حلايب مسمار بين مصر والسودان

حلايب مسمار الاحتلال البريطاني بين مصر والسودان

حلايب مسمار بين مصر والسودان
حلايب مسمار بين مصر والسودان

حلايب مسمار الاحتلال البريطاني بين مصر والسودان

 

شبكة المرصد الإخبارية

 

رغم اعتذاره عن نشرها “خطأً”، إلا أن نشر حزب الحرية والعدالة الحاكم بمصر على صفحته الرسمية خارطة يظهر فيها مثلث حلايب الحدودي المتنازع عليه ضمن الأراضي السودانية، بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري محمد مرسي للخرطوم التي انتهت الجمعة، أثار اعتراضات من قوى سياسية عديدة أعاد الجدل حول تلك المشكلة التي يمتد تاريخها لأكثر من قرن، ووضع المثلث الحدودي الغني بالثروات في صدارة المشهد السياسي والإعلامي.
فالمثلث الواقع على الحدود المصرية السودانية، والذي رددت وسائل إعلام مصرية مؤخرا أن مرسي قد وعد بالتنازل عنه – وهو ما نفته مؤسسة الرئاسة – يقع ضمن الأراضي المصرية وفق اتفاق ترسيم الحدود إبان الاحتلال البريطاني في 19 يناير/ كانون ثاني 1899.

ومثلث حلايب وهي منطقة تقع على الطرف الإفريقي للبحر الأحمر ومساحتها 20,580 كم2، توجد بها 3 بلدات كبرى هي حلايب وأبو رماد وشلاتين، أكبرها هي شلاتين وتضم في الجنوب الشرقي جبل علبة.

وتتبع المنطقة مصر إداريا بحكم الأمر الواقع، غير أن أغلبية سكانها من إثنيات سودانية الأصل هي البجا وينتمون لقبائل البشاريين والحمد أواب والشنيتراب والعبابدة ويشاركهم قليل من الرشايدة، حيث تمتد البجا ما بين ساحل البحر الأحمر ونهر النيل في السودان، وعلى امتداد من الشمال مروراً بمنطقة مثلث حلايب، وجنوباً ما بين مصوع وجزر دهلك إلى منطقة بركة في داخل الحدود الإريترية، ومن ثم الامتداد غربا إلى قلع النحل والقلابات والقضارف والبطانة ونهر عطبرة في السودان.

وبحكم اتفاقية ‏1899 التي وقعتها بريطانيا مع مصر، فإن الحد الفاصل بين مصر والسودان‏،‏ هو الخط الذي يتفق مع خط عرض ‏22‏ درجة شمال خط الاستواء‏، والتي توضح أن مثلث حلايب ضمن الحدود المصرية، وبمقتضى الاتفاقية أصدر وزير الداخلية المصري آنذاك قرارا إداريا في ‏4‏ نوفمبر/ تشرين ثاني من عام ‏1902‏ م، يؤكد أن منطقة “حلايب وشلاتين” أراض مصرية يتم تعيين عمد ووكلاء القبائل ومشايخ القرى بها وفقا لقرارات الداخلية المصرية.
إلا أن النزاع مر بعدة مراحل منذ ذلك التاريخ:

في عام 1902 نقل الاحتلال البريطاني “إدارة” حلايب للخرطوم نظرا لكون الأخيرة أقرب للمثلث المتنازع عليه من القاهرة.

 

–          بعد استقلال كل من مصر عام 1952 والسودان عام 1956، أرسل الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر قواته لحلايب في العام 1958 إثر إدخال الحكومة السودانية لمنطقة حلايب ضمن الدوائر الانتخابية السودانية، ما اعتبرته مصر مخالفة لاتفاق 1899، وقامت بإرسال مذكرة للأمم المتحدة تؤكد حقها في منطقة حلايب وما حولها، فأرسل عبد الله خليل رئيس الوزراء السوداني آنذاك قواته بالمقابل، وكادت تشتعل الحرب بسبب النزاع لولا سحب الوقات المصرية.

–          في العام 1992 أعطت السودان حقوق التنقيب عن البترول في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية، مما دفع مصر للاعتراض على ذلك، فقامت الشركة بالانسحاب، ومنذ ذلك الوقت تسيطر مصر على المنطقة إداريا.

–          في العام 1995 عادت التوترات للمنطقة عندما نشرت مصر قواتها فيها مجددا عقب تعرض الرئيس المصري السابق حسني مبارك لمحاولة اغتيال في أديس أبابا اتهم نظام الرئيس عمر البشير بالوقوف وراءها.

–           في عام 2010 تم اعتماد حلايب كدائرة انتخابية سودانية تابعة لولاية البحر الأحمر، إلا أن الأمر لم يتم تنفيذه على أرض الواقع فيما شملت الانتخابات البرلمانية المصرية الأخيرة في نوفمبر/ تشرين ثاني 2011 مثلث حلايب ونقلت صناديق الانتخاب إلى الغردقة (جنوب شرق) بطائرة مروحية عسكرية مصرية لفرز الاصوات هناك.

–          موقف البلدين من النزاع:

أولاً: الموقف السوداني: يرى السودان أن حقه الفعلي في إدارة المنطقة منذ عام 1902 يخوّله السيادة على مثلث حلايب بناءً على مبدأ الحيازة الفعلية بالتقادم، خاصة وأن مصر ظلت راضية بذاك الوضع ولم تعترض عليه قبل استقلال السودان عام 1956 وأثناء الوجود البريطاني في السودان، كما يعتبر أن للمنطقة أهمية إستراتيجية بالنسبة له نابعة من موقعها باعتبارها عاملاً هاماً للحفاظ على ما تبقى من السودان خاصة بعد انفصال الجنوب في استفتاء عام تم في كانون الثاني 2011.


