدين بإمارة الشيخ ” إبراهيم بنا ” ورفقة الشيخ “حمدي بن محمد الأمين ” – قاضي ولاية كيدال – وتم التحقيق مع المتهم ومحاسبته ، وتم إخراج الزكاة من ثروته الحيوانية فبلغ ما لزمه 22 شاة فأخرجها المجاهدون منها وطلبوا من شيخ قبيلته تحديد فقرائها ففعل ، فقسمت عليهم الزكاة، وتم قبول شفاعة والده فيه أن لا يعزر ،على أن يلتزم ببر والده .

 

كيف تعاملت الامارة الاسلامية مع  قضية المرأة وتعليمها؟

 

لم يمنع المجاهدون النساء من العمل ولا من الحركة ، إنما كانوا يلزمونهن بالواجبات الشرعية كاللباس الساتر وعدم الاختلاط يكثر في تمبكتو ركوب رجل وامرأة على الدراجة النارية ، فأجرى المجاهدون الناس على ظاهر حالهم ودعواهم المحرمية ، إلا في حالات وأماكن الشبهة مثل أطراف المدينة والأوقات المتأخرة .

 

احدثت مؤسسات لإعانة الضعفاء كيف كان آداؤها الميداني ؟

 

بالنسبة للجنة مساعدة الضعفاء فمن مهامها :

إحصاء المحتاجين من الأرامل واليتامى والضعفاء واعطاءهم مساعدة

– توزيع المساعدات الغدائية وغيرها ، وكان يقوم بهذا الدور في كيدال الحسبة بإعتباره ضمن تخصصاتها ، اما في تمبكتو فبعد تجارب عديدة استقر الأمر على تقسيم المساعدات على نفس الطريقة المستخدمة زمن النظام المالي ، وهي تسليم نصيب كل مجموعة لمسؤوليها مع المراقبة والمتابعة ، وحتى هذه الطريقة لم تؤد النتائج المرضية لكن جاء الغزو الصليبي قبل تغييرها

ـ قام المجاهدون بتوزيع الكثير من المساعدات الغذائية ، سواء من المخازن التي أفاء الله عليهم في بداية الفتح ، أو من المساعدات التي فتح الله بها بعد ذلك .

وقد قامت الحسبة في تمبكتو بأرشفة ورقية لعملها خلال الأشهر العشرة.

 

من اشرف على مؤسسات الحسبة والاعانات ؟

 

ممن تولى إمارة الحسبة “الشيخ الشهيد داود أبو عبد الرحمن الشنقيطي- رحمه الله – واسمه الحقيقي محمد الفقيه بن خطري من شرفاء بني عبد المؤمن ” والشيخ أبو تراب الأنصاري، والشيخ محمد موسى الأنصاري – وكلاهما عضو في مجلس القضاء في تمبكتو- والشيخ سالم أبو عبد الله الأنصاري” والأخوة ” محمد أحمد الأنصاري ” و” موسى بن سيد المختار الأنصاري ” و “أبو الوليد التشادي” و” أبو داود الأنصاري” حفظهم الله .

 3adl

ما هي أهم المؤسسات التي تقضي بين الناس في الخصومات والظلم وتقيم العدل وما خصائص المؤسسة الحاكمة بالاسلام؟

 

القضاء: القضاء من أهم أعمدة إقامة الشريعة، ولذلك بادر المجاهدون من الأيام الأولى لسيطرتهم على المدن بإقامة المحاكم الشرعية ، وكانت المحكمة الشرعية في عواصم الولايات، وقد تكون لها فروع في بعض المدن ، والحديث عن القضاء خلال فترة حكم المجاهدين يطول، فنلخص جوانب منه ، فنقول وبالله الاستعانة:

الجانب الأول :

