توجيهات وإرشادات للمجاهدين في أحدث دراسة تنشرها القاعدة

توجيهات وإرشادات للمجاهدين في أحدث دراسة تنشرها القاعدة:

متانة العلاقة مع الناس سر نجاح الجهاد

نشر مركز الفجر للإعلام الناشر الإعلامي لبيانات ومواقف تنظيم القاعدة أخيراً دراسة نقدية كتبها “أبو عبيدة عبد الله خالد العدم” القيادي في التنظيم بعنوان “صحوات الردة والسبيل لمنعها” .
والدراسة على صغر حجمها “8 صفحات” حملت توجيهات نقدية عميقة لبعض السلوكيات المنسوبة للمجاهدين وتوجيهات وإرشادات بالغة الدلالة لاندماج المجاهدين بين الناس والحفاظ على الحاضنة الشعبية للمجاهدين وهو ما من شأنه الحيلولة دون تمكن العدو من استغلال سخط بعض الناس على بعض سلوكيات المجاهدين لتأليبهم عليهم واستخدامهم في حرب المجاهدين بالوكالة كما كان من تجربة الصحوات في العراق وهو ما يعمل العدو على استنساخه في كافة أماكن تواجد المجاهدين.
وفيما قد يشكل مفاجأة لبعض أنصار الجهاد يقول الشيخ “العدم” إن الصحوات ليست بالضرورة دائماً من تأسيس العدو وتسليحه ولكنها قد تنشأ بسبب أخطاء المجاهدين، فـ“ليس بشرط أن يعمد العدو في كل مرة على إيجاد هذه الصحوات وتسليحها، بل قد تكون ردات فعل لأخطاء يرتكبها المجاهدون عن غير قصد لقصور في فهم متطلبات أولويات المرحلة الجهادية التي يخوضونها والله الحافظ من كل زلل”.
ويستعرض الشيخ “العدم” من خلال التجربة الجهادية العملية أن على أبناء الحركة الجهادية اتباع الآتي لدرء فتنة هذه الصحوات ووأدها في مهدها، بل منع قيام بذرتها الخبيثة أصلاً:
أولاً: فقه أولويات المرحلة:
يؤكد الشيخ “العدم” أن أهم ما يجب على الطائفة المجاهدة أن تعيه جيداً هو فقه حقائق كل مرحلة جهادية تمر بها، فلكل مرحلة من مراحل الجهاد أسلوب وطريقة يفرضها الواقع المعاش على كيفية التعاطي معه، ولكل حال ما يناسبه من طرح سواء كان طرحاً فكرياً في مخاطبة الناس، أو أسلوب عمل على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال دفع الصائل له خصوصيات وفقه حركي خاص به يستلزم منا حشد الطاقات وتوجيه الجهد الأساسي لدفعه وجمع الناس والجماعات على قتاله دون الانشغال بمسائل أخرى تفرق أكثر مما تجمع، وربما ترمي بالناس في أحضان الكافر عن غير قصد، وتقلب المحب عدواً مبغضاً.
تحذير من إقامة الحدود في دار الحرب: يحذر الشيخ العدم من إقامة الحدود في دار الحرب، وفي أرض لا يسيطر عليها المجاهدون حق السيطرة، وتكون سيطرتهم فيها سيطرة وهمية ، ومثال ذلك ما حصل للطلبة الباكستانيين في مقاطعة سوات القبلية الباكستانية ففيه عبر كثيرة لمن يتأمله، هذا مع حب أهلها – أي أهل سوات – للمجاهدين وتمكن الدين من قلوبهم، ولكن هناك بون شاسع بين السيطرة الحقيقية والسيطرة الوهمية المؤقتة.