ثانيا: الموقف المصري: يعتبر أن قرار 1902 مجرد قرار إداري يمكن تعديله وفقاً لظروف المنطقة، كما أن مصر لم يكن بإمكانها الاحتجاج عليه آنذاك، أما بالنسبة لفكرة الحيازة بمبدأ التقادم، فمصر ترى أنه يمكن الطعن في قانون الحيازة بثغرات تتعلق بالمدة الزمنية وصحة القانون نفسه. كما أن هناك آراء مصرية تدفع بأنّ المنطق يقول إنه في ظل تمسك السودان بحيازته بالتقادم على حلايب، فما المانع من أن تطالب مصر بحيازة السودان بكامله لأنه كان تابعاً للسيادة المصرية في عهد الدولة العثمانية، كما ان هناك اتفاقية لها شرعيتها القانونية الدولية (اتفاقية 1899) التي تضع المثلث الحدودي بشكل واضح ضمن الأراضي المصرية.

وتنبع أهمية منطقة حلايب بالنسبة لمصر باعتبارها تمثل عمقاً إستراتيجياً هاماً لحماية حدودها الجنوبية المكشوفة على ساحل البحر الأحمر والتي قد تعرّض أمنها القومي للخطر، هذا بالإضافة إلى أهميتها التجارية والاقتصادية لكلا البلدين.

وتنحصر الحلول المطروحة للأزمة بين بلدي المصب في دول حوض النيل — في حال موافقتهما على المبدأ– في 3 حلول هي: التحكيم الدولي، استفتاء سكان مثلث حلايب حول تقرير مصيرهم، تحويل المثلث لمنطقة تكامل اقتصادي مفتوحة، وهو الأمر الذي جاء الخميس الماضي على لسان الرئيس المصري أمام اجتماع مجلس الأعمال المصري السوداني في الخرطوم بحضور نظيره السوداني عمر البشير، حيث قال “الحدود لن تكون محل نزاع بين البلدين، بل منطقة تكامل اقتصادي مفتوحة لاستثمارات الجانبين، وتنضم إليها ليبيا لتفعيل المثلث الذهبي“.


ملامح جغرافية وديموغرافية لمثلث حلايب:

بالرغم من صعوبة الوصول لمعلومات ديموغرافية كافية حول المنطقة التي تضاربت الأنباء حول تعداد سكانها بين 20 و200 ألف نسمة، وفق مصادر غير رسمية، في ما يلي أبرز الملامح المتاحة في هذا الإطار:
1- أغلبية سكانها من إثنية واحدة هي البجا وينتمون لقبائل البشاريين والحمدأواب والشنيتراب والعبابدة ويشاركهم قليل من الرشايدة، حيث تمتد البجا ما بين ساحل البحر الأحمر ونهر النيل في السودان وعلى امتداد من الشمال مروراً بمنطقة مثلث حلايب، وجنوباً ما بين مصوع وجزر دهلك إلى منطقة بركة في داخل الحدود الإرترية، ومن ثم الامتداد غربا إلى قلع النحل والقلابات والقضارف والبطانة ونهر عطبرة في السودان.

2- يمتهن معظم السكان التجارة البينية بين مصر والسودان، والرعي، كما يتميز غالبية السكان المحليين بالمهارة في الصناعات الحرفية الصغيرة، مثل أدوات المعيشة والأدوات القتالية من سيوف وخناجر بجانب المنسوجات البدوية الخاصة بهم، ويقوم البعض منهم بالعمل في تجارة الإبل والأعشاب الطبية وفي ما يقومون به من صناعات يدوية مما أوجد السوق التجاري الدولي بمدينة الشلاتين داخل محمية جبل علبة.

3 – تميز المنطقة بالثروة السمكية ويوجد بها مخزون نفطي غير محدد كما تنشظ الزراعة في مدينة شلاتين التي تعرف بخصوبة أراضيها وتعتمد في ريها على كل من المياه الجوفية ومياه الأمطار.

4 – تضم شلاتين 5 قرى هي؛ أبو رماد، حلايب، رأس الحداربة، مرسى حميرة، وأخيرا أبرق التي يوجد بها خزان روماني وبها أثار قلعة مصرية قديمة ومستوطنة بطلمية أثرية.

5 – يوجد جبل علبة جنوب شرقي مثلث حلايب الذي يعد من أكبر المحميات الطبيعية المصرية، ويضم العديد من الموارد الطبيعية والبشرية والثقافية ما بين حياة برية ونباتات طبية واقتصادية وقبائل محلية وثقافات واثار فرعونيه ورسومات قديمة بالإضافة إلى الثروات الجيولوجية والمعدنية والموارد المائية من ابار وعيون للمياه العذبة كما يثريها البحر الاحمر بثروات بحرية كبيرة من شعاب مرجانية وحشائش بحرية وكائنات بحرية نادرة بالإضافة إلى العديد من جزر البحر الاحمر في نطاق حدود المحمية والتي تحوى السلاحف البحرية وأنواع عديدة من الطيور النادرة المقيمة والمهاجرة وأنواع من اشجار المانجروف ذات القيمة البيئية والاقتصادية الكبيرة.


6 – تمثلت ثقافات المجتمع المحلى في العديد من الفنون ومنها الموسيقى والغناء الذي يختص بقصص تمس البيئة المحيطة بهم ويعتمدون فيها على أداة موسيقية تسمى ” الطنبور ” كما يعبر السكان عن طبيعة منطقتهم من خلال بعض الرقصات التي يقومون بها ومنها رقصة ” الهوسيت”.

 

عن Admin

اترك تعليقاً