الحرام والمباح فى نشر هاشتاج النكاح وفيديوهات مدرب الكاراتيه

علي جمعة نكاحالحرام والمباح فى نشر هاشتاج النكاح وفيديوهات مدرب الكاراتيه
سجال دائر حاليا بشأن الحكم الشرعى حول نشر هاشتاج “#نكاح_الكراتيه” ومقاطع الفيديو التى تفضح العلاقات الجنسية المحرمة التى مارسها مدرب الكاراتيه بنادى بلدية المحلة”عبدالفتاح.ا” مع زوجات وأخوات وأقارب عدد من القضاة وضباط الجيش والشرطة؛ الأمر الذى دفع نادى قضاة المحلة إلى الانعقاد بصورة شبه دائمة لبحث مواجهة تداعيات هذه الفضيحة التى طالت عددا من رموز المجتمع هناك و كلهم مقربون وتابعون لسلطة الانقلاب الحاكمة.
 
إزاء ذلك انبرى عدد من الدعاة مطالبين بستر الجانى وعدم التشهير به أو بالنساء اللاتى ظهرت صورهن فى السديهات المنتشرة على أرصفة المحلة وغيرها حاليا، مشددين على أن تحريم نشر الهاشتاج المعبر عن هذه العلاقة المحرمة والسخرية من فاعلها الذى تجاوز حدود العفة إلى التباهى بتلك الجريمة الشنعاء وتوثيقها بأحدث وسائل التوثيق.
 
هذا وقد تصدى الشيخ حامد العطار، الباحث الشرعى وعضو قسم الإفتاء بموقع إسلام أون لاين سابقا، فى دراسة قيمة نشرها اليوم الثلاثاء موقع “مصر العربية” تحت عنوان «حكم تشيير نكاح الكاراتيه وفيديوهات مدرب المحلة» وفند، وفق اجتهاده، المسألة من زواياها المتعددة.
 
واحتوت دراسة العطار على مايلى :
 
• مقدمة البحث 
 
• وثلاثة عناصر أساسية:
 
أولا: هل يجوز التشفى؟

ثانيا حكم المشاركة في التشهير بصاحب الفيديو

ثالثا: مشاهدة الفيديوهات ونشرها
 
وإلى نص الدراسة
 
 احتدم الجدل حول حكم المشاركة في التشهير بمدرب الكاراتيه بنادي المحلة، هل يجوز نشر هذه الفضيحة أم يجب الستر والسكوت؟ وهل يجوز التشفي والانتشاء بها أم أنه يعد فرحا بالمعصية؟ وهل يجوز نشر الفيديوهات الموثقة لهذه الفضيحة ومشاهدتها أم لا؟
 
أولا: هل يجوز التشفي؟
 
لا يخفى أن المتهم بهذه الفضيحة كان أحد من اتهم مؤيدي الشرعية إبان اعتصامي رابعة ونهضة بأنهم يمارسون البغاء، وإمعانا في السب والقذف جعلوا لذلك عنوانا ، عمل الإعلام على إشاعته، وأسموه “جهاد النكاح” وتداول نشطاء تدوينات لهذا الشخص تعد قذفا صريحا للنساء والرجال المعتصمين وقتها، فلما حدث ما حدث من فضيحته انبرى بعض هؤلاء يفرحون بانتقام الله منه وبفضحه على الملأ صوتا وصورة.
 
إلا أن بعض المحافظين رأى أن هذا من الفرح بالمعصية، والحق أن من ذكر ذلك لم يفرق بين القدر الكوني، والأمر الشرعي!
 
فالله عز وجل قد ينهى عن أشياء، لكنه يمضيها بقدره، ويمتن على عباده بهذا الإمضاء القدري، امتنانا يحسن معه الفرح والاغتباط، لكن يبقى إنفاذ هذا الأمر بالإرادة البشرية حراما، فمثلا يمتن الله بإهلاك الظالمين، قال تعالى: “فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” [الأنعام/45] فيشرع للمسلم أن يفرح بهذا الإهلاك، لكنه لا يسوغ له أن يقوم هو بقتل الظالم!
 
قد تحتاج أن يفقر الله عدوك من الكفار، لكن لا يجوز أن تسرق ماله بنفسك لتفقره، قال الله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: “وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس/88]. فالله عز وجل يتولى بقدره ما يمنع عنه بشرعه، فيسوغ للمسلم حينئذ أن يفرح بما كان من القدر وإن كان حراما بالشرع.
 
ومثال ذلك ما حدث مع جريج، الذي أغضب أمه بعدم إجابته إياها لكونه كان يصلي، فدعت عليه أمه: “اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات” وقدر الله تعرضه لذلك على يد إحدى المومسات بقدره، لكن هل يحل لأمه أو لغيرها أن تنصب لجريج هذا الفخ؟ طبعا لا يجوز.
 
ومن ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : “من كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته” فقد لا يسوغ كشف عورة الإنسان الظالم، لكن الله توعده بذلك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من سمع سمع الله به” . فهذا أيضا يكون بالقدر لا بالشرع.
 