كيفية اختيار القضاة – الشعب الأزوادي – في مجمله – شعب محب للدين معظم للشريعة ، ومبغض للحكومة المالية معاد لها ، فكانوا إبان حكم النظام المالي يتحاكمون إلى علمائهم ويقضون بينهم بالشريعة- على وجه الإجمال – ، وكان النظام المالي يغض الطرف عنهم ، فكان من أهل العلم من لهم خبرة عملية في هذا المجال – كان المجاهدون – من أهل الأرض ومن المهاجرين – على صلة كبيرة بأهل العلم في المنطقة منذ زمن بعيد ، وكانوا حريصين على أن يتبوأ أهل العلم منزلتهم اللائقة بهم ، وفي مرحلة من المراحل ، قبل إنشاء جماعة أنصار الدين بفترة ، قرر الشيخ أبو الفضل إياد بن غالي – حفظه الله – والأخ الشهيد ” إبراهيم بن بهنقا ” – رحمه الله تعالى – ، ومن معهم من المجاهدين ، إنشاء محاكم شرعية في شمال البلاد ، ووضعت لذلك خطة متكاملة الجوانب ، ووافق جمع من أهل العلم على تحمل مسؤولية القضاء بين الناس ، ولكن مع انطلاق المشروع سقط نظام الطاغوت القذافي، وجاءت أرتال الفارين من ليبيا، وبدأت تلوح نذر الحرب في الأفق ، فكان لا بد من تحرك من نوع آخر فكانت ” جماعة أنصار الدين.

وهذه إشارة مختصرة جدا إلى هذا التاريخ ، لعل الله أن ييسر تفصيلها في وقت آخر – كان للمجاهدين قضاتهم الذين اكتسبوا خبرة عملية خلال ممارسة القضاء بين المجاهدين ، وبين الشعب الذي كان بعض منه يتحاكم إليهم قبل الفتح – لما نصر الله المجاهدين تم تعيين القضاة من طرف الشيخ أبي الفضل – حفظه الله – ولم يجد المجاهدون صعوبة في ذلك لما سبق ذكره من العوامل وغيرها – وفر المجاهدون للقضاة كافة المستلزمات المعنوية والمادية التي تساعدهم على القيام بمهامهم على أحسن وجه .

 

 ما هي المهمات والانجازات وكيف عمل القضاء في الواقع من خلال التجربة الميدانية؟

 

من مهام وإنجازات القضاء:

– الحكم بين الناس وفض النزاعات ، وقد فصل القضاء في عدد من النزاعات التي طال عليها الزمن ، وحل كثيرا من المشكلات المستعصية ، خاصة في تمبكتو ، ولذلك اقبل الناس إقبالا عجيبا على القضاء ، لما رأوا من عدل الشريعة ، وسرعة تنفيذ الأحكام، ونزاهة القضاة

 – حكم القضاء برد كل ما ثبتت ملكية مسلم له قبل قسمة الغنيمة

– التحري في تحقيقات الشرطة ، والتأكد من كونها حصلت بالطرق الشرعية ، ولم يكن القضاء يعتمد في إصدار الأحكام إلا على تحقيقاته

– من أول من أخذ القضاء منهم الحقوق ، المجاهدين أنفسهم ، والذين أعطوها بطيب نفس.

 

هل لكم أن تعطونا امثلة ميدانية عن القضاء نقارب بها الواقع في الامارة الاسلامية وكيف كان آداء القضاء في تلك المرحلة ؟

 

من الأمثلة التي تذكر في هذا الباب:

المثال الأول : في أول دخول مدينة تمبكتو قام شخصان من الملتحقين الجدد بشرب الخمر ، ومن السكر أطلقوا أعيرة نارية في السماء فقبض عليهم وجلدوا حد الخمر ، وعزروا على الرماية .

المثال الثاني : في أواخر شهر رمضان سنة 1433هـ ، كان بعض الملتحقين الجدد في “قوندام” يجرب سلاحه في صحراء، فأصيبت امرأة كانت تمر دون أن يعلم ، وحملت إلى مستشفى تمبكتو فزارهم الشيخ الشهيد “عبد الحميد أبو زيد” – رحمه الله – وأعطى لأوليائها مساعدات نقدية وغذائية وغيرها ورقم هاتف ، وقال إذا احتجتم أي شيء كلمونا ، وقبل أن تشفى وتخرج من المستشفى ، كان بعض المجاهدين يرمي يوم عيد الفطر في السماء، فأصيبت امرأة وحملت إلى نفس المستشفى فزارهم الشيخ الشهيد وفعل معهم نفس الشيء ،وزاد أولياء المرأة الأخرى، واخبرهم أن عليهم إذا شفيتا الذهاب عند الطب لأخذ تقرير طبي عن الجرح لتسليمه للقضاء لبيان مقدار الدية التي تلزم المجاهدين ، وبالفعل اصدر القضاء حكمه وسلم الشيخ عبد الحميد الدية للطرفين.

وقد تم تعزيز المجموعة التي رمت في المدينة لأن الإخوة كانوا أصدروا قرارا بمنع الرماية داخل المدن .