تجنب أموال الناس: ويحذر القيادي في تنظيم القاعدة الشيخ عبد الله العدم من إلزام الناس بدفع بعض من أموالهم للمجاهدين من أجل الجهاد، وإن كان ذلك جائزاً عند بعض أهل العلم بشروط معروفة في كتب الفقه، إلا أن الواجب دائماً النظر في مآلات الأمور وللمفسدة والمصلحة المترتبة على ذلك، فإن هذا الفعل يؤدي في الغالب إلى تكالب الناس على الحركة الجهادية وخاصة في حال الاستضعاف، وقد حصل شيء من ذلك في بعض مناطق القبائل الباكستانية والله المستعان.
فهذا الذي ذكرنا وغيره كثير مما يجب أن يراعى في سياسة الحرب ويتنبه له جيداً حتى لا يكون لعدونا مدخلاً لإفساد الناس وتأليبهم على المجاهدين.
ثانياً: مخاطبة الناس بما يعقلون من مذهبهم:
وهذه من المسائل المهمة والضرورية في العمل الجهادي وهي مخاطبة الناس بما يعقلون من المذهب السائد بينهم والمتَّبع عندهم، ومراعاة ذلك أيّما مراعاة، وخاصة إن كان القائمون بالجهاد وعلى الجهاد من غير أهل البلد أي من المهاجرين، ويذكر الشيخ العدم في بداية الجهاد ضد الأمريكان في أفغانستان، وبالتحديد في مناطق القبائل البشتونية جاءه بعض من مجاهدي تلك المنطقة يسألون عن مسائل تتعلق بالتكفير وغير ذلك من مسائل فقهية فقال لهم: اسألوا فلاناً – من علمائهم – ، مع علمه بجواب سؤاله، والقصد من ذلك أظن بيِّن واضح .
فقه تغيير المنكر باليد: يشير الشيخ العدم إلى أن تغيير المنكر باليد والقوة العسكرية بينما المجاهدون ما زالوا في حال دفع الصائل وحالة الاستضعاف التي تواكب نشوء أي حركة جهادية في العالم يوجب عليهم أن ينتبهوا لأمر مهم في هذه المسألة وهو التدرج في تغيير المنكر، و”التدرج في مخاطبة الناس بحيث نخاطبهم بما يعقلون لا بما نعقل نحن، ومراعاة فهمهم وتصوراتهم وخاصة في المسائل الخفية التي لم تعتد آذان الناس سماعها وخاصة مسائل التكفير وما يتعلق بها”.
مراعاة أفهام الناس: يؤكد الشيخ العدم أن “مخاطبة أفهام الناس بما يعقلون أمرٌ في غاية الأهمية، وفي غاية الخطورة، إن لم نحسن بابه سيترتب على ذلك ما لا يحمد عقباه، لذلك يجب على المجاهدين أن يفقهوا أدبياته فقهاً جيداً، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: لولا أن قومك حديثوا عهد بجاهلية لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم. أقول: يجب أن يكون هذا القول الحكيم شعار المسير وهادي السبيل ومرجع الأمور وحاديهم في رحلة الجهاد الطويلة”.
ثالثاً: عدم التشدد في الدين:
يحذر القيادي في تنظيم القاعدة الشيخ العدم من تحميل الناس ما لا يطيقون، والبحث في معتقداتهم، وأخذهم على الحق الذي نعتقده بقوة السيف والشدة والغلظة، فمن ليس موافقاً لنا في كل معتقد نعتقده فهو عدو لنا، أو على أقل تقدير هو ليس منا يجب أن نَحذَرَهُ ونُحذّرَ منه، وهذا لا شك أمر ليس بمحمود البتة في التعامل مع المسلمين، فالتشدد ما كان في شيء إلا شانه بل أهلكه وأهلك أصحابه.
التحذير من التسرع في التكفير: ومن ذلك أيضاً الإسراع إلى تكفير الناس أو تفسيقهم أو تبديعهم ورميهم بما لا يليق من التهم، مع عدم مراعاة أحوال الناس وبعدهم وغيابهم عن مفاهيم الدين الصحيحة، وعدم مراعاة الجهل الذي أصابهم ونزل بهم عقوداً طويلة من الزمن عن قصد بفعل سياسات أهل الردة وأعوانهم الصليبيين.
