ضجة عبد السميع والمرجفون فى الصحف والفضائيات

ضجة عبد السميع والمرجفون فى الصحف والفضائيات

إبراهيم أبو محمد مفتي استراليا

المشهد السياسى فى مصر ما بعد ثورة 25 يناير يعكس مجموعة من الحقائق يلحظها الباحث كالتالى:

• الشعور بالخطر لدى الذين اعتادوا أن يكون زادهم الإعلامى وبضاعتهم من الكتابة محصورة فى نقطتين اثنتين لا تتجاوزهما أبدًا:

• الأولى: إنجازات الرئيس والإشادة بحكمته وما قدمه ويقدمه من تضحيات من أجل الوطن حتى تحولت كتابتهم فيما يسمى بالصحف القومية وكأنها عقوبة ثقيلة الدم على المرء أن يتجرعها يوميًا.

•  الثانية: الهجوم على الإسلاميين باعتبارهم الفزاعة التى يخافها ويخشاها النظام ويخيف بها كل من يضغط عليه فى قضية الإصلاح والديمقراطية.

• تعود هؤلاء أن تكون الساحة الإعلامية لهم وحدهم فى عهد الرئيس المخلوع، ولأن الهجوم على الإسلام والإسلاميين سلم يرتقى به البعض إلى الدرجة الأعلى بنيل الرضا السامى من أجهزة أمن الدولة فلا مانع لدى بعض هذه الفئات أن تقتات يوميا على دماء وشرف الإسلاميين حيث كان الهجوم عليهم هو علامة الولاء الوطنى ودليل على صحة المواطنة وسبيل إلى الصعود والظهور الإعلامى.

• . الرابعة: الحالة النفسية هذه خلقت جرأة غير مسبوقة على الادعاء وجسارة على الافتراء وتشويه الحقائق.

• الخامسة: المدمنون للكذب استمرأوا تلك الحالة فمارسوا دورهم الهدام تحت سقف من حماية النظام دون أن يتعرض أحد منهم لعقاب أو لوم ولو مرة، وسمعنا وقرأنا ورأينا على الشاشات الصغيرة والكبيرة عورات ثقافية يخجل المرء من النطق بها تنشر على نفقة وزارة الثقافة، ومن أموال الشعب المصرى الفقير على أنها إبداع.

• السادسة: بعض الإسلاميين دخل الساحة السياسية مؤخراً وهو غير مزود بالخبرة اللازمة لإدارة الصراعات والأزمات والخروج من المآزق إلى يرسمها له ويضعه فيها محترفو السياسة وكهنة الصيد الإعلامى، غير أن الملاحظ أن الخبرة والحنكة السياسية تتراكم لديهم وبشكل مذهل، وأن قدرتهم على استيعاب الأحداث والاستفادة من دروسها مبهرة ومدهشة أيضًا.

•  السابعة: هذا الوضع الجديد يبدو أنه غَيَّر قواعد اللعبة السياسية فى مصر ما بعد الثورة، فلم تعد الساحة مقصورة على أولئك الذين تعودوا أن يلعبوا وحدهم، فهم الفريق وهم الفريق الآخر، وهم الحكم ومساعدوه، وهم الجمهور الذى يشاهد أيضًا.

• العوامل الجديدة بعد الثورة غيرت قواعد اللعبة وأصبح ضمان الفوز والانفراد بالساحة صعب المنال، ولم تعد النتائج محسومة كما كان من قبل، فقد ظهر على الساحة لاعب جديد، يخطئ نعم، بدأ الدخول إلى ساحة الملعب دون تدريب نعم، يمكن اصطياده مرة أو مرتين نعم، لكنه بدأ يستوعب فنون اللعبة، ويتدرب بشرف على الاقتدار فيها، وقدرته على استيعاب قوانينها وإجادة فنونها فائقة، ومن ثم فقد ظهر أنه منافس خطير ، وخطورته لا تكمن فى قدرته على استيعاب فنون اللعبة ومعرفة قوانينها فقط، وإنما خطورته تكمن فى شرفه ومصداقيته، وثقة الجماهير فيه، ورصيده الضخم من التضحيات الكبيرة فى السجون والمعتقلات.

• الساحة إذًا لم تعد كما كانت، ولا بد من العمل على إرباك اللاعب الجديد وإجهاده سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وبأسلوب ممنهج ليظل دائماً فى حالة عجز عن الفعل، وليأخذ مكانه فى موقع المتهم الذى عليه أن ينشغل برد الفعل ليستغفر من ذنب لم يرتكبه وليعتذر عن قول لم يقله، وكلما برر موقفا ظهرت مواقف، وكلما استطاع أن يجهض إشاعة ظهرت إشاعات، وهكذا الخطة ليظل هذا التيار فى حالة ارتباك مستمرة نتيجة إجهاده سياسيا وثقافيا وإعلاميا.

