المال السياسي العربي . .  مصر نموذجاً

المال السياسي العربي . .  مصر نموذجاً

علي سعادة

تفوح من ميدان التحرير ومن أمام قصر الاتحادية رائحة المال السياسي العربي وغير العربي، فجميع المعلومات التي رشحت منذ بدء الأزمة بعد إعلان الرئيس المصري محمد مرسي عن الإعلان الدستوري، وحتى اللحظة تشير إلى ضخ ملايين الدولارات من مصادر متعددة بعضها عربي، لإبقاء التوتر في مصر مشتعلا إلى أعلى درجة الغليان حتى لو تطلب ذلك سفك مزيد من  دماء الأخوة المصريين.
ورغم أن أعداد الذين يخرجون في مسيرات ضد مرسي قليلة ولا تقارن بالأعداد الضخمة التي تخرج مؤيدة ومؤازرة لمرسي، إلا أنها هذه الفئة “المعارضة” تحظى بتغطية إعلامية غير مسبوقة بوسائل الإعلام العربية والغربية الناطقة بالعربية. وفيما يتحول مرسي الرئيس المصري المنتخب بشكل ديمقراطي إلى عدو للشعب، يظهر محمد البرادعي وعمرو موسى وآخرون، في الإعلام العربي الموجه، بمظهر الأبطال الذين يقودون الجماهير نحو الحرية والانعتاق من عبودية “الإخوان”.
وتبدو الحملة على مرسي بشكل خاص، وعلى الإخوان بشكل عام، مبرمجة بعناية وذكاء وكأنها رسمت في دهاليز دوائر استخباراتية، فالتصعيد المتدرج من رفض الإعلان الدستوري، إلى عدم الاعتراف بشرعية مرسي نفسه هو انقلاب وانكفاء إلى الوراء وعودة للارتماء في أحضان النظام السابق.
وفيما شككت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية بنوايا ما يسمى «جبهة الإنقاذ الوطني» المصرية في موقفها تجاه الأزمة التي تشهدها مصر، فهي تؤكد أنه بات من الواضح بصورة متزايدة أنها ليست حول مسودة الدستور المقترح، الذي حمل توقيعات العديد من أعضاء المعارضة، قبل أن يغيروا رأيهم وينسحبوا من اللجنة.
ولم يعد مفهوما ما الذي تريده المعارضة “الأقلية” من الرئيس مرسي ومن معه “الأغلبية” ؟ هل تريد استفزاز مرسي و”الإخوان” للقيام برد فعل غاضب، هل تسعى إلى مزيد من الدم العربي المصري، هل تدفع الجيش للتدخل، هل تريد ترك الباب مواربا أمام القوى الخارجية التي تنتظر الفرصة للتدخل في الشأن المصري، وبالتالي تؤدي إلى مزيد من الانهيار في الجدار العربي، هل قادة “المعارضة” الذي فشلوا في جميع المناصب التي تبوّؤوها يمتلكون عصا الحل السحرية؟!
وفي حال إسقاط مرسي ما هو البديل؟ الخيار الوحيد المتاح هو الذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، يبدو أن الإسلاميين يمتلكون فرصاً جيدة للفوز بها.
لقد قال محمد البرادعي، وهو يحرض المعارضة بعدم الذهاب إلى الحوار، إن مرسي فقد شرعيته؛ إذن فهدف “جبهة الإنقاذ الوطني” ليس الدستور ولا الإعلان الدستوري، وليس مصر، ولكن مرسي نفسه، المنصب.
المعركة في مصر، من جهة “المعارضة” هي على السلطة، وانقلاب على الديمقراطية، محاولة للإطاحة برئيس منتخب بشكل ديمقراطي، فيما المال يأتي من دول تفتقد إلى الديمقراطية، ولم تعرف بعد صناديق الاقتراع الحقيقة!

عن marsad

اترك تعليقاً