التلطف مع الناس: يؤكد الشيخ العدم أن الواجب التلطف مع الناس والإحسان إليهم قدر المستطاع حتى مع المخالف منهم، فمن كان مقدوراً على جلبه إلى صفنا – صف الحق- جلبناه وهذا هو المطلوب دوماً، ومن لم نستطع أن نجلبه لصفنا فليكن محايداً، ومن لم نستطع أن نحيده فلا نجعله يميل بعواطفه لعدونا، والحذر كل الحذر أن ينقلب عدواً أو ينحاز إلى صف العدو.
عدم مجاهرة الناس سواء كانوا أفرادا او جماعات بالعداء: وهي مسألة غاية في الاهمية وذات دلالة كبيرة يؤكد عليها القيادي في تنظيم القاعدة بقوله :” إن مجاهرة الناس بالعداء سواء كانوا أفراداً أو جماعات تعد من الأخطاء القاتلة في العمل الجهادي خاصة في مرحلة دفع الصائل، فإن فعل ذلك يؤدي بهم للإرتماء في أحضان العدو دون كثير عناء من عدو الله وعدو الدين، كما يؤدي غزو الكافر الأصلي لبلاد المسلمين إلى ارتماء الناس في أحضان المجاهدين، فالحذر الحذر من مغبة معاداة عوام المسلمين وخاصة إذا كان هناك متسع لعدم قيام مثل هذا العداء.
رابعاً: الكف عن بعض من يستحق العقوبة:
يشير الشيخ العدم إلى أن من السياسة الحكيمة في دار الحرب الكف عن بعض من يستحق العقوبة درءاً لمفسدة أعظم قد تترتب على تنفيذ العقاب، فقد عودتنا ساحات الجهاد على مرِّ الزمان على وجود صنف من الناس يستحق القتل لردته وموالاته لأهل الكفر، وهم على درجات بين الناس ومقامات تتفاوت منازلهم ومكانتهم، فمنهم المطاع في قومه ومنهم دون ذلك كل بحسبه، وهذا النوع من الناس وخاصة المطاع في قومه والذي لم تظهر ردته بشكل صارخ مفضوح لعوام المسلمين، والناس ما زالوا ملتفين حوله محبين له، هذا الصنف يحتاج إلى سياسة حكيمة في التعامل خاصة إذا تعلق الأمر بالقتل والتصفية الجسدية، فمن الكياسة السياسية في حال الاستضعاف عدم استهدافه بالقتل لحين، لما يترتب على ذلك من تكالب قومه على أبناء الجهاد نصرة لزعيمهم الهالك وتعصباً للباطل، والمتأمل في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في سياسته مع الناس يجد شبيه ذلك فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر وقد استأذنه في قتل رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول: دعه ، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.
وهذا مثال فقط على الكف عمن يستحق العقاب، لكي لا تكون النتيجة عكس الذي نرجو، وهذه النتيجة العكسية مشاهدة ومعروفة لدى القائمين على العمل الجهادي الميداني، بل خلص إلى نتيجتها غير المسلمين كالفتناميين، يقول صاحب كتاب التجربة الفيتنامية علي فياض: هناك بعض الاغتيالات السياسية التي أحدثت أثراً عكسياً للثورة فاغتيال “ترونغ انه” زعيم جماعة “كاو داي” دفع الكثيرين من أعضائها للانحياز إلى جانب الفرنسيين في الصراع عام 1947، كما أن اغتيال “هوين سو” زعيم جماعة “هوا هو” في نفس العام أدى إلى تعاون بعضها مع الفرنسيين.اهـ
وحتى لو احتيج إلى القيام بعمليات من نوع ما أسميه ” قتل الردع وكف الأذى البيِّن” فلا بد أن توضح الصورة بشكل يقضي على جميع الشكوك، بحيث لا يكون هناك قتل لا مبرر له أو مفسر، ويا حبذا لو أقيمت له محكمة علنية إن قُدر على ذلك، لأن الناس كما يقال عقولهم في عيونهم، ويكون القتل بيد واحد من أهله أو عشيرته أو قومه على العموم، فإن ذلك أدعى لتسكين الخواطر وتهدئة النفوس.
