عمر عبد الرحمن ليس مصريا

ياسر أنور

عمر عبد الرحمن ليس مصريا

ياسر أنور

يبدو أن الاستقطاب العلماني الإسلامي لن يكون قاصرا على الخلاف السياسي والدستوري فقط ، ولكنه أيضا سيمتد ليكون خلافا إنسانيا ! ومن هنا يبدأ الوطن في الانهيار .
لقد كشفت قضية المحامي المصري أحمد الجيزاوي عن خلل واضح في البنية الإنسانية لدى الإنسان المصري  الذي لم يعد ينجاز لقضية الإنسان باعتباره إنسانا ، ولكن باعتبار منطلقاته الأيدلوجية . كانت ردود الفعل إزاء احتجاز  الجيزاوي لدى السلطات السعودية متشنجة ، ومنحازة دون قراءة واضحة ومتأنية لأبعاد المشهد وأدلته ودلائله ، وكان الإعلام التحريضي مستترا خلف مصطلحات جذابة مثل كرامة المصريين ، والمزاج الثوري ، وما شابه ذلك من اجترار لمفردات عاطفية دون دراسة لآثارها ، ونتائجها ، ودون دراية بأنها قد تسقط الأقنعة عن الوجوه القديمة التي ظننا أنها سوف تملك قدراً من الخجل ، يجعلها تعيد النظر في مواقفها السابقة ، وتعيد حساباتها في التعامل مع مشهد جديد وخارطة جديدة مغايرة لما كان مألوفا من قبل . لكن مأزق المؤدلجين دائما أنهم يتعاملون وفقاً لثقافة نمطية تنطلق من الورق لا من الواقع .
لقد كان المتعاطفين مع الجيزاوي والمهيجين للرأي العام ينتمون بشكل وبآخر لتيار معاد لكل ما هو إسلامي ، وكانت السعودية بالنسبة إليهم لا دولة لها احترامها وقضاؤها ، ولكن بادية مصدرة لما يسمونه الفكر المتشدد .
لم يكن موقفهم إذن من قضية الجيزاوي ثأراً للكرامة المزعومة ، ولكن ثأراً من فكر إسلامي طالما أظهروا له العداء . ولو كان الدافع هو الحفاظ على كرامة المصريين كما يقولون ، فلماذا لم يتحرك أحد منهم دفاعاً عن كرامة مصري آخر ، ضرير ومريض وشيخ كبير ، هو عمر عبد الرحمن ، الذي اعتقلته الولايات المتحدة إرضاء لصديقهم مبارك ؟. إن ما أعلمه هو أن عمر عبد الرحمن مصري مائة بالمائة ، إلا إذا كان لدى الليبراليين المصريين ما يثبت أنه ليس مصريا !
إن تحول الاستقطاب العلماني الإسلامي من الشكل السياسي إلى الشكل الإنساني هو جرس إنذار يحذر من تشظي الوطن وانهياره . 

عن marsad

اترك تعليقاً