سیاف من استقامة الأمس إلی انحراف الیوم

سیاف من استقامة الأمس إلی انحراف الیوم

نشرت مجلة الصمود في عددها السابع والسبعين الصادر يوم الخميس 27 سبتمبر 2012 خبراً مطولاً للكاتب الصحفي عبد الوهاب الكابلي بعنوان (سیاف من استقامة الأمس إلی انحراف الیوم) كشفت فيه قيام القائد الأفغاني الشهير زمن الحرب مع الاتحاد السوفييتي عبد رب الرسول سياف بتوصية حكومة كرزاي في كابول بإعدام أفراد طالبان ممن يساعدون في تنفيذ العمليات الاستشهادية وصلب جثثهم عند بوابات كابول وتركها معلقة لمدة شهر، وهو ما سيؤدي إلى وقف عمليات طالبان ضد القوات الأمريكية وعملائها بحسب توصية سياف . .
وفيما يلي نص الخبر الذي حصلت شبكة المرصد الإخبارية على نسخة منه :
إنّ غضبه علی المجاهدین في سبیل الله تعالی كان أكبر من غضب قائد القوات الأمریكیة في أفغانستان، وأكبر من غضب أيّ جنرال صلیبي یقود الحرب ضدّ المجاهدین، بل وأكبر من غضب (جورج بوش) الذي أعلن الحرب الصلیبیة ضدّ المجاهدین في العالم، لأن أولئك مع أنهم أعلنوها حرباً علی الإسلام ولكنهم لم یأمروا بتعلیق أجساد المجاهدين علی المشانق عند بوابات المدن. أمّا هذا فقد أفتی بكل وقاحة أن قتال المجاهدین للصلیبیین وأعوانهم في أفغانستان (محاربة لله ورسوله)، وقد استشهد بالایة القرآنیة (إنما جزاء الذین یحاربون الله ورسوله ویسعون في الأرض فساداً أن یقتّلوا أو یصلّبوا أو تقطّع أیدیهم وأرجلهم من خلاف أو ینفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنیا ولهم في الآخرة عذاب عظیم).
ولم یكتف بهذا، بل أوصی الحكومة العمیلة في كابل أن تعلّق أجساد خمسة ممن یعاونون الاستشهادیین ــ وهم وصفهم بالانتحاریین ــ علی المشانق عند بوابات (كابل) وأن تترك جثثهم معلقة لمدة شهر للعبرة، وبعدها إن لم تتوقف سلسلة الهجمات الاستشهادية فهو یتحّمل المسؤولیة.
ولم یقف عند هذا الحدّ، بل أفتي بتحریم الحملات الاستشهادیة، وتحدّی علماء الإسلام أن یقدّموا دلیلاً واحدا علی جوازها. وهو كذلك نصح الحكومة العملیة بعدم طلب السلام من المجاهدین، بل أوصاها بدك المجاهدین والقضاء علی قوتهم، لأن المجاهدین – بزعمه – لن یجنحوا للسلم ماداموا أقویاء. واستدّل لجنوح المجاهدین للسلم أوّلاً بالآیة القرآنية: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها). وأكدّ بالأیمان المغلّظة بأنّ مقاتلیه ــ الذین وصفهم بالمجاهدین ــ وحدهم یستطیعون أن یهزموا (الطالبان) في أفغانستان.
هذه الفتاوى والتصریحات الغریبة لیست لجنرال في حكومة كابل العمیلة، بل هي لتلك الشخصیة (اللغز) التي كان یعرفها العالم الإسلامي باسم (الشیخ عبد رب الرسول سیاف العالم الأزهري وقائد منظمة الاتحاد الإسلامي) الذي ظهر علی الساحة الأفغانیة طالباً للعلم الشرعي، ثمّ مدرساً لها في جامعة كابل، وبعدها عالماً أزهریاً، وابنا للحركة الإسلامیة، وأخیراً قائداً لمنظّمة إسلامیة ورئیساً للوزراء في حكومة الأحزاب الجهادیة الأفغانیة السابقة في المهجر.
وقد أدلی بهذه التصریحات الناریة في الاجتماع الذي عُقِد بمناسبة الذكری السنویة الحادیة عشر لمقتل (أحمد شاه مسعود) قائد التحالف الشمالي في أفغانستان.
إن السیاف الذي كان قد بهر المسلمین بخطبه الناریة ومواقفه الجهادیة، والذي كان قد حاز ثقة المسلمین بإظهار نفسه أمینا لصدقات المسلمین ومساعداتهم للجهاد صار الیوم من كبار مافیا الأرض في أفغانستان، وأصبح أحد الأركان الركينة للحكومة التي أقامها الصليبيون في أفغانستان بعد احتلالهم لهذا البلد، ووقف بكل قناعة وافتخار في خندق محاربة المجاهدین إلی جوار القوات الصلیبیة، بل وقد سلّم جمیع أسلحته التي كانت تبلغ مئات الآلاف من القطع إلی الصلیبیین، وأمر قادته ومخلصیه بأن یقوموا بدور الملیشیات المحلیة إلی جانب القوات الصلیبیة الغازیة في محاربة(طالبان).
إنّ السیاف الذي یطالب الیوم بإعدام المجاهدین دفاعاً عن الحكومة العمیلة في كابل لم یتكلّم كلمة واحدة ضدّ المحتلین الصلیبیین في أفغانستان منذ أن احتلّ الصلیبیون هذا البلد، بل تحوّل إلی أخلص المستشارین للحكومة العمیلة وللجنرالات المحتلین الذین یفزعون إلیه كلما واجهوا مشكلة مع الشعب الأفغاني المسلم.
وهو بكل خسّة وصغار قام بدور (أبي رغال ) أمام إنّ السیاف الذي یطالب الیوم بإعدام المجاهدین دفاعاً عن الحكومة العمیلة في كابل لم یتكلّم كلمة واحدة ضدّ المحتلین الصلیبیین في أفغانستان منذ أن احتلّ الصلیبیون هذا البلد، بل تحوّل إلی أخلص المستشارین للحكومة العمیلة وللجنرالات المحتلین الذین یفزعون إلیه كلما واجهوا مشكلة مع الشعب الأفغاني المسلم.