تجنيب المجاهدون المهاجرون الدخول في هذه المسائل: يحذر الشيخ العدم أن يتصدر لمثل هذه الأمور ويقوم بتنفيذها المجاهدون المهاجرون فإن عواقب ذلك ليست بمحمودة البتة، ولا يجب الاغترار بالتمكين الوقتي أو السيطرة الوقتية خاصة في المناطق التي تسود فيها القبيلة وتحكم، فقد عاينت بنفسي سوء ذلك على بعض الحركات الجهادية، وكيف انقلب المحب مبغضاً بل مقاتلاً وطارداً، إن سياسة الجهاد وفقهه يحتاج إلى أضعاف أضعاف ما نبذله من جهد للقوة العسكرية، فما القتال إلا وسيلة لتحقيق الهدف السياسي، وهدفنا تعبيد الناس لربهم.
خامساً: الاستقطاب:
دعوة رؤوس الناس وكسبهم: يؤكد الشيخ العدم أن من أساسيات العمل الجهادي ومقومات بقائه كسب واستقطاب أكابر الناس ووجهائهم من العلماء، ورؤساء وشيوخ القبائل، والمطاعين في أقوامهم على العموم، فهؤلاء عماد أكيد لتأييد الناس ووقوفهم إلى جانب الدعوة الجهادية ليس في رخائها وحسب، بل في أصعب الظروف وأحلكها، فهم صِمام أمان للعمل الجهادي برمته عندما تشتد العاصفة وتتزعزع الصفوف ويتكالب الأعداء، فسيد في قومه مطاع جديرٌ بأن يجند قبيلته أو أغلبها ويَصُفّها خلف المجاهدين نصرة وتأييداً لهم، لقد دعا نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم ربه أن يعز الإسلام بأحب الرجلين إليه أبي جهل أو بعمر بن الخطاب فكان أحبهما إليه عمر رضي الله عنه.
إنه سنة من سنن المنعة والعزة والتمكين سنة استقطاب وكسب الأعزة في أقوامهم، وطرائق ذلك كثيرة منها الزواج والمصاهرة، ومنها المشاورة وأخذ الرأي، ومنها التأمير والتسويد، ومنها الدعوة والإلحاح فيها وبيان محاسن ذلك على دينهم ودنياهم وهذا الأخير هو العمدة فيما ذكرنا.
ويذكر الشيخ العدم أن ما ذكره من طرائق الاستقطاب عاين خيره بنفسه ووقف عليه في مناطق القبائل الباكستانية، فقد انتفضت عشائر برمتها لنصرة بعض المجموعات الجهادية والقتال معها، بل تعدى الأمر ذلك إلى الهجرة والترحال، وقد وقع لبعض رؤوس القبائل أن هاجرت وتركت ديارها ومراتع قبائلها نصرة وتأييداً للمجاهدين، مع ما في الهجرة من متاعب لا يعرفها غير الذي قاسى آلامها.
متانة العلاقة مع الناس سر نجاح الجهاد
ويختم الشيخ العدم القيادي في تنظيم القاعدة دراسته بقوله : إن سرّ النجاح في العمل الجهادي الحركي برمته واستمراره على شكل يضمن إقامة الدولة ويحقق الهدف المقصود من الجهاد، يكمن في كثير من جوانبه بمتانة العلاقة بين السكان وبين المحاربين الجهاديين، وسر ذلك يتمثل بهذه النقاط التي ذكرت، فتأييد عوام المسلمين للعمل الجهادي المسلح، ومنع الصحوات من الأسس المهمة في بقاء النفس الجهادي واستمراره.

عن marsad

اترك تعليقاً