ميلاد حرية

dahab 7oraiahميلاد حرية

فى مشهد مهيب غير معتاد فى بلادنا تابع الملايين فى مصر وغيرها مشهد تلك المرأة التى وضعت طفلتها وهى مكبلة بالكلابشات الحديدية فى مستشفى الزيتون التخصصى .. إنها دهب ذات الثمانية عشرة ربيعاً التى اعتقلت ظلماً وعنوة فى الرابع عشر من يناير الماضى وسجنت فى أحد السجون التابعة لوزارة الداخلية الانقلابية.

وفى رسالة بعثتها إلينا دهب فقد أطلقت اسم حرية على وليدتها لتقول للعالم كله أنها حرة وأبية بصمودها وبإصرارها على المضى قدما نحو استرداد الوطن من أيدى الظالمين الغاشمين الطغاة.

والعجيب أن فى ذات اليوم تقريبا تقرر وزارة الأوقاف الإنقلابية أن يكون موضوع خطبة الجمعة الموحدة هو”الأمل”. . سبحان الله سنة الله فى الكون التى لا تتبدل ولا تتغير “سنة الله فى الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا “.

لنعد إلى الوراء ونتذكر تلك الواقعة التى خلد القرآن ذكرها فى كتابه الكريم حينما قال الله تعالى:( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين * فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين * وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون )

فبميلاد موسي عليه السلام ولدت حرية بنى إسرائيل من بطش فرعون وقهره لهم حتى وإن فعل الأفاعيل وبذل الغالى والرخيص فى سبيل اسكات وإماتة صوت الحرية .

فهاهو يصدر أوامره حينما سمع النبوءة قبل ميلاد موسي عليه السلام أنه سيولد فى بنى إسرائيل طفل يكون سببا فى ذهاب ملكه وسلطانه، فأمر بقتل كل مولود ذكر يولد فلما طال العهد أشار عليه مستشاروه أن هذا سيعجل بهلاك نسلهم ولن يتبقى لهم رجال. فعدل قراره بأن يقتلوا الذكور سنة ويتركوهم أخرى. لكن قدر الله نافذ فولد موسي عليه السلام فى السنة المقرر فيها القتل لكن إذا أراد الله نفاذ أمر هيئ أسبابه فأوحى الله لأم موسي أن ترضعه فإذا خافت عليه فلترمى به فى البحر ، سبحان الله المتأمل لهذا الأمر ستعجب كيف تخاف عليه ثم ترمى به فى اليم؟

لكن يأتى التطمين من الله عز وجل أنه سيرده إليها بل وسيجعله من رسله وعباده المصطفين الأخيار.

يمضى بنا القرآن ليتم لنا الصورة كاملة أن الذى أخذه بعد رميه فى البحر هو العدو اللدود ، إنه فرعون وجنوده بل وتأمر المرأة المؤمنة إمرأة فرعون أن يأخذوه ليربوه فى قصرهم بل ويعجزوا عن ارضاعه فتأتى أخته وتدلهم على أمه لترضعه.

ما هذا الإعجاز ؟ وما هذا الإبهار الإلهى الذى بين أيدينا ، إنه التزيل الحكيم من الله سبحانه وتعالى.

هل يمكن أن نربط بين هذه القصة العظيمة وبين ما شاهدناه خلال اليومين الماضيين من خلال ميلاد حرية وتربية وزارة الأوقاف للمصريين على روح الأمل وهى لا تدرى؟ نعم نستطيع بكل سهولة الربط لنعلم أن هذه رسالة إلهية تربوية لنا جميعا.

ميلاد حرية فى ظل هذه الظروف القاسية وهذا النصب والتعب الذى حدث لأمها لهو دليل على أن الحرية آتية لا محالة لكن بعد التعب والكد والعمل الدؤوب المتواصل لا كما يظن البعض بين عشية وضحاها . الأمر يحتاج للصبر والتصبر وتحمل المشاق فالطريق طويل لكن لابد من إدراك أخره لاسترداد الحرية والكرامة.

ولدت حرية وخرجت أمها من محبسها وقيض الله أناس من جلدتهم ليتم العفو عنها وإن كان ظاهريا من عندهم وباطنا هو من عند الله . خرجت الأم من سجنها بعدما عانت طوال شهر تقريبا لكن الفرج يأتى مع الصبر ومع الأمل فى الله الذى لا ينقطع.

على الجانب الآخر تفرض وزارة الأوقاف على الشعب سماع خطبة موحدة جبرا وقصرا وتحدد موضوعات معينة للخطباء وتفرض غرامات على من لا يلتزم بهذه القوانين، ولكن الله غالب على أمره ولكن أكثرهم لا يعلمون فقد حددوا موضوع الأمل ليكون هو عنوان الخطبة وكأن الله عزوجل الذى جعل موسي يتربى فى قصر فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ، أراد أن يربى المصلين والأحرار على ألا ييأسوا من روح الله وأن يتحلوا بالأمل والتفاؤل. والعجيب أن من ضمن عناصر الخطبة التى حددتها الوزارة قصة يوسف عليه السلام وكيف أن يعقوب عليه السلام لم يفقد الأمل أبدا فى لقاء ولده مهما بعدت المسافات والأزمنة فظل على إيمانه وثقته فى الله ولم ييأس أبدا وقال لأبنائه:

“يابنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله أنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون”.

بعد كل هذه الرسائل الربانية ماكان لنا أن نترك الطريق أو أن نقنط من رحمة الله فالأمل قائم مادام فينا أنفاس وما دمنا نعيش ونحيا فى الأرض.

هاني حسبو

عن Admin

اترك تعليقاً