وبما أنّ السیاف قد عرفه العالم الإسلامي مجاهداً أیام الاحتلال الروسي وكانت له آنذاك بعض المواقف المجیدة التي كانت تُملیها علیه الظروف الجهادیة، وبما أنّه أُعطِيَ لسانا وفصاحة في القول، وقوة في البیان، وبما أنّه لازال یحتفظ بعمامته الكبیرة ولحیته الطویلة العریضة علی الرغم من عمله المخلص لنشر الديمقراطية الغربیة عن طریق البرلمان ووسائل النشر التي مكنه منها المحتلّون من الإذاعة، والتلفاز، والجامعة وغیرها، فإنه لازال یخدع بعض الناس في العالم العربي والإسلامي، ویقدم لهم نفسه كداعیة للإسلام ومجاهد من المجاهدین، فكان لزاماً علی من یعرف شیطنة هذا الرجل من أمثالنا الذین عایشناه عن كثب وعرفنا عنه ظاهره وباطنه أن نفتح لُغزه للمسلمین من خلال مقارنة مواقفه المجیدة للأمس بمواقفه المخزیة المشینة للیوم لیعرف المسلمون حقیقة هذه (الفتنة الكبیرة) التي انخدع بها الأفغان والعرب لزمن طویل.
ولكی نعرف السیر الانتكاسي لهذا (الرجل الفتنة) من صلاح أمسه إلی فساد یومه نستشهد بأقواله وبیاناته وكتاباته هو نفسه مما لدینا من آرشیف الجهاد السابق، ونقارن مواقفه المجیدة للأمس بمواقفه وأقواله المخزیة للیوم في مختلف مجالات الفكر والعمل، وإلیكم النماذج من سیاف الأمس وسیاف الیوم.
من عداوة أمریكا إلی صداقتها
كان السیاف فیما سبق یعتبر أمریكا من ألد ّأعداء الإسلام، ولم یكن یفرق بینهم وبین الروس الذین كان یحاربهم، ولكن بعد أن أخزاه الله تعالی وطمس نور بصیرته تحول من عدوّ أمریكا إلی أصدقائها المعتمدین في أفغانستان، ویسیر بكل دقّة علی الطریق الذي رسمته له أمریكا التي كان یقول عنها بالأمس :
(… فكیف یُتوقّع أن یتفق الروس والأمریكان من أجل مصلحتنا؟ وهما من الكفرة الصلیبیین أو الیهود… فهذا الجهاد إنما هو جهاد إسلامي وسنحافظ علی أصالته بإذن الله، ولن نلقیه في حضن أحد كائنا من كان.
وسنمضي علی صراط العزیز الحمید مستعینین به ومتوكلین علیه دون أن نتعلّق بأذیال هؤلاء وهؤلاء).
( افتتاحیة العدد السابع والثامن بقلم سیاف لمجلة البنیان المرصوص. أغسطس 1998م)
نعم، بالأمس كان یعتبر الروس والأمریكان (كفرة)، ولكنّه الیوم حلیفهم في الحرب ضدّ (طالبان) وشریكهم في الحكومة التي أقاموها في هذا البلد بعد احتلاله.
إنه بالأمس كان یدّعي المحافظة علی أصالة الجهاد وعدم إلقائه في حضن أحد،ولكنه الیوم ألقی جهاده وجهوده، ومنظمته، وأتباعه كلّهم في حض التحالف الصلیبي ضدّ الجهاد والمجاهدین. إنه بالأمس كان لا یرید التعلّق بأذیال (هؤلاء) و(هؤلاء)، ولكنّه الیوم تحوّل إلی (ذیل) لهؤلاء یتحرّك معهم حیثما یتحركون. وبالأمس كان یزعم المضي علی صراط العزیز الحمید مستعیناً به ومتوكلاً علیه. ولكنّه الیوم یمضي علی طریق أمریكا والتحالف الغربي، ویستدّل علی مشروعیة احتلال القوات الأمریكیة لأفغانستان بقرارات (الأمم المتّحدة) متوكلاً علی قوة التحالف الصلیبي الذي یضم 48 دولة.
كان لا یتطلّع إلی النصر من خلال الأمم المتحدة وأمریكا
(… نحن لا نتطلّع إلی النصر لا من خلال الأمم المتحدة، ولا من أیدي الأمریكان، ولا من أیدي بقیة الأنظمة والحكومات، بل نتطلّع إلی النصر من الله الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله، فلا مجال هناك للیأس، ولا مجال هناك للتراجع، ولا مجال هناك للقلق والاضطراب. وإذا ما واجهنا الفشل والانهزام ـ لا سمح الله- فلن یكون هذا بسبب قطع الدعم عنّا، أو بسبب تكالب الدنیا علینا،بل یكون بسبب إهمالنا في واجبنا الدیني وبسبب قلّة الإخلاص فینا وبسبب عدم الثبات علی الطریق وبسبب تطلّع النصر من عند غیر الله).
(افتتاحیة العدد (40) بقلم سیاف لمجلة البنیان المرصوص، مارس : 1992 م )
بالأمس حین كان سیاف مجاهداً كان لا یتطلع إلی النصر من (الأمم المتّحدة) ومن (أمریكا) ومن (الأنظمة والحكومات)، ولكن بعد ما أكلت الديمقراطية جهاده وقضی حُبّ الدولار وعشق المنازل علی حبّ الله وحُبّ رسوله والجهاد في سبیله في قلبه، وصار یحارب الحكومة الإسلامیة الشرعیة، وأصبح عضواً في التحالف الشمالي ضدّ (طالبان)، بدأ یتّجه إلی الغرب، والروس، وإلی الأمم المتحدة وإلی أمریكا یطلب منهم العون والمدد في محاربة الحكومة الإسلامیة.
ولم یدخل (كابل) إلاّ تحت ظل الطائرات الأمریكیة بعد أن قضت علی حكومة الإمارة الإسلامیة.
وها هو الآن یصرخ مرّة أخری للأمریكان بأن یسلّحوا أفراده لمحاربة (طالبان) لأنهم أدری بمحاربة (طالبان) من الجنود الغربیین الذین هم غرباء علی تراب هذا البلد.
لا یستطیع أن یُرضي الله تعالی
(… نحن نجاهد إرضاءً لله عزّ وجل، ولا نستطیع أن نرضي الله إذا كان اُشترط علینا إرضاء أمریكا. فما جاهدنا إرضاءً لأمریكا، وما جاهدنا إرضاء للطواغیت، بل جاهدنا إرضاءً الله عزّ وجل).
(افتتاحیة العدد (40) بقلم سیاف لمجلة البنیان المرصوص، مارس : 1992 م )
نعم، بالأمس كان جهاده لإرضاء الله عزّ وجلّ، ولذلك لم ترض عنه أمریكا. أمّا الیوم وقد رضیت عنه أمریكا، وأشركته في الحكومة العمیلة التي أقامتها في (كابل)، وأغدقت علیه الأموال لیُضفي الشرعیة علی الحكومة العلمانیة العملیة، ولیست أمریكا هي الوحیدة الي رضیت عنه، بل رضي عنه جمیع طواغیت العالم، ووقفوا مساندین له ضدّ المجاهدين (طالبان) الذين یحاربون أمریكا والطواغیت.
