قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء

noh sonقال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء

هاني حسبو

إنها المقولة العظيمة التى خلدها القرآن وهو يحكى لنا تلك القصة العجيبة ، قصة نبى الله نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مع قومه وكيف نجاه الله عزوجل هو ومن معه من المؤمنين وأغرق الذين كفروا بما فيهم ابن نوح نفسه.

لايخفى على كل إنسان فضلا عن مسلم تفاصيل هذه القصة العظيمة ولو إجمالا حيث صورها القرآن لنا تفصيلا دقيقا فى كلمات موجزات معبرات يستطيع القاصى والدانى أن يفهمها ويعقلها:

” وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم  وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين  قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين”.

ظل نوح عليه السلام يصنع الفلك فى أرض يابسة ليس فيها ماء وتعجب القوم فلماذا يصنع نوح سفينة فى أرض ليس بها ماء؟أين ستسير هذا السفينة؟وظلوا يسخرون منه ومن عمله هذا.

ما أشبه الليلة بالبارحة ظل الرجل يدعوهم إلى وفاق وإلى توافق مجتمعى لتركب مصر سفينة النجاة وتعبر بر الأمان فظلوا على عنادهم يروجون الأكاذيب والإشاعات بأخونة وغيرها . ظل يمد يديه لهم بدلا من توبيخه وشتمه بأبشع الألفاظ لكنهم جعلوا أصابعهم فى آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا. فظل الرجل يدعوهم جهارا وأسر لهم القول وأعلنه إعلانا لكن القوم كان يخططون بليل لكنهم كانوا أكثر تبجحا فلم يقولوا كما قال الأولون” تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون”. بل قالوا شهدنا مهلكه ومهلك أهله ومن ينصره ومن يؤيده وإنا لهم صامدون وإنا لهم مهلكون.

ظل قوم نوح على عنادهم لما فاض الكيل بنوح بعد دعوتهم ألف سنة إلا خمسين عاما وبعد استفراغ الجهد البشرى واستنفاد ما لديه دعا عليهم وقال: ” رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا”

فحانت لحظة الحسم اللحظة التى انتظرها نوح ومن معه من المؤمنين:

“وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين”.

هنا استبان الأمر للعقلاء والمؤمنين الذين اتبعوا نوح ودعوته وعرفوا أن العاقبة لهم مهما سخر منهم الساخرون.

وكان من المفترض أن العاقل يسير مع نوح ومن اتبعوه لينجوا بنفسه إلا أن الخذلان صفة ملازمة لمن اتبع هواه وظن أمره فرطا فظن ابن نوح أن النجاة فى الإحتماء بالجبل .فاعتقد بفهمه القاصر والنظر لما تحت أرجله فقط أن هذه هى النجاة الحقيقية. لكن نوح عليه السلام رد عليه برد الواثق من ربه ومن نصر ربه “لاعاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم”

هل عقل اليوم كثير من الذين ظنوا أن النجاة كل النجاة فى الانقلاب والخلاص من الرئيس الشرعى أنهم بمثابة ابن نوح حين ظن أن الجبل سيحميه من الماء؟ هل نفعهم اليوم ما ذاقوه من الويلات على أيدى من ساعدوهم فى انقلاب غاشم دمر البلاد والعباد؟

فريق حق عليه قول قضائهم فزج بهم فى السجون وفريق يلعبون دور السنيد الذى يساعد البلطجى فى إجرامه حتى حين،وفريق ينتظر دوره إن فتح فمه بأى اعتراض .

الآن المشهد يتضح تمام الوضوح :من يركب مع نوح سفينة النجاة؟ ومن يحتمى بالجبل الذى باطنه فيه العذاب وظاهره من قبله الرحمة؟

انظر إلى خاتمة المشهد:

“فحال بينهما الموج فكان من المغرقين.”

هذا هو كتاب ربنا وهذا هو قصص القرآن الذى وصفه الله بقوله:

“إن هذا لهو القصص الحق.”

وأخيرا فهؤلاء الذين يقفون ينظرون إلى الطوفان وهم يظنون أنهم بعيدون كل البعد عنه فعليهم أن يدركوا أن الطوفان سيأتى على الأخضر واليابس ولن يتركهم هكذا.

عن Admin

اترك تعليقاً