التفاصيل السرية لعملية ميونخ

الصحف الالمانية تنشر التفاصيل السرية لعملية ميونخ

التفاصيل التي كشفتها مجلة “دير شبيغل” الالمانية وكذلك الوثائق السرية التي افرجت عنها اسرائيل مؤخرا عن تفاصيل عملية ميونخ اثارت اهتماما كبيرا في المانيا.
وافردت لها الصحف مساحات واسعة لمناقشتها لا سيما وانها تكشف تضاربا كبيرا بين وجهات النظر الالمانية والاسرائيلية في كيفية حل مشكلة اختطاف الرهائن والتي ابتدأت اثناء انعقاد دورة الاوليمبياد الصيفية عام 1972.
صحيفة “دي فيلت” الالمانية والتي حللت هذه الوثائق قالت بأن الخلاف بين الحكومتين الالمانية والاسرائيلية كان منذ اللحظات الاولى الا ان ما يتردد بان اسرائيل طالبت المانيا بان تسمح لها بارسال فريق عسكري اسرائيلي للتصرف الفوري مع الفلسطينيين والرفض الالماني لذلك لم تثبته المراسلات بين الحكومتين ابدا بل ان الوقت لذلك لم يكن يسمح ابدا.
الرسالة الاولى التي ارسلتها الحكومة الاسرائيلية للالمان والقاضية برفض اسرائيل المطلق لاطلاق سراح 236 معتقلا في السجون الاسرائيلية ومن بينهم الياباني كوزو اكوموتو من الجيش الاحمر الياباني والذي قبضت عليه اسرائيل اثناء مشاركته الفلسطينيين بالهجوم على مطار اللد بالقرب من تل ابيب وقتل فيها 26 اسرائيليا وجرح اكثر من 80 وذلك قبل اشهر من عملية ميونخ فجرت العديد من التساؤلات لدى الالمان.
فالاسرائيليون لا يريدون المفاوضات مع المختطفين ويرون بذلك مسا لهيبة اسرائيل خاصة في صراعها امام الفلسطينيين ولذلك طلبت من الالمان تحرير الرهائن بأي طريقة حتى لو ادى ذلك الى الاصطدام المباشر مع الفلسطينيين وقنصهم جميعا، وهو ما رأته المانيا تشددا غير مقبول لدى اوساط الساسة الاسرائيليين واثار تساؤلات لدى الحكومة الالمانية ان كان من الحكمة فعل ذلك بل تخطى ذلك كله تساؤلات من اعضاء في البرلمان والحكومة الالمانية ان كان هناك واجب على المانيا وحكمة بأن تقحم المانيا نفسها في الصراع العربي الاسرائيلي.
الارتباك الالماني كان واضحا من خلال بث التلفزيون الالماني لوقائع الاوليمبياد بشكل اعتيادي دون التطرق لموضوع الرهائن الاسرائيليين الا انه عاد للاهتمام بالقضية بعد ان تعطلت فعاليات الدورة الاولومبية بعد انتشار الخبر.

مجلة “دير شبيغل” الالمانية أكدت هذه التساؤلات والمخاوف الالمانية في عددها الاخير عن تفاصيل سرية، حيث أشارت المجلة إلى أن السلطات الألمانية أبقت على الاتصالات مع الفلسطينيين على مدار سنوات بعد العملية، وأنها استرضت الفلسطينيين لمنع سفك المزيد من الدماء على الأراضي الألمانية.
وبعدما استهلت المجلة الحديث بسردها تفاصيل تلك العملية التي وقعت في ميونخ، وكذلك العملية الانتقامية التي نفذها الموساد بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي في الساعات الأولى من صباح يوم 10 من نيسان (أبريل) عام 1973 في إحدى ضواحي العاصمة اللبنانية، بيروت، وراحت ضحيتها قيادات فلسطينية بارزة، من أمثال أبي يوسف وكمال ناصر وكمال عدوان، وثلاثة مسؤولين آخرين كبار في منظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى مقتل زوجة أبو يوسف، وكذلك إحدى الجارات، قالت المجلة إن تلك العملية كانت جزءًا من حملة انتقامية شنّها الإسرائيليون ضد مَن ساعدوا على تنفيذ عملية ميونخ التي وقعت في أيلول (سبتمبر) عام 1972.

وبعد رد إسرائيل على تلك العملية بالطريقة الانتقامية التي نفذتها في بيروت، استقبلت حكومة تل أبيب أفراد قوات النخبة الإسرائيليين العائدين من تلك المهمة استقبال الأبطال. وأدان حينها السفير الألماني لدى لبنان تلك العملية الإسرائيلية، بقوله إن الفلسطينيين الذين سقطوا قتلى كانوا من بين أكثر أفراد منظمة التحرير الفلسطينية تعقلاً ومسؤولية.