المثال الثالث : كان أحد الإخوة المجاهدين يسوق سيارته فدهس خطأ احد المسلمين فقتله فحكم عليه القضاء بالكفارة ودفع الدية وهي مائة من الإبل (قدرت آن ذاك بنحو 22000 يورو )

فقام الأخ القائد يحي أبو الهمام – أمير كتيبة الفرقان آنذاك – بدفع الدية .

المثال الرابع : أحد الملتحقين الجدد قام بقتل أحد المسلمين عمدا بسبب خصومة بينهما فحكم القضاء لأولياء القتيل بالخيارات الثلاثة فأبى أولياء الدم إلا القصاص فنفذ عليه في مشهد مهيب.

 

اعطونا امثلة عن تعامل القضاء مع القضايا المرتبطة بالحدود لما يثار حولها من شبهات؟

 

 أثناء الغزو الصليبي ، وبعد انحياز اغلب كتائب وسرايا المجاهدين من مدينة تمبكتو، كان احد المجاهدين يحرس بنزيناً تابعاً للمجاهدين فجاء بعض الشعب ليسرق منه فرمى الأخ فوقهم فقتل خطأ أحدهم وهو من “السنغاي” فقام الشيخ الشهيد عبد الله الشنقيطي – أمير كتيبة الفرقان – رفقة بعض المجاهدين بالبحث عن أولياء القتيل في ذلك الوضع الصعب حتى وجدوهم وأرادوا دفع الدية ،فتعجب أولياء القتيل غاية العجب من ناس في مثل هذا الوضع وهذا شأنهم ، فبين لهم الشيخ أن هذا هو دين الله نلتزم به في الشدة والرخاء ، فقال أولياء القتيل إنهم راضون بأي شي يدفع لهم ومتنازلون عما عدا ذلك فدفع لهم الشيخ مبلغ 5000 يورو.

فيما يخص الحكم بالحدود والتعازير: انتهج القضاء نهجا متكاملا في إقامة الحدود، راعى فيه مدى قدرة المجاهدين على إقامة الحدود ، وما يترتب على ذلك من المصلحة والمفسدة .

 

تحدثتم عن الامثلة فهل لكم ان تسوقوا لنا امثلة في هذا المجال تقارب واقع القضاء في الامارة الاسلامية؟

 

هناك امثلة نسوقها تباعاً بشيء من التفصيل:

 

المثال الاول

جاءت عشرات حالات السرقة في تمبكتو ، درئت كلها بسبب الشبهات ، و لم يقم الحد إلا في واحدة منها ، عجزت الشبهات أن تنقذ صاحبها ، وهو سارق سرق أكثر من طن من الأرز مع أثاث ومتاع كثير غيره “يقدر ما سرق بأكثر من 1500أورو” ، وبعد قطع يده قام المجاهدون بإسعافه طبيا ، ومساعدته ماليا ، لكن الرجل بعد ما ذهب إلى باماكو ادعى أن المجاهدين قطعوا يده بسبب كيس من الأرز والله المستعان ، ولكن هين على من سرق أن يكذب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” إذا لم تستح فاصنع ما شئت”

المثال الثاني : لم يكن القضاء يقيم الحد على من ثبتت حاجته وضرورته ، حتى اضطره ذلك للسرقة ، لكن لم يثبت من هذا إلا صورة واحدة في تمبكتو ، فدرأ القضاء فيها الحد ، وأعان المجاهدون المتهم ، والحمد لله

المثال الثالث : لم يكن القضاء يقيم الحد إلا باعتراف المحدود ، أو بينة قاطعة لا يتطرق لها أي احتمال ، وذلك لما بين الناس من العداوات التي تورث شبهة كبيرة ، فضلا عن نقص العدالة الظاهر في كثير من الناس ، ولذلك فجميع الحدود التي أقيمت إنما كانت بالاعتراف ، إلا بعض حدود الخمر التي ضبطت الحسبة أصحابها سكارى في الشارع

المثال الرابع

كان القضاء يفهم المعترفين – بأساليب شتى – أن بإمكانهم الرجوع لئلا يقام عليهم الحد فلا يفعلون ومن أروع الأمثلة في ذلك قصة حد الرجم الذي أقيم في اجلهوك ، حيث أبى الطرفان الرجوع ولما ذهبا لمكان إقامة الحد سارا بخطى ثابتة لا تزعزع ولا صراخ ، ودخلا الحفرة طواعية ، وما تحركا ولا نطقا بكلمة ، حتى قضيا ، رحمهما الله تعالى