• آخر هذه المحاولات هى مقالة عبد السميع، تلك التى طارت بها الدنيا وكذبها أصحاب الشأن بداية من السفيرة ميرفت التلاوى والدكتورة درية شرف الدين، غير أن الخيال المريض الذى تعود على اغتيال الحقيقة دون مساءلة عندما يختلط بالدخان الأزرق يولد حالة من الجنوح الفكرى تشبه جنوح الأحداث حين يرتكبون جرائم كبرى، ويحميهم من المؤاخذة والعقاب قصورهم دون سن البلوغ والمسئولية.

• الكلمات التى وردت فى مقالة السيد عبد السميع بجريدة الأهرام فى عددها ٤٥٧٩٥ يوم الثلاثاء الموافق 23/ 4 /2012 وردت فى مقال له بعنوان: وا إعلاماه قال فيه:

• “بتنا نسمع ـ فى هذه الأيام السعيدة ـ من يتحدث عن ضرورة صدور تشريع يسمح للبنت بالزواج فى سن الرابعة عشرة، أو قانون آخر يقر ما سماه البعض (مضاجعة الوداع)، التى تسمح للزوج بمواقعة زوجته خلال الساعات الست التى تلت وفاتها!, هذا إلى جوار المنظومة التقليدية التى ترمى إلى سلب النساء حقوقهن فى العمل والتعليم, ومحاصرتهن بأكثر التفسيرات رجعية وجهلا” ا .هـ

• طبيعى لم يكن هنالك مشروع ولا تقدم أحد بشىء، لكن العبارات غير المسئولة طارت بها الدنيا، وأصابنا هنا فى أستراليا رذاذها الملوث بجراثيم الدهاء فى صياغة الكلمة التى تكونت منها الإشاعة، ومن ثم الفضيحة، فوسائل الإعلام ظلت وإلى الآن وحتى بعد أن تبين الكذب تتخذ من مقولة عبد السميع مادة للسخرية من الإسلام وكيل الاتهامات لكل المسلمين باعتبارهم حيوانات لا تحكمهم إلا غرائزهم التى لا تتوقف حتى بعد إعلان الوفاة.

• أحد المذيعين هنا فى أستراليا واسمه: David Oldfield فى إذاعة 2ue    

• ظل يبدئ ويعيد لمدة ثلاث ساعات، ذلك فضلاً عن وكالات الأنباء الكبرى، التى تبنت الخبر وأضافت إليه حبكتها المثيرة لينتشر بين أكبر عدد من الناس، فهل كان يدرى من أطلق تلك الكلمة أنها ستصيبنا بكل هذا الأذى..؟ وأنها تتجاوزنا إلى المساس بديننا وعقائدنا والنيل من رسالتنا…؟

• هل يعلم ذلك الذى أطلق هذه الكلمة وأراد بها أن يصيب تيارًا معينا فى مصر أنه أصاب قلوب كل المغتربين، وأن حجم الصداع الذى سببه لنا يشبه حجم حمى انتشرت دون القدرة على وقف انتشارها.

• آلاف المكالمات الهاتفية وآلاف الاتصالات التى تستفسر وتستنكر هذا المشروع الهمجى الموهوم.

• كثير من المكالمات تعرضت حتى للنيل من مقدساتنا وجرحت مشاعرنا فى أخص ما نحبه ونعتز به وهو ديننا.

• كاتب هذه العبارة التى هيجت علينا كل الدنيا كان قد كتب مقالاً فى الأهرام بتاريخ ٢٧ إبريل ٢٠١٠ تحت عنوان الشوارعيزم والسبق الصحفى، تبرع فيه أن يعطى دروسًا لزملاء المهنة فى الصدق والموضوعية والتزام الدقة، وأن الصحافة لا يجوز أن تتحول منابرها إلى أدوات لتسميم الحياة العامة وترويع الناس قال ذلك طبعًا بعدما منح نفسه حق التوجيه وأنه بلغ عتبة فى ساحة الصحافة المصرية تسمح لى بالتوجيه والتعليم،  وقال ما نصه “إننا نلمح بوادر أخطار كبيرة، تكتنف طبيعة الأدوار، التى تقوم بها الصحافة الخاصة تدفعنا إلى القيام بواجبنا فى التنبيه، وأظننى بلغت عتبة فى ساحة الصحافة المصرية تسمح لى بالتوجيه والتعليم، ولن أتكلم ـ اليوم ـ عن السلبيات التقليدية للصحافة الخاصة التى تحدثت عنها غير مرة مثل: (الإغراق فى المحلية)، أو (اهتزاز الدقة)، أو (خلط الرأى بالخبر)، أو (المبالغة)، أو (التحريف) إ.هـ

• وبرغم أن لدينا ما يشغلنا ويستغرق كل أوقاتنا، إلا أن من حقنا بعد هذا الهياج الذى سببته كلمات السيد عمرو عبد السميع أن نسأل سؤالا مشروعا وهو : إلى أى مصطلح ينتمى مقالك الأخير (اهتزاز الدقة).. أو (خلط الرأى بالخبر).. أو (المبالغة ).

أو (التحريف).. أم أنه مقال ينتمى لفصيل جديد من (الكذب تيزم).

عن marsad

اترك تعليقاً