“استعلاء النفس  …على الطين والفلس”

“استعلاء النفس  …على الطين والفلس”…

شبكة المرصد الإخبارية

حدثني الأستاذ “أحمد عبد الغفور عطار” هذه الحادثة
التي رآها من سيد بعينيه،وعاشها بكيانه وهي أغرب من الخيال..
قال:اتصل بي تلفونياً ذات يوم،وطلب مني أن آتيَ إلى منزله سريعاً،وطلب مني-باستحياء-أن أحضر معي بضعة عشر جنيهاً قرضاً،ليشتري بها دواءً،وهو مريض ولا يملك ثمن الدواء.
لما دخلت غرفة الاستقبال،رأيت مشهداً عجيباً،أقسم بالله أني دُهشت مما رأيت..!
كان يجلس في الغرفة موظف دبلوماسي (في سفارة دولة عربية بترولية)،وأمامه حقيبة مليئة بالأوراق المالية من مختلف الأرقام والفئات،تبلغ في مجموعها عدة آلاف من الجنيهات،وهو يرجو “سيد” بإلحاح ورجاء وحرارة أن يأخذ الحقيبة بما فيها من الأموال،فهي هدية من دولته له،لأنها تعرف منزلته ومسؤولياته،وتريد منه أن يستعين بها على مسؤوليات حياته،وتمويل مشروعاته الأدبية والفكرية وكان “سيد” وقتها بصدد إصدار مجلة أدبية وفكرية إصلاحية-لعلها:العالم العربي،أو الفكر الجديد.

فنظرت إلى “سيد” الذي كان جالساً مريضاً..فإذا به حزين،ثم رد هدية الرجل بحزم،وبدا عليه الغضب والحدّة،وهو يخاطبه قائلاً:إني لا أبيع نفسي وفكري بأموال الدنيا،فأعد أموالك إلى حقيبتك.
ثم التفت إلي “سيد” وقال: هل أحضرت ما طلبته منك؟ فقلت:نعم،وناولته المبلغ وأنا في غاية الدهشة
والاستغراب والانفعال!!!

ولما عرف الدبلوماسي قصة هذا المبلغ،وأن سيداً يومها معدمٌ فقير،لا يملك ثمن الدواء،ومع ذلك استعلى على آلاف الجنيهات،ورفضها وردها مع حاجته الماسة إلى بعضها،خرج محتاراً متعجباً!!

هذه الحادثة أثبتها وأسوقها بدون تعليق،وأقدمها هدية لمن يتناولون حياة “سيد قطب” وفكره وآراؤه وحياته الجهادية،بالتخطئة والنقد والاتهام والتجهيل،وهم يعيشون في ترف ظاهر،ويلهثون وراء المال،ويرتبطون الارتباطات المشبوهة،ويتصلون الاتصالات المريبة،ويمدون أيدهم لهنا وهناك،وأقول لهم:قليلاً يا هؤلاء،
ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه فوقف عندها،وأين أنتم من هذا الإمام المتجرد الزاهد المجاهد، الشهيد-بإذن الله-؟؟؟؟!!

سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد صـ (494-495) د . صلاح عبد الفتاح الخالدي.

عن marsad

اترك تعليقاً