والفضيحة التي حدثت لمدرب الكاراتيه، أمضاها الله بقدره ، حسب ما شاء من أسباب، وليس حديثنا الآن: هل نفضح الرجل أم لا؛ لأنه فضح بالفعل، وصارت فضيحته ملء الأسماع والأبصار بقدر الله سبحانه، فنحن أمام عقوبة إلهية قدرية، يسوغ معها أن نفرح ببطش الله سبحانه وتعالى بالظالمين.
 
ثانيا: حكم المشاركة في التشهير بصاحب الفيديو
 
والمقصود هنا: إذاعة خبر الفضيحة، ونشره على أوسع نطاق، وسيأتي الحديث عن نشر الفيديو فيما بعد.
 
استحضر بعض المحافظين النصوص الشرعية التي تحض على الستر، منها: “من ستر مسلما ؛ ستره الله يوم القيامة” ، ومنها : ” (لو ستَرْتَه بثوبِكَ؛ كان خيراً لكَ. قاله لهزّال) .
 
كما استحضروا كذلك قول الله تعالى : ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (19،النور)
 
 لكنه غاب عنهم نصوص أخرى، تأمر بالفضح والتشهير، من ذلك قوله تعالى : “وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور/2]، ومعنى الآية أنه يجب أن يقام الحد علناً على مرأى من عامة الناس ومشهدهم، حتى يفتضح الجاني في جانب ويعتبر به عامة الناس في الجانب الآخر، وهذا ما يوضح لنا نظرية الإسلام في الحدود والعقوبات؛ ذلك أن من فوائد إقامة الحدود وحكم تشريعها أن تجعل من عقوبة الجاني عبرة حتى تجري مجرى عملية الجراحة الذهنية على أناس في المجتمع قد تكون في قلوبهم غرائز سيئة فلا يجترئون على ارتكاب مثل هذه الجريمة في المستقبل.
السيسي المحلة 
والتوفيق بين النصوص الآمرة بالستر، وبين الآمرة بالتشهير أن الأولى تتحدث عن الجاني قبل أن يصل خبره إلى الإمام، وترفع جريمته إلى السلطة، فمن رأى من عموم الناس رجلا وهو يذنب كمن يرى من يمارس الزنا، فإنه يشرع له أن يستره ولا يفضحه، وليس هذا في حق كل الزناة، ولا هو حكم متفق عليه بين الفقهاء..
 
وأوسط ما قيل وأرجحه في هذا أن النصوص الآمرة بالستر محمولة على من كان في مثل ماعز في الندم على ما فعل وليس من عادته الزنى، فينبغي الستر عليه، وعدم التشهير به؛ بخلاف من ليس كذلك؛ ووصل أمره إلى إشاعة جريمته وتهتكه، فهذا هو الذي لا يجوز الستر عليه، وينبغي رفع أمره إلى الحاكم ليقيم حكم الإسلام فيه.
 
قال النووي: من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون من لم يجاهر به.
 
وصاحب الفيديو لم يكن من المستترين، فقد قام بتصوير نفسه وتوثيق جريمته احتفاظا وافتخارا وتذكيرا، ولم يكن الأمر مرة ولا مرتين، بل عشرات المرات.
 
ولسنا هنا إزاء هذه الحالة، فقد انتقل مدرب الكاراتيه من الممارسة إلى أن وصلت قضيته إلى ساحات المحاكم، وقد اعترف الرجل بجريمته، فهذه هي الحالة التي يجب فيها إقامة الحد الذي اشترط الله فيه أن تشهده طائفة من المؤمنين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله”.
 
يقول ابن تيمية : “…لأن درء العقوبة بعد القدرة عليهم يفضي إلى انتهاك المحارم وسد باب العقوبة على الجرائم”.
 
أما قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (19،النور) فيقول ابن عاشور: “ولشيوع أخبار الفواحش بين المؤمنين بالصدق أو بالكذب مفسدة أخلاقية فإن مما يزع الناس عن المفاسد تهيبهم وقوعها وتجهمهم وكراهتهم سوء سمعتها ، وذلك مما يصرف تفكيرهم عن تذكرها بله الإقدام عليها رويداً رويداً حتى تنسى وتنمحي صورها من النفوس ، فإذا انتشر بين الأمة الحديث بوقوع شيء من الفواحش تذكرتها الخواطر وخف وقع خبرها على الأسماع فدب بذلك إلى النفوس التهاون بوقوعها وخفة وقعها على الأسماع فلا تلبث النفوس الخبيثة أن تقدم على اقترافها وبمقدار تكرر وقوعها وتكرر الحديث عنها تصير متداولة “.
 