المثال الخامس:

من العادات القبيحة المنتشرة في مجتمع تمبكتو أن الرجل يزني بالمرأة حتى إذا حملت تزوجها بعد الولادة ، فان امتنع فإن القوانين الوضعية الوضيعة تلزمه بذلك وتجعله حقا مكفولا للزانية لها المطالبة به ، فحدث أن امرأة من أهل تمبكتو جاءت إلى الشرطة الإسلامية تشكو صاحبها الذي فجر بها حتى حملت منه ، ويريد أن يمتنع عن الزواج بها ، وتطلب حقها ، ولما حققت الشرطة الإسلامية في الموضوع ، اعترف الفاجران ، فجيء بهما إلى القضاء ، وبعد النظر في شأنهما من جميع الجوانب ، حكم القضاء برجمهما ، لكونهما محصنين ، أما المرأة فأجل أمرها لحملها ، وأما الرجل فوضع في السجن ريثما ترتب ظروف إقامة الحد ، وهنا كانت المفاجأة حيث اعترف الرجل بكونه عبدا (العبودية الموجودة في هذه البلاد)، فوقع الخلاف بين أعضاء مجلس القضاء حول هذا النوع من العبودية معتبر شرعا أم لا ، وأودع المتهم السجن حتى يتم الفصل في قضيته ، واستدعى القضاء والدا الرجل وأقرا على نفسيهما بالرق وكذلك سيده أقر بملكيته ، وبعد مدارسة ونقاش عريض اتفق أعضاء مجلس القضاء ، على أن هذه الصورة بعينها ، اقل أحوالها أن تكون شبهة تدرأ عن الرجل حد الحر فدرأ عنه ، وأقيم عليه حد العبودية.

 

العبودية والرق في تلك المنطقة كانت معضلة كبرى تواجهكم كيف تعاطيتم معها؟

 

قرر مجلس القضاء بحث مسألة العبودية في هذه البلاد دراسة تاريخية وافية ليصدر فيها قرار موحد ، وبالفعل ابتدأ في ذلك لكن جاء الغزاة الصليبيون قبل البت في المسألة وبالله التوفيق

 

تطبيق الحدود كان اهم ما جاءت به التجربة كيف وصلتم لاقامة الحد في السرقة والزنا ؟

 

تم – في بعض المرات – تأجيل إقامة الحد كله ، أو بعض أجزائه لعدم القدرة ، أو لتحقق المفسدة في إقامته ، ومن أمثلة ذلك :

 المثال الأول :

 ثبت حد السرقة في مرة من المرات على مجموعة ” 10أشخاص” ، لكن كان يترتب على إقامته مفسدة عظيمة ، قد تؤدي إلى قتال وحرب بين بعض المجموعات ، مما لا يملك المجاهدون القدرة ولا القوة لمنعه ، فحكم القضاء بالحد واقترح تأجيل إقامته للمفسدة المتوقعة ، وأرسل القرار إلى الشيخ أبي الفضل – حفظه الله – فأصدر الشيخ أبو الفضل قراره بأن ينظر في المجموعة ، فإن كانوا متنوعين ، فليبدأ بأقرب الناس إليه فيقام عليه الحد ، ويتبع بالآخرين ، وإن كانوا من جهة واحدة فليؤجل، فنظر فإذا هم كلهم من جهة واحدة فأجل الحد وعزروا.

 

 المثال الثاني :

– لم يقم المجاهدون بنفي الزانيين البكرين – وهو جزء من الحد على القول الصحيح الراجح عندنا- لأنه يحتاج إلى جهد ومال لا يملكها المجاهدون ، وأيضا فغالباً ما كانت ظروف أهل الزانيين لا تساعد عليه ، مما يزيد العبء علينا ، فكنا نعمل بمذهب الأحناف ، لا لكونه الراجح، ولكن للعجز ، ويمكن أن يضاف هذا إلى أمثلة مخالفة مشهور المذهب المالكي.

 

وقد قام المجاهدون في عدة حالات من حد الزنا بإرسال المحدود للمستشفى لإجراء فحوص للاطمئنان على صحته – خاصة النساء – ، وبالنسبة للسارق فقد قام المجاهدون بجميع الإجراءات اللازمة لضمان صحته ، فأعطوه إبرة لوقف النزيف قبل قطعه ، وربطوا اليد حتى لا تنزف ، وبالفعل لم ينزف ، ثم نقلوه إلى المستشفى ، وساعدوه ماديا ملاحظة : لم يقم المجاهدون بتخدير اليد حال القطع ، لعدم جواز ذلك في الراجح عندنا .