فلا شك في صدق قول سیاف حین قال بالأمس: (لا نستطیع أن نُرضي الله إذا كان اُشترط علینا إرضاء أمريكا).
شعبه المجاهد یقف ضدّ أمریكا
( إنّ الشعب المجاهد في أفغانستان استطاع أن یهزم أكبر الطواغیت في الأرض، وهذا من فضل الله علینا، ونحن نطلب منه تعالی المدد والعون والتأیید، لأننا نقف الیوم ضدّ أمریكا وغیرها من طواغیت الأرض… ونحن نؤمن بأن الله سوف یخذل أمریكا كما خذل روسیا).
( كلمة سیاف في حفل تخریج الدفعة السادسة من طلبة الجامعة الحربیة للمجاهدین، مجلة البنیان المرصوص العدد (40) مارس1992م).
إنّ سیّاف حین كان بالأمس مجاهداً مستقیماً كان بالفعل یمثّل فكر شعبه المجاهد، وكان ینظر إلی الأوضاع ببصیرة العالم المجاهد المدرك لأحوال العالم. وكذلك كان یدرك أنّ شعبه سیقف ضدّ أمریكا وغیرها من طواغیت الأرض، وكان قد تنبّأ كمجاهد بصیر بالأوضاع والأمور (بأنّ الله تعالی سوف یخذل أمریكا كما خذل روسیا)، ولكنّه حین غدر بالعهد مع الجهاد، واعتبر مئات الملایین من الدولارات من أموال الجهاد غنیمة خاصّة له وأنفقها في الملذّات وشراء العقارات والبنایات في المدن الأفغانیة،ووقف محارباً حكومة طالبان الإسلامیة، فحشره الله تعالی في الدنیا مع الأمریكان والطواغیت الآخرین، وخذله معهم وأوفقه في صفوفهم، إلاّ أنّ تنبّؤه صدق، وها هي أمریكا تجرّ أذیال الخزي والعار من أفغانستان كما جرّتها روسیا بالأمس.
ولكنّ الذي یؤسفنا كمسلمین هو أن مصیر (سیاف) اشترك مع مصیر القوّات الغربیة المنهزمة، ولا ندري هل سیصطحبونه معهم أم أنّهم سیتركونه لأبناء شعبه المجاهد لیلقي مصیر (الربّاني) و(القذافي).
مؤامرة دولیة علی الإسلام في أفغانستان، ولكنّ سیافا جزء منها
إنّ السیاف الذي كان یركز بالأمس علی الحل الجهادي للقضیّة الأفغانیة، وكان یعتبر الحلّ السیاسي مؤامرة علی الإسلام في هذا البلد، و كان یخاطب المسلمین في العالم العربي بالكلمات التالیة :
( هذه الحلول لیست حلولاً سلمیة، بل هي حلول تدمیریة لأهداف الجهاد ومقاصده، ولا ینتج عنها أيّ سلم وسلام في أفغانستان. إنّ المساعي التي تُبذل دولیاً باسم حلّ قضیة أفغانستان هي في الأساس تعكس تآمراً دولیاً ضدّ الجهاد وضدّ المجاهدین، ویستهدفون من وراء هذه المساعي إبعاد المجاهدین عن الطریق الصحیح، والحیلولة دون وصولهم للحكم في أفغانستان، والحیلولة دون تحقیق أهدافهم في البلاد ).
(في حوار مع عبد الله بركات مراسل مجلة الإصلاح الإماراتیة عدد 174/13/2/1992م)
نعم، إنّ الحلول السلیمة تحت إشراف الغربیین كانت مؤامرة دولیة علی الجهاد، وتدمیرا لأهدافه ومقاصده، وقد استهدفوا من ورائها إبعاد المجاهدین عن الطریق الصحیح، وحالوا دون وصولهم للحكم، بل وقضوا من خلالها علی الحكومة الإسلامیة، ولكن مع الأسف الشدید أنّ سیّافاً أصبح جزءً من هذه المؤامرة التدمیریة.
فقد وافق علی مؤتمر (بون) الذي كوّنت فیه الحكومة العمیلة في ظلّ الاحتلال، وأرسل إلیه سیّاف مندوبیه، واشترك في حكومة الاحتلال الأمریكي، وصار من أركانها القویة وحماتها المتحمّسین، وقَبِل بالديمقراطية الأمريكية، وجلس جنباً إلی جنب مع الشیوعیین والعلمانیین، والقومیین، ومن جاءت بهم الجیوش الغربیة من الأفغان الأمریكیین والأوربيين.
ولم یكتف بذلك، بل وافق علی استمرار الاحتلال الأمریكي لأفغانستان تحت تسمیة (موافقة الشراكة الإستراتيجية بین أمریكا وأفغانستان)، والتي تحكم بقیمومیة أمریكا لحكومة أفغانستان وبقاء جیوشها وقوّاتها الجوّیة فیها إلی أمد غیر معلوم.
رفض مؤتمر (بون) في عام (1992م) فوافق علی أخطر منه في عام (2001م) .
وحین سأله مراسل مجلة الإصلاح الإماراتیة عام 1992م بقوله : ما موقفكم من الدعوة التي وجّهت إلیكم لحضور لقاءات (بون) وما تفسیركم لمثل هذا اللقاء؟
فأجابه سیاف ذلك الزمن: (هذا اللقاء المقصود منه هو الجمع بین المجاهدین وأعدائهم وتطبیع الجلسات والعلاقات بینهم. ونحن رفضنا منذ اللحظة الأولی).
(في حوار مع عبد الله بركات مراسل مجلة الإصلاح الإماراتیة عدد 174/13/2/1992م)
لقد كان السیاف آنذاك صادقاً في إجابته، ومدركاً لمقاصد لقاء (بون) في ألمانیا، ولكن حین أعمی الله تعالی بصیرته وخذله بسبب غدره العهد مع الجهاد، وأكله أموال الجهاد بالباطل، اشتراك ممثّلوه بأمر منه في مؤتمر (بون) عام (2001م)الذي شُكلت فیه الصیاغة العلمانية للحكومة في ظل الاحتلال الأمریكي مع أنّ البون كان كبیراً بین (بون) أمس و(بون ) الیوم.