لكن ذلك حينما تنشر واقعة الفاحشة على وجه التحريض أو الافتخار أو مجرد التسلية ، أما ذكرها مصحوبة بما قدره الله من عقوبة مرتكبها بفضحه في الدنيا أو توبته منها، أو انتقام الله منه ونحو ذلك كما حدث لامرأة العزيز، فهل حكاية ما كان من إغوائها يوسف عليه السلام ، وفضحها في المجتمع، يمكن أن يحرض على الفاحشة؟ ولذلك ختمت قصتها بالعبرة المقصودة منها، وذلك قول الله على لسانها : “الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ”.
 
وفي واقعة مدرب الكاراتيه العبرة لمن يغتر بستر الله الجميل، ويظن أن مرور السنين على فاحشته قد طواها، فيفاجأ بها صوتا وصورة على الأرصفة ومواقع الإنترنت، ويتورط مع أكثر من ثلاثين عائلة، كلهم ينتظره ليثأر منه، فهل في ذكر الواقعة على هذا النحو تحريض على محاكاتها؟ أم التنفير والتخويف من عاقبتها؟
 
وقد يقول بعض المحافظين : إن التشهير مطلوب حالة إقامة الحد فقط، ولا ينسحب ذلك على التشهير بالرجل في المحافل ومواقع التواصل؟
 
لكن صنيع السلف الصالح لا يدل على ذلك، فقد وجدناهم يوثقون حالات الزنا ويتناقلونها جيلا بعد جيل دون نكير، وإلا فكيف عرفنا نحن حالات الزنا التي تمت في عهده صلى الله عليه وسلم.
 
وأكتفي هنا بذكر الحالات التي تم توثيقها في صحيح البخاري فقط منعا للإطالة:
 
1- روى البخاري بسنده: سمعت الشعبى يحدث عن على رضى الله عنه حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .
 
2- روى البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصارى أن رجلا من أسلم أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فحدثه أنه قد زنى ، فشهد على نفسه أربع شهادات ، فأمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرجم ، وكان قد أحصن.
 
3- روى البخاري بسنده عن أبى هريرة – رضى الله عنه – قال أتى رجل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو فى المسجد فناداه فقال يا رسول الله إنى زنيت.
 
4- روى البخاري بسنده أخبرنى عبيد الله أنه سمع أبا هريرة وزيد بن خالد قالا كنا عند النبى – صلى الله عليه وسلم – فقام رجل فقال أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله . فقام خصمه – وكان أفقه منه – فقال اقض بيننا بكتاب الله وأذن لى . قال «قل» . قال إن ابنى كان عسيفا على هذا ، فزنى بامرأته”.
 
وقد يقول بعض المحافظين: نخشى أن يقع مروجو هذه الفضيحة تحت طائلة حد القذف؛ لأنهم بذلك يقذفون الرجل المقصود.
 
لكن من يتخوف من ذلك ينسى أن الفقهاء اشترطوا شرطا مهما في المقذوف حتى يحرم قذفه، وهو أن يكون عفيفا.
 
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: “من شروط إقامة الحد على القاذف عفة المقذوف عن الزنا، و معنى العفة عن الزنى ألا يكون المقذوف وطئ في عمره وطئا حراما في غير ملك ولا نكاح أصلا ، ولا في نكاح فاسد فسادا مجمعا عليه ، فإن كان قد فعل شيئا من ذلك سقطت عفته ، سواء كان الوطء زنى موجبا للحد أم لا، فالعفة الفعلية يشترطها الأئمة الثلاثة، وأحمد يكتفي بالعفة الظاهرة عن الزنى”.
 
والرجل اعترف بأنه فعل ما يذهب عفته… لكني مع ذلك أتحفظ على كلمة “نكاح” التي تعني الجماع المحرم هنا، فنحن لا ندري، هل وصلت جريمته إلى حد الزنا، أم كانت دون ذلك، وهل كانت كل الوقائع زنا ، أم كانت متفاوتة في ذلك، فأرى أن يتم تغييرها إلى كلمة أخرى تدل على الانتهاك والخنا بدلا من الزنا.
 
كما أرى أنه لا يجوز نشر أسماء النساء المتهمات بالزنا معه، إلا لمن تعترف بذلك، أو يثبت ذلك بشهادة أربعة شهود، أو لمن يرى ذلك رؤية قاطعة، وستر الاسم أولى في كل الأحوال، فقد ذكر ابن حجر في غير واقعة من وقائع الزنا أنه لم يصله اسم الزانية، وعلل ذلك بقوله: لعلهم أغفلوا ذكر الاسم سترا عليها، لكن الستر لم ينسحب طبعا على الواقعة ذاتها كما مر ذلك.
 
ثالثا: مشاهدة الفيديوهات ونشرها
 

اختلف الفقهاء في وجه المرأة ويديها ، هل هما عورة أم لا؟ لكنهم لم يختلفوا في عورة ما وراء ذلك وحرمة النظر إليه؛ ولذلك لا يجوز مشاهدة هذه الفيديوهات ولا نشرها ولا ترويجها لما فيه من نشر عورات متفق عليها، ولعدم وجود أية مصلحة شرعية من نشرها.

نكاح جهاد كاراتيه

عن Admin

اترك تعليقاً