وبعد يوم واحد فقط من تنفيذ العملية، بعث السفير بخطاب إلى السلطات الحكومية في العاصمة الألمانية آنذاك، بون، يقول فيه إنه لا يمكن استبعاد احتمالية قيام إسرائيل بتصفية أبي يوسف وآخرين لعرقلة عملية السلام في الشرق الأوسط. ثم تحدثت المجلة عن تلك المقابلة التي جمعت بين السفير وأبي يوسف، قبل وفاته بأسبوع، وأنه عرض عليه وعلى باقي مدبري عملية ميونخ إمكانية أن يضعوا “أساساً جديداً للثقة” بينهم وبين الحكومة الألمانية. وترددت أقاويل وقتها عن عقد اجتماع سري في القاهرة بين وزير الخارجية آنذاك، والتر شيل، والفلسطيني أبو يوسف.

وأضافت المجلة أن تلك الاجتماعات تمت بعد وقوع هجوم ميونخ بحوالي 6 أشهر فقط، مؤكدةً أن اتصالات دبلوماسية سرية ونشطة كانت موجودة بالفعل بين الألمان والفلسطينيين. وأعقبت بقولها إن ممثلين عن ألمانيا الغربية كانوا يجرون محادثات مع أشخاص من أمثال أبي يوسف وعلي سلامة وأمين الهندي، وجميعهم هم العقول المدبرة لهجوم ميونخ.

وتابعت المجلة بقولها إن الدوافع التي ارتكز عليها الطرفان في هذا الصدد كانت واضحة. فقد كانت تدرك العاصمة الألمانية بون أن الفلسطينيين يسعون الى نيل الاعتراف الدولي بدولتهم. وأي اتصال بممثلي ألمانيا الغربية، حتى إن كان في السر، سيحدث ويطور وضعية منظمة التحرير الفلسطينية ليجعلها ترقى لأن تكون مؤسسة.

السؤال الذي يتوقع أن يفرض نفسه مجدداً خلال الأسابيع المقبلة، بالتزامن مع حلول الذكرى السنوية الأربعين لهجوم ميونخ، هو: لماذا لم يَمْثُل أي من مدبري مجزرة ميونخ أمام المحاكم الألمانية؟، وقد حددت الوثائق المتاحة الآن إجابة واحدة تحديدا عن هذا السؤال، وهي أن ألمانيا الغربية لم تكن تريد أن تحملهم المسؤولية.

وأشارت “دير شبيغل” في سياق حديثها إلى أنه وفي الأسابيع الأولى التي تلت الهجوم، كانت مكاتب الحكومة الألمانية في بون تعجّ بروح الاسترضاء، ونوهت كذلك بأن بعض المسؤولين في وزارة الخارجية، على وجه الخصوص، كانوا متعاطفين تماماً بصورة واضحة مع الفلسطينيين.

وصدرت حينها بعض التعليقات التي خلقت انطباعاً بأن الجهة التي وقفت وراء الهجوم لم تكن منظمة سبتمبر الأسود وحدها، بل كان هناك أيضاً الجانب الإسرائيلي، الذي شارك بشكل أو بآخر في ما حدث ولم يكن مسؤولية الفلسطينيين وحدهم.

رئيس الموساد في ذلك الحين تسفي زامير والذي كشفت الوثائق انه استشاط غضبا من تصرف الفلسطينيين وكادت حدة عصبيته ان تؤزم العلاقة المتدهورة اصلا في ذلك الوقت مع المسؤولين الالمان سافر الى ميونخ فورا وبرفقة خبراء عسكريين ناطقين للعربية في حالة كان التفاوض لا مفر منه، حمل الامان مسؤولية قتل اليهود وتلفظ بالفاظ اثارت رعب الحكومة الالمانية واستنكارها خاصة بعد انتقاداته للشرطة الالمانية واتهامه لها بانها غير متمرسة وغير صبورة واثارت حنقه لعدم استماعهم له وبان الدم اليهودي قد روى ارض الالمان مرة اخرى مما حدا بالحكومة الالمانية الى الاتصال مباشرة مع غولدا مائير رئيس وزراء اسرائيل في ذلك الوقت وغيرها من المسؤولين لحثهم بعدم تعريض العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين للخطر وانه من غير الجيد اتهام الالمان بكره السامية وانه لم يكن في الامكان فعل افضل ما كان.

عن marsad

اترك تعليقاً