 

تطبيق الحدود في مجتمع وليد يسعى للنهوض سيكرس عدة ظواهر صعبة كزيادة عدد المعطوبين  من الحد الشرعي كيف تعاملتم مع مخلفات  تطبيق الحدود الشرعية؟

أعطى المجاهدون مساعدات مادية لعدد من المحدودين ، كما قاموا بمساعدة أهالي من أقيم عليهم حد الرجم

– اتخذ المجاهدون من أول مرة قراراً بمنع تصوير وجه المحدود أو المعزر ستراً عليه ، وبعد فترة أصدر الشيخ أبو الفضل قراراً بمنع التصوير مطلقا ، وتم تنفيذه بالفعل.

 

كان القضاة يحكمون وفق المذهب المالكي هل لكم ان تحدثونا عن هذا الجانب الفقهي المهم؟

 

– بلاد المغرب الإسلامي – في الجملة – على مشهور مذهب إمام دار الهجرة مالك بن انس – رحمه الله تعالى – الذي احتواه مختصر الشيخ الإمام المجاهد خليل بن إسحاق الجندي – رحمه الله تعالى- فكان أغلب القضاء بهذا المذهب، وقد يخالفه القضاة أحيانا ، إذا ترجح عندهم أن الصواب في خلافه ، كما كان يعبر الشيخ أبو الفضل- حفظه الله- “إننا نحكم بالمذهب المالكي المدلل”، ومن أمثلة ذلك :

– مشهور المذهب أن السرقة من بيت المال ليست بشبهة ، تدرأ الحد فتقطع يد فاعلها عندهم ، وهو ما لم يعمل به القضاة ، ولو عملنا به لقطعنا أيادي كثيرة .

– مشهور المذهب أن الساحر لا تقبل توبته – بعد القدرة – ويلزم قتله ، وهو ما لم يعمل به القضاة بل كان الساحر يستتاب – لا على وجه وجوب ذلك ولزومه – ويمكث فترة في السجن ، يدرس خلالها بعض كتب التوحيد المختصرة ويحفظها ، ثم يطلق سراحه ، بعد أن تضمنه عشيرته ، ويعلن توبته في الإذاعات المحلية ..

-مشهور المذهب أن حد الخمر ثمانون جلدة ، وهو ما لم يعمل به القضاة ، فكانوا يجلدون أربعين فقط ، إلا مرة واحدة ، جلدوا ثمانين ، لواحد تكرر منه السكر.

وقد اتخذ القضاء في تمبكتو قرارا بعدم البت في ملكية الأراضي الزراعية على نهر النيجر ، وتأجيل النظر في شأن ملكيتها لمدة سنة ، وذلك لتشعب الموضوع ، وكونه يحتاج دراسة تاريخية وجغرافية وافية ، واستقصاء للوثائق من عهد الاستعمار ، وغير ذلك مما لا تبلغه طاقة المجاهدين، ولما قد يترتب على ذلك البت من مفاسد قد تصل إلى الحروب العرقية، وكنا نكتفي بالإصلاح بين المتخاصمين ، بما يضمن حق الطرفين دون إثبات قضائي للملكية ، ووفقنا الله عز وجل في ذلك وله الفضل والمنة ، فما جاءتنا قضية من هذه القضايا على كثرتها إلا واصطلح طرفاها ، والحمد لله رب العالمين .

 

ما هي ملامح  الوجه الانساني للقضاء الاسلامي من خلال تجربتكم في امارة الصحراء؟

 

كان القضاء يقترح في بعض الأحايين – و بعد الدراسة – إعانة من قضي عليه بما يعجز عن أدائه لخصمه جملة واحدة ، ومن ذلك أن نزاعا وقع على أرض زراعية وقام أحد الخصمين بإفساد مولد ضخ ماء للخصم الآخر وبعد الإصلاح بين الطرفين ، وإلزام المتلف بتعويض ما اتلف ، اقترح مجلس القضاء إعانة المقضي عليه لغلاء سعر مولد الماء ، واحتياج المقضي له للمولد ، فوافق الشيخ عبد الحميد- رحمه الله- على ذلك ودفع مبلغا مالياً معتبراً في ذلك.

mali ghazo france

عن Admin

اترك تعليقاً