اشترك في المؤامرة وهو یدركها تماماً أنّها مؤامرة
إنّ السیاف الذي كان یخوّف الناس من المؤآمرة العالمیة ضدّ الجهاد بالأمس صار أحد منفّذیها بعد أن خذل الجهاد والمجاهدین، وكان یُدرك تاما أنّها مؤآمرة كفریة عالمیة. ودلیل ذلك ما كان قد كتبه للمجاهدین بالأمس بالكلمات التالیة:
( أخي المسلم! واعلم أنّ هذه المفاوضات لا یقصد بها حلّ لقضیّة أفغانستان، بل هي استدراج یقصد من ورائه التآمر علي الجهاد نفسه.إنّها محاربة في صورة أخری ضدّ المجاهدین في سبیل الله. لأنّ الكافرین (الروس والأمریكان) لن یطیب لهم أن یروا دولة القرآن قائمة في أفغانستان. فهم یخشون أن تنتهي هذه الملحمة بفوز المجاهدین،،إنّ هذا الفوز یعني زوال هیبتهم الباطلة من الأرض.وكذلك فإنّ قیام دولة القرآن یهدّد كیانهم الباطل علی وجه الأرض. فمثل هذا الحدث إنّما هو زلزال یضرب الباطل من قواعده. ولذلك فلا یُستغرب أن یبذل هؤلاء الكافرون (الروس والأمریكان) قصاری جهدهم كی یحولوا بین المجاهدین في سبیل الله وبین الوصول إلی هذه المرحلة. فنراهم الیوم قد لجأوا إلی وسیلة أخرِ وهي وسیلة التآمر بعد أن عجزوا تماماً أن یواجهونا في میادین القتال كی یختفي صوت هذا الجهاد العظیم باستبدال نظام طاغوتي عمیل بنظام طاغوتي عمیل آخر).
( افتتاحیة العدد السابع والثامن بقلم سیاف لمجلة البنیان المرصوص. أغسطس 1998م)
نعم، لقد عَلِمَ سیّاف جمیع تفاصیل المؤامرة، وعَلِمَ أنها استدراج، ولكنّه درج فیها، وعَلِمَ أنّها محاربة ضدّ المجاهدین في صورة أخری،ولكنّه حاربهم من خلالها. وعَلِمَ أنّ الكافرین الروس والأمریكان لن یطیب لهم أن یروا دولة القرآن في أفغانستان، ولكنّه أقرّ عیونهم بالاشتراك معهم في هدمها والقضاء علیها. وكذلك عَلِمَ أنّ فوز المجاهدین كان یعني زوال هیبة الكفّار من الأرض، فسعی للحفاظ علی هیبتهم بقبوله دیمقراطیتهم الكافرة،وعَلِم آنّ الجهاد لم یكن لاستبدال نظام طاغوتي عمیل بنظام طاغوتي عمیل آخر، ولكنّه جعل جهاده لنظام طاغوتي علماني أمریكي مكان نظام طاغوتي شیوعي روسي عمیل.
الدخول في الحكومة المختلطة كان حراماً ولكنّه صار حلالاً بعد الاحتلال الأمریكي
إنّ سیّاف الأمس كان یعتبر الدخول في الحكومة المختلطة والحكومة المحایدة حراماً، ولكن حین استسلم لشرعیة (الأمم المتحدة) ودخل في التحالف الصلیبي ضدّ الإمارة الإسلامیة، تغیّر الحكم وصار الدخول حلالاً له، بل وأصبحت الحكومة العلمانیة التي أقامها الاحتلال حكومة إسلامیة، وأصبح الدفاع عنها فرضاً علیه، ولذلك یصدر الآن الفتاوی بتقتیل مخالفیها وتعلیق أجسادهم علی المشانق عبرة لمن یجرؤ علی محاربة المحتلّین وحكومتهم العمیلة.وإلیكم ما قاله السیاف بالأمس:
( نحن قلنا مراراً نرید حلاً في إطار الأصول والمبادئ الإسلامیة في إطار أهداف ومقاصد هذا الجهاد، وأكدنا علی استمرار الجهاد المسلّح لأننا نری أنّ المفاوضات یلعب بها غیرنا كثیراً وهي لن تؤدّي إلی نتیجة نطمئنّ إلیها وتطمئنّ إلیها قلوب المسلمین.
لأنّه یُخشی أن یكون المقصد من ورائها هو تكوین حكومة محایدة من العلمانیین، أو حكومة مشتركة من المجاهدین والشیوعیین وكلاهما حرام علینا قبوله، لذلك نحن رفضنا).
(في حوار مع عبد الله بركات مراسل مجلة الإصلاح الإماراتیة عدد 174/13/2/1992م)
سبحان مقلب القلوب! هنا یدرك الإنسان أهمیة دعاء الرسول صلی الله علیه وسلم بتثبیت القلب علی طاعة الله.
المشاركة في الحكومة المحایدة أو الحكومة المشتركة مروق من الإسلام ولكنّه یشارك فیها
(إنّ موقف الاتحاد الإسلامي حیال الحكومة المختلطة هو: أنّ المشاركة في الحكومة المحائدة أو القبول بالحكومة المختلطة مروق من الإسلام واصطدام بأهداف
و أصول هذا الجهاد العظیم ).
( خطاب سیاف في الندوة المفتوحة التي نظّمتها اللجنة
السیاسیة لمنظمة سیاف یوم الثلاثاء 21/ مایو/ 1991. مجلة البنیان المرصوص : العددان (36/37/ یونیو 1991 م).
(إنّ السیاف الذي كان یعتبر بالأمس المشاركة في الحكومة المحایدة والحكومة المشتركة مروقاً (خروجاً) من الإسلام یحكم الیوم علی نفسه بفتوی أمسه بالمروق من الإسلام.
لأنّ الحكومة التي أقامها الأمریكیون بعد الاحتلال إمّا أنّها حكومة المجاهدین والأمریكیون وعملاؤهم مجاهدون أیضاً، والنظام العلماني الديمقراطي القائم في (كابل) نظام مجاهد، والشیوعیون، والقومیون، وقادة الملیشیات الشیوعیة المشتركون في هذا النظام كلّهم مجاهدون. والسیاف أیضا نائب في برلمان مختلط مجاهد، وهذا خلاف الواقع.
وإمّا أن الحكومة العمیلة حكومة علمانیة مختلطة اجتمع فیها الشیوعيین القدامى، والعلمانیون، والقومیون، والهنود، والسیخ والسیادة فیها للقانون الذي تسنّه الأغلبیة، وهو الواقع.
والسیاف أیضا مشارك فی هذه الحكومة فینطبق حكم فتوی أمسه علیه.
حكومة لا یشك أحد في كفرها.. ولكنّه یشارك فیها بلا حرج
لم یدخل سیاف في الحكومة المشتركة بین المجاهدین والشیوعیین وهولا یدري حكمها، بل كفر الحكومة المشتركة لدیه من الیقینیات التي لا یشك فیها أحد كما یقول :
( و أمّا الحكومة المختلطة بین المجاهدین والشیوعيین فلا یشك أحد بكفرها، لأنّ الشیوعیین إمّا مرتدّون وإمّا زنادقة، وتعرفون قصة( أبي معاذ) و( أبي موسی) رضي الله عنها عند ما ذهبا إلی الیمن وجدا بعض الناس مربوطین بالحبال، فسألا عن جریمتهم فقیل لهما: إنّهم سبّوا الرسول صلی الله علیه وسلم (العیاذبالله)، فقالا والله لن نجلس إلاّ بعد قطع رؤوسهم.
والآن نحن لا نجد شیوعیاً واحداً في أفغانستان إلاّ وسبّ الله،وشتم رسوله، واستهزأ بدینه وكتابه. ویقول الرسول صلی الله علیه وسلم : ( من بدّل دینه فاقتلوه). فلا یحق للمرتدّ والزندیق أن یعیش، فإذا كان لا یستحقّ الحیاة فكیف نشاركه في صیاغة مسقبل البلاد التي أصبحت أنقاضاً في سبیل الزود عن الإسلام؟).
( خطاب سیاف في الندوة المفتوحة التي نظّمتها اللجنة
السیاسیة لمنظمة سیاف یوم الثلاثاء 21/ مایو/ 1991).
مجلة البنیان المرصوص : العددان (36/37/ یونیو 1991 م).
یتحدّی بجرأة.. ثم ینقض تحدّیه بخسّة
كان سیاف یتحدی علماء الإسلام بأن یجدوا مبرراً شرعیاً في الإسلام للجلوس أو التعامل مع المرتدین والزنادقة، ولكنة تنازل عن تحدیه ونقضه بفعله بكلّ خسّة حین رأی الحقائب الملیئة من رزم الدولارات مع مندوب C.I.A (جیري) حین التقی به لأول مّرة في وادي (أنجمن) ببنجشیر، وهذا نص تحدّیه بالأمس:
(… وإنني أتحداكم أن تجدوا مبرراً شرعیاً في أيّ كتاب من الكتب الفقهیة والشرعیة یقول:
إن الإسلام أجاز الجلوس أو التعامل مع المرتدین والزنادقة ناهیك عن مشاركتهم في القضایا المصیریة. هذا من الناحیة الشرعیة. وماذا نقول للعالم حیث یواجهنا بسؤال واحد محرج وهو: إذا كانت القضیة تُحل بالجلوس مع الشیوعیین فلما ذا هذا الدمار الشامل؟ ولما ذا هذه الضحایا؟ ولماذا كلّ هذه الرزایا والبلایا التي حلت بأفغانستان بسبب تعنّتكم ضدّ (تراقي) و(أمین) و(كارمل) و(نجیب)؟
( خطاب سیاف في الندوة المفتوحة التي نظّمتها اللجنة
السیاسیة لمنظمة سیاف یوم الثلاثاء 21/ مایو/ 1991.
مجلة البنیان المرصوص : العددان (36/37/ یونیو 1991 م).
نعم،إنّه كان صادقاً في تحدّیه بالأمس ولكن یا لیته ثبت علیه ولم ینقضه بفعله. لم یكن هناك أي مبرر للجلوس مع الزنادقة و المرتدین و لكنه جلس و تعامل معهم. بل وتعامل مع الكفّار الصریحیین من الأمریكیین والأوروبیین وغیرهم.
كان لا یجوز ولا زال لا یجوز إشراك المرتدین والزنادقة
في القضایا المصیریة، ولكنّه لم یشاركهم فحسب، بل فوّض إلیهم صیاغة مستقبل أفغانستان ودستوره العلماني الذي اختلط فیه الكفر بالإسلام. أمّا الإجابة علی السؤال المحرج الذي كان یتخوّف من الإجابة علیه، وكذلك الإجابة علی (لماذآته) فهي باقیة علی ذمّة سیاف ورفاق دربه في الدنیا وفي یوم الحساب.
كان یعرف أنسب الطرق لحل القضیة.. ولكنّه انصرف عنها
(… وأنسب الطرق لحل ّ هذه القضیة هو التزام أحكام تعالیم الله عزّ وجل والاستقامة علی أمر الجهاد والمطالبة بحكومة إسلامیة بأیدي المجاهدین. هذا هو طریق النجاة الوحید للخلاص والنجاة… فحكومة غیر المجاهدین فضلاً عن أنّها حكومة غیر إسلامية وعلاوة علی أنّ تكوینها غیر شرعي وغیر جائز، علاوة علی ذلك كله فإنها تكون عاجزة عن أن تسیطر علی الوضع. فالشعب المجاهد یحتاج إلی حكومة مجاهدة، والشعب الباسل یحتاج إلی حكومة باسلة، والشعب القوي یحتاج إلی حكومة قویة. فلا حلّ لقضیة أفغانستان لا شرعاً ولا عقلاً ولا منطقاً إلاّ بتكوین حكومة إسلامیة).
(في حوار مع عبد الله بركات مراسل مجلة الإصلاح الإماراتیة عدد 174/13/2/1992م) .
لا یسعنا في التعلیق علی قول سیاف أعلاه إلاّ أن نقول
له: (صدق الخبیث وهو كذوب) لما نری فیه من صدق القول وزیف العمل.
نعم كان أنسب الطرق هو الالتزام بأحكام تعالیم الله، ولكنه عدل عنها إلی تعالیم (بوش) وتعالیم (الأمم المتّحدة) وإلی قرارات (الشرعیة الدولیة!!؟).
كانت حكومة غیر المجاهدین غیر إسلامية، ولكنّه رضِي بها واشترك فیها، ولازال یدافع عنها.
وحكومة غیر المجاهدین عاجزة عن تسیطر علی الوضع، ولكنّ سیافاً یسعی بكل جهده إلی تقویتها وفرضها علی الشعب الأفغاني المسلم.
ولاشك في قول سیاف الأمس : أنّ الشعب المجاهد یحتاج إلی حكومة مجاهدة، ولذلك یحارب هذا الشعب الحكومة العلمانیة العمیلة التي فرضها علیه الصلیبیون المحتلون. ولاشك أنّه یحتاج إلی حكومة باسلة ولا یرضي بالحكومة الباطلة، وهو یحتاج إلی حكومة قویة، ولكن سادة سیاف الیوم الأمريكيون وحلفاؤهم الأوروبیّون لا یتركون الأفغان لیكوّنوا لهم حكومة قویة.
ولكن السؤال الذي یطرح نفسه الآن هو: إلی أین ذهب عقل سیاف ومنطقه الذین كان یُدرك بهما عدم شرعیة حكومة غیر المجاهدین بالأمس؟ نعوذ بالله من فتنة الدولار ولعبه بعقول (عمالقة الورق).
نعتبره من المحایدین.. ونعتمد بحكمه فیهم
إنّ مما لاشك فیه أنّ السیاف مشترك في حكومة الاحتلال في أفغانستان، لأنّه نائب عن ولایة كابل في برلمانها الديمقراطي، ومنظمته وقادته العسكریون موظّفون عسكریون وولاة للولایات، وهو یدافع عن هذه الحكومة بتعلیق أجساد الشهداء الفدائیین علی المشانق عند أبواب (كابل)، ولكنّنا ننسی كل هذا، وبما أنّه لیس في صفّ المجاهدین الذین یحاربون القوات الصلیبیة وحكومتها العمیلة في أفغانستان، فنعتبره من المحایدین ونأخذ بحكمه وفتواه في المحایدین حیث یقول :
(… ولعلّكم تعلمون أیضا أنهم یعنون بالمحایدین هؤلاء الذین أعلنوا تكراراً ومراراً بألسنتهم أنهم لا یؤیّدون المجاهدین ولا یقفون مع الشیوعیین !!
وأنا أتساءل كیف یبقی المسلم مسلماً وهو یجهر بالحیاد إزاء معركة التوحید ضدّ الشرك والإلحاد؟! : وهذا فهمي للإسلام : بأنّه لا مجال للحیاد بین خط الرحمن وخطوط الشیطان، (وماذا بعد الحق إلاّ الضلال). نحن لسنا بمعتزلة أن نقول: أنّ مرتكب هذه الكبیرة یخرج من الإسلام ولا یدخل الكفر.
فلا یوجد عندنا منزلة بین منزلتین، فالذي یقول أنا لا أؤیّد الجهاد والقتال وفي الوقت نفسه لا أعتنق الشیوعیة فكراً ومذهباً، فنقول له: إنّك خرجت من الإسلام ودخلت في الكفر، لأنّ الخیار هنا لیس في الأمور الدنیویة التي تقبل التنازل والمساومة، بل المسألة مسألة العقیدة والإیمان).
( خطاب سیاف في الندوة المفتوحة التي نظّمتها اللجنة السیاسیة لمنظمة سیاف یوم الثلاثاء 21/ مایو/ 1991. مجلة البنیان المرصوص: العددان (36/ 37/ یونیو 1991م).
حكومة ذات قاعدة عریضة.. ومفترق الطریق مع العقیدة
(… ومن هذا یتبیّن بأنهم لم یخترعوا شرط توسیع قاعدة حكومتنا الإسلامیة إلاّ لیضعونا علی مفترق طریق مع عقیدتنا وتعالیم دیننا، وقد حذّرنا إلهنا من هذه المكائد ومن طاعة أهلها في كتابه الكریم فقال: (یأیها الذین آمنوا إن تطیعوا فریقاً من الذین أوتوا الكتاب یردوكم بعد إیمانكم كافرین) فالمراودة علی الدین والحكومة الإسلامیة، ونحن بإذن الله سنبقیها إسلامیة رغم أنوفهم، ولن نوسّع قاعدة حكومتنا بالتعبیر والمعنی الذي یبغونه، ولن نقدّم أبداً طبقاً من الكفر والإسلام علی مائدة الحكم).
(قاعدة عریضة…. أ م مكر جدید؟ افتتاحیة العدد(29) بقلم سیاف لمجلة البنیان المرصوص،اكتوبر 1989م).
هذا كان كلام سیاف الأمس، أمّا سیاف الیوم حین وضعته أمریكا والحلف الصلیبي المحتل لأفغانستان علی مفترق الطریق مع العقیدة وتعالیم الدین مقابل الشراكة في الحكومة ذات القاعدة العریضة التي جمعت الكفار، والمنافقین، وخونة المسلمین فاختار طریق الحكومة ذات القاعدة العریضة، ولم یسر مع المجاهدین علی طریق العقیدة وتعالیم الدین.
فهم صحیح.. وعمل قبیح تجاه إعلاء كلمة الله تعالی
لاشك في أنّ سیّاف الأمس كان یفهم أهداف الجهاد ومقاصده، كما لاشك في فهمه لمعنی (إعلاء كلمة الله تعالی)،ولكن المشكلة في عمله تجاه الجهاد، وإعلاء كلمة الله.
إنّه هكذا كان یفهم الجهاد ومعنی إعلاء كلمة الله :
(إنّ لهذا الجهاد أهدافاً خاصة ومقاصد مستقلة،وعلی رأس هذه المقاصد تحریر الإنسان وإخراجه عن دائرة العبودیة للعباد إلی عبادة رب العباد، وبالتالي إقامة مجتمع إسلامي عالمي شمولي.
وإنّ فهمي لمعنی (إعلاء كلمة الله عزّ وجل في المجتمع) هو: أن تكون القیادة والریادة والسیطرة والهیمنة للإسلام وأهله، ولا توجد عوائق في طریق الدعوة، ولا یوجد فیه كیان للكفر، ویعیش في ظله أبناء كافة الملل والنحل، وتحارب فیه الفتنة مصداقا لقول الله عزّ وجل:
(وقاتلوهم حتی لا تكون فتنة ویكون الدین كله لله) ولا تتحقّق مقاصد الجهاد إلا على أیدي أناس یؤمنون بإعلاء كلمة الله وأراقوا من أجلها الدماء والعرق).
( كلمة سیاف في الندوة المفتوحة التي نظمتها اللجنة السیاسیة للإتحاد الإسلامی برئاسة سیاف یوم الثلاثاء بتاریخ 21/ مایو/ 1991م، مجلة البنیان المرصوص العددان (36-37 ) یونیو 1991م).
ما أجمله من كلام! وما أعمقها من معاني! سبحان الله! كأنها قطعة من (في ظلال القرآن) للسید الذي أبی أن یكتب كلمة واحدة یقرّ بها حكم الطاغیة.
ولكن شتّان بین من یجید الكلام للخداع ویأكل بلا إله إلاّ الله، وبین من یموت لأجل لا إله إلاّ الله.
ونسأل أین فهم سیاف الیوم من كلام أمسه؟ هل علت كلمة الله تعالی في النظام الذي هو یدافع عنه الآن ویعلّق في سبیل الدفاع عنه المجاهدین علی المشانق؟ هل القیادة والریادة والسیطرة والهیمنة فیه للإسلام وأهله؟ وهل أزیلت العوائق عن طریق الدعوة إلی الله تعالی؟ وهل انتفی كیان الكفر من المجتمع الإسلامی؟ وهل یقاتَل فیه الكفر حتی لا تكون فتنة؟ وهل أصبح فیه الدین كلّه لله؟ وهل أقیم نظامه هذا علی أیدي أناس یؤمنون بكلمة الله وأراقوا من أجلها الدماء والعرق؟
أم هو نظام طاغوتي عمیل أقامه المحتلّون الصلیبیون، واتّخذوا له واجهة من لحیة سیاف وعمامته التي یخفي من تحتهما في مخّه وصدره شرّاً كبیراً للجهاد وأبنائه؟
معقل حصین لأعداء الإسلام في كابل.. و سیاف یحرسه
لقد كتب السیاف قبل سنوات في رسالة مفتوحة للشعب
الباكستاني وحكومته تحذیراً من قیام معقلٍ لأعداء الإسلام في (كابل) بالحرف التالي :
(إنّ مشروع الأمم المتّحدة (للتسویة السلمیة) يهيأ للأجانب الأرضیة المناسبة أن یكوّنوا لهم حكومة عمیلة في أفغانستان، وهذا یعتبر جفاءً مع الشعب الأفغاني. وبالتالي إنّ هذه الحكومة ستكون معقلاً حصیناً لأعداء الإسلام، ومصدراً للإرهاب علی مستقبل باكستان.
وأضاف: إن حلفاء الهند التقلیدیین سیمسكون مرّة أخری بزمام الحكم في أفغانستان، وعندئذٍ ستنفّذ شبكتا (خاد) و(را) الجاسوسیتین الأفغانیة والهندیة أهدافهما التخریبیة المشتركة في المنطقة).
(رسالة مفتوحة للشعب الباكستاني و حكومته.
البنیان المرصوص؛ العدد(38) أغسطس 1991 م )
نعم، لقد وقع بالفعل ما كان یخافه سیاف الأمس، إنّه كان یخوّف الباكستانیین من قيام معقل حصین لأعداء الكفار في أفغانستان، ولم یفكر آنذاك أنه هو سیكون حارس هذا المعقل. وهاهو ذاك المعقل قد قام بالفعل، والشبكتان الجاسوستان الأفغانیة والهندیة تنفّذان أهدافهما التخریبیة المشتركة في المنطقة، ولكن الغریب في الأمر أنّ الشبكة الجاسوسیة الأفغانیة التي تعمل تحت إشراف C.I.A كان یقودها أقرب أشخاص سیّاف إليه (عبد الله اللغماني) من منظّمته والذي هلك في هجوم استشهادي للمجاهدین وصلّی علیه الجنازة سیاف في موكب حكومي تحت حمایة المروحیات الأمریكیة ودفن إلی جوار ظاهر شاه، والآن یقودها أهمّ رجال سيّاف وهو السفّاح (أسد الله خالد).
یكفّره.. ثم یوقّره
إنّ التكفیر وإخراج الناس من الدین أو إدخالهم فیه أمر هیّن لدی سیاف، ولذلك كان بالأمس یكفّر (الملك ظاهر شاه) والمحایدین. ولكنه سرعان ما انقلب علی نفسه وبدأ یُبطل فتاوى أمسه بأعمال یومه حیث أعدّ ضیافة ملكیة خطیرة للملك ظاهر شاه ومن كان یكفّرهم بالأمس من المحایدین الذین كانوا یعیشون في الغرب وجاء بهم المحتلّون الأمریكیون والأوروبّیون لیسلّموهم زمام الأمور بالاشتراك مع سياف ورفاقه في حكومة الاحتلال.
وقد استقبل سياف كافر أمسه استقبالاً حارّاً وبحفاوة منقطعة النظیر ناسیاً فتواه الذي قال فیه في الإجابة علی سؤال الشیخ محمد سلطان (أحد العلماء) في الندوة المفتوحة التي نظمتها منظمة سیاف حین سأله الشیخ محمد سلطان : لقد أفتیت في أحد الاجتماعات بمدینة (كویتّا) بتكفیر ظاهر شاه، فما هي أدلّتك في ذلك؟
فقال سیاف آنذاك :(نعم لقد أفتیت بتكفیر ظاهر شاه وخروجه من الإسلام، وأنا لازلت علی هذا الاعقتاد، لأنّ هذا الرجل بدل أن یقتل المرتدین والزنادقة من أعضاء حزبيّ ( خلق وبرشم) أیام حكمه، كان یساعدهم سیاسیاً ومادّیاً ضدّ الإسلامیین، كما أنّه فتح للشیوعیین أبواب المطبعة الحكومیة لطباعة جرائدهم التي كانت تسخر بالإسلام وتدعو للارتداد، بالإضافة إلی أنّ محطّة الإذاعة الرسمیة تستهزأ بالأحادیث الشریفة، وكما تعرفون أنّه بأمر من ظاهر شاه كانت تُحلق لُحی المجنّدین من العلماء وطلاب المدارس الشرعیة عنوة، بینما الجندي السیخي یربیها كما یشاء!!
ویا لیت كان هذا السؤال من غیرك أیها الشیخ!!).
( كلمة سیاف في الندوة المفتوحة التي نظمتها اللجنة السیاسیة للإتحاد الإسلامی برئاسة سیاف یوم الثلاثاء بتاریخ 21/ مایو/ 1991م، مجلة البنیان المرصوص العددان (36-37 ) یونیو 1991م).
لم یستح سیاف من أن یُعدّ الضیافة الملكیة للملك الذي كان یكفّره بالأمس، ولم یردعه فتواه من اقتراف هذه الجریمة، بل لعله أراد أن ینقض فتواه بالعمل بدل أن ینقضه بالقول لیكون النقض أكیداً.
انقلّب علی المجاهدین العرب بعد أن نفدت لدیهم الأموال
ومن المواقف المخزیة للسیاف أنه انقلب علی المجاهدین العرب ووقف ضدّهم في صفوف الصلیبیین واصفاً إیّاهم بما یصفهم به الغربيون وإعلامهم المعادي الإسلام والمسلمین.
وقد كان سیاف يصفهم بالأمس بـ (أغلی من في الأرض من بنیِ البشریة الأحیاء في زمانه). وإلیكم بعض المقتطاف من كلامه الذي كتبه بالأمس للمجاهدین العرب تحت عنوان (لنرهب الأعداء) :
أخي المسلم : لعلك تعلم أنّ الدنیا قد تكالبت علی أمتنا الإسلامیة بأسرها، وأن أعداء الإسلام یتضایقون من أيّ مظهر یدلّ علی وحدة الإسلام والمسلمین.
وكما تعلم فإنّ جهاد إخوانك الأفغان الذي هو في الحقیقة جهاد الأمة المسلمة ضدّ الكفر والإلحاد، قد جعله الله سبباً من أسباب تجمّع بعض أبناء أمّتنا الإسلامیة بعد أن فتح لهم هذا الجهاد میادینه التي أصبحت ملتقی العاملین في حقل الدعوة، الراغبین في استعادة مجد أمّتنا وعظمتها.
فقد توافد إلی خنادق القتال رجال مخلصون من شتّی أقطار العالم الإسلامي والتحموا كتفاً لكتف، ودماً لدم، وأصبحوا صفاً واحداً في مقابلة من یرید احتیاج الأمّة الإسلامیة، واستئصال شأفتها وعقیدتها من جذورها.
وكان لهولاء الغرباء القادمین لمساعدة إخوانهم الأفغان والوقوف بجانبهم أثر طیب وكریم في رفع الروح المعنویة لدی المجاهدین، كما أنّهم كانوا یشكلون بتواجدهم نموذجاً مصغّراً لوحدة الأمة الإسلامیة، تلك الوحدة التي كانت الجنسیة فیها (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله).
وهذا المظهر قد أغاظ قلوب أعداء الإسلام وضاقت به صدورهم، فلم یستطیعوا أن یتحمّلوها، فما كان منهم إلاّ أن بدءوا بإعلان حرب عشواء بشتّی الوسائل، وبمختلف الأسالیب. وها نحن نری أبواق الكفرة والمنافقین تتحدث عن هؤلاء الذین سارعوا لخدمة هذا الجهاد ودعم إخوانهم المجاهدین. وتتهمهم وتطعن فیهم وتختلق علیهم الكذب والأقاویل، (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن یقولون إلاّ كذباً). كما أنهم یحاولون إحداث فجوة بین الشعب الأفغاني المجاهد المسلم،وبین إخوانهم في الله والعقیدة والإسلام.
أخي المسلم :
إنّ المتتبّع لأوضاع أفغانستان یجد أنّ هؤلاء یریدون من وراء ذلك هدفین أساسیین:
الهدف الأول : النیل من المساعي التي تبذل في طرق إعادة وحدة الأمة الإسلامیة.
والأمر الثاني : إخلاء وتفريغ الساحة للمؤسسات الكفریة والإلحادیة حتی تنفرد بالإفساد داخل ساحات أفغانستان في المستقبل باسم بناء وتعمیر أفغانستان… إنّ هؤلاء الإخوان الذین قدموا لأفغانستان لم یأتوا إلاّ ابتغاء لمرضاة الله وتقدیم دعم صاف ونقيّ لإخوانهم المجاهدین، وللمساهمة في هذا الجهاد بدمائهم الطاهرة الزكیة، وإنّ استشهاد العدد الضخم منهم لأصدق دلیل علی ذلك.
ولكنّ أعداءنا لا یتحمّلون أن یروا السعودي المسلم، والمصري المسلم یضحّي بنفسه وماله للدفاع عن أخیه الأفغاني الذي یقاتل من أجل دینه ولإعلاء كلمة ربّه، وهذا الأمر ینغّص علی أعدائنا، كما أنّ البحث عن العزّة أمر مرعب لمغتصبی العزّة منا.
إنّ هؤلاء لن یسكتوا عنّا، ولن یدّخروا في محاربتنا شیئاً، كما أنّ الحملة الإعلامیة التي قاموا بها ضد إخواننا الأنصار، والذین نعتبرهم أفلاذ أكبادنا ونعتبرهم أغلی من في الأرض من بني البشریة الأحیاء في زماننا هذا، كما
نعتبرهم أصدق نماذج في ساحة الأخوّة الإسلامیة.
أخي المسلم :
بناءً علی هذه الحقائق أطمئنك بأن إخوانك الأفغان منتبهون إلی الأمر، ویعرفون حقائق هذه الحملة البشعة، لذلك فإنهم لن یزدادوا إلاّ حبّاً لك، وإخاءً معك، فواصل بكل ثقة واطمئنان، واثبت في الطریق الذي بدأته، وواصل مسیرتك في درب الجهاد، درب العزّة.. وكن سبباً في إغاظة صدور الكفّار…
أخي المسلم :
إنّنا سائرون- إنّ شاء الله – لاسترداد عزّتنا وأراضینا المغتصبة من أیدي المغتصبین، وها نحن نحو (كابل) وبعدها نحو (القدس) و(الأندلس)… هانحن مرهبون لأعدائنا.. وحقاً، نعم نحن إرهابیون بنص القرآن الكریم، ذلك الإرهاب الذي هو واجب من واجبات دیننا، فنحن مرهبون حقاً لأعداء هذا الدین.
ونحن نأمل ونسعی لنكون مصداقاً لهذه الآیة الكریمة، وممثلین لأمر الله – عز وجلّ
– حیث یقول : (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخیل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم وآخرین من دونهم لا تعلمونهم الله یعلمهم) صدق الله العظیم، فنحن نرهب أعدائنا، وأمّا إخواننا المسلمون فإن مكانهم في
قلوبنا، وإنّ حبّهم یمتلك علینا أحاسیسنا وعواطفنا…
فنحن منهم.. وهم منّا ولا نبالي بعداء من عادنا فنحن أولیاء بعض، ونحن أحباب بعض، نسیر إلی حیث أمرنا الله.
فهیّابنا نحو العزّة المنشودة.. وهیّا بنا الی المجد والشرف.. هیّابنا نحو القیادة والسیادة التي أخرجنا لأجلها، لنخرج البشریة بها من عبودیة البشر إلی ساحات العبودیة لله).
(افتتاحیة العدد (27) بقلم سیاف لمجلة البنیان المرصوص بعنوان (لنرهب الأعداء 1989م).
هكذا كان سیاف بالأمس یشجّع الشباب العرب المجاهدین إلی ساحات أفغانستان، وبمثل هذا الكلام القوي الجمیل كان یمتص منهم الدولارات والریالات والدنانیر، وبهذه الحیل الابلیسیة یقاسمهم أنه لهم لمن الناصحین.
ولكن حین نفدت الأموال لدی أولئك الأطهار، وتكالبت علیهم الدول، واضطروا إلی حیاة الشظف والفقر والعیش في المغارات، توّلّی عنهم السیاف، بل وبدأ یصفهم بكل الألقاب التي یصفهم بها الكفار من الیهود والنصارى والملاحدة.
ولم یكتف بذلك، بل بدأ یحاربهم إلی جانب القوّات الصلیبیة ویبیع أسراهم للأمریكیین، لیستعیض بعضاً من الأموال التي خسرها من توقّف المساعدات العربیة والإسلامیة ( یتبع )

عن marsad

اترك